أخذ إرسال ناقلات مشتقات النفط الإيرانية إلى فنزويلا حيزا هاما من الاهتمام الدولي، واتت الخطوة بعد فترة من خروج شركة النفط الروسية “روسنفط” من فنزيلا البلد الحليف لروسيا. هذا الخروج اثار سلسلة تساؤلات، فكان لا بد من الوقوف عند بعض الوقائع التي تسلط الضوء على أسباب تخلي روسيا عن استثماراتها في مجال تنقيب واستخراج النفط الفنزولي.

باعت شركة “روسنفط” الروسية العملاقة حصص مستثمريها للدولة الروسية بعد فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على احدى فروع الشركة في هولندا، أي أن الخطوة أتت ضمن حرب النفط العالمية التي أيقظتها واشنطن و زجت حلفاءها في فصولها.  و بات استخراج النفط في فنزويلا غير مجد و غير مربح.

فقد كثفت الحكومة الأمريكية في الآونة الأخيرة الضغط على حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وفي هذا الإطار و ضمن سياسة عض الأصابع في حرب النفط مع روسيا فرضت عقوبات على شركتين تابعتين لروسنفط المتمركزتين في سويسرا – روسنفط تريدينج وتي إن كيه تريدينج إنترناشيونال –. وقالت واشنطن إن هاتين الشركتين وفرتا لشركة النفط الفنزويلية  شريان حياة من خلال عملهما كوسيطتين لصالح شركة النفط الفنزولية.

تمتلك شركة روسنفط – غاز الحكومية ما يزيد عن 50% من رأس مال روسنفط التي يسيطر عليها الكرملين. والمساهمون الدوليون هم بي بي أل البريطانية التي تبلغ نسبة أسهمها 19.75 % و كيو أتش أويل أنفستمنت أل أل سي القطرية  التي تمتلك 18.93 %. المساهمون قرروا الإنسحاب من فنزويلا و تحويل استثماراتهم لكيان مملوك لموسكو ضمن روسنفط التي يرأسها إيغور سيتشين المقرب من الرئيس بوتين، و بذلك نقلوا المخاطر المرتبطة بنشاط الشركة في فنزويلا إلى الحكومة الروسية. من ناحيتها بادرت شركة روسنفط إلى تحويل النفط الفنزويلي إلى المصافي الصغيرة في الصين و الهند.

كلفة استخراج النفط الفنزويلي في ظروف إنعدام الصيانة و غياب الإستثمارات الأجنبية ارتفعت ل 27 دولار للبرميل بينما تبلغ 8 دولارات للبرميل في المملكة السعودية. وأتى إمداد فنزويلا بالنفط الإيراني في الوقت المناسب لشركة النفط الإيرانية المملوكة للدولة التي تجهد في إيجاد سوق و منفذ لتصدير نفطها و مشتقاته أو تخزينه داخل و خارج إيران. بالمقابل ساهم الامداد في تخفيف النقص الحاد في الوقود في فنزويلا المتفاقم بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على هذا البلد منذ كانون الثاني/يناير 2019.

وفي  مؤشرعدم تغيير سياسة موسكو تجاه كراكاس وجود معلومات يجري تداولها حول دور دعم عسكري روسي لإحباط محاولات إنقلابية و تآمر على حكومة كراكاس الشرعية.  روسيا لم تخف دعمها العسكري و تعاونها التقني العسكري مع فنزويلا وهي قد أمنت قرضاً ميسراً لكراكاس بقيمة عشرة مليارات دولار خلال الأعوام الماضية لشراء المعدات العسكرية إضافة لتسريبات تفيد عن تواجد قوات خاصة روسية كان لها دور أساسي في صد الهجوم القادم من كولومبيا.  وأفادت السلطات الفنزولية أنها أحبطت توغل مجموعات كولومبية مرتزقة (من الطبيعي أنها مدعومة من واشنطن) تآمرت للقيام بإنقلاب في البلاد ومحاولة إغتيال الرئيس الفنزولي نيكولاس مادورو. و جاء في تصريح ضابط الإستخبارات المركزية الأميركية السابق فولتون أرمسترونج المختص في شؤون أميركا اللاتينية وهو من كبار محللي الإستخبارات الأميركية، أن الولايات المتحدة قد وفرت حوافز ودعما لهذا النوع من العمليات.

وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف كان قد أفاد بعد تلك الأحداث في رد على سؤال حول إتهام الإعلام الأميركي لروسيا بتقديمها الدعم اللوجستي العسكري للرئيس الفنزولي مادورو، أن بلاده ودولا أخرى تقدم الدعم الإنساني لفنزويلا بما في ذلك تأمين الدواء، أما فيما يتعلق بأشكال التعاون الأخرى للإجابة على هذا السؤال حول التحقيق في توغل مجموعات المرتزقة والهجوم الإرهابي للتخريب و بهدف الإطاحة بالرئيس الشرعي فإن الأجهزة المختصة في البلدين روسيا و فنزويلا على إتصال دائم، وفي حال كان هناك طلب رسمي من الحكومة الفنزولية للمساعدة فإنه في مثل هذه الحالات بالطبع يتم النظر فيها.

أي أن روسيا أبقت طبيعة تعاونها العسكري ودعمها في إفشال الإنقلاب على الحكومة الشرعية مبهماً مع الإشارة إلى عدم وقوفها موقف المتفرج في مواجهة قلب نظام شرعي حليف بالقوة. والدور الإيراني والخطوة الجريئة التي قامت بها الجمهورية الإسلامية في تحدي الغطرسة الأميركية تأتي متناسبة ومتناغمة مع الدور الروسي في فنزويلا وليست بديلاً عنه كما بدا للبعض.

المصدر: موقع المنار