في لبنان ، يلاحظ المدقق في مسار بعض “الشغالين” في السياسة ، انهم يستسيغون النعيق ضمن معتقد ان شيمة الصالحين واستخدام نعيق الغربان كقاعدة في تشغيلهم ، يراكما جمهورا يبقيهم في المشهد السياسي الذي لفظهم على المستوى الوطني.
مع وصول صهاريج المحروقات الى لبنان من ايران عبر سوريا في سفينة الامل ارتفع نعيق “الغربان” بان دخول الصهاريج الى الاراضي اللبنانية ، لم يكن عبر المعابر الرسمية ، من دون الاخذ بالاعتبار ان تلك الصهاريج سوف تخفف معاناة الشعب اللبناني الرازح تحت اثقال الحياة المتعددة الجوانب ، ومن ابرزها ثقل عدم توافر المادة الاكثر حيوية في هذه المرحلة ، والتي اكثر ما تحتاجها المستشفيات ، والقطاعات الحيوية الاكثر ضرورة من انارة الى حركة الانتاج ..الى اخره .
لم يجد الذين لم يتمكنوا من من الكذب على الناس ، علة في الغزال فقالوا انه اكحل العين ، وكأن جمال الغزال وكحلة عينيه الذي انعم به الخالق عليه، نقص او مذمة.
مع ذلك ، فلا بد من استحضار محطات محورية عاشها لبنان تحت وطأة ارتكاب اولئك الذين يستهدفون النور اليوم لانهم غير قادرين على اضاءة شمعة لا بل يمجدون الظلمة ،لان النور يكشف حقيقتهم كأبواق بوم ساهموا في قتل لبنانيين وتدمير احياء ومنشآت ، وها هم اليوم يعملون على قتل الامل .
مع بداية الازمة السورية ، ساهم “البوميون” في احتضان وتغطية المجموعات الارهابية التي دخلت الى لبنان عبر المعابر غير الشرعية، ووضع هؤلاء آلية كاملة بعيدة عن عيون الشرعية لتمرير الارهابيين الى سوريا ، واستقبال الارهابيين الجرحى علنا وفي السر في المستشفيات اللبنانية ، في الوقت الذي كان الارهابيون يستهدفون الاحياء المدنية بسيارات مفخخة ويخطفون ويقتلون عناصر الجيش وقوى الامن فضلا عن المدنيين وانخرطوا في منظمات انشئت لهذه الغاية ولغايات اخرى من بينها الارتزاق القذر.
ربما هناك سؤال تبسيطي لمن تهمه الشرعية وهو ليس للمقارنة وانما للفت النظر ، يستوجب الطرح : هل الاموال التي استلمتها منظمات NGOs، دخلت عبر الطرق الشرعية؟
– الم تعلن الدول التي مولت تلك الحركات جهارا ، انها لن تقدم المساعدات عبر الدولة اللبنانية ، بل مباشرة الى منظمات التخريب المجتمعي، وغصبا عن السلطة الشرعية ؟
– عن اي طريق يتم ادخال الاموال الى تلك المنظمات ؟
هل لدى الناعقين الذين اعتادوا لحس المبرد ، استراتيجية لإخراج أنفسهم من الأزمة العميقة التي تمر بها دولتهم وشعبهم، وهو ما يتطلب قبل أي شيء إرادة سياسية واعية ومدركة لحجم المخاطر والتداعيات الناجمة عن التقاعس والتأخير كل لحظة لا كل يوم،، ولا يتطلب النكاية في الطهارة ، وهذا اذا احسنا النوايا ، مع التأكيد ان قوة لبنان لم تكن يوما في ضعفه، بل تكمن في قوته ، في تحالفاته التي تشد من ازره ، ولا سيما وقت الازمات ، ولبنان اليوم في ذروة الازمات ، ولذلك فان كل الوسائل المتاحة الآن للتخفيف من الازمات ومن معاناة الشعب اللبناني هي ضرورة وطنية ،وليس باستمرار المراهنة على المجرب تكرارا.
امام اللبنانيين تجربتان حيتان الان ، عما فعله الاميركيون بمن يراهن على الخلاص عن طريق الاميركيين ، الاولى في افغانستان حيث فعل الاميركيون ما لا يفعله الاخرون بحلفائهم وبادواتهم بعد ان حاربوا بهم، وتركوهم الى حيث يلقون مصيرهم ، عند لحظة المصالح الاميركية.
والثانية “تشليح” فرنسا العضو الفاعل في حلف شمال الاطلسي الذي تقوده اميركا، صفقة الغواصات مع استراليا، عنوة ، الامر الذي دفع فرنسا لاتهام استراليا واميركا بالخيانة ، والتعرض لطعنة في الظهر.
لم يكن لبنان يوما ولن يكون، بالنسبة لاميركا، اهم من فرنسا واهم من افغانستان ، وبالتالي لن ينال المراهنون على اميركا في لبنان حصة باي شيء ، فاميركا تنظر الى اولئك التعساء مجرد اجراء يرتزقون مقابل تشغيلهم في المشروع ، وعندما يفشلون ، تبحث عن اجراء اخرين للعمل في نطاق السيرك القاتل ، لا عن غربان حاولوا تعلم كرج الحَجل ، فنسوا مشيتهم ولم يستطع احدهم تقليد كرج الحجل . ولذا فان اسطول البواخر سوف يستمر بالمسير ، كما تمر القوافل من امام خيمة يحرسها كلب ينبح ، وعلى شجرة بوم مختبئ ينعق.
المصدر: خاص