ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 30-01-2021 في بيروت على الاحداث التي حصلت في طرابلس وملف تأليف الحكومة وإطلاق الامارات عددا من المعتقلين اللبنانيين، بالاضافة الى العديد من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الأخبار:
الإمارات تُطلق سراح عدد من المُعتقلين اللبنانيين
حرب البيانات تُعقّد تأليف الحكومة
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار “إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته للبنان يُعدّ الخرق الوحيد في المشهد السياسي المُتّجه إلى المزيد من التعقيد. خرقٌ يبقى «حذراً» طالما أنّ المعطيات الأخرى لتأليف الحكومة لم تشهد أي تعديل إيجابي، ولا سيّما العلاقة بين الرئيس ميشال عون والرئيس المُكلّف سعد الحريري. لا يزال الرجلان يتبادلان الاتهامات عبر البيانات، من دون أن تنجح أي وساطة أو مبادرة أو مسعى لإعادة قليل من الثقة إلى علاقتهما
خلال الشهرين الماضيين، ارتفعت أعداد اللبنانيين المُقيمين في الإمارات الذين جرى توقيفهم، من دون وجود «دليل» بحقّهم أو «ملفّ». جرت الاعتقالات في سياق الضغوط السياسية والأمنية التي تُمارسها الإمارات على لبنان، بالتزامن مع إعلان الاتفاق الاستراتيجي بينها وبين «إسرائيل»، فكان الاستهداف من الخاصرة التي تعدّها الإمارات «رخوة»: التعاون مع حزب الله. مجموعة من اللبنانيين اعتُقلت من داخل أحد ملاعب كرة القدم، «والتهمة» كانت تداول فيديوات على تطبيق «واتساب» للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله! لا رقم مُحدّداً للبنانيين الذين جرى اعتقالهم ومحاولة «تركيب ملفّ» لهم، فالإمارات عتّمت في هذه الموجة من الاعتقالات على الموضوع، بالإضافة إلى غياب المتابعة الرسمية والجدية من جانب الدولة اللبنانية، ممثلة بسفارة لبنان في أبو ظبي، إلى أن جرت متابعة الملف من قِبل الأمن العام، بعد تواصل الأهالي مع اللواء عباس إبراهيم. تُفيد المعلومات بأنّ بعض اللبنانيين اعتُقلوا وأطلق سراحهم من دون أن تُعرف قضيتهم. ليلة أمس، كشف المدير العام للأمن العام أنّ عدد المعتقلين وصل إلى 30، من دون أن يوضح ما إذا كان الرقم يُعبّر عن العدد الإجمالي للمُعتقلين حالياً، أو لكل الذين اعتُقلوا في الفترة الماضية. وقال إبراهيم في مقابلة مع قناة «الحرّة»، أمس، إنّه بعد ساعات (فجر اليوم) «قرابة نصفهم سيعودون إلى لبنان»، مُضيفاً إنّه يتواصل منذ سنتين مع مسؤولين إماراتيين «لحلحلة هذه الملفات». وبحسب المعلومات، فإنّ عائلات 11 من الموقوفين تبلغوا إطلاق سراح أبنائهم، وهم من الذين لم يُحكم عليهم، أي أنّ المُعتقلين أحمد صبح وحسين بردى وعبد الرحمن شومان وعلي المبدر وعبد الله هاني عبد الله وأحمد مكاوي المحكومين بالإعدام، ليسوا من بين الذين سيُطلق سراحهم. ملفّ اللبنانيين الستة مُعقّد ولم يجد طريقه إلى الحلّ بعد، مع التضييق المُستمر عليهم من جانب السلطات الإماراتية، التي منعت منذ قرابة الشهر أي اتصال مباشر بينهم وبين عائلاتهم.
الخرق الإيجابي في ملفّ «معتقلي الإمارات»، لم ينسحب على المشاورات لتأليف الحكومة الجديدة، على الرغم من إشاعة أجواء عن قُرب صدور التشكيلة. الفريق الذي يُشيع هذه المعلومات يتحدّث عن ضغوط تُمارسها فرنسا لإيجاد حلّ، وقد فعّلت قنوات التواصل مع الجانب الأميركي لإقناعه بضرورة تأليف حكومة لبنان، «وقد سُجّل كلام مُتقدّم بينهما». يُحاول هذا الفريق أن يوحي بتجدّد «زخم المبادرة الفرنسية، هذه المرّة بالتنسيق مع الإدارة الأميركية». وقد تزامنت هذه المعطيات مع إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لقناة «العربية» أمس زيارته للبنان، من دون أن يكشف عن التاريخ. وقال ماكرون إنّ «خريطة الطريق الفرنسية للبنان لا تزال مطروحة على الطاولة، وليس هناك حلول أخرى متاحة لحلّ الأزمة اللبنانية غير الخطة الفرنسية». رئيس فرنسا الذي يتخبّط بأزمات داخلية عديدة، صحية واقتصادية وسياسية واجتماعية، «وعد» بأنّه سيفعل «كلّ ما باستطاعته للمساعدة في تأليف الحكومة»، برئاسة سعد الحريري. لكنّ ماكرون غرق في تضارب أقواله. من جهة، يُريد إنعاش المُبادرة التي أطلقها في الـ 2020 بحضور كل من: حزب الله، التيار الوطني الحر، تيار المستقبل، القوات اللبنانية، حزب الكتائب، تيار المردة، الحزب التقدمي الاشتراكي، حركة أمل، أي الأحزاب السياسية الأساسية التي سيطرت على المشهد السياسي في الثلاثين سنة الماضية، مع تفاوت انغماسها في الإدارة وتولّيها مسؤوليات تنفيذية. اتفق معها على خريطة طريق لإنعاش النظام القائم، وشكل الحكومة الجديدة، وغيرها من العناوين السياسية. وفي الوقت نفسه، أعطى ماكرون لنفسه حقّ وصف النظام اللبناني بأنّه في «مأزق بسبب الحلف الشيطاني بين الفساد والترهيب».
