لفت سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة الى أنه لا يمكن مواجهة الإحتلال والعدوان والإرهاب بالتقاعس والتراخي والتخاذل بل بالعمل والجهاد والمواجهة والمقاومة.
واعتبر أن الإرهاب في سوريا باتت علاقته بأمريكا واسرائيل مكشوفة وواضحة, فأمريكا لا تخفي دعمها ومساندتها ورعايتها للجماعات التكفيرية الإرهابية في سوريا, وقد تحدث بعض المسؤولين الأمريكيين عن تزويد المعارضة بأسلحة متطورة وتحدث بعض قادة المسلحين عن حصولهم على كميات كبيرة من الأسلحة, كما أن علاقة هذه الجماعات باسرائيل باتت مكشوفة وعلنية, ورعاية اسرائيل لجبهة النصرة وبقية العصابات في الجولان مكشوفة وواضحة, ويستخدمون هذه الجماعات لإسقاط النظام وتدمير سوريا واضعاف محور المقاومة في مواجهة اسرائيل.
ورأى أن أمريكا لا تريد حلاً في سوريا, وهي واسرائيل ومن معهما من دول إقليمية يعملون على تأجيج الصراع في سوريا وتعطيل الإتفاق الأمريكي الروسي, ويحاولون محاصرة النظام بحزام من الإرهابيين من جهة الجنوب ومن جهة الشمال ومن جهة الشرق.
وأشار الى أن داعش والنصرة وكل المجموعات الارهابية باتوا يشكلون حاجة امريكية في سوريا, لاستنزاف النظام وروسيا وايران والمقاومة, ولأجل ذلك لم يكن الامريكي جادا في تنفيذ الاتفاق بينه وبين الروسي لأنه ليس على استعداد لضرب جبهة النصرة التي تحقق له أهدافه في سوريا.
وأكد الشيخ علي دعموش أن المقاومة ستستمر في مواجهة الارهاب التكفيري في سوريا مهما طال الزمن لأننا معنيون بالمعركة ضد هذا الارهاب، لأن نتائجها تحدد مستقبل لبنان، وداعش والنصرة يشكلون خطراً داهماً واستراتيجياً على كل اللبنانيين وعلى لبنان الذي لا يحتمل ولا يستطيع أن يتعايش مع مقرات تكفيرية إرهابية داخل أو بمحازاة الحدود، وبالتالي فإن الواجب الوطني يفرض علينا أن نستكمل المعركة ضد الوجود التكفيري داخل الأراضي اللبنانية وخارج الحدود اللبنانية حماية لأهلنا ووطننا. وهكذا نكون في موقع المسؤولية ولسنا ممن يتخلى عن مسؤولياته الوطنية أو يخذل أهله، فهذه المعركة هي معركة الوجود والكرامة الإنسانية.
نص الخطبة
بعد أيام تطل علينا ذكرى عاشوراء ويبدأ شهر محرم الحرام, شهر أبي عبد الله الحسين(ع) وشهر الحزن والبكاء والأسى والتأسي برسول الله(ص) وأهل بيته الكرام(ع) الذين أسسوا لمجالس أبي عبدالله وأقاموا المآتم لمصابه, وكانوا يظهرون الحزن والأسى والحداد عند هلال كل محرم, ويمتنعون فيه عن اظهار السرور واقامة مناسبات الفرح, وكانوا يأمرون شيعتهم بأحياء هذه الذكرى وإقامة المجالس والعزاء وانشاد الشعر الحسيني واستماعه والبكاء بل التباكي على الحسين(ع) وزيارته.
ورد عن الامام الرضا (ع) قال: كان ابي (ع) اذا دخل شهر محرم لا يرى ضاحكا، و كانت الكآبة تغلب عليه حتى تمضي عشرة ايام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه.
ويقول الامام الباقر(ع) لمالك الجهني: . ثم ليندب الحسين عليه السلام ويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء عليه،ويقيم في داره مصيبته بإظهار الجزع عليه، ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضاً بمصاب الحسين (عليه السلام)..
وفي وصيّة أبي جعفر الباقر عليه السلام للشيعة: « .. وأن يَتلاقَوا في بُيوتهم، فرَحِمَ اللهُ عبداً اجتمع مع آخر وتَذاكَرَ في أمرنا؛ فإنّ ثالثهما مَلَك يستغفر لهما، وما اجتمعتُم فاشتَغلِوا بالذِّكر؛ فإنّ في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياءَ أمرنا، وخيرُ الناس مِن بَعدِنا مَن ذاكَرَ بأمرنا ودعا إلى ذِكرنا »
وعن الرضا(عليه السلام): من تذكر مصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم يموت القلوب الحديث.
وعن الرضا (ع) أيضاً: فعلى مثل الحسين فليبك الباكون فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام.
وعن الإمام الصادق (ع): من أنشد في الحسين (ع) بيتا من الشعر فبكى و ابكى عشرة، فله ولهم الجنة.
وقد استجاب الشيعة ومحبوا الحسين لهذا التوجيه فكانوا على طول التاريخ ولا يزالون يحرصون على احياء هذه الذكرى ويتفاعلون معها وقد تحملوا في بعض المراحل الاضطهاد والقمع والخوف والقلق بل والقتل نتيجة اصرارهم على احياء هذه الذكرى .
إن اهتمام أئمة أهل البيت (ع) باحياء هذه الذكرى وتوجيه وحث شيعتهم وعموم المسلمين على إحيائها واقامة المآتم والعزاء بعاشوراء يعود لعدة اسباب ابرزها:
أولا: التأسي والإقتداء برسول الله (ص) فرسول الله (ص) اول من اظهر الحزن و الألم وأول من بكى لهذه الفاجعة قبل وقوعها بنصف قرن. فمنذ ولادة الحسين (ع) كان رسول الله بين الحين والآخر يتحدث للأمة عن هذه المأساة وما جرى في كربلاء وهذا يجب ان يلفت انظار المسلمين جميعا.
هل وجدتم أن أبا و جدا في ساعة ولادة إبنه أو حفيده يتحدث عن مقتله ومصيبته ويبكي ويبدي الحزن والأسى والألم لمصابه؟.
لقد تكرر من النبي هذا المظهر مرات عديدة.
ونقل عن العديد من زوجاته مثل أم سلمة وعائشة وغيرهما كيف كان يتألم عندما كان يرى الحسين(ع).
نقلت أم سلمة أنها رأت رسول الله(ص) والحسين في حجره وعيناه تزرفان الدموع فسألته أم سلمة عن ذلك؟ فقال: ابكي لولدي هذا, فقد أخبرني جبرائيل عن الله أنه يقتل في ارض يقال لها كربلاء وناولها تربة حمراء من تربته..
ولذلك نقل كثير من الصحابة هذا الامر عن الرسول(ص) وهذه الروايات موجودة في مصادر المسلمين جميعا.
إذا كان رسول الله يتحدث عن هذه المأساة قبل وقوعها ويبدي التأثر والألم والحزن ويبكي لاجلها وبيده تربة حمراء من ارض كربلاء فمعناه أننا امام حدث غير عادي لشخصية غير عادية..
فإذا كنا امام حدث غير كل الأحداث وإذا كنا أمام حدث غير عادي فلا يقال مضى 1400 سنة وانتهى الموضوع.
لذلك وتأسيا برسول الله واتباعا لاهل البيت الذين أمرونا بتخليد هذه المأساة في عشرات النصوص نحن نهتم بأحياء عاشوراء ونقيم المجالس الحسينية ونحضر فيها, ويجب أن يزداد اهتمامنا وحضورنا في هذه المناسبة, وأن نحضر رجالا ونساء واطفالا في المجالس التي تقام بهذه الذكرى حضورا مباشرا, فلا يكفي الاستماع الى العزاء في البيوت عبر شاشات التلفزة لمن يستطيع الحضور المباشر.
في الحديث عن الصادق (ع) قال لفضيل بن يسار: تجلسون وتحدثون؟ قال: نعم، جعلت فداك، قال: إن تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا، فرحم الله من أحيى أمرنا يا فضيل من ذكرنا، أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب، غفر الله له ذنوبه، ولو كانت أكثر من زبد البحر.
ثانيا: إحياء هذه المناسبة فيه الكثير من الأثار و النتائج والفوائد والعطاءات والبركات: لماذا يلومنا البعض على إحياء مناسبة فيها منافع روحية وثقافية واجتماعية وسياسية؟
لماذا يستنكرون علينا إحياء مناسبة فيها مكاسب دينية وأخلاقية وسلوكية؟
مناسبة عاشوراء هي موسم ثقافي تربوي توجيهي لا يوجد في كل المجتمعات البشرية مايشبه هذا الموسم.
