عشية ذكرى “نكبة” فلسطين الثالثة والسبعين المصادفة في 15 ايار 1948 ، اضاء الفلسطينيون على امتداد وطنهم السليب بدمائهم وعنفوانهم انوارا تفتح ابواب الامل واليقين ، بان صبر السنين على الجراح يثمر ثورة لن تلين .
في ذكرى تدمير 500 بلدة فلسطينية وتدمير مدن اساسية ، وتهجير 800 الف فلسطيني من وطنهم ، والعمل على تهويد المدن ، على ايدي عصابات الهاغاناه ، وشتيرن ، وارغون برعاية بريطانية ، ولاحقا “تساحال”، ولا سيما حيفا ويافا واللد والرملة ، هب الفلسلطينيون ، متعاضدين ، متلاحمين ، نصرة لحي الشيخ جراح المقدسي ، ودفاعا عن القدس ، مديتة الصلاة والسلام.
ان ما شهدته المدن المحتلة عام 1948، في ذروة النار الصاروخية ، ورغم الارهاب الاسرائيلي يؤشر الى مسائل جوهرية ، يجب التوقف عندها مليا ، حتى لو حاول الاحتلال احتواء مفاعيلها انيا والقفز الى احداث اخرى .
– راهن الصهاينة منذ النكبة ان الزمن مع حلول اجيال جديدة بعد غياب جيل النكبة ، كفيل بمسح الذاكرة الفلسطينية ، والتعايش الفلسطيني مع الاضطهاد العنصري الممارس ، بموازاة استقطاب شرائح تبيع الوهم ، الا ان ما شهدته يافا وعكا وحيفا واللد والرملة من احتجاجات ومواجهات مع الاحتلال شكل صدمة كبيرة لقيادات الاحتلال على كل المستويات ، وليس تفصيلا يمكن المرور عليه ، بان تعلن قيادة الشرطة الاسرائيلية انها فقدت السيطرة في اللد ، وانها تستعين بالجيش .
– لم يلتفت الجيل الفلسطيني الجديد في الاراضي المحتلة عام 1948 الى اسباب النكبة الكثيرة، ولا سيما ما كان يدور على الطاولات العربية وفي الكواليس ولا يزال ، ولا الى ما يقرره مجلس الامن واممه التي تسببت اصلا في سبي وطنه ، بل كانت عيونه واحدة تلوي المخرز في المواجهة مع الاحتلال ، والثانية شاخصة الى السماء تشهد ، وتشاهد الصواريخ المنطلقة من غزة على تل ابيب وعسقلان وسديروت وغيرها .
لقد اظهرت مواجهات الايام الماضية حقائق مهمة ، اولها ان الوحدة الفلسطينية ولا سيما القوى المقاومة ، عبر تشكيل غرفة العمليات المشتركة لتنسيق العمليات ، انها احد اعمدة الانتصار الاتي .
– الثانية ، ان المقاومة الفلسطينية باتت هي التي توجه الانذارات للجيش الاسرائيلي وتحدد المواقيت التي تراها، والا الصواريخ بالمرصاد ، وقد صدقت في تنفيذ الوعيد كما وعدت .
– الثالثة ، لقد شعر اهل القدس ، والمرابطون في الاقصى انهم ليسوا يتامى متروكين امام جيش الاحتلال والمستوطنين ، فمواجهتم بالصدور العارية ، لها ظهير صاروخي يلبي النداء ، وما الزغردات والتهليل للصورايخ ، الا يقين بان المقاومة وحدها القادرة على استعادة الحق السليب .
– لقد كشفت المواجهات الشعبية، و ادارة المعركة العسكرية ، عمق مأزق الاحتلال ، وتجذر ازمته السياسية والاجتماعية وكذلك الادارة العسكرية الامنية للكيان ، وابرز النتائج الظاهرة ، الغاء اكبر مناورة عسكرية منذ تأسيس الكيان “مركبات النار”، والارتباك في عملية نقل القوى خوفا من ان تلتهمها نيران الصواريخ . ويضاف الى ذلك نزول المستوطنين في المستوطنات والمدن الى الملاجئ ، بينما كان الفلسطينيون من كل الاعمار يقصدون الاماكن التي تقصفها الطائرات المعادية للمساعدة في عون الضحايا ورفع الاضرار .
– ليس من باب المغالاة او التهويل اعتبار المحللين في الصحف الإسرائيلية أن المقاومة الفلسطينية “كسرت القواعد”، بإنذارها إسرائيل بسحب قواتها من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وإطلاق سراح المعتقلين خلال ساعتين، وبإطلاق صواريخ باتجاه القدس. ليخلصوا الى الاقرار أن جولة التصعيد الحالية “قبرت” محاولات “كتلة التغيير” بتشكيل حكومة.
– ان الرعب الذي يعيشه الصهاينة على ارض فلسطين، يعكس احدى بذرات تفتت الكيان طبيعيا بعد ان هرم ولم يعثر على اي وسيلة تنزع فلسطين الوطن من اهلها ومن عشاق الشهادة على درب تحريرها ، رغم انه استخدم كل ما توصل اليه من وسائل اجرام لم تصلها عقول النازيين ، ولعل ما اعلنه رئيس الموساد السابق افراييم هليفي ، تشخيص حقيقي لواقع الحال وهو الذي قال ” نحن على ابواب كارثة ، انه ظلام ما قبل الهاوية . بينما قال خلفه مائير داغان :”انني اشعر بخطر على ضياع الحلم الصهيوني”.
لقد ايقن كبار المحللين الاسرائيليين ، ولا سيما المرتبطين بصنع القرار ان النهاية اقتربت وقد عبر روني دانييل ، وهو محلل عسكري عن ذلك بقوله “انا غير مطمئن ان اولادي سيكون لهم مستقبل في هذه الدولة (اسرائيل)، ولا اظن انهم سيبقون في هذه البلاد”.
من الطبيعي ان مراكمة النضال الفلسطيني ، واليقين بان الاحتلال الى زوال ، اوصل عتاة المستوطنين وقادة الاحتلال الى هذه الخلاصات – العبر ، والهاوية التي تنتظر دفن دولة الاحتلال ، تم فتح بابها من فوهات الصواريخ التي عبرها تنتصر فلسطين.
الموقع غير مسؤول عن النص وهو يعبر عن وجهة نظر كاتبه
المصدر: خاص