إعلان ماكرون زيارته للبنان، وتسريب معطيات عن اقتراب تأليف الحكومة، لا يجدان أرضية حاضنة في الداخل اللبناني. السجال بين رئاسة الجمهورية والرئيس المُكلّف سعد الحريري يتصاعد يومياً، مع تعمّق اللاثقة بينهما، وعدم رغبة أحدهما في التعاون مع الآخر. يعتمد الفريقان سياسة «عضّ الأصابع» بانتظار من يصرخ أولاً، فيما البلاد في حالة انهيار عامّ، وأمام خطر انفلات الوضع أمنياً. فبعد كلام الرئيس ميشال عون الذي نشرته «الأخبار» أمس، عن رؤيته لتعقيدات تأليف الحكومة، والمداولات بينه وبين الحريري، ردّ الأخير عبر بيان مُعتبراً أنّ من «المؤسف والمؤلم جدّاً أن يصدر الكلام المنقول عن رئيس الجمهورية فيما البلاد تواجه سيلاً من الأزمات وتشهد العاصمة الثانية طرابلس هجمة مُنظمة تُثير الريبة في أكثر من اتجاه»، واصفاً كلام الرئيس بأنّه «تجنٍّ على الآخرين… مواقف وروايات غير صحيحة، لا تستوي مع مكانة الرئاسة ومسؤولياتها الوطنية في هذه الظروف الصعبة». نفى الحريري أن يكون قد أبلغ عون أنّ رئيس الحكومة وحده من يُؤلّف الحكومة، فالأخير «يجري الاستشارات النيابية لتأليف الحكومة ويوقّع مراسيم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الجمهورية… وخلاف ذلك تفسيرات غب الطلب».
وأضاف: «غاب عن فخامته أن الحل الذي اعتمد لوزارة المال جرى بالتوافق ولم يقع الاعتراض عليه من قصر بعبدا، بدليل أن الورقة التي سلّمني إياها لاحظت تخصيص وزارة المال للشيعة. أما الثلث المعطل فله كما يعلم شأن آخر يقودنا إلى ورقة توزيع الحقائب على الطوائف وممثلي القوى السياسية، وهي ورقة تشكل خرقاً تاماً لمبدأ تأليف حكومة من أهل الاختصاص، وتستدرج التشكيلة تلقائياً إلى خانة الثلث المعطل». استخدم الحريري في ردّه العبارة نفسها التي قالها رئيس الجمهورية عنه: «لم أعد أفهم عليه»، مُضيفاً بأنّه راهن على «فتح صفحة جديدة تنقل البلاد إلى مساحات من المصالحة والإنجاز والإنقاذ الاقتصادي، وهو أقدم على مغامرة انتخاب العماد عون رئيساً، مُدركاً أهمية التأسيس لمرحلة جديدة لا تحكمها سياسات الإنكار والتعطيل، غير أنّ الرياح جرت مع الأسف بما لا تشتهي النيات الطيبة وإرادة العيش المشترك والجهد المطلوب لوقف استنزاف الدولة في حلبات الطوائف». أما بالنسبة إلى ما كشفه عون عن أنّ الحريري أبلغه ضرورة «نسيان» التدقيق الجنائي حتى تحصل الحكومة على ثقة كتلتَي حركة أمل والتقدمي الاشتراكي في المجلس النيابي، فأشار الحريري إلى «أنّ فخامة الرئيس نسي أو تناسى أن مجلس النواب أقرّ التحقيق الجنائي في 20 كانون الأول ووافقت عليه كتلة المستقبل إلى جانب كتلتَي الرئيس نبيه بري والوزير وليد جنبلاط، وربّما نسي فخامته أو تناسى أيضاً أنه كان أول من بادر إلى الإشادة بقرار مجلس النواب. وفي الحالتين يكون: إن تناسى مصيبة، وإن نسي فالمصيبة اعظم».
من جهته، ردّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية على بيان الحريري، مُعتبراً أنّه «احتوى على ردود مغلوطة ومعلومات في غير موقعها الحقيقي. وحرصاً على عدم الدخول في سجال لا طائل منه، نكتفي بالإشارة إلى أنّ الرئيس المكلّف من خلال ما جاء في ردّه، مصمّم على التفرّد بتأليف الحكومة، رافضاً الأخذ بملاحظات رئيس الجمهورية التي تُجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، استناداً إلى المادة 53 من الدستور. وهذه النقطة الأساس في كلّ ما يدور من ملابسات حول تأليف الحكومة». وختم البيان بأنّه «لن تكون هناك حكومة تناقض الشراكة والميثاقية والعيش المشترك الحقيقي، المبني على التوازن الوطني وحماية مرتكزاته»”.
البناء:
فوج المغاوير يدخل طرابلس… وسجال عون والحريري يجدّد تعقيد المسار الحكوميّ
الحريريّ يحمّل الجيش المسؤوليّة… وميقاتي يلوّح بالأمن الذاتيّ
ماكرون يستجيب للسعوديّة لبنانيّاً وإقليميّاً فهل وصلت الرسالة؟
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء “تسارعت المواقف الأميركية بعكس ما ترغب الرياح السعودية والإسرائيلية، مع تعيين الخبير في الأزمات الدولية روبرت مالي مبعوثاً رئاسياً أميركياً خاصاً في الملف الإيراني، كتعبير عن سعي أميركي لطمأنة المخاوف الإيرانية من عدم الجدية الأميركية برفع العقوبات، ومعلوم أن مالي كان شريكاً في صناعة الاتفاق النووي مع إيران كمفاوض في اتفاق 2015، كما أن مواقف مالي حافظت على نظرة تدعو للتمسك بالاتفاق وتندّد بالتصعيد ضد إيران، خصوصاً ما خصّ عمليات الاغتيال التي استهدفت قادة إيرانيين وخبراء وعلماء نوويين، وحافظ على التواصل مع المسؤولين الإيرانيين، متميزاً بمواقف تدعو لأخذ وقائع المنطقة بالاعتبار في الأزمة السورية وبالتعامل مع القضية الفلسطينية، ما جعله عرضة للاستهداف المبرمج من “إسرائيل” والسعودية وشخصيات جماعات تدور في فلك كل منهما. وفي وقت لاحق لتعيين مالي أعلنت إدارة بايدن تجميد صفقات السلاح لكل من السعودية والإمارات كتعبير عن الضغوط الهادفة لوقف الحرب على اليمن.
بالتوازي كان الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون يخرج فجأة على قناة العربية المملوكة من ولي العهد السعوديّ والمعتمدة من قبله، ليعلن تبني الموقف السعودي من القيادات اللبنانية، في إشارة فهمت كرسالة سلبيّة للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، بالحديث عن سقوط الطبقة السياسيّة، كما أطلق ماكرون موقفاً مسانداً للدعوة السعودية للمشاركة في التفاوض المقبل مع إيران. وتساءلت مصادر سياسيّة متابعة لأحداث طرابلس ما إذا كانت مواقف ماكرون بنتيجة رسائل التفجير والفوضى التي شهدتها عاصمة الشمال، والتي تقول إن التفويض الأميركي لن يكفي ماكرون للإقلاع بمبادرته، من دون شراكة سعودية تملك قدرة التعطيل، إذا صحت التقديرات التي حملتها معطيات ما شهدته طرابلس لجهة استهداف زعاماتها التي أظهر غضبُها شعوراً بالضيق، خصوصاً ما صدر عن الرئيس الحريري والرئيس نجيب ميقاتي، ووصل بهما الضيق حد اتهام الجيش بالتقصير وتحميله المسؤولية، وتلويح الرئيس ميقاتي بالأمن الذاتي.
الاعتقاد بالدور السعوديّ يستند بالنسبة للمصادر إلى الإجماع السياسي والأمني على رفض رواية الأحداث العفويّة، والتأكيد على وجود أيادٍ خارجية تملك ذراعاً محليّة، في ظل استبعاد الفرضية التركية وتصدّر بهاء الحريري للمشهد الشمالي منذ 17 تشرين ضمن جماعات الساحات الطرابلسية كمموّل، بينما ظهرت علاقته المميّزة بولي العهد السعودي مع تفاقم الأزمة بين ولي العهد والرئيس الحريري منذ احتجازه في فندق الريتز في الرياض وطرح اسم بهاء بديلاً له، وجاء الدعم السعودي لبهاء بمنحه هواء قناة تلفزيونية وازنة ليؤكد أنه عنوان المشروع السعوديّ بدلاً من شقيقه.
في ظل هذا التوتر السياسي والقلق من وجود مخططات تستهدف لبنان من عاصمة الشمال، نشر الجيش اللبنانيّ فوج المغاوير ليلاً في المدينة، وبدا الوضع ميّالاً للهدوء، بينما كان المسار الحكوميّ يشهد سجالاً عالي الوتيرة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ليجدّد التعقيدات على مسار الحكومة المعقد أصلاً.
وفيما كان تركيز الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الحكومية والصحية والأمنية منصبّاً على مواجهة وباء الكورونا وإعلان خطة اللقاح والاستعداد الميداني واللوجستي والطبي لوصول الدفعة الأولى من لقاح «فايزر» إلى لبنان منتصف الشهر المقبل، خطفت الأحداث الأمنية الخطيرة في طرابلس الأضواء واهتمام المسؤولين لما تُخفيه من أهداف ومخططات خارجيّة مبيّتة.
الوضع المأساوي في طرابلس وحجم الأضرار الجسيمة الذي خلفته الاشتباكات وأعمال التخريب والاعتداءات في المدينة المخطوفة من «زمرة زعران»، بحسب وصف فاعليات المدينة، دفعت بالمراجع الرئاسية والدينية والأجهزة الرسمية للتحرّك على المستويات السياسية والأمنية والعسكرية والاجتماعية والإغاثية كافة في محاولة لإنقاذ المدينة قبل وقوع الانفجار الأكبر والذي لم يعُد بعيداً بحسب فاعليّات طرابلسيّة.
إلا أن التحرّك الرسميّ والروحيّ وصرخات أهالي المدينة لم تتمكّن من السيطرة على الوضع كلياً إذ استمرت عمليات الكرّ والفرّ بين مثيري الشغب والقوى الأمنيّة إلا أن المستجدّ عن الأيام الماضية هو تعزيز الجيش اللبناني انتشاره في مختلف أطراف المدينة مع إدخال فوج المغاوير إليها لمؤازرة الأفواج الأخرى. هذا الانتشار جاء بعدما تعرّضت قيادة الجيش لوابل من الانتقادات وسيل من الاتهامات بالتقصير في حماية المدينة أبرزها من الرئيس سعد الحريري والرئيس السابق نجيب ميقاتي وعدد من المراجع الطرابلسيّة.
وأشارت أوساط مطلعة على واقع المدينة لـ»البناء» إلى أن «مؤشرات ومعطيات عدة تجمّعت منذ الأسبوع الماضي أكدت بأن مخطط ما يجري إعداده لطرابلس وبعض المعلومات وتحركات جهات أمنية وصلت إلى أكثر من جهة أمنية رسمية ما يطرح علامات استفهام عدة حيال عدم التحرّك الأمني استباقاً لتفادي حصول المواجهات والاشتباكات وأعمال التخريب»، ولفتت إلى أنه «بات محسوماً لدى الجميع بأن ما حصل ليس وليد أسباب معيشية واقتصادية فحسب، بل هناك من استغلّ موجة الغضب الشعبي ودفع بالمندسّين إلى الشارع لإشعاله والاعتداء على الأجهزة الأمنية». وتساءلت: «هل حصل كل هذا التخطيط والتنفيذ لا سيما أن جموع المندسّين والمعتدين ومفتعلي الشغب وبعضهم ظهر على الهواء مباشرة، هل جرى كل ذلك من دون معرفة الجهات الأمنية المعنية لا سيما المسؤولة عن أمن المدينة؟». أما السؤال هو من أين أتى المشاغبون الذين يدعون الفقر والجوع بقنابل المولوتوف والقنابل الحربية الغالية الثمن؟ هل دفعوا ثمنها من جيوبهم أم جهات ما لها مصلحة بإشعال المدينة زوّدتهم بها؟ وهل الجهة التي خططت لذلك ستكتفي بهذا المستوى من الخراب أم أن فصول وجولات أخرى من المواجهات تنتظر مدينة الفيحاء؟
وفي سياق ذلك، كشف أحد فاعليات طرابلس توفيق سلطان بأن جميع الجهات الرسمية كانت على علم مسبق بما سيحصل في المدينة من دون أن تحرّك ساكناً.
