ألقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب خطبة الجمعة في مسجد لبايا – البقاع الغربي، استهلها بالحديث عن “ضرورة استمرار معاني عاشوراء سلوكا وموقفا في مواجهة الظلم والفساد والانحراف”، مستعرضا “الدور الريادي الذي لعبه الشباب في كربلاء الذين أعاروا جماجمهم لله واظهروا أسمى آيات الشجاعة مع علمهم المسبق بأن النصر بعيد المنال وهم مقتولون لا محالة، ففي كربلاء عبر اصحاب الحسين من الشباب عن عشقهم للشهادة بما شكل استثناء في الامة، يكشف عن خلل في الرؤية السياسية للمجتمع وسوء فهم للدور الريادي للشباب، اذ ارادت السلطة السياسة آنذاك تضليل عنصر الشباب وحرفه عن دوره الرسالي”.
واكد الشيخ الخطيب “أهمية تحصين الشباب بالعلم والمعرفة والايمان ليكونوا نواة اساسية في اصلاح المجتمع وبناء الاوطان، فهم ثروة الامة الحقيقية وأمل الحاضر والمستقبل الذي نعول عليه في النهوض الانمائي والاقتصادي والوطني، أسوة بما حققته دول متقدمة في بناء اقتصادها وازدهارها باعتمادها على الشباب، ولا سيما ان الغزو الثقافي الاستعماري يستهدف عنصر الشباب في حملاته الخبيثة وترويجه للرذائل وانتاجه لبرامج اعلامية وثقافية واعلانية تنشر الفساد وتشجع على الادمان على المخدرات والاستغراق في اللهو. من هنا فاننا ندعو الى تعميم ثقافة رسالية ترتكز الى القيم الايمانية والاخلاقية تحصن الشباب في مواجهة العولمة الثقافية والاعلامية، وعلى الدول العربية والاسلامية ولبنان في طليعتها، الاهتمام والعناية بعنصر الشباب من خلال توفير فرص العمل وتأمين كل مقومات الابداع والابتكار لاطلاق الطاقات الشابة ودعمها لتحقق النفع العام للمجتمعات والاوطان”.
ورأى “ان لبنان ومحور المقاومة مستهدفان بحصار استعماري جائر يفرض عقوبات اقتصادية على دولنا وشعوبنا بغية اخضاعنا واضعاف بيئة المقاومة بتجويعها وتهديدها في لقمة عيشها حتى تتخلى عن المقاومة وتذعن لارادة المستعمر الجديد الذي يريد اخضاعنا لمشروعه، وما يتعرض له لبنان من قرارات اميركية جائرة بفرض عقوبات على مؤسسات واشخاص ومصارف يؤكد من جديد ان اميركا الداعمة للكيان الاسرائيلي في ارهابه وعدوانه، تعمل بعكس ما تدعيه من سعي لترسيخ الاستقرار في لبنان”.
وقال “من هنا لا نستطيع ان نفهم القرار الاميركي الجائر بفرض عقوبات على مؤسسات مصرفية وكيانات وشخصيات لبنانية الا بوصفه انهاكا وارباكا للاقتصاد الوطني، وهو يندرج في الاطار السياسي ويدحض ادعاءات الادارة الاميركية بالحرص على مصلحة لبنان وشعبه، وهنا نسأل الحكومة اللبنانية عن موقفها ازاء هذه القرارت التي تضر بوطننا وتهدد الاستقرار الاقتصادي”.
اضاف “نحن اذ ندعم خطة الطوارىء الاقتصادية التي أجمع عليها اللبنانيون في اجتماع بعبدا، شريطة ان تجنب المواطنين اعباء ضرائبية جديدة ولا ترهقهم باجراءات تطال الفقراء واصحاب الدخل المحدود منهم، فاننا ندعو الحكومة الى الاسراع في تنفيذ الخطة الاقتصادية بما ينعش الاقتصاد الوطني ويثبت سعر النقد اللبناني ويحرك الدورة الاقتصادية ويحصن الاقتصاد اللبناني في مواجهة العقوبات والحصار ومحاولات استهدافه. وعلى اللبنانيين ان يوفروا شبكة أمان سياسي تحمي الاستقرار المعيشي وتزيل التشنجات السياسية ما يستدعي اقلاع السياسيين عن المناكفات والسجالات العقيمة التي تنمي الاحقاد وتعيق مسيرة الاستقرار التي ندعمها وندعو الى تحصينها بالتضامن الوطني والتعاون بين مختلف المكونات السياسية”.
واكد الشيخ الخطيب “ان اسرائيل كانت ولا تزال مصدر الخطر ومنطلق الشر الذي يتهدد وطننا ومنطقتنا، وعلى جميع اللبنانيين ان يجندوا انفسهم للدفاع عن وطنهم والتمسك بالمعادلة التي حفظت لبنان وشعبه وحررت أرضه ووفرت الاستقرار له. ونحن نؤكد من جديد ان اسرائيل شر مطلق والتعامل معها حرام كما تعلمنا من الامام السيد موسى الصدر، وندعو اللبنانيين الى ابقاء ذاكرتهم مفتوحة على السجل الارهابي الحافل بالمجازر والجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في لبنان والدول العربية. من هنا نعتبر ان عملاء اسرائيل شركاء لها في اجرامها وارهابها، ولا يمكن ان تصبح العمالة وجهة نظر ونحذر من التعامل مع اي عميل خارج الاطر القانونية والوطنية والاخلاقية وفاء لدماء شهدائنا وصونا لوطننا وحفظا لتاريخنا”.
واستنكر “بشدة الغطرسة الاسرائيلية المتمادية لرئيس حكومة العدو باعلان ضمه أراض في غور الاردن والضفة الغربية الى كيانه الغاصب في عدوان جديد يتحدى من خلاله المجتمع الدولي والقرارات الاممية، ونحن اذ نحمل الكيان الغاصب تبعات هذا القرار نطالب الشعوب والدول العربية والاسلامية باتخاذ موقف حازم يتجاوز بيانات الادانة والاستنكار ويرتقي الى تضحيات الشعب الفلسطيني البطل المطالب بالقيام بانتفاضة جديدة ينخرط فيها كل فصائل وقوى الشعب الفلسطيني لان الاحتلال لا يفقه الا لغة المقاومة التي أثبتت التجارب انها السبيل الوحيد لتحرير الارض وانقاذ المقدسات”.
وتقدم الشيخ الخطيب بتعازيه الى “المسلمين والمرجعيات الدينية والشعب العراقي بشهداء كربلاء الذين قضوا في احياء مراسم اليوم العاشر من محرم”، متمنيا للجرحى الشفاء العاجل، مؤكدا ان “احياء المراسم العاشورائية عمل ايماني يجسد احياء الشعائر الدينية التي تجدد الايمان وترسخ القيم والمفاهيم الايمانية لتكون مدارس نتعلم منها الصلاح والفلاح والتزام نهج الحق في مواجهة الشر والباطل، من هنا فاننا نشجب بشدة التعرض للمواكب الحسينية في نيجيريا وباكستان وغيرها، ونسأل الله ان يتغمد شهداء الامام الحسين برحمته الواسعة ويحشرهم مع الحسين وصحبه، ونعتبر هؤلاء الابرار أحياء عند ربهم يرزقون، فهم قضوا على ايدي عصابات ارهابية مجرمة تنهل من فكر تكفيري لا يفقه معنى الايمان ولا حقيقة الاسلام الذي أرسى اهل البيت دعائمه”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام