أجمعت وسائل الإعلام، على اعتبار المقابلة مع سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، على قناة المنار مساء يوم الجمعة الماضي، أنها تاريخية، ليس فقط لأن لشهر تموز رمزيته في الإنتصارات التي حققتها المقاومة، بل لأن الواقع الميداني الإقليمي، جعل تلك السُبابة القيادية التي كانت ترتفع بوجه العدو تحذيراً من ارتكاب الحماقات، وتُشغِل خبراء لغة الجسد الإسرائيليين في تحليل حركتها،هذه السُبابة نَزِلت في جولةٍ على خارطة الكيان الصهيوني، تُشرِّح ميدانياً، وتشرح الواقع الجغرافي والإنتشار الحيوي للبُنى التحتية الإستراتيجية لديه، وتُحدِّد بنك أهدافٍ محتمل في حال ارتكاب هذا العدو أية حماقة.
واستخدام السيد نصرالله للخارطة، جاء من قبيل الإسهاب المطلوب في شرح الواقع المأزوم للكيان الغاصب، خاصة في الشريط الساحلي الذي لا يتعدى 60 كلم طولاً ونحو 20 كلم عرضاً، حيث تتواجد البُنى التحتية على خارطة مُحدَّدة لأهم منطقة حيوية للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، من مناطق صناعية الى إنتاج وتوليد الكهرباء الى مرفأ حيفا ومطار بن غوريون ومدينة تل أبيب ذات العصب الإقتصادي، إضافة الى المؤسسات والمرافق الحكومية ومنها وزارة الحرب، حيث اشار الى قدرة الصواريخ الدقيقة للمقاومة ان تطال هذه الاهداف في هذه المساحة التي لا تتعدى 1200 كلم مربع.
الأمور مفتوحة على كل الإحتمالات ازاء اي عدوان، وسماحته لم يستبعد الحرب في الجليل برياً واستهزأ بكلام اسرائيل انها ستعيد لبنان الى العصر الحجري فهذا الكيان الصهيوني لا يعرف ماذا ينتظره.
لا نحصُر مقالتنا بالجانب العسكري الميداني، لأن استبعاد السيد نصرالله وقوع حربٍ بين أميركا وإيران، هو من الواقعية التي تجمع بين خوف أميركا من التورُّط في الخليج، وحسابات إسرائيل من الورطة نفسها في لبنان، لكن إيران أكملت جهوزيتها لتضرب بكل طاقاتها وجيشها وصواريخها وقدرتها العسكرية الجيش الاميركي وقواعده في المنطقة، بما فيها تلك المنتشرة في بلدان الخليج وصولاً الى إسرائيل كونها جزءا من منظومة العدوان الأميركي، وإسرائيل هذه، ستدفع باهظ الأثمان، سواء في حربٍ إقليمية أو في حال ارتكبت حماقة مع لبنان، لأن جهوزية المقاومة في لبنان تطوَّرت منذ العام 2006 كما لا تتوقَّعه إسرائيل وسواها، ومنهجية تطوُّر ومناورات الجيوش النظامية المكشوفة، لا تنطبق على حركات المقاومة التي تعتمد السرِّية وتمتلك عناصر المُفاجأة.
بنيامين نتانياهو المُتعثِّر إنتخابياً وحكومياً وقضائياً بكل ملفات فساده، ونقرأ له مع الكاتب الإسرائيلي “يهودا شوخات” في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت منذ أيام: “المظاهرات العارمة التي تشهدها إسرائيل في الأيام الأخيرة مع اليهود من ذوي الأصول الأثيوبية، وقبلها الاحتجاجات التي يقوم بها اليهود الحريديم، وقبلهما الاعتداءات التي يتعرض لها العرب من الشرطة الإسرائيلية، كل ذلك يفرز أمامنا حالة من التفكك الاجتماعي والتفسخ الداخلي في إسرائيل”.
نتانياهو الذي اكتشف منذ أيام أن الشعب الفلسطيني تعود أصوله الى الجنوب الأوروبي ونزح الى “إسرائيل”، كيف له أن يواجه من استوردهم من أثيوبيا ومنحهم الجنسية الإسرائيلية من الدرجة الثالثة، وباتوا اليوم أكثر من مئة وخمسين ألف قنبلة موقوتة في الداخل الإسرائيلي، يُضاف إليهم عشرات الآلاف من اليهود الشرقيين الذين يُعتبرون ضمن الدرجة الثانية بالمقارنة مع اليهود الغربيين؟
نسيج إسرائيلي استيطاني عجيب غريب، اعتاد في الحروب السابقة أن “ينتجع” على ضفاف طبريا وجيش عدوانه يضرب العُمق العربي، أي شعبٍ هذا سيواجه لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته، طالما أن الهجرة من إسرائيل باتت حلمه الأعظم، والملجأ المُحصَّن في حال نشوب حرب بات لديه أهم من منزله، والشعب العنصري هذا، من نهاريا الى أشدود لا منطقة ستكون آمنة له من الصواريخ المُنهمِرة على كيانه، ورئيس وزرائه الأرعن الذي يُحرِّض على الملف النووي الإيراني للإستخدام السلمي، يتناسى، أن هناك قُنبلة نووية في حيفا ترقد في خزانات الأمونيا وتنتظر صاروخاً واحداً من المقاومة لتنفجر قنبلة نووية يبدأ معها الإنفجار الشامل الذي سوف يُزيل إسرائيل من الوجود، وتعود القدس لأهلها، ومَن يرغب الصلاة في الأقصى سوف يُصلِّي، ومن يرغب الصلاة في كنيسة القيامة ستكون أبوابها مفتوحة…
المصدر: موقع المنار