في ذروة الصراع بين الجبارين النوويين من المقرر ان يعقد لقاء قمة بين رئيس الولايات المتحدة جو بايدن ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في جنيف يوم السادس عشر من حزيران ، على هامش اجتماعات قادة مجموعة السبع وحلف شمال الأطلسي الذين يسعون إلى تشكيل جبهة واحدة ضد موسكو. وهو الاجتماع الأول بين الرئيسين منذ تولي بايدن الرئاسة وسط توتر حاد بين واشنطن وموسكو على خلفية تبادل عقوبات واتهامات، مضافا الى ذلك، العلاقات بين موسكو والاتحاد الأوروبي المعروف انها “متوترة للغاية”، حسبما اعلن رئيس البرلمان الأوروبي، دافيد ساسولي.
لا شك ان دوائر الدولتين تعمل على تحضير كل الملفات التي ستطرح وفق جدول الاعمال ، وتلك التي يمكن ان يفاجأ كل منهما الاخر خلال المحادثات التي ستكون ندية الى اقصى الحدود،قياسا التوتر الحاد بين واشنطن وموسكو على خلفية تبادل عقوبات واتهامات، وان التحفت بابتسامات المجاملة ، لان الموضوعات الخلافية على مستوى العالم تؤشر الى ان البلدين يسيران في خطين متوازيين سواء تجاه القضايا الملحة،اوالاستقرار الاستراتيجي .
ان التوتر بين الدولتين الاكثر تسلحا ، والاعظم نوويا لا يزال له كبير التأثير على تسوية النزاعات الإقليمية وان التقيا في النظر الى بعضها ، وهذا البعض قليل جدا ، وانما يبقى السؤال الاهم ،هل ستكون منطقتنا في صلب المحادثات ، وما هو حجم ذلك ؟ وما هو الحيز الذي سيخصص لمكافحة الارهاب باشكاله المتعددة ، ولا سيما المقرون بالثورات الملونة ، المنتجة اميركيا ؟ وهذا الارهاب الذي سخرت له اميركا كل الامكانات المادية والعسكرية ، وانشأت له بيئة بالمال ، وخطوط نقل واتصال ، عبر العالم ، الى محاولة توطين منظماته الاجرامية في المنطقة العربية ولا سيما في الدول التي تجاهر في العداء لدولة الاحتلال – اسرائيل.
بلا شك ان المنظمات الارهابية التي تناسلت من تنظيم “القاعدة “، مثل داعش والنصرة ، والاسماء الاخرى غب الطلب ،لن تكون في جعبة الرئيس بايدن اذا اخذا بعين الاعتبار ما كشفت عنه قيادات في الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه ، بان داعش منتج اميركي وهو ما اعلنته هيلاري كلينتون دون اي وجل او تردد.
ان الارهاب بحد ذاته ، واهداف منتجيه،هما احدى النقاط الخلافية الحادة بين روسيا ، والولايات المتحدة ، وقد ظهر ذلك جليا في سوريا ، ولا يزال ، خصوصا ان الحضانة الاميركية -والغربية عموما، للارهابيين، لا تزال على همتها مع توزيع المهام لكل فريق ، ولعل ما كشف مؤخرا يشكل واحدة من الفضائح عالية المستوى ،من دون ان يحظى ذلك بحضانة ولو عبر خبر بسيط في الصحافة الغربية والعربية التي روجت للارهاب من تأسيسه على انه “ثورة ديمقراطية وحرية” ضد “النظام الديكتاتوري”.
لقد نقلت وكالة دولية لها احترامها المهني عن مصدر دبلوماسي في موسكو أن ممثلا عن جهاز الاستخبارات السرية البريطاني “MI6″ وهو المبعوث الخاص البريطاني الأسبق إلى ليبيا، جوناثان باويل” التقى مؤخرا مع زعيم تنظيم “جبهة النصرة”، أبو محمد الجولاني، في سوريا وأن اللقاء أجري في منطقة إدلب لخفض التصعيد بالقرب من معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية، و أن المحادثات كان في صلبها موضوع إمكانية شطب اسم “هيئة تحرير الشام” من قائمة التنظيمات الإرهابية. لا بل “اقترح الجانب البريطاني على هيئة تحرير الشام إعلان التخلي عن مواصلة عمليات التقويض ضد الدول الغربية وإقامة تعاون وثيق معها. وعرض على أبو محمد الجولاني نصيحة بإجراء مقابلة مع أحد الصحفيين الأمريكيين لتشكيل سمعة إيجابية للتحالف الإرهابي الذي يقوده في مصلحة إعادة اعتباره لاحقا. ومن المفترض إشراك عدد من حلفاء لبريطانيا، وبالدرجة الأولى الولايات المتحدة، في عملية تغيير صورة جبهة النصرة”.
هذا الحدث الذي يفترض ان يهتز له العالم ، مضافا اليه المعلومات عن اعادة اطلاق القوات الاميركية مئات الارهابيين من داعش بعد اعادة تأهليهم سواء من مخيم الهول او قاعدة التنف في سوريا ، يؤشر الى لن الولايات المتحدة وحلفائها لا زالوا على النهج الذي رسموه لانفسهم رغم الضربات الماحقة الي تلقاها الارهاب ومنتجوه على الارض السورية من خلال الحلف السوري – الايراني – الروسي -والمقاومة- حزب الله.
اذا كانت هذه هي التوجهات الغربية ، تجاه اخطر آفة في التاريخ الحديث ، الى جانب استمرار حضانة وجود الكيان الصهيوني ، فليس في الافق اي مؤشر على اتمام القمة الاميركية – الروسية اي انجاز يذكر على مستوى الاستقرار الاستراتيجي ، رغم بعض التحليلات والتكهنات المتفائلة ، رغم ما يحصل من تصعيد عسكري على الأرض على حدود روسيا الغربية والجنوبية، – مناورات “حامي أوروبا 2021” وهي الأكبر لحلف الناتو منذ 30 عاماً، وحشد روسي ضخم للقوات على الحدود الجنوبية، والملفت ،وارتباطا بهذه التطورات ، كشف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن خطة لإنشاء نحو 20 تشكيلا ووحدة عسكرية جديدة للجيش الروسي في المنطقة العسكرية الغربية، ردا على تحركات دول الناتو في الاتجاه الاستراتيجي الغربي.وقال شويغوبالتزامن مع تحديد موعد قمةبوتين – بايدن إن التهديد العسكري مستمر في التفاقم في الاتجاه الاستراتيجي الغربي، حيث تعمل دول الناتو، وعلى رأسها الولايات المتحدة، على زيادة كثافة التحليقات لطيرانها الاستراتيجي، وتنشر سفنا حربية مزودة بصواريخ كروز، كما يزداد عدد تدريباتها العسكرية هناك.
وعليه، وهذه المؤشرات غيض من فيض نقاط الخلاف ، يظهر انه ليس واقعيا ، وبالاطلاق ، الرهان على ان الولايات المتحدة ستغير من تكويناتها السياسية ، ذات الابعاد الاستعمارية ، الا بلي ذراعها ، ولي الاذرع يحتاج بناء قوة .
الموقع غير مسؤول عن النص وهو يعبر عن وجهة نظر كاتبه
المصدر: خاص