موجة جديدة لسيل الارهابيين في الشمال السوري نحو منطقة حلب وحماة، واجهها الجيش السوري بتعزيزات عسكرية وهجوم مضاد، بدأت تأتي ثماره في الميدان. ويبدو أننا أمام مرحلة جديدة من محاربة الإرهاب بعد هدوء وانحسار دام أربع سنوات، بعد تفاهمات دولية شهدتها المنطقة الإقليمية بضمانات خفضٍ للتصعيد أبرزها الضمانة التركية، وفق مسار “استانا”.
ولعل أبرز التساؤلات عما يجري في الشمال السوري، هو عن الدور التركي، بسبب العامل الجغرافي والتداخل في مناطق السيطرة بين التنظيمات التكفيرية والقوات المسلحة التركية، بالإضافة لما قدمته حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من تعهدات لضبط تلك التنظيمات، ووقف أي تحرك من شأنه إشعال البلاد من جديد والعودة إلى مربعات الإرهاب.
وللإضاءة على هذا التطور الأبرز في سوريا، منذ عام 2020، أجرى موقع قناة المنار لقاءً مع اللواء الدكتور حسن أحمد حسن الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، ليتحدث عن المشهد ويوضح عدداً من النقاط المترابطة التي تأخذ تبنى عليها التطورات.
بداية ومن المنطلق الاستراتيجي، يتحدث اللواء حسن حول الإطار العام لآخر المجريات في المنطقة ككل، وشدد على أن أولى نقاط الارتكاز لتجدد الأحداث في الشمال السوري، تأتي أمواجها من الهزيمة المركبة للكيان الصهيوني، مشيراً إلى التهديد الأخير على لسان رئيس حكومة الاحتلال بينامين نيتنياهو ضد سوريا.
كما انتقل ضمن السياق إلى حديث لخص فيه طريقة انطلاق الهجوم الإرهابي في شمال سورية واتساع الجبهة، إضافة إلى الأسلحة المستخدمة، ليربط ذلك مع المشغلين الدوليين والإقليميين.
ولفت اللواء حسن إلى أن أحد أهم أسباب دخول المسلحين المفاجئ إلى مناطق في حلب، هو تقليص عدد النقاط العسكرية للجيش السوري، بعد التفاهمات الكبرى واختفاء فكرة أن تعود المعارك الكبرى كما حدث حتى عام 2020.
وتحدث اللواء حسن عن مكونات المشهد من ضخ إعلامي بهدف كي الوعي والتأثير على الجمهور إضافة لطبيعة الهجوم، مشيراً إلى الإجراء التكتيكي للجيش السوري بإعادة الانتشار والتموضع، والذي روج له على قنوات الإرهابيين وبعض وسائل الإعلام بصورة سلبية. وأكد ان هذا الاجراء هو طبيعي في سياق المعركة، ليتمكن الجيش من استعادة زمام الأمور والبدء بالهجوم العكسي، وهذا ما شهدته الجبهة الشمالية لسورية منذ صباح اليوم، وتكرس باستعادة السيطرة على عدد من المناطق والقرى التي دخلها الإرهابيون.
وبما خص الوضع الاقليمي، فهناك سلسلة من القرائن المهمة، أبرزها تنصل قادة تركيا وأميركا من هذا الفعل الإرهابي أو المعرفة به، وهنا يفتح إمكانية تعامل الجيش السوري معه أكثر أريحية.
كما يشير اللواء حسن إلى أن تصنيف هذه التنظيمات ارهابية من مجمل دول الإقليم، وبالتالي هذا يفتح المجال للحراك السياسي، والذي قادته دمشق فعلاً على أكثر من جهة، خصوصاً بعد الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأسد ورئيس الحكومة العراقية بالإضافة إلى رئيس دولة الامارات.
ويختم اللواء بالوصف الواقعي لقدرة الإرهابيين على العمل وإحداث الأذى والضرر، لكن بالمقابل فإن التعويل على الخبرة المتراكمة للجيش السوري في حرب المدن التي خاضها خلال سنوات سابقة في محاربة الإرهاب.
الجيش السوري يؤمن عدداً من المناطق في حماة ويتصدى للمسلحين في حلب
ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع السورية، اليوم الأحد، أن وحداتها قامت بتأمين عدد من المناطق في حماة وتتصدى للتنظيمات الإرهابية. وقال مصدر عسكري سوري في بيان: “قامت وحدات من قواتنا المسلحة العاملة على اتجاه ريف حماة الشمالي خلال ليلة أمس بتعزيز خطوطها الدفاعية بمختلف الوسائط النارية والعناصر والعتاد، وتصدت للتنظيمات الإرهابية ومنعتها من تحقيق أي خرق”.
وأضاف بيان الدفاع: “تمكنت قواتنا المسلحة من تأمين عدد من المناطق بعد طرد الإرهابيين منها، أهمها قلعة المضيق ومعردس حيث قضت على العشرات منهم ولاذ بقيتهم بالفرار”.