وكشف مصدر أمنيّ شارك في الاجتماع في وزارة الداخليّة أن أسماء مَن أحرقوا مبنى بلدية طرابلس وصورهم باتت في حوزة القوى الأمنيّة، وبعضهم من غير اللبنانيّين.
وبقي التوتر سيّد الموقف في طرابلس لليوم الخامس على التوالي، لكنه سجل هدوءاً ملحوظاً مساء أمس، لكن الجمر لا يزال تحت الرماد بحسب ما تؤكد لـ»البناء» مصادر ميدانية والغضب الشعبي لم يهدأ ولم تفعل الدولة أي إجراء لاحتواء هذا الغضب والقول للمواطنين اخرجوا من الشوارع كما أن الأجواء لا توحي بأن الأمر سينتهي على خير والعابثين بأمن المدينة لا زالت أيديهم على الزناد لانتهاز أي فرصة للاستمرار بتنفيذ مخطط تدمير المدينة.
وكان عدد من الشبان تجمّعوا بعد ظهر أمس أمام مدخل سرايا طرابلس، وقاموا برشق القوى الأمنيّة بالحجارة وهم يردّدون «بدنا ناكل جوعانين». وألقت القوى الأمنية القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم. وتدخل الجيش اللبناني وأبعد المحتجين عن مبنى سرايا طرابلس وساحة عبد الحميد كرامي، حيث تفرّقوا في الشوارع المتفرّعة من الساحة وقاموا برشق عناصر الجيش بالحجارة.
ونفذت عناصر من الجيش اللبناني انتشاراً أمنياً في محيط ساحة عبد الحميد كرامي وفرع مصرف لبنان عند المدخل الشمالي للمدينة وعند تقاطع طريق بولفار فؤاد شهاب طريق المئتين.
إلا أن الأخطر في الأمر هو حديث بعض السياسيين وأصحاب المصالح في طرابلس عن الأمن الذاتي وحماية أنفسهم ومصالحهم، كما بشّر الرئيس ميقاتي بشكل مباشر والذي بدت عليه علامات الخوف والإرباك والقلق بقوله في حديث تلفزيوني إن الجيش لا يستطيع حمايتنا ولا حماية مصالحنا ومؤسساتنا، وبالتالي سنحمل السلاح للدفاع عنها. وبحسب معلومات «البناء» فإن الإقبال الفرديّ والمؤسسيّ على شراء السلاح ارتفع بشكل لافت في سوق السلاح السوداء بهدف تأمين الحماية الذاتية خوفاً من عمليات اعتداء وسرقة للمؤسسات والمنازل والممتلكات.
على المستوى الرسمي عرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر، الأوضاع الأمنية في البلاد بعد الاحداث في طرابلس. وأطلعت عكر عون على التقارير التي وردت من قيادة الجيش حول ملابسات ما جرى، والإجراءات الواجب اتباعها لعدم تكرار التعدّي على الأملاك والمنشآت العامة والخاصة. وطلب الرئيس عون التحقيق فيها والتشدّد في ملاحقة الفاعلين الذين اندسوا في صفوف المتظاهرين السلميين وقاموا بأعمال تخريبية لاقت استنكاراً واسعاً من الجميع ولا سيما من أبناء المدينة وفعالياتها.
كما عقد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي في مكتبه في الوزارة اجتماعاً أمنياً، شارك فيه قائد الجيش العماد جوزف عون وقادة الأجهزة الأمنية وبحث في الأوضاع الأمنيّة المستجدة في كلّ المناطق اللبنانية، خصوصاً في مدينة طرابلس. واعتبر فهمي أنّ ما حصل في طرابلس من أعمال تخريبية واعتداءات على الأملاك العامة وإحراق مبنى البلدية لا يمتّ الى ثورة الجياع بصلة.
وردّت قيادة الجش على ميقاتي وعلى بيان الحريري الذي اتهم الجيش بالتقاعس عن حماية المدنية. وجددت القيادة في بيان التأكيد على أن الوحدات العسكرية لا تألو جهداً في المحافظة على الأمن والاستقرار في مدينة طرابلس، كما باقي المناطق اللبنانية. وأعلنت أنها «أوقفت ثلاثة أشخاص بينهم سوري، كانوا موجودين داخل مبنى بلدية طرابلس في ساحة التل يشتبه بمشاركتهم في أعمال التخريب وإضرام النيران في مبنى البلدية المذكور ما أدّى إلى احتراقه. كما أوقفت قوة من الجيش في شارع المئتين والتبانة شخصين على خلفية مشاركتهما في أعمال الشغب والتعدي على الأملاك العامة والخاصة، وإعاقة عناصر الدفاع المدني والإطفاء من الوصول إلى مبنى البلدية.
وأكد مفتي الجمهورية اللبنانيّة الشيخ عبد اللطيف دريان أن «إضرام النار في شوارع وأحياء طرابلس، وبخاصة المحكمة الشرعية والسرايا والبلدية، هو عمل غير مسؤول ومرفوض ومدان بكل المعايير ومحاولة لجرّ أبناء المدينة الى الفتنة التي يخطط لها البعض ومؤشر خطير لا يرضى عنه أحد».
