شارك وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبه في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بدورته العادية الـ 155، التي عقدت في القاهرة، وألقى كلمة قال فيها: “أتوجه بداية بالتهنئة الى معالي وزير الخارجية في دولة قطر الشقيقة سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني على ترؤس الدورة العادية الـ 155 للمجلس الوزاري، كما والشكر موصول لمعالي وزير خارجية جمهورية مصر العربية الشقيقة السيد سامح شكري على جهوده أثناء تولي رئاسة الدورة السابقة. ودعوني أجدد التأكيد على امتنان لبنان للدول العربية كافة وجامعة الدول العربية، إزاء الدعم والتضامن المتواصلين في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب العام الماضي، ما مكن لبنان من مواجهة تداعيات الانفجار والتخفيف من وطأة الكارثة على اللبنانيين وما عبر عن أهمية التكاتف ضمن عالمنا العربي لمواجهة تحدياتنا الفردية والمشتركة. كما عكس هذا التضامن أهمية مرفأ بيروت كممر تجاري يتوسط العالم العربي ويساهم في حيويته الإقتصادية”.
أضاف: “كما أود التنويه بأهمية الدورة غير العادية لهذا المجلس الكريم التي عقدت في 8 شباط 2021 للتباحث في الأوضاع العربية والقضية الفلسطينية. لقد نجحت برأينا هذه الدورة في إعادة التأكيد أمام الرأي العام الدولي بأن القضية الفلسطينية ما زالت قضية العرب المركزية. وانه لأمر بالغ الأهمية، في ظل التطورات الجارية، إعادة تأكيد الاجتماع الوزاري العربي على أهمية مبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت 2002 بكامل مندرجاتها، والقائمة على مبدأ الارض مقابل السلام، وقرارات الامم المتحدة ذات الصلة كأساس للحل العدل والشامل في المنطقة. مع الإشارة الى أهمية الإستمرار بدعم الاونروا ودورها وصلاحياتها وفق التفويض الممنوح لها في قرار انشائها، كي تبقى تقديماتها الإنسانية الأساسية تجاه اللاجئين الفلسطينيين الذين عانوا ما عانوه منذ أكثر من 70 عاما، بانتظار استعادتهم لحقهم بالعودة”.
وتابع: “يأتي هذا الإجتماع والعالم لا يزال يكافح لاحتواء جائحة كورونا، التي تسببت بآثار كارثية على مختلف جوانب الحياة، فضلا عن الضحايا التي حصدتهم بالملايين. تركت هذه الأزمة تداعيات اقتصادية واجتماعية قاسية على مجموع دولنا، في ظل تفاوت القدرات والامكانيات على مواجهتها، ما فاقم من الأزمات التي كانت تعصف ببعض دولنا قبل انتشار الجائحة، وبات بالتالي يهدد السلم والاستقرار ويعيق فرص النمو. وإذ نحيي مبادرات التعاون التي جرت في هذا الإطار، يجدر بنا الاعتراف بأنها ما زالت بغير المستوى المطلوب، إذ تعيقها خاصة لجهة تعميم اللقاح على الدول النامية، اعتبارات مرتبطة بمصالح وطنية وتجارية ضيقة. وعليه ومن على هذا المنبر، نجدد تمسكنا بمبادىء التعددية، والتعاون الدولي والمسؤولية المشتركة في سبيل معالجة التحديات الكبرى التي تواجه البشرية جمعاء”.
وقال وهبه: “من حق منطقتنا أن تفاخر بتاريخ مشرف وبإرث حضاري عريق وبتنوع لافت وبموقع جغرافي مميز وهذه كلها مزايا يمكننا البناء عليها لكي نكون من أكثر الحضارات تألقا وإبداعا. ولكنه يبقى أن مسار الاستقرار والنمو والازدهار، دونه عقبات زادت تعقيدا في الآونة الأخيرة نظرا لاحتدام الصراع الإستراتيجي في منطقتنا، وازدياد حجم التدخلات الأجنبية في شؤوننا العربية خدمة لمصالح لا تتقاطع في غالب الأحيان مع مصلحة الأمة، ما انعكس سلبا على الوضع الداخلي في العديد من بلداننا. ان استمرار هذا الوضع على حاله، لا يخدم مصالح دولنا وشعوبنا، بل يخدم بالدرجة الأولى العدو الاسرائيلي الذي يرى فيه ذريعة للمزيد من التعنت وزيادة اعتداءاته وتهديداته على الأخوة الفلسطينيين كما على لبنان وسوريا”.