بالفيديو | مشاهد من عمليات الجيش السوري في حماة
وأرسلت قوات الجيش السوري تعزيزات ضخمة إلى مدينة حماه وعززت مواقعها في محيط المدينة وجبل زين العابدين المطل على المدينة من جهة الشمال. وبالتزامن، رد الجيش السوري على خروقات الجماعات المسلحة لوقف إطلاق النار في ريف حلب الغربي، وكبده خسائر بشرية وعسكرية كبيرة.
بالفيديو | مشاهد وزعها التلفزيون السوري من منطقة السلمية بريف حماة
وأوضح مصدر ميداني بريف حلب الغربي، أن الليلة الماضية شهدت تصعيداً عسكرياً من جانب المسلحين، التي أطلقت قذائف مدفعية باتجاه نقاط تمركز الجيش السوري في الفوج ٤٦ ومحيط بلدات أورم الصغرى وأورم الكبرى وعنجارة، في مسعى لإشعال المنطقة الحيوية وزعزعة الاستقرار فيها.
وقال المصدر إن استهدافات مدفعية الجيش العربي السوري المكثفة، عقب اعتداءات المسلحين، شمل مصادر إطلاق النار من التنظيم الإرهابي في محيط كل من تقاد ومكبيلس وكفر عمة وكفر تعال والقصر والأتارب، حيث سمع دوي القصف والانفجارات في مواقع الفرع السوري لتنظيم القاعدة في مدينة حلب، بعد منتصف الليلة الماضية.
بالفيديو | مشاهد من مدينة حماة وسط سوريا
وأشار إلى أن قصف الجيش السوري، طال خطوط إمداد التنظيمات الإرهابية في محيط مدينة دارة عزة، على بعد ٤٠ كيلو متراً غرب حلب، وخصوصاً محور الفوج ١١١ شرقي المدينة. وأكد المصدر أن الجيش السوري حقق إصابات مباشرة في تجمعات وحشود الإرهابيين على امتداد محاور ريف حلب الغربي، وقتل وجرح أعداداً كبيرة منهم.
والأربعاء الماضي، شنّ تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي، هجومًا عنيفًا على نقاط الجيش السوري في أرياف محافظات حلب وحماة وإدلب السورية، حيث سيطر على عدد من المناطق. وتقوم قوات الجيش السوري بهجوم معاكس وتمكنت من استعادة عدد من النقاط.
الرئيس الأسد: الارهاب لا يفهم إلا لغة القوة
وشدد الرئيس السوري بشار الأسد على أن الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة وهي اللغة التي سنكسره ونقضي عليه بها أياً كان داعموه ورعاتُه. منوّهاً إلى أن الإرهابيين لا يمثلون لا شعباً ولا مؤسسات يمثلون فقط الأجهزة التي تشغلهم وتدعمهم.
موقف الرئيس الأسد جاء خلال اتصال هاتفي مع القائم بصلاحيات الرئيس في جمهورية أبخازيا بادرا غومبا، أكد خلاله وقوف بلاده مع سورية في كل ما تواجهه من هجمات إرهابية منظمة، معتبراً أن النصر يقف إلى جانب سورية دولةً وشعباً وقيادةً.
صباغ ونظيره العراقي يبحثان هاتفياً الهجوم الإرهابي في شمال سورية
وبحث وزير الخارجية السورية بسام صباغ خلال اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، خلاله التطورات الجارية في سوريا في ضوء الهجوم الإرهابي الذي شنته جبهة النصرة “هيئة تحرير الشام” الإرهابية في شمال سوريت.
وشكر الوزير صباغ نظيره العراقي على موقف بلاده الداعم لسورية ولسيادتها ووحدة أراضيها، وثمن جهود العراق بمساندة سورية في الحرب ضد الإرهاب، مشيراً إلى أن هذه الهجمات الإرهابية تهدف إلى نشر الفوضى وتقويض الأمن والسلم في المنطقة.
وبالتزامن، تلقى الوزير صباغ اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي؛ ناقشا خلاله تداعيات الهجمات الإرهابية في الشمال السوري.
ونقل الوزير صباغ نقل للوزير الصفدي تطورات الأوضاع في سورية، مشيراً إلى عزم وتصميم الدولة السورية على حماية شعبها والقضاء على الإرهاب بكل أشكاله، بما يضمن استعادة الأمن والاستقرار لكل الأراضي السورية.
من جهته أشار الوزير الصفدي إلى أن الأردن يتابع بقلق هذه التطورات، مشدداً على وقوف المملكة إلى جانب سورية الشقيقة وسيادة ووحدة وسلامة أراضيها، وتخليصها من الإرهاب ورفض كل ما يهدد أمنها واستقرارها. واتفق الوزيران على استمرار التواصل بينهما حول الجهود الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار.
المصدر: موقع المنار