وعقد اجتماع في دار الفتوى في طرابلس خلص للتأكيد على أن «ما حصل هو مؤامرة على المدينة ولا يمتّ إلى مطالب الناس المحقة بصلة».
وبدوره، رأى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تابع التطورات في المدينة عن كثب وبقي على تواصل مع كافة الأجهزة والفاعليات الطرابلسية ان «الإمعان في حرمان الشمال وعكار والهرمل مرفوض ولم يعُد جائزاً في استمرار تجاهل تداعياته». وأشار إلى أنه «يجب التوقف ملياً أمام الحرائق التي أشعلت ليل أمس بشكل مدروس وممنهج ومخطط له، للمباني الرسمية والمرافق العامة والمؤسسات البلدية والتربوية والقضائية فهي مدانة ومستنكرة ولا تمت لأبناء طرابلس بصلة لا من قريب ولا بعيد».
ولفتت زيارة السفير التركي في لبنان هاكان تشاكل إلى السراي الحكومي حيث التقى الرئيس حسان دياب، وذلك بعد إشارة أكثر من جهة سياسية وإعلامية إلى دورٍ تركي ما في أحداث طرابلس عبر بهاء الحريري، علماً أن الرئيس سعد الحريري كان قد زار تركيا منذ حوالي شهر وبحث مع السلطات فيها الوضع في الساحة السنية في لبنان. كما جاءت زيارة السفير التركي بعد اتهامات تركيّة للقوى الأمنية باستخدام قنابل وذخائر فرنسيّة في المواجهات مع المتظاهرين!
وأبدى سفير تركيا استعداد بلاده للمساعدة بترميم المباني المتضررة في طرابلس لا سيما مبنى البلدية والسراي والمحكمة الشرعية.
ونشرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي فيديو عن نتيجة الاعتداءات التي حصلت ليل أمس (الخميس) على سراي طرابلس، وكشفت أن المحتجين أطلقوا 200 قنبلة مولوتوف و8 قنابل حربية، 2 منها لم تنفجر. كذلك، اندلع حريق في المحكمة الشرعية السنية والطوارئ.
في غضون ذلك، وقّع لبنان والبنك الدولي اتفاقية القرض لبرنامج الفقر ودعم شبكة الأمان الاجتماعيّ، وذلك خلال اجتماع عُقِد في السراي الحكوميّ برئاسة الرئيس دياب، ومدير دائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه.
وأوضح وزير الشؤون الاجتماعيّة رمزي المشرفيّة لـ»البناء» أنه «سيجري توزيع قيمة القرض البالغ 246 مليون دولار على العائلات الأكثر فقراً وحاجة في كل لبنان وهذا معزول عن برنامج المساعدات المعتمَد خلال قرار إقفال البلد بسبب كورونا»، ولفت إلى أننا «سنعتمد معايير موحَدة في التوزيع لكي لا يحصل تمييز بين العائلات لا سيما مستوى المعيشة والراتب وعدد أفراد العائلة ووضعها الصحي وغيرها»، وكشف أن «150 ألف عائلة لبنانيّة ستشملها هذه المساعدات بمبلغ 400 ألف ليرة لكل عائلة يبلغ عدد أفرادها خمسة وما فوق»، ولفت إلى أن «هذه المساعدة ستدخل حيّز التنفيذ فور توقيع المجلس النيابي على برتوكول اتفاقية القرض وإصداره بمرسوم».
في غضون ذلك، استمر السجال السياسي والإعلامي وحرب البيانات على محور بعبدا – بيت الوسط.
ورد المكتب الإعلامي للحريري على ما نقل عن عون في أحد المقالات الصحافية بالتأكيد على إصرار الرئيس المكلف على «حكومة الاختصاصيين و18 وزيراً ونقطة عالسطر».
في المقابل ردّ مكتب الإعلام في بعبدا بالإشارة الى أنّ «الرئيس المكلف من خلال ما جاء في ردّه، مصمّم على التفرّد بتشكيل الحكومة رافضاً الأخذ بملاحظات رئيس الجمهورية التي تجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، استناداً الى المادة 53 من الدستور. وهذه النقطة الاساس في كل ما يدور من ملابسات حول تشكيل الحكومة، خصوصاً انّ التفرد هو نقيض المشاركة». مضيفاً: «لن تكون هناك حكومة تناقض الشراكة والميثاقيّة والعيش المشترك الحقيقي، المبني على التوازن الوطني وحماية مرتكزاته».
وإذ من المتوقع أن يطلق المدير العام للأمن العام اللواء عباس ايراهيم جملة من المواقف خلال مقابلة تلفزيونية الاثنين المقبل يتناول خلالها الملف الحكوميّ وملف اللبنانيين المعتقلين في دولة الإمارات، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيقوم بزيارة ثالثة للبنان بعد التحقق من أمور أساسية، وأشار إلى أن «النظام اللبناني في مأزق بسبب الحلف بين الفساد والترهيب».
وعلى مقلب آخر، حذّر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من أن الوضع في لبنان صعب، ويمكن أن يتفاقم إن لم يتم تشكيل حكومة سريعة لأنه تنبغي استعادة الثقة». وتابع في حديث الى «فرانس 24»: لاستعادة الثقة هناك 3 ركائز: الاولى تتمثل بإعداد ميزانية مع عجز أقل، والثانية يجب التفاوض مع الجهات المُقرضة خاصة أن هناك قراراً حكومياً بعدم دفع الديون الدوليّة، وثالثاً: هناك إصلاح النظام المصرفي الذي بدأناه في المصرف المركزي، ورابعاً، علينا إخراج الليرة اللبنانية من هذه الأسعار الثلاثة الذي يتم الاستفادة من هوامشها من قبل عمليات المضاربة». وعن التدقيق الجنائي، قال سلامة: لم نكن أبداً ضد عملية المراجعة القضائية وقدمنا حسابات المصرف المركزي، لكن كان هناك عائق قانوني يتعلق بحسابات الحكومة والمصارف، وهنا كان ينبغي أن تتم مبادرة قانونية لتعليق او إلغاء السرية المصرفية»، لافتاً الى ان «هذا يبين أننا كنا على حق، وبعد ان تم ذلك ابلغ المركزي الحكومة أن كل الحسابات تحت تصرفها».
