توصلت دراسة جديدة إلى أن نسخة حديثة من علاج الوخز بالإبر قد يساعد في القضاء على نوع الالتهاب الخارج عن السيطرة، الذي يقتل العديد من مرضى فيروس كورونا.
ووجد علماء هارفارد أن الفئران المصابة بالعدوى البكتيرية، التي عولجت بالوخز بالإبر الكهربائية، لديها مستويات أقل من 3 أنواع رئيسية من السيتوكينات – بروتينات مناعية تسبب الالتهاب.
وأصبحت هذه البروتينات معروفة نسبيا خارج الطب، حيث اكتشف الأطباء أنها تبدو مسؤولة عن الالتهاب الغامر، الذي أدى إلى وفاة العديد من الأشخاص المصابين بـ”كوفيد-19″.
وشكّل خفض مستويات هذه السيتوكينات الالتهابية، هدفا رئيسيا لعلاجات “كوفيد-19”.
وكشفت الدراسة الجديدة أنه على الرغم من إصابة الفئران بنوع مختلف من العدوى، إلا أنها كانت أكثر عرضة للنجاة من مرضها بثلاث مرات نتيجة العلاج ببروتوكول الوخز بالإبر القاتلة للسيتوكين، مقارنة بالفئران التي لم تحصل على العلاج بالإبر.
وتشير النتائج إلى أن الوخز بالإبر قد يكون علاجا تكميليا مفيدا للالتهاب، إلا أنه ينبغي الحذر من استخدامه قبل إجراء اختبارات سلامة الإنسان.
ويمكن إرجاع الوخز بالإبر إلى فترة ما بين 600 قبل الميلاد و100 قبل الميلاد. ويعتبر من أقدم ممارسات الطب الصيني القديم.
ويقسم بعض الممارسين والمرضى به كعلاج لكل شيء، من الألم المزمن إلى عسر الهضم والصداع النصفي. ومن المفارقات، أن الادعاءات بفائدتها الواسعة ربما تكون ساهمت في سمعة الوخز بالإبر، على أنه شعوذة.
وأظهرت الدراسات السريرية نتائج متنوعة. واقترح البعض أن فوائد الوخز بالإبر تتلخص في تأثير “nocebo”، ولكن دراسة حديثة وجدت أنه مقارنة بالوخز بالإبر “الوهمي”، فإن المرضى الذين عولجوا بالإجراء الحقيقي حصلوا على راحة من عسر الهضم والانتفاخ.
وفي الولايات المتحدة، دُمج العلاج بشكل متزايد مع الممارسات الطبية الغربية، مع الانتقال من الطب “البديل” إلى الطب “التكميلي”.
ويهتم الدكتور تشفو ما، أستاذ علم الأحياء العصبي بكلية الطب بجامعة هارفارد، بالتعرف على كيفية قيام العلاج بتحفيز الجهاز العصبي وتغيير وظيفة الأعضاء، التي تتوافق مع “نقاط الوخز بالإبر” المختلفة – وهي مناطق من الجسم الخارجي توضع فيها الإبر بعناية تحت سطح الجلد.
كما أثار اهتمامه سلسلة من الدراسات التي اقترحت إمكانية استخدام الوخز بالإبر لتحفيز العصب المبهم، والذي يعمل كنوع من المنسق للشبكة الضخمة للجهاز العصبي اللاودي والدور المركزي في الاستجابة الالتهابية.
وفي الدراسة الجديدة، التي نُشرت في مجلة Neuron، تساءل الدكتور ما وفريقه، عما إذا كان الوخز بالإبر يمكن أن يساعد في مكافحة الالتهاب الناتج عن العدوى أيضا.
وعلى وجه التحديد، فحصوا التأثيرات المحتملة للوخز بالإبر على الالتهاب المرتبط بالإنتان، وهو مضاعفة تهدد البقاء نتيجة العدوى التي تصيب 30 مليون شخص في جميع أنحاء العالم و1.7 مليون في الولايات المتحدة كل عام.
ووضع فريق البحث إبرا كهربائية صغيرة أسفل جلد الأرجل الخلفية لكل فأر، حيث يخلق تيار كهربائي منخفض الدرجة يمر عبر الإبر تحفيزا دقيقا. ورأوا أن هذا قد أدى بالفعل إلى تنشيط العصب المبهم، ما أدى إلى إطلاق الدوبامين، وهو ناقل عصبي مضاد للالتهابات.
وأظهرت الحيوانات التي حصلت على هذا العلاج مستويات أقل من السيتوكينات في الدم.
ونجا زهاء 60% من الفئران المعالجة بالوخز بالإبر من العدوى، بينما عاش 20% فقط من الحيوانات غير المعالجة.
وظهرت تأثيرات الوخز بالإبر بشكل أكثر وضوحا عندما قُدّم التحفيز، قبل ظهور علامات عاصفة السيتوكين، ما أدى إلى تحسين معدل البقاء على قيد الحياة من 20 إلى 80%.
وقال الدكتور ما: “تمثل النتائج خطوة مهمة في الجهود الجارية، ليس فقط لفهم التشريح العصبي للوخز بالإبر، ولكن لتحديد طرق لدمجها في ترسانة علاج الأمراض الالتهابية، بما في ذلك الإنتان”.
ولأن الاستجابة الالتهابية مشابهة لتلك التي تظهر لدى مرضى فيروس كورونا، فقد يحصل الأشخاص المصابون بفيروس كورونا على الفوائد نفسها – على الرغم من أن فريق البحث يحذر من استخدامه قبل اختبار الوخز بالإبر على المزيد من الحيوانات والبشر.
المصدر: ديلي ميل