أضاف: “إننا إذ نأمل أن يشهد هذا العام اقترابا مشتركا متزايدا من ادراك موجبات المصلحة العربية العليا في إنهاء الحروب وحل النزاعات وتوظيف العلاقات العربية الدولية لهذه الغايات، كما الانتقال الى تقديم حلول سياسية والسعي الجدي للنهوض الاقتصادي والاجتماعي، نعرب عن سرورنا وارتياحنا لحصول انفراجات في أكثر من ملف آملين أن تستمر وتتوسع لتطال المزيد من الملفات. وفي هذا المجال نعيد تأكيد ارتياحنا لما شهدناه من مصالحة خليجية نرجو لها أن تتعمق لما فيه مصلحة للجميع وأن ينعكس ذلك على عموم البيت العربي الواحد وهي مناسبة لتوجيه التحية الى دور الكويت وأميرها، للجهود التي بذلها وصولا الى هذه الغاية. ونرحب بالتطورات الأخيرة في إطار الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الفلسطينية، كما نرحب بعودة الحياة الى شرايين اللجنة الرباعية الدولية بعد طول انسداد ونأمل أن يساهم ذلك في إعادة تصويب مسار التوصل الى الحل المنشود للقضية الفلسطينية”.
وتابع: “كذلك نرحب بالتطورات الإيجابية والواعدة التي شهدتها ليبيا، بفعل وصول الحوار الليبي-الليبي برعاية الأمم المتحدة ومواكبة الأشقاء والاصدقاء الى مراحل متقدمة وقرارات هامة، نأمل أن تفضي الى الحل السياسي المنشود. ولا يفوتني أن أهنىء دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة بوصول “مسبار الأمل” إلى كوكب المريخ، والذي أتى تتويجا للعمل الدؤوب والاستثمار في السباق العلمي والمعرفي، وتعبيرا أمثل عن أن لا حدود للطموح”.
وقال: “في حين تقدم المتغيرات الدولية والإقليمية الراهنة فرصا للانتقال من إدارة الأزمات الى تقديم الحلول السياسية التي ترتقي الى تطلعات شعوبنا العربية، نأمل أن تحمل الشهور المقبلة خطى ترتقي ببيتنا العربي، الى مصافي طموحات وتطلعات شعوبنا، منطلقين من التكاتف بين الأشقاء العرب، ركيزة لمواجهة الأزمات التي تحيط بنا، مستندين الى قواعد ومبادىء القانون الدولي وميثاق منظمتنا الجامعة”.
أضاف: “بالعودة الى وطني لبنان، تبقى الأراضي اللبنانية حتى عمقها تعاني من الانتهاكات الاسرائيلية المتكررة والمتزايدة على نحو يرهب اللبنانيين في المناطق المأهولة كافة، بينما لا يزال الاحتلال الاسرائيلي رافضا الانسحاب من أراض لبنانية يحتلها هي مزارع شبعا اللبنانية وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر. كما تتزايد الضغوط علينا وقد فاقمها انفجار مرفأ بيروت الذي كان بمثابة زلزال على المستويات كافة من إنسانية، واقتصادية، واجتماعية، وصحية، في الوقت الذي يعاني اللبنانيون فيه من أزمات اقتصادية ومالية غير مسبوقة وانعكاسات جائحة كورونا، في ظل نزوح كثيف للأشقاء السوريين مع تأكيدنا مجددا أن الحل الوحيد المستدام يبقى في عودتهم الآمنة والكريمة إلى المناطق المستقرة داخل سوريا”.
وتابع: “بالرغم من كل ذلك، فإن لبنان مصمم على المضي في مواجهة التحديات المتلاحقة التي تعصف به، مع أن النجاح في ذلك قد يتخطى قدرته الحالية، وكأن ما سبق لا يكفي، ها هي شواطىء لبنان تتعرض لكارثة بيئية على قياس الوطن، بسبب تسربات نفطية، مصدرها الجغرافي معروف بينما لا نزال نجهل خلفياتها التقنية، وبتلوث يهدد التنوع الطبيعي على طول الشاطىء اللبناني بشكل عام وعلى سواحلنا الجنوبية خصوصا، فنرجو من الأشقاء مواكبة جهودنا لكشف الحقيقة وإجراء التحقيقات اللازمة لتحديد المسؤوليات ومعاقبة المسؤولين. وفي هذا السياق، تستمر الجهود من أجل حكومة تعمل على مواجهة هذه التحديات والتخفيف من وطأة الأزمة على أمل النهوض بالإقتصاد اللبناني في أقرب وقت ممكن وبمؤسسات الدولة ومرافقها الحيوية، وإننا نأمل خيرا من المواكبة العربية الحميدة لهذه الجهود”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام