رغم كل آلامه ومعاناته التي يصعب على معظم الاجساد تحملها فإنه لن يستسلم كما قال للمنار الأسير ماهر الاخرس المضرب عن الطعام بوجه ما يسمى الاعتقال الاداري.. بل هو ومن خضمّ حالته يطلق مواقف بمثابة حروف ذهبية تسجل في تاريخ العزة اذ يطالب احرار العالم أن لا يسمعوا إلا لصوت فلسطين الرافض للخضوع للإحتلال. هي حروف في زمن التطبيع تعني لنا: دعكم ممن نسي القضية منذ أمد بعيد ويتزلف اليوم للعدو فصوتهم الذليل لن يعلو فوق صوت العزة والكرامة..
معركة “الامعاء الخاوية” ضد الاحتلال هي معركة من نوع آخر تقول لنا كلما تكررت ، انه مهما اشتدت الصعاب هناك من لا يزال يجابه بوسائل مختلفة في معركة الحق والموقف وخاصة في وقت غاب الفعل بل حتى الموقف عن كثيرين في امتنا وانظمتها، التي نراها اليوم تعامت عن عذابات الفلسطينيين ولم يُسعفها ذلّها لإعلان موقف واحد من قضية الاخرس او الاسرى او طفل فلسطيني يعاني من غزة الى الضفة الى المخيمات..
الاسير الاخرس فيما هو يتحمل هول الوضع ومخاطر تصل حتى الموت بقي موقفه صلبا وارادته قوية، يعلّم العالم اجمع – كما تعلمنا من رفاقه الاسرى او ممن خاضوا هذه التجربة-، دروس الصمود الاسطوري ورفض المذلة للظلم او للاحتلال الذي يخرق القوانين كل يوم وساعة ومنها ما يسمى الاعتقال الاداري دون محاكمة والذي قد يستمر لسنوات.. الاسير ماهر الاخرس في معركة الامعاء الخاوية منذ اكثر من 3 اشهر يعلمنا الكرامة واعتماد اي وسيلة للوقوف بوجه غطرسة الاحتلال ورفضا لحياة وطعام ممزوج بالذل… صورة نراها مقابلة ومعاكسة لمن ارتضوا المذلة سواء من شعوب او انظمة.. وهو يقول للمنار اما “المهرولون نحو التطبيع هم الاذلاء” ليؤكد ان فلسطين لن تمحى وقضيتها حية بمختلف الاشكال حتى النصر، وأما الذين يشترون رضا الاميركي والصهيوني والحياة الهانئة الموهومة فهم خاسرون وها هي المقاومة واهلها ودول المقاومة تعطي نموذجا للصمود وعدم التراجع في الموقف رغم التضييق والحصار..
مسيرة الاسرى ومعاناتهم مع السجان الصهيوني طويلة ومعقدة وخرّجت العديد من الابطال ورفعت اسم العديد من الشهداء، والاسير الاخرس يعرف حقيقة الاحتلال جيدا ، هذا الاحتلال لم يرف له جفن طيلة 3 اشهر من مشاهدة معاناته ولكن هذا البطل استمر وهو يعرف ان الاحتلال ربما يرضخ محرجا وربما تسبقه الشهادة.. وكلنا نتمنى نصره على السجان..
الجيش الإسرائيلي اعتقل الاسير الاخرس اواخر تموز الماضي من منزله في سيلة الظهر قضاء جنين، وأصدر قراراً بتحويله للاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر وهو اسلوب اعتقال لا يتم خلاله توجيه تهم للمعتقل، وشرع الأخرس في إضراب عن الطعام منذ اليوم الأول لاعتقاله.
في 22 تشرين الاول قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ان الاسير الاخرس “دخل في مرحلة حرجة”، وحثت على إيجاد “حل يتجنب فقدان حياته”.
ودعا المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة مايكل لينك منذ ايام إسرائيل للإفراج فورا عن المعتقل الفلسطيني ماهر الأخرس في ظل تقارير تفيد بإصابته بحالة ضعف شديد في المستشفى، واحتمال إصابته بفشل عضوي كبير.
مايكل لينك قال إن القوات الإسرائيلية التي اعتقلت واحتجزت الأخرس لم تقدم أي أدلة مقنعة في جلسة استماع مفتوحة لتبرير ادعاءاتها بأنه يشكل خطرا أمنيا.
وقد رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا التماسه بالإفراج عنه ثلاث مرات، كان آخرها في منتصف تشرين الأول/أكتوبر. وقال لينك: “السيّد الأخرس الآن في حالة ضعف شديد، بعد أن ظل دون طعام لمدة 89 يوما. وتشير الزيارات الأخيرة التي قام بها الأطباء إلى سريره في المستشفى في إسرائيل إلى أنه على وشك الإصابة بفشل عضوي كبير، وقد يكون بعض الضرر دائما”. كما طالب لينك في بيانه “إسرائيل” بإنهاء ممارسة الاعتقال الإداري.
ونشير الى ان الأخرس البالغ 49 عاماً، اعتقل سابقا عدة مرات أولها عام 1989، والثانية عام 2004، ثم عام 2009، وفي 2018، ثم 2020، وهو هو أب لستة أبناء، وكان يعمل في الزراعة، وهو يعاني من ارتفاع في ضغط الدم.
بالارقام يوجد اكثر من 350 أسيراً يخضعون لأوامر اعتقال إدارية. وبالمجمل بلغ عدد الأسرى في العام 2020 خمسة آلاف بينهم 700 مريض منهم 10 مصابين بمرض السرطان .. الاحتلال المجرد من اي انسانية وقع ضحيته كثير من الاسرى.. فالعشرات من الاسرى استشهدوا في سجون الاحتلال ومنهم من توفي بسبب الامراض الخبيثة ولم يتم الافراج عنهم رغم مرور سنوات طويلة.. نذكر مثلا الأسير سعدي الغرابلي الذي توفي بعد 26 عاما في الاسر بمرض السرطان، ومنهم الأسير داوود طلعت الخطيب الذي كان يقضي حكماً بالسجن لمدة 18 عاماً تبقي له منها عدة أشهر، تعرض لجلطة قلبية ما أدى إلى وفاته في سجن “عوفر” الإسرائيلي. والأسير حسين حسني عطالله استشهد متأثرًا بإصابته بمرض السرطان، بعد إهمال طبي متعمد من الاحتلال. وتوفي مازن المغربي الأسير المحرر متأثرا بالمرض الذي أصابه أثناء وجوده في سجون الاحتلال الإسرائيلي..
وحسب معطيات نادي الأسير الفلسطيني استشهد 222 فلسطينيا في السجون الإسرائيلية منذ عام 1967، بينهم 73 بسبب التعذيب، و67 جراء الإهمال الطبي، و75 بالقتل العمد، و7 بسبب القمع وإطلاق النار المباشر عليهم.
المصدر: موقع المنار