وفي تصريح يناقض كل الروايات المختلقة لاتهام سورية في تفجير مرفأ بيروت، نفى جورج حسواني رجل الأعمال السوري أي صلات له بالانفجار وقال لوكالة «رويترز» إنه لا يعرف شيئاً عن شركة «سافارو» التي لها صلة بعمليّة شراء شحنة الكيماويات التي انفجرت. وتابع: «أمارس حياتي الطبيعية وأضحك، لأنني إنسان يعرف تمام المعرفة أن لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بهذا الموضوع. لمَ القلق؟»”.
اللواء:
طرابلس تجنح إلى التهدئة.. والحل بالأمان الإجتماعي وليس بالبهوارات السياسية!
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة اللواء ” .. وفي اليوم الخامس، خرجت السلطة على النّاس، باجتماعات أمنية، وبيانات سياسية، حاولت القفز عن وقائع ما جرى، لا سيما في الليلة العاصفة.. الأشد دموية، والتي تركز العنف فيها على المؤسسات الرسمية والمحلية، والمنشآت المدنية والتربوية، كالبلدية، ودار الافتاء، والسراي الحكومي، ومؤسسات العزم التربوية، وسط مخاوف جدّية من انهيارات أمنية، لا تتوقف عند طرابلس أو صيدا أو بيروت، بل تمتد إلى كل لبنان، الذي يفتقد الحصانة السياسية، ممثلة بحكومة، شدّد على ان الحل بولادتها، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي أعلن في حديث لـ «العربية» انه سيقوم «بزيارة ثالثة إلى لبنان، بعد التحقق من أمور أساسية، معتبرا ان النظام اللبناني بمأزق بسبب الحلف بين الفساد والترهيب، مقترحا ضم المملكة العربية السعودية إلى أي مفاوضات، بشأن اتفاق مع إيران، مشددا على ان التفاوض مع طهران سيكون صارما جدا، لمنعها من حيازة السلاح النووي «فالوقت قصير جدا».
إذا، جنحت طرابلس إلى التهدئة، ومضت الطبقة السياسية، توزع النصائح، وتتوعد باحباط المخططات ،في وقت، تجوزت فيه الواقع المعيشي، البالغ السوء لأبناء طرابلس والشمال، وتناست المسؤولية المترتبة عليها، مع تجدد دعوة يان كوبيتش المنسق الأممي، الذي يقترب من مغادرة لبنان، بأن الحل تأليف الحكومة فوراً.لاحظت مصادر ديبلوماسية ان مواقف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تجاه تعثر تنفيذ المبادرة الفرنسية وتحميله الزعماء السياسيين مسؤولية هذا الفشل ونعتهم باوصاف لم يسبق ان قالها بحقهم منذ زيارته الاخيرة الى لبنان، تحمل في طياتها لاول مرة توصيفا دقيقا لمتسببي هذا التعثر وتقسيمهم الى فئتين ، فئة الفساد وفئة الترهيب،وهي المرة الاولى التي يتهم فيها المعرقلين بهذا التوصيف،الذي يصوب فيه بوضوح على الفاسدين من السياسيين المعروفين في حين ان ماقاله عن الترهيب يحمل في طياته الاشارة إلى من يملك مقومات الترهيب ويمارسه في الواقع السياسي اللبناني وفيه تصويب على حزب الله من دون ان يسميه لانه هو الجهة الوحيدة التي بامكانها ممارسة الترهيب بالسلاح ألذي تمتلكه دون الاطراف الاخرين.اما ماقاله عن التوجه الفرنسي الجديد للسير قدما في تشكيل الحكومة الجديدة ولو بمواصفات غير مكتملة فيحمل في طياته أكثر من تفسير ويطرح تساؤلات واستفسارات عن المقصود بهذا التعبير، وهل يعني صرف النظر عن حكومة الإنقاذ من الاختصاصيين والتوجه لحكومة مغايرة الشكل، قد تكون مطعمة من سياسيين واختصاصيين او سياسية صرفة او استثناء بعض الأطراف منها أو اي نوع من الحكومات المعنية، وهذا يتطلب ايضاحات من المسؤولين الفرنسيين بما يعنيه ماكرون من توصيفه للحكومة الجديدة بالتمام والكمال.
وفي السياق حول كلام ماكرون، قالت أوساط سياسية لـ «اللواء» أنه من المبكر التعويل على ما قاله الرئيس الفرنسي في ما خص الوضع في لبنان وأشارت إلى انه إلى حين تحريك الاتصالات الفرنسية بشكل فعال فإن الملف الحكومي يبقى من دون أفق في ظل الرد والرد المضاد بين بعبدا وبيت الوسط.
وأشارت ان لا معلومات محددة لدى المعنيين، عن أي اتصالات فرنسية جاهزة، باستثناء كلام الرئيس ماكرون بشأن استمرار مبادرته.
وقالت مصادر مطلعة لـ «اللواء» أن الرهان يبقى على أن يعي الرئيس المكلف دوره الكبير في تأليف الحكومة بالمشاركة والاتفاق مع رئيس الجمهورية وفق الدستور لإنقاذ لبنان، فلا يضع في رأسه أنه رئيس تكتل سياسي يريد ترؤس حكومة اختصاصيين ويضع يده على السلطة التنفيذية كما عليه أن يخفف من وتيرة الطموح أو أن يصارح رئيس الجمهورية بهواجسه وقيوده وعجزه عن التأليف.
