تسابقت المبادرات والخطوات المكرّسة لمساعدة لبنان وإنعاشه، بعدما أطلق نصرالله تحولا قاهرا، كسر الحصار، ووضع البلد في يقين انتعاش اقتصادي ومالي، وفرص كثيرة واعدة، ستكون بدايات مميزة للتعافي والنمو بعد الكارثة. ويقدّم السيد الرشيد، على هذا النحو، برهانا وأمثولة في تحويل التهديد إلى فرصة.
أولا: طريق البحر والبر من إيران فسورية إلى لبنان، هي تحت حماية ردع المقاومة، وإصبع قائدها أنذر العدو، فجمّده واجفا متفرجا، يرقب من بعيد. وسارت الأمور على ما يرام، فأفرغت الباخرة الأولى حمولتها في بانياس السورية، وانتقل المازوت في الصهاريج إلى لبنان. وبناء على توجيهات قائد المقاومة، لم تجر احتفالات في الطريق العابر لعشرات البلدات والقرى. فقد أراد أن تكون البهجة في تنوير الليالي وتحريك عجلة الحياة وانتعاش الأمل وتبدُّد اليأس، بدلا من هدر الوقت والجهد في هيصة وعراضة.
هذا الممر البحري والبري لكسر الحصار بين إيران وسورية ولبنان، سيحمل مستلزمات كثيرة لاحقا، وهو خط نقل تحت حماية الردع، قابل للتطوّر والتوسّع ويمكن أن يحمل الكثير من البضائع والمواد، وبكل ما سيعود بخير كثير على شركاء الحياة والمصير.
ثانيا: مع علمنا مسبقا بوجود من يخشى الغضب الأميركي من أي مبادرة عملية للتعاون مع إيران التي يجمعنا بها الكثير، وبرهنت في ظروف الضيق والصعوبات أنها الشقيق الذي لا يبخل في مساعدة أو معونة، وإن كان دعمها السخي للمقاومة طيلة عقود، وُضع في خانة ضيقة بهدف التشويه والتبخيس، فقد ظهرت النجدة الإيرانية هذه المرة كإنعاش شامل للبنانيين.
نقترح عقد لقاءات رباعية بين شركاء الحياة والمصير سورية ولبنان وايران والعراق في أسرع وقت، لمناقشة شراكات الإنتاج والتكامل والتبادل، وعقد الاتفاقات المناسبة، والبدء بتكليف فرق مشتركة من الخبراء إعداد المشاريع، ووضع جداول الأعمال، تمهيدا لاجتماعات مشتركة، تضم الوزراء المعنيين، والتحضير لحملة سياسية دبلوماسية وقائية ضد أي مشاغبة أميركية أو تهويل بالعقوبات. وليكن صوت لبنان مرتفعا في وجه المعترضين من الداخل والخارج بقوة الحياة وإرادة التحرّر ورفض الإملاءات.
ثالثا: برهن السيد العظيم مجددا، على ما تمثّله المقاومة من قوة صانعة للحياة وللمستقبل في وجه المشيئة الاستعمارية الصهيونية القاتلة، وقد أحرج الجهات الدولية والإقليمية، التي احترفت الدجل والكذب وبيع الوعود الفارغة، وتحوّلت إلى فضيحة موحلة كريهة، بعد المبادرات الإيرانية والسورية. وقد أسقط السيد جبالا من الأكاذيب وأطنانا من البيانات والوريقات الصفراء، ودائما تأتي الخطوات العملية للمقاومة وقائدها لتكشف مسارات جديدة قابلة للتطور والنمو. وسوف يُصدم القريب والبعيد بذهول ودهشة أمام تفاعل مبادرات نصرالله وإبداعه الاقتصادي .
إن تفكيك الضيق الخانق بمبادرات شجاعة، هو أول الطريق إلى الانتعاش. وسوف تثبت التجارب لكل من يلزم، أن لبنان قادر على التعافي والازدهار بذخيرة المقاومة وشهدائها.
المصدر: الشرق الجديد