يوم اجتاحت التكنولوجيا كلّ المجالات لا سيّما العلمية والعملية، تنّفس المهتمّون بالشؤون البيئية الصّعداء، فبطلت موضة الأوراق واختفت معها مخلّفاتها الملوّثة، لكنّ الواقع مختلفٌ تماماً لأنّ التكنولوجيا ليست نظيفة لمجرّد أنها لا تبعث دخاناً، بل أنّ الثمن البيئي لكل ثانية تستخدم فيها التكنولوجيا بات باهظاً على الصحة والمناخ. فأيّ آثارٍ تتركها رسائلنا وصورنا وتغريداتنا على البيئة؟
أشارت الدراسات العلمية سابقاً إلى أنّ نسبة استهلاك الطاقة عند استخدام الإنترنت مواقع الكترونية، رسائل نصية، صور… شكّلت 0.8% من الإستهلاك العالمي عام 2005، و2% عام 2012 وتتضاعف عاماً بعد عام. فتوقّعت هذه الدراسات أنّ مستوى استهلاك الإنترنت سيبلغ عام 2030 المستوى نفسه الذي استهلكه العالم بجميع قطاعاته عام 2008.
ووفق الإحصائيات، يتمّ تبادل 7447 تغريدة كل ثانية، وتحميل 757 صورة على إنستغرام وحده، وتجرى 2389 مكالمة على سكايب فقط، وتجري أكثر من 57 ألف عملية بحث على غوغل، ويُشاهد أكثر من 67 ألف شريط فيديو، وتُرسل أكثر من مليوني رسالة إلكترونية.
علمياً، هذه الأرقام تعني أنّ مستخدمي الإنترنت مسؤولون عن حوالى 50% من الغازات المسببة للإحتباس الحراري المنبعثة من الإنترنت، والتي تخطّت الكميات المنبعثة من حركة الطيران العالمية بمجملها.
نقلاً عن الموقع الرسمي لوزارة البيئة في مقاطعة كيبيك الكندية، كلّ مستخدم للإنترنت ينتج سنوياً 200 كيلو غرام من الغازات المسببة للإحتباس الحراري ويستهلك ما يقارب 3000 ليتر ماء. لفهم السبب، لا بدّ من الحديث عن مراكز البيانات وطرق عملها.
مركز البيانات أو الـ “Data center” هو مركز ضخم مكوّن من العديد من الخوادم الضخمة ومزودات الطاقة الأساسية والإحتياطية، وغالباً يكون في مبنى خاص مجهّز بأجهزة إطفاء الحرائق وتنظيم للكهرباء ومواصفات أمنية عالية، يتمّ فيه تخزين البيانات ومعالجتها. أيّ أنّ كلّ المواقع الموجودة في الإنترنت تكون موجودة ومحفوظة على خادم موصول بشبكة الإنترنت.
تعمل هذه المراكز 24 ساعة على مدى 7 أيّام دون انقطاع، فتستهلك ما يقارب 1.4 من الطاقة الكهربائية في العالم ، وتخصّص 40% منها لأجهزة التبريد في المكان منعاً لحدوث أيّ حريق.
تشير الدراسات أيضاً إلى أن كل مركز مساحته 10.000 متراً مربّع يستهلك الطاقة ذاتها المستهلكة في مدينة يسكنها 500.000 مواطن.
وبالتالي عند إرسال أي رسالة، خصوصاً إذا كانت تحمل صوراً أو شرائط فيديو، تتسبب بانبعاث 19 غرام من غاز ثاني أوكسيد الكاربون وتخزينها يسبب انبعاث 10 غرام أخرى، مع الأخذ بعين الإعتبار أنّها تخزّن في مركزي بيانات مختلفين منعاً لحدوث أيّ خلل.
ووفق وكالة البيئة وإتقان الطاقة الفرنسية، فإنّ كلّ مستخدم في شركة يتلقّى 58 رسالة ويرسل 33 رسالة يومياً، أي أنّ شركة فيها 100 موظّف تتسبب بانبعاث 13.6 طن تقريباً من ثاني أوكسيد الكاربون، أي ما يعادل 13 رحلة سفر ذهاب- إياب من باريس إلى نيويورك.
المصدر: الميادين