عاشوراء هي مدرسة ثقافية واجتماعية وسياسية لها تأثير كبير في قلوب الناس وعقولهم.
وأئمة أهل البيت(ع) هم الذين دفعوا بهذه المناسبة الى أن تأخذ هذا الشكل فتقام في كل سنة وتتحول الى مدرسة ذات أعراف وتقاليد وعادات.
توجد في العالم مناسبات كثيرة: مهرجانات ثقافية, معارض كتب , انشطة ثقافية تصرف عليها ميزانيات ضخمة وتسلط عليها الأضواء الإعلامية ويتم دعوة الناس إليها لكن لا يوجد مثل موسم عاشوراء.
إحياء عاشوراء جهد شعبي وإندفاع ذاتي يشارك فيها الجميع حيث تعم المجالس كل أنحاء العالم.. و ليس منطقة خاصة.
عاشوراء موسم ثقافي ديني يشد الناس الى دينهم ويعمق إرتباطهم بالله وبرسول الله(ص) وبأهل البيت (ع).
إحياء عاشوراء إحياء للقيم الايمانية والرسالية والاخلاقية والانسانية.
عاشوراء مناسبة تدعو الناس الى التمسك بالقيم والاخلاق لأنها تختزن كل القيم الاخلاقية والانسانية من الصدق الى الوفاء والايثار والصبر والثبات والإباء والبصيرة والشجاعة والتضحية والعطاء في سبيل الله بلا حدود, هي نعمة لها انعكاسات كبيرة جدا.
اول واهم رسالة لعاشوراء هي الإلتزام بقيم الإسلام وأحكامه وتشريعاته, محبة الحسين (ع) والتشبه بأهل البيت (ع) في جوهره وحقيقته ما هو الالتزام بقيم الدين واخلاقه.
الجميع في ايام عاشوراء يتركون أعمالهم وارتباطهم ويشاركون في المجالس, ولا شك ان هذا له ثواب كبير واجر عظيم, ولكن هذه المشاركة يجب ان تكون مرافقة للالتزام بالدين واحكامه.
الحسين (ع) ضحى بنفسه وقدّم اهل بيته واصحابه من اجل الدين.
إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني
العباس (ع) يقول : والله إن قطعتموا يميني إني أحامي أبدا عن ديني
الدين الذي ضحى من اجله الحسين والعباس أمانة بأيدينا جميعا يجب ان نخرج من هذه المجالس أكثر تمسكا والتزاما باحكام الدين وقيم الدين واخلاق الدين وضوابط الدين.
الدين الذي ضحى من اجله الحسين الا يستحق أن نضحي من أجله بشهواتنا وأهوائنا وغرائزنا ومصالحنا وأطماعنا.
مجرد البكاء على الحسين له ثوابه الكبير ولكنه لا يكفي، مجرد الحضور في المجالس له وأجره الخاص ولكنه لا يكفي, الإيمان والتقوى و الورع والإبتعاد عن الشهوات والتمسك بالقيم والاخلاق هو المطلوب.
يقول الإمام الباقر(ع) لجابر بن عبد الله الجعفي: والله وما شيعتنا الا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يُعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع و الأمانة ، وكثرة ذكر الله ، والصوم ، والصلاة ، والبرّ بالوالدين ، والتعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة ، والغارمين ، والأيتام ، وصدق الحديث ، وتلاوة القرآن ، وكفّ الألسن عن الناس ، إلا من خير ، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء. .
ويقول الإمام الصادق (ع): أبلغوا شيعتنا انه لا ينال شفاعتنا مستخف بصلاته.
الشهوات والمغريات والتحديات كثيرة خاصة على الشباب والفتيات وقد اكد رسول الله ذلك.
مرّة كان جالسا مع أصحابه فرفع يديه بالدعاء وقال: اللهم لقيني أخواني.. قالوا: يا رسول الله أولسنا اخوانك؟ قال: أنتم أصحابي، أخواني قوم في آخر الزمان يكون أجر الواحد منهم مثل أجر خمسين منكم. قالوا: كيف ذلك يا رسول الله ونحن صحبناك وشاركنا في بدر وأحد ونزل فينا القرآن؟ فقال: إنكم لو تواجهون ما يواجهون لما صبرتم صبرهم.
