دخلت الحرب على سوريا المتعددة الاشكال مرحلة جديدة خلال الأيام القليلة الماضية بعد صدور ما سمي “قانون قيصر” الأميركي المتضمن مجموعة من الإجراءات أحادية الجانب رتبتها واشنطن لزيادة الضغط على الدولة السورية من خلال استهداف أميركي للشعب السوري بلقمة عيشه.
طبعا لا يوجد إجراء في العالم لتجويع شعب يمكنه أن يسمى بالقانون لذلك نستطيع أن نسمي “قيصر” بالتشريع وليس قانون باعتباره صادر عن مجلس الشيوخ الأميركي والرئيس ترامب بشكل مباشر. هذا ما بدأ به أستاذ العلاقات الدولية الدكتور بسام أبوعبدالله حديثه لموقع المنار خلال مقابلة خاصة لتشخيص قانون قيصر الأمريكي بحق سوريا، مضيفا أنه بالرغم من الترويج لهذا الإجراء على أنه يستهدف النظام السياسي في سورية إلا أنه في الواقع موجه لاستهداف الشعب السوري بغية تحقيق أغراض سياسية وفرض شروط.
كما أنه من الملاحظ خلال الحديث الأميركي عن هذا القانون ورود الكثير من الكلام السياسي و في أكثر من مرة ذُكرت إيران و روسيا، بمعنى أنه قانون سياسي كواحدة من أدوات الضغط الأميركي على الدولة السورية.
ويأتي أبوعبدالله على ذكر اللقاء الذي جرى في السابع من الشهر الجاري بين ترامب وممثلين عن الجالية السورية في الولايات المتحدة للحديث عن عدة شروط، وهنا يتبين أنه انتقال الى أحد أشكال الحروب وهي الحرب الاقتصادية كأداة ضغط .
وقبل الدخول في سبل المواجهة أكد ضيف الموقع أن أهم الآثار الأولية لقيصر بدأت بحالة من الهلع والتلاعب بأسعار القطع الأجنبي دون مبرر، وسبق ذلك إجراءات عديدة على مستوى الساحة اللبنانية من خلال حصر القطع الأجنبي باعتبار لبنان كانت متنفسا لسوريا واقتصادها، فأتى إغلاق كامل الحدود مع لبنان و العراق، لتقييد الحركة الاقتصادية في سوريا خاصة أن الحدود مع تركيا والأردن مغلقة أساسا.
أيضا ما يتعلق بموضوع أسعار الصرف لتحقيق الضغط على مستوى الاقتصادي خطوة شهدتها السوق السورية تكرست بارتفاع كبير و متسارع لسعر الدولار أمام الليرة السورية ناتج عن المضاربات في السوق السوداء مترافقا أيضا مع حملة إعلامية نفسية تديرها صفحات من الخارج، تعطي مؤشرات وهمية بالسعر تؤثر كثيرا على الحالة النفسية للمواطنين ما يزيد من حالة الهلع التي تتضاعف مع حملة الإشاعات المدارة من قبل الكيان الصهيوني بشكل مباشر.
وبالنظر إلى الشروط الأمريكية المفروضة من خلال “قيصر” فإننا نجد أنها ذات شروط التي أتى بها كولن باول عام 2003 مضافا إليها بنود جديدة تتعلق بالقضية الفلسطينية و صفقة القرن بغية تصفيتها، والآن محاولات تمرير ضم الضفة الغربية في فلسطين المحتلة من قبل الكيان الصهيوني تحت الضغط حيث يراد تقييد أطراف محور المقاومة بالتجويع لمنعها من اتخاذ أي إجراءات رادعة أو مؤثرة على هذه الخطوة.
أما إجراءات المواجهة من قبل الدولة السورية فهو امتصاص الصدمة في البداية ثم التأقلم وبعدها التعاطي الواقعي مع هذا الواقع الجديد ريثما تأخذ الإجراءات الحكومية مداها، لكن الواقع صعب جدا والتدهور السريع في سعر الصرف أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الأسواق و السلع بالنسبة للفئات الهشة والفقيرة وهي كثيرة في سوريا و هذا يحتاج إلى ضبط سريع خاصة أن الهدف الأساسي هو تجويع الشعب السوري الذي سبقه منع وصول القمح من المناطق التي تسيطر عليها ما تسمى بالإدارة الذاتية إضافة لمنع وصول النفط ما يزيد الضغط أكثر على الشعب السوري ويهيء لحرب التجويع التي نشهدها اليوم.
واشار الى ان سوريا لم تترك لوحدها وهذا ما جرى طوال سنوات الحرب عليها فلا بد أن هناك دور للأصدقاء لمساعدتها في هذه المواجهة بإجراءات ليس بالضرورة أن يعلن عنها.
كما نوه أستاذ العلاقات الدولية في حديثه إلى أن الجميع في هذه المرحلة مأزوم خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وما تشهده في الداخل، ليكون الوضع يشبه مرحلة عض الأصابع من جميع الأطراف. وفي ختام حديثه أشار الدكتور بسام أبو عبدالله إلى عمل يتم على مدار الساعة من قبل الدولة السورية مضافا إلى ذلك ما سيجري في تموز القادم من انتخابات ودور تشريعي جديد.
المصدر: موقع المنار