اشتبكت قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) مع قوات موالية للحكومة في طرابلس على مشارف العاصمة اليوم الأربعاء بينما أجبرت المعارك آلاف السكان على الفرار من ديارهم. واتخذت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر مواقعها في الضواحي على بعد حوالي 11 كيلومترا إلى الجنوب من وسط العاصمة، بينما تسد حاويات معدنية وشاحنات خفيفة مزودة بمدافع رشاشة طريقها إلى المدينة.
وأوضح سكان أن طائرات الجيش الوطني الليبي تحلق في سماء طرابلس بينما أطلقت مدافع مضادة للطائرات النار تجاهها. وعلى الأرض، قال شهود إن قوات حفتر تشتبك مع القوات الموالية لرئيس الوزراء فائز السراج عند المطار الدولي السابق للمدينة وفي بلدة عين زارة. وتمكن مراسل من رويترز بوسط المدينة من سماع دوي إطلاق النار والانفجارات والتي استمرت حتى اقتراب المساء. وقالت الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 4500 من سكان طرابلس نزحوا،وإن معظمهم يبتعد عن مناطق القتال إلى أحياء أكثر أمنا بالمدينة. وأضافت أن كثيرين آخرين محاصرون.
وزحفت قوات الجيش الوطني الليبي من معقلها في شرق ليبيا للسيطرة على الجنوب ذي الكثافة السكانية المنخفضة والغني بالنفط في وقت سابق هذا العام، قبل أن تتجه قبل أسبوع نحو طرابلس حيث تتمركز حكومة السراج المعترف بها دوليا.
وليبيا منقسمة بين حكومة تتمركز في شرق البلاد وأخرى في غربها بعد الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011. وحكم القذافي البلاد على مدى أكثر من 40 عاما قبل أن يطاح به في انتفاضة دعمها الغرب. ومنذ ذلك الحين تتصارع فصائل سياسية ومسلحة على النفوذ والسيطرة على الثروة النفطية، وانقسمت البلاد إلى إدارتين متنافستين تتحالف كل منهما مع جماعات مسلحة بعد معركة للسيطرة على طرابلس عام 2014.
جهود الأمم المتحدة
تريد الأمم المتحدة الجمع بين الطرفين للتخطيط معا للانتخابات والخروج من الفوضى. وبينما يستمر القتال، ذكر مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة أنه التقى بالسراج وبرئيس البرلمان الذي يتخذ من طرابلس مقرا له لبحث الوضع. ونشرت قوات حفتر على صفحتها على فيسبوك تسجيلا مصورا تقول إنه يظهر سيطرتها على قاعدة حكومية بحي العزيزية في جنوب طرابلس.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه يشعر بقلق بالغ إزاء “الاستخدام غير المتناسب والعشوائي” للأسلحة والمتفجرات في المناطق المكتظة بالسكان. وأضافت أن نصف مليون طفل في خطر.
وإلى جانب العواقب الإنسانية، يهدد تجدد الصراع في ليبيا بعرقلة إمدادات النفط وزيادة الهجرة عبر البحر المتوسط إلى أوروبا وإجهاض خطة السلام التي أعدتها الأمم المتحدة وتشجيع المتشددين على استغلال الفوضى.
وقتل تنظيم داعش ثلاثة أشخاص في بلدة صحراوية نائية تحت سيطرة الجيش الوطني الليبي قبل يومين. وفي طرابلس ، تشير أحدث تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من 50 شخصا قُتلوا معظمهم من المقاتلين لكن بعضهم مدنيون ومن بينهم طبيبان. ومن المتوقع ارتفاع عدد القتلى. وأثرت الأزمة أيضا على عدة آلاف من المهاجرين الذين احتجزوا بعد محاولتهم استخدام ليبيا نقطة انطلاق لعبور البحر المتوسط إلى أوروبا.
اللاجئون في خطر
وقالت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين أمس الثلاثاء إنها نقلت أكثر من 150 مهاجرا، من بين عدة آلاف في المجمل، من مركز احتجاز في جنوب طرابلس إلى منشأة خاصة بها في منطقة آمنة. وقال مسؤول في مركز الاحتجاز إنه فتح الأبواب اليوم الأربعاء وأطلق سراح 150 مهاجرا آخرين للحفاظ على سلامتهم بسبب قرب الاشتباكات. ودعت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع إلى هدنة والعودة إلى خطة الأمم المتحدة للسلام ووقف زحف قوات حفتر.
لكن مصدرا دبلوماسيا أجنبيا يراقب التطورات قال إن حفتر يقوم بدلا من ذلك بنقل رجال وعتاد من جنوب ليبيا وشرقها إلى قاعدة أمامية في بلدة غريان الواقعة جنوبي طرابلس. ويصف معارضون حفتر بأنه ديكتاتور محتمل، لكنه يصور نفسه على أنه عدو للتطرف يسعى لاستعادة النظام في ليبيا.
وكان حفتر من بين الضباط الذين ساعدوا القذافي في الوصول إلى السلطة عام 1969، لكن اختلف معه أثناء الحرب مع تشاد في الثمانينيات. وتم أسره على أيدي التشاديين، وأنقذته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه)، وعاش لمدة 20 عاما في فرجينيا قبل أن يعود في عام 2011 للانضمام إلى مقاتلين آخرين في الانتفاضة على القذافي. والحياة الطبيعية مستمرة بقدر ما في طرابلس التي يسكنها نحو 1.2 مليون شخص على الرغم من تفجر الصراع، لكن الأسعار ترتفع والشركات تغلق في وقت أبكر من المعتاد.
وقالت معلمة في طرابلس كانت تأمل في الخروج من المدينة “لا يهمني من يفوز أو يخسر، أريد فقط النجاة أنا وعائلتي”.
المصدر: وكالة رويترز