يقول (ص) أيضا: يأتي زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر
ما يساعد على الصبر و الثبات والصمود والتمسك بالدين هذه المجالس..
هذه المجالس نتعلم فيها كيف نربي انفسنا على صفات أصحاب الحسين هذه المجالس نتعرف فيها على صفات اعداء الحسين والإسلام نتعلم فيها الجهاد والمقاومة في مواجهة الإحتلال والعدوان والإرهاب.
لا يمكن مواجهة الإحتلال والعدوان والإرهاب بالتقاعس والتراخي والتخاذل بل بالعمل والجهاد والمواجهة والمقاومة.
اليوم على خطى الحسين (ع) نواجه الإرهاب والتكفير الذي واجهه الحسين (ع) ويسقط منا شهداء كما سقط الحسين واصحاب الحسين(ع) شهداء.
هذا الإرهاب الذي باتت علاقته بأمريكا واسرائيل مكشوفة وواضحة, فأمريكا لا تخفي دعمها ومساندتها ورعايتها للجماعات التكفيرية الإرهابية في سوريا, الرعاية باتت علنية ومكشوفة, وقد تحدث بعض المسؤولين الأمريكيين عن تزويد المعارضة بأسلحة متطورة وتحدث بعض قادة المسلحين عن حصولهم على كميات كبيرة من الأسلحة مؤخراً, كما أن علاقة هذه الجماعات باسرائيل باتت مكشوفة وعلنية, ورعاية اسرائيل لجبهة النصرة وبقية العصابات في الجولان مكشوفة وواضحة, ويستخدمون هذه الجماعات لإسقاط النظام وتدمير سوريا واضعاف محور المقاومة في مواجهة اسرائيل.
أمريكا لا تريد حلاً في سوريا .
أمريكا واسرائيل ومن معهما من دول إقليمية يعملون على تأجيج الصراع في سوريا وتعطيل الإتفاق الأمريكي الروسي, ويحاولون محاصرة النظام بحزام من الإرهابيين من جهة الجنوب ومن جهة الشمال ومن جهة الشرق.
ففي الجولان يصنع الإسرائيلي حزاماً من النصرة والإرهابيين ليكونوا في خط الدفاع الأول عن اسرائيل وليهددوا النظام في أي لحظة شاءوا , وفي الشمال وبإيعاز ودعم من الامريكي يصنع الأكراد والأتراك حزاما على طول الحدود , ومن جهة الشرق تقف داعش لتستكمل الحصار والطوق, فالأمريكي يحاول تطويق النظام من أكثر من جهة من خلال أدواته الإرهابية التي تعمل على تنفيذ المشروع الأمريكي في المنطقة.
وهو بهذه الخلفية قام بغارة على الجيش السوري في دير الزور من أجل أن يمكن داعش من أحكام الطوق والسيطرة على كل المنطقة من جهة الشرق.
ولذلك فان داعش والنصرة وكل المجموعات الارهابية يشكلون حاجة امريكية في سوريا, تريدهم أن يبقوا ويستمروا كأداة لاستنزاف النظام وروسيا وايران والمقاومة, ولأجل ذلك لم يكن الامريكي جادا في تنفيذ الاتفاق بينه وبين الروسي لأنه ليس على استعداد لضرب جبهة النصرة التي تحقق له أهدافه في سوريا.
نحن سنستمر في مواجهة الارهاب التكفيري في سوريا مهما طال الزمن لأننا معنيون بالمعركة ضد هذا الارهاب، لأن نتائجها تحدد مستقبل لبنان، وداعش والنصرة يشكلون خطراً داهماً واستراتيجياً على كل اللبنانيين وعلى لبنان الذي لا يحتمل ولا يستطيع أن يتعايش مع مقرات تكفيرية إرهابية داخل أو بمحازاة الحدود، وبالتالي فإن الواجب الوطني يفرض علينا أن نستكمل المعركة ضد الوجود التكفيري داخل الأراضي اللبنانية وخارج الحدود اللبنانية حماية لأهلنا ووطننا. وهكذا نكون في موقع المسؤولية ولسنا ممن يتخلى عن مسؤولياته الوطنية أو يخذل أهله، فهذه المعركة هي معركة الوجود والكرامة الإنسانية.