أثارت الاعتداءات التي قامت بها سلطات النظام في البحرين على الشعائر العاشورائية موجة عارمة من الاستنكارات لا سيما من البحرينيين أنفسهم وبالاخص من قياداتهم الدينية، فالنظام صحيح انه اعتاد الاعتداء على حقوق الانسان وحرية التعبير إلا انه يمعن في التعدي على الشعائر الدينية وبشكل خاص للمكون الاساسي وللغالبية العظمى من الشعب البحريني.
فالنظام في المنامة لا يترك فرصة إلا ويثبت انتهاكه لكل المبادئ الانسانية والشرعية، فمن منع خطباء المساجد من التحدث بالسياسة وصولا لمنع صلاة الجمعة مرورا بمحاولات مصادرة أموال الخمس، واليوم التعدي الفاضح على المراسم العاشورائية مثل ازالة اللافتات والصور التي ترمز الى ذكرى عاشوراء، كما ان السلطات استدعت الكثير من المواطنين للتحقيق معهم على خلفية إحياء هذه الذكرى المباركة وتنظيم المسيرات الحسينية ورفع اليافطات التي تحمل معاني المناسبة.
ممارسات النظام الطائفية.. والرد الشعبي
كل ذلك يأتي بعد سلسلة طويلة من محاولات الاعتداء والتطاول على الرموز الدينية في البحرين وفي طليعتها القرار باسقاط الجنسية عن آية الله الشيخ قاسم، ما دفع بالبحرينيين بالنزول الى محيط منزل الشيخ قاسم لحمايته من اي محاولة لاعتقاله او لالحاق الاذى به، ناهيك عن سجن النظام للعديد من رجال الدين الذين يرفعون الصوت بالكلمة الحرة بوجه حاكم المنامة.
كل ذلك يفتح الباب امام الكثير من التساؤلات حول غاية النظام من المساس بالشعائر الدينية وبالاخص الشعائر الحسينية العاشورائية، ولماذا يحاول هذا النظام توجيه الازمة الى الجوانب الدينية والمذهبية؟ وماذا سيجني النظام من كل ذلك؟ وأين المصلحة التي ستلحق بالبلاد في ظل هذه الممارسات التي تقوم بها السلطات الحاكمة؟ كما تطرح تساؤلات حول من يدفع النظام لاتباع هذه السياسات الظالمة؟ فهل هو يقوم بها من تلقاء نفسه ام ان هناك جهات خارجية تدفعه للقيام بذلك؟
والاهم من كل ذلك كيف واجه وسيواجه الشعب هذه الممارسات الجائرة التي يقوم بها النظام؟ وهو الشعب الواعي الذي يأتمر بأوامر قياداته الحكيمة الوازنة كآية الله الشيخ عيسى قاسم، هل يركن الشعب البحريني لسياسات النظام ويترك الامام الحسين(ع) أم ان هذا الشعب كما عوّد العالم سيقف ليقول كلمة الحق بهدوء وثبات ورصانة؟
واللافت في كل ما يجري في البحرين هذا الغياب شبه المطلق لكل مدعي حقوق الانسان والحريات من دول ومنظمات، فأين الهيئات القانونية والحقوقية والمؤسسات الدولية والدول التي تتغنى بالحريات والقوانين الراعية لها؟ لماذا لا نجدها ترفع الصوت او تتحرك بخصوص انتهاك الشعائر الدينية في البحرين؟
“الدين” الذي يرضي آل سعود وأميركا؟!
حول كل ذلك، أشار القيادي في “تيار الوفاء” البحريني عباس البحراني الى انه “فيما يخص محاربة الشعائر الدينية فذلك له دوافع منها منع الخطاب الدينيّ المناهض للظّلم من أن يصل للناس عبر التّجمعات التي تحشد عددا كبيرا من النّاس كصلاة الجمعة مثلا ومنع الشّعب من أن يُحيي عاشوراء بطريقة تستنهض الهمم عبر الخطاب الثوري والشعارات الحسينية الثورية”، واعتبر ان “النظام الخليفي يريد الناس أن يمارسوا الدين والشّعائر الإسلاميّة بعيدا عن محتواها الحركي الفاعل الذي يغير في النّفوس ويقاوم الظّلم”، واوضح “إنهم يريدون لنا دينا يرضى عنه آل سعود وبريطانيا وأميركا بينما الشعب البحريني يريد دينا كما يراه الحسين(ع)”.
