هلل ايتام المستعربين في لبنان فرحا بعودة سفراء دول خليجية الى لبنان ، وهي الاقطاب الخليجية المتصارعة ضمنا ، اي السعودية وقطر ، وبينهما الكويت التي تعمل دوما على اصلاح ذات البين في دول مجلس التعاون الخليجي.
ليس المطلوب ان تنغص ابدا فرحة بقايا 14 آذار الذين حضروا الافطار ونالوا الاعطيات ، وانما يفترض تقديم العزاء لمن منوا النفس بانهم سيكونون في طليعة المدعوين، ولم تطابق حساباتهم الحسابات السعودية ، بعدما استخدمتهم في فترة غيابها المباشر ، ووجدت ان سلالهم باتت فارغة من عدة الشتم والكذب ، ولم يجدوا وسائل للتعويض ، وللبقاء على قائمة المحظيين ، الذين قدموا خدمات للمملكة، من سلالات الاقطاع اولا.
ان عودة السفير السعودي وليد البخاري من خلال الافطار الذي دعا اليه بعد الجولة البروتوكولية على المراجع الدينية ، وليس عبر وزارة الخارجية، لا يؤشر على طيب النوايا ، لا بل يتمادى في الاساءة للمؤسسات الرسمية اللبنانية ، لانه لم يدخل الى لبنان من الباب العريض ، اي وزارة الخارجية ، لا بل من كوة الافطار بما حوى من مدعوين من سفراء الناتو، وشخوص لبنانية كانوا وما زالوا تحت المظلة السعودية ، في مواجهة الرمز الاول للجمهورية وهو رئيسها.
لقد افتعلت السعودية الازمة مع لبنان وجرت اليها بعض دول مجلس التعاون على خلفية تصريح انتقد فيه وزير الاعلام السابق جورج قرداحي حرب السعودية على اليمن قبل أن يتولى وزارة الإعلام، ما تسبب باستقالته من الوزارة،رغم عدم القناعة بانها الحل ، ولان القضية اعمق بكثير وقد ثبت الامر لاحقا، من خلال انزال اقسى العقاب على الرئيس سعد الحريري بتحييده عن العمل السياسي عنوة، لانه رفض الانجرار الى اتون يودي الى حرب اهلية تحرق لبنان بما فيه .
ربما اعادت السعودية حساباتها في ضوء استنجاد تابعيها التائهين، واولئك الطامعين بوراثة سياسية ، عشية الانتخابات النيابية بضرورة المدد، وهو امر لم يخفه اقرب المقربين بان عودة السفير مرتبطة الى حد بعيد بالانتخابات ، واعادة فتح الحنفية المالية لشراء الذمم بعد ان انخفض تسييلها في المرحلة الماضية باقتصارها على جهات كانت وفية الى ابعد الحدود للسياسة السعودية في مناصبة المقاومة وحلفائها العداء الصارخ.
لو كانت النوايا صافية في ازالة الخلاف، لكان البخاري ابلغ والجهة التي يتبع اليها في السعودية ،الخارجية اللبنانية رسميا ، على الاقل لسمعته الدبلوماسية ، بحيث تصدر الوزارة بيانا ترحب بعودة من يحرص “على استقرار لبنان وانتمائه الوطني “، مثلما رحبت بعودة سفير الكويت عبد العال القناعي لانه طرق الباب ، ولم يقفز من النافذة معتمدا الأصول الدبلوماسية مبلغا وزارة الخارجية والمغتربين رسميا بعودته لممارسة عمله في لبنان.
بلا شك ان لبنان قادم الى مشهد لم يتبلور بعد ، مع اسدال الستارة مواربة على مشهد لم ينجح الممثلون في اقناع المشاهدين بان نهاية الفصل الأول كان مكتملا لان جوهر القضية لا يزال ينزف في اليمن ، وحيث يجب ان توقف السعودية حربها وأن ترفع حصارها هي وتحالفها الممتد من الامارات الى واشنطن.
لقد ابلغت القيادة اليمنية الموفد الاممي ان “حصار اليمن يجب أن ينتهي ولن نكون في أي ترتيبات سلام تحت سلطة القرار السعودي، ويجب ألا تنطلي خدع السعودية على العالم بأن ما يجري في اليمن حرب أهلية” وقالت بالفم الملآن “أننا اشترطنا على المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، تخفيف الحصار تمهيداً لرفعه بالكامل”، و”أننا رحبنا بالهدنة ولكننا نريد تطبيقها على الأرض لا مجرد تصريحات” .
اذا كانت العودة الخليجية الرسمية بصراعاتها الى لبنان ، للتعاون فيما بينها من اجل اكساب الدمى اكثرية في الانتخابات، فهذا يعني ان تجارب الحرث في الماء لم يتعلم منها القائمون بها شيئا، فالتجارب اثبتت بان الاحقاد لا يمكن ان توصل صاحبها الا الى المهوار ، و”اشد القلوب غِلّاً قلب الحقود” (حديث الامام علي عليه السلام).، والحقود يحمل دوما في جعبته الكثير من الحماقات ، لكن اذا وجدت للحقد داء على ما يقول أبو الطيب المتنبي: “لكل داء دواء يستطب به.. إلا الحماقة أعيت من يداويها”.