وسط ذلك، وصف الرئيس فؤاد السنيورة المشهد اللبناني الراهن بحالة «من اللايقين الوطني» غير مبسوقة، حتى في أيام الحروب الداخلية، وبالتزامن مع انهيارات كارثية اقتصادياً مالياً وتعدياً ومعيشياً وصحياً ومؤسساتياً اقتصادياً، زادها تفاقما «الاستقصاء القائم في تشكيل حكومة جديدة» مما ينذر بفوضى اجتماعية عارمة وانهيار شامل.
الاشتباك الرئاسي
ووسط هذه الارباكات الأمنية والصحية، اندلعت مشكلة جديدة بعد الكلام المنسوب للرئيس عون في الزميلة «الاخبار» حول عملية تشكيل الحكومة والعروض التي حملها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري اليه، ورد عليها المكتب الاعلامي للحريري ببيان مفصّل عمّا جرى بينه وبين رئيس الجمهورية، وعاد المكتب الاعلامي للقصر الجمهوري ورد عليه، ما يعني مزيداً من التعقيد والتأخير في تشكيل الحكومة».
وقد اعتبر المكتب الاعلامي للرئيس الحريري «ان البلاد في وادٍ من المعاناة والأزمات والعهد القوي في وادٍ سحيق آخر من اللامبالاة والإنكار والتجني على الآخرين». وقال: «غاب عن فخامة الرئيس انه أودعني قائمة بمجموعة اسماء، اخترت منها وفقاً للاصول مجموعة من المشهود لهم بالكفاءة والاختصاص، نشر معظمها في المقال. كما غاب عن فخامته ان الحل الذي اعتمد لوزارة المال تم بالتوافق ولم يقع الاعتراض عليه من قصر بعبدا، بدليل ان الورقة التي سلمني اياها لاحظت تخصيص وزارة المال للشيعة».
اضاف مكتب الحريري: وفي المحصلة يستحسن العودة الى التأكيد اننا نطالب بحكومة من الاختصاصيين والقصر يريد حكومة من الحزبيين، والقطبة الخفية في هذا المجال لم تعد مخفية عندما يقول فخامة الرئيس في المقالة المنسوبة اليه « سايرناه في حكومة من 18 وزيراً. يبدو أنه لا يراها إلا كما يريدها هو. لن نتحدث من الآن فصاعداً إلا في حكومة من 20 بإضافة وزيرين درزي وكاثوليكي». وبالمختصر المفيد؛ لن تكون هناك حكومة الا من ١٨ وزيراً … ونقطة عالسطر».
ورأى المكتب «ان دوائر قصر بعبدا تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفية، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهورية صفة تمثيل اللبنانيين بمختلف اطيافهم لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة».
وحول ما نقل عن عون من ان الرئيس المكلف «اقترح كي تحصل الحكومة على الثقة في مجلس النواب، ينبغي صرف النظر عن التحقيق الجنائي. لأن الرئيس برّي ووليد جنبلاط لا يمنحان الحكومة الثقة في ظل التحقيق الجنائي»، قال مكتب الحريري: يبدو ان فخامة الرئيس نسي او تناسى ان مجلس النواب اقر التحقيق الجنائي في ٢٠ كانون الاول ووافقت عليه كتلة المستقبل الى جانب كتلتي الرئيس بري والوزير جنبلاط ، وربما نسي فخامته او تناسى ايضاً انه كان اول من بادر الى الاشادة بقرار مجلس النواب. وفي الحالتين يكون إن تناسى مصيبة وان نسي فالمصيبة اعظم.
ومساء، صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بيان أبرز ما جاء فيه: انّ البيان الذي صدر عن المكتب الاعلامي للرئيس الحريري احتوى على ردود مغلوطة ومعلومات في غير موقعها الحقيقي. وحرصاً على عدم الدخول في سجال لا طائل منه، نكتفي بالاشارة الى انّ الرئيس المكلف من خلال ما جاء في ردّه، مصمّم على التفرّد بتشكيل الحكومة رافضاً الاخذ بملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي تجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، استنادا الى المادة ٥٣ من الدستور. وهذه النقطة الاساس في كل ما يدور من ملابسات حول تشكيل الحكومة خصوصاً انّ التفرد هو نقيض المشاركة.
ورد المستشار الاعلامي للرئيس الحريري حسين الوجه على البيان وكتب عبر حسابه على «تويتر» قائلا: «تعقيباً على بيان القصر: رئيس الجمهورية مصمم على فرض معايير غير دستورية والعودة بالبلاد الى ما قبل الطائف. العهد القوي يعاقب نفسه نكاية بالدستور».
دعوة لتغيير السياسة الاميركية
وفي تطوّر لافت للانتباه، اصدرت «مجموعة الأزمات الدولية» تقريراً حول الوضع اللبناني دعت فيه الادارة الاميركية الى تغيير سياستها واولياتها تجاه لبنان، وقالت فيه: أن الصراع السياسي حول دور حزب الله تسبب بتكلفة، حيث عمّق الاستقطاب في البلاد وكذلك جعل الإجماع المحلي على حكومة جديدة وعلى الخطوات المطلوبة لإنقاذ الاقتصاد اللبناني أكثر صعوبة. لا يزال تشكيل الحكومة معطلاً حيث تستمر الأحزاب في الصراع على الحصص الوزارية، مع التركيز بشكل متزايد على الانتخابات البرلمانية والرئاسية في عام ٢٠٢٢. العقوبات الأميركية ضد حلفاء حزب الله والضغط الموجه لاستبعاد الحزب من السلطة التنفيذية يعقد هذه المهمة الصعبة بالفعل.
واعتبر «أنه علاوة على ذلك، فإن تشكيل الحكومة لن يكون هو الحل لخروج لبنان من الحفرة التي يجد نفسه فيها. من أجل الحصول على الدعم الدولي الذي يحتاجه، ومنع المزيد من تدهور مؤسسات الدولة، سيتعين على الحكومة الجديدة أن تسن إصلاحات مجدية تتطلب من اللاعبين السياسيين التخلي عن جزء من شبكات المحسوبية الخاصة بهم والسيطرة على تلك المؤسسات، التي تدعم سلطتهم».