ولفت البحراني في حديث لموقع “قناة المنار” الى ان “سلطات النظام تحاول أن تحارب عاشوراء في سياق الحرب على الدين وأن تضع يدها على محتوى خطاب عاشوراء ونوع الشعارات والفعاليّات التي يُحييها ويُقيمها النّاس خلال موسم عاشوراء”، ورأى ان “الهدف من كل ذلك هو إفراغ الذكرى من القيم والتعاليم التي تدعو للثورة على الظلم وعدم الركون للظالمين والتي تُعطي الدافع الداخلي في قلوب النّاس لتغيير نظام الحكم الفاسد وعدم إعطاء الولاء له”.
وأكد القيادي البحريني ان “النظام يعمل لتوجيه الصراع والازمة نحو الصبغة الطائفية أو المذهبية لانه يسعى لسياسة التفرقة والفتنة لمنع الاتحاد بين الشيعة والسنة ضد الظلم”، ونبه من ان “النظام يأمل من هذه السّياسة أن يخلق تعاطفًا معه والتفافًا حوله من قبل أخواننا أهل السنة في البلد، ومن قبل سنة المنطقة”.
الشعب البحريني.. والتطبيق الفعلي لشعارات عاشوراء
وفي هذا الاطار، قال البحراني ان “النظام يدور في الفلك السعودي الأميركي ولذلك فهو ينسجم في سياساته الداخليّة الخارجيّة مع الإرادة السعوديّة الأميركية”، وشدد على ان “هؤلاء من مصلحتهم أن تدخل شعوب المنطقة في صراعات طائفيّة تشغل هذه الشّعوب عن قضاياها الكبرى في فلسطين وقضايا التحرّر من الظّلم و الدكتاتورية”، واضاف “من هنا نرى ان هناك استهداف لكل ما يخالف الرغبة والسياسة الاستكبارية لأمريكا والدّول التي تدور في فلكها سواء كان المقاوم لهذه السّياسة سنيًّا أم شيعيا”، وتابع “لهذا يدفع اتباع أهل البيت(ع) الضريبة الأكبر في ساحة الصراع”.
“لقد أثبت شعب البحرين استعداده لحماية مراسم عاشوراء فقد خرج الأهالي لمقاومة مرتزقة النظام الذين عمدوا لتخريب إحياء مراسم وشعائر عاشوراء”، قال البحراني، ورأى في ذلك تطبيق عملي لشعار “إنّي أحامي أبدًا عن ديني” الذي رفع في كربلاء في العام 61 للهجرة، ولفت الى ان “إصرار الجماهير البحرينية على مقاومة ممارسات النظام هو من أبرز المصاديق لإحياء مبادئ وتعاليم عاشوراء الحسين(ع) بالاضافة للخروج بمسيرات العزاء في ايام وليالي شهر محرم الحرام”.
وحول غياب المنظمات والدول مما يجري في البحرين، قال البحراني إن “التجربة أثبتت عجز منظمات حقوق الإنسان الدوليّة والأمميّة قد ثبت عن وقف الانتهاكات والجرائم بحق الشعوب”، ولفت الى ان “ما يجري على الشّعبين الفلسطينيّ واليمنيّ لهو مصداق بارز لهذا العجز”، وتابع “نحن لا نتوقع من المنظّمات الحقوقيّة الأمميّة أو الدوليّة أكثر من البيانات الخجولة والتّعبير عن القلق ممّا يجرى في منطقتنا من جرائم بحق الشعوب على يد أميركا وعملائها”.
وفي إحياء اليوم العاشر من المحرم في الضاحية الجنوبية لبيروت ودعما لقضية الشعب البحريني، قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله “نرفع الصوت لنلفت العالم وخصوصا الشعوب الحية إلى هذه القضية في البحرين وإلى هذه المظلومية ليتحمل الجميع مسؤوليته”، وذكّر انه “يأتي يوم العاشر هذا العام وقائد حسيني شريف وشجاع يحاصر في بلدته الدراز في البحرين وحوله حشود من رجال ونساء أباة وأوفياء يملأون ساحة الفداء حول المنزل دفاعاً عن حسينهم سماحة آية الله المجاهد الشيخ عيسى قاسم الذي يهدَّد في السجن أو الترحيل…”، وحيا شعب البحرين لوفائه لقائده ووفائه لقضيته وصموده وعزمه على مواصلة المسيرة وعدم التخلي عن أهدافه وحقوقه المشروعة..، وهذا ما يعتبر احد تجليات ثورة كربلاء الامام الحسين(ع) بعدم إعطاء النظام الظالم إعطاء الذليل..
المصدر: موقع المنار