وقال: أنه يجب على الولايات المتحدة أن تجعل هدفها الأول تقوية الدولة وتجنب انهيارها. إزاء هذه الخلفية، حان الوقت للولايات المتحدة لتغيير أولوياتها. وفي حين من الصعب تخيل أية إدارة أميركية تشعر بالارتياح تجاه دور حزب الله في لبنان، فإن ثمن التركيز الشديد على اضعافه قد يعني فشل الدولة، وهذا سيكون مروعًا للشعب اللبناني ومن شأنه زعزعة استقرار المنطقة برمتها. بدلاً من النظر إلى لبنان من منظور إضعاف حزب الله، يجب على الولايات المتحدة أن تجعل هدفها الأول تقوية الدولة وتجنب انهيارها. وبناءً على ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة أن تلقي بثقلها وراء الجهود الفرنسية لجمع اللاعبين السياسيين اللبنانيين، بمن فيهم حزب الله، في حكومة جديدة، وحشدهم حول الإصلاحات الأساسية.
وضع طرابلس
وحول تطورات طرابلس، وصفت مصادر متابعة لما جرى في المدينة من ترهيب امني وتعديات واستهداف للقوى الامنية والمؤسسات الرسمية والخاصة خلال الأيام الماضية، بانه رسالة سياسية واضحة المعالم والاهداف باسلوب الفوضى الامنية تحت جنح المطالب المعيشية والفاقة والعوز للمواطنين وذلك لممارسة اقسى الضغوطات الممكنة لتحقيق تنازلات ومكاسب في ملف تشكيل الحكومة الجديدة ، بعد ان باءت بالفشل كل محاولات الابتزاز والتعطيل المتعمد على مدى الاشهر الثلاثة الماضية لتحقيق هذه المكاسب تحت شعارات مزيفة وممجوجة. ولاحظت المصادر ان ملابسات ما حصل لا يمكن اخفاؤه او طمس معالمه لان الرسالة السوداوية ممهورة وواضحة المعالم وقد وصلت الى المعنيين ولكن بنتائج وتداعيات عكسية، باعتبار أن موجهي الرسالة هم أنفسهم المسؤولين عن تدهور الاوضاع ومسببي التردي المعيشي والاجتماعي للبنانيين، في حين لوحظ ان ممارسة مثل هذه الاساليب السوداوية لإيصال الرسائل السياسية من هذا النوع كاد ان يخرج عن السيطرة ويهدد بالتمدد إلى مناطق اخرى لو لم يتم تداركه بعدما انكشفت الجهات التي تحمي وتوجه المجموعات التخريبية.
ميدانياً، عاد التوتر الى طرابلس بعد تجمع عدد من المحتجين امام السرايا وبدأوا برمي الحجارة والمفرقعات بإتجاه السرايا بين الحين والآخر وردت القوى الأمنية باطلاق قنابل مسيلة للدموع، وتدخل الجيش اللبناني لإبعادهم بعد انتشار كثيف للجيش في كل ارجاء طرابلس وعند الشوارع الرئيسية والساحات.
كما انطلقت مسيرة باتجاه بلدية صيدا والسرايا للمطالبة بدعم الأسر الفقيرة في المدينة ودعما لحراك طرابلس. فيما تجمّع عدد من المحتجين أمام وزارة الشؤون الاجتماعية في بدارو للمطالبة بدعم الاسر الفقيرة.
وكان الوضع في طرابلس مدار مواقف سياسية من رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي وحكومة تصريف الاعمال ورؤساء الحكومة السابقين، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وشخصيات سياسية، وكذلك موضع متابعة من قادة الاجهزة العسكرية والامنية الذين اجتمعوا امس برئاسة وزير الداخلية محمد فهمي، وحضره قائد الجيش العماد جوزيف عون والمدراء العامين: للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ، لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ولأمن الدولة اللواء طوني صليبا ورئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود ومدير المخابرات العميد طوني قهوجي. وتم خلال البحث في الاوضاع الامنية المستجدة في المناطق اللبنانية عموما وفي مدينة طرابلس خصوصا.
واذ اعتبر فهمي ان ما حصل في طرابلس من اعمال تخريبية واعتداءات على الاملاك العامة واحراق مبنى البلدية لا يمت الى ثورة الجياع بصلة، أكد أن طرابلس ستبقى كما كانت بهمّة العاقلين من ابنائها عصية على الانجرار وراء العابثين بأمنها وأمن لبنان، وبعيدة كل البعد عن السماح لأيادي المغرضين بتخريبها.
وأكد، في حديث تلفزيوني، ان «ما حدث يوم امس في طرابلس هو عمل مموّل بخاصة الاسهم النارية والاسلحة النارية التي صوبت على القوى الامنية، ولا يمكن ان افصح عن مجريات التحقيق حالياً»، مشيراً الى ان «الهدف مما حصل يوم امس هو تفتيت ما تبقى من هيبة الدولة، والقوى الامنية تعمل على التحقيق مع الموقوفين، وقمنا اليوم (أمس) في عقد اجتماع امني من اجل تعزيز التنسيق بين الاجهزة العسكرية، والتعاون بين الجيش وقادة القوى الامنية مميز ولم يكن هناك من تواطؤ او تقصير بل نقص في العديد»، مشدداً على انه «كان لدى القوى الامنية معلومات تفيد بنية البعض بالدخول الى السراي في طرابلس من اجل احراقه من الداخل».
وعن زيارته السرية الى طرابلس بين فهمي انه «زار طرابلس علنا ولكن من دون ان اعلن عنها ولقد علم عنها رئيس الحكومة الاسيق نجيب ميقاتي وتوفيق سلطان، ولا اريد ان تفسر الزيارة ايضا بأنها شعبوية خاصة بظل هكذا ظروف، ولكن في نهاية المطاف سنعمل بكل قوة لمنع المس بهيبة الدولة».
المصدر: الصحف اللبنانية