اعاد انعقاد “القمة العربية” في نواكشوط وما جرى خلالها من مناقشات وما تضمنه الموقف الخليجي من لبنان وايران، وما حمله الموقف اللبناني الرسمي ، اعاد الى الاذهان الحملة التي شنت على وزير الخارجية جبران باسيل اوائل هذا العام في اجتماع وزراء الخارجية العرب. حينها رفض لبنان عبر وزير خارجيته التصويت على قرار اجتماع وزراء الخارجية العرب حول موضوع ايران على اعتبار انه تضمن في سياقه ربط حزب الله باعمال ارهابية.
عندما دعت السعودية لاجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة لبحث “الاعتداء على السفارة والقنصلية السعوديتين في طهران ومشهد”، عقد حينها الاجتماع واعلن في ذلك الحين وزير الخارجية اللبناني أن لبنان امتنع عن التصويت على القرار الذي أصدره وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعهم الطارئ في القاهرة ، وقال إن “الوفد اللبناني اعترض على البيان الذي ذكر حزب الله وربطه بأعمال إرهابية”، مؤكدا في الوقت نفسه ان بيروت تتضامن مع السعودية ازاء تعرض بعثاتها الدبلوماسية في ايران لاعتداءات بموازاة تاكيده عدم التدخل بشؤون سيادية لأي دولة.
خروج مواقف كثيرة حينها تتهجم على باسيل وتتهمه بالخروج عن الاجماع العربي في قرار يتهم ايران بالهجوم على بعثات دبلوماسية رغم ان الهجوم جاء من افراد وليس من سياسة دولة ، وفي قرار يتهم ايضا حزبا سياسيا اساسيا ومقاوما في لبنان بالارهاب، وقول البعض حينها إن “الناي بالنفس” يتحول اصطفافا حين تجد الخارجية اللبنانية نفسها للمرة الثانية وحيدة خارج موقف جميع الدول العربية، اثار موجة توتير سياسية لم يكن لها مبرر ولا منطق. كما تحججت السعودية حينها بالموقف اللبناني لكي تشن حملة على وزارة الخارجية وعلى لبنان وصولا الى وقف “الهبة” للجيش.
واليوم في القمة العربية موقف مشابه للبنان ويمكن مقاربة الموقفين الرسميين اللبنانيين في الاجتماع العربي السابق واجتماع الامس، حيث انه خلال اجتماعاتِ وزراءِ الخارجيةِ العرب السبت تحفَّظَ لبنانُ على اتهامِ ايرانَ بالتدخلِ في الشؤون العربية، وعلى وصفِ حزبِ الله بالإرهاب، معتبراً أنَ الحزبَ جزءٌ من الحكومةِ اللبنانيةِ الممثِّلةِ للشعبِ اللبناني.
برز مجددا في اعمالِ القمةِ العربيةِ السابعةِ والعشرين التي انعقدت امس في موريتانيا استمرار النهج السياسي الضاغط على لبنان وتصنيف حزب الله حزبا ارهابيا ومحاولة اتخاذ موقف عربي شامل ضد ايران.
تحفظت بعض دول الخليج على بند «التضامن مع لبنان»، مجددا بحسب صحيفة السفير وهو بند صاغه وزراء الخارجية العرب كجزء من مشروع البيان الختامي للقمة. التحفظ الخليجي على بند كان دائما ما يعتمد ، جاء بحسب الصحيفة رداً على تحفظ لبنان على اتهام حزب الله بالإرهاب، وفق ما ورد في مشروع البيان ضمن الفقرة التي تدين «التدخل الايراني في شؤون الدول العربية، وتدخل القوى الحليفة لها ومنها حزب الله الإرهابي»، كما يقول.
وأكّد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام قبيل القمة أنّ الوفد الرسمي سيتعامل مع توصيف حزب الله بأنّه «إرهابي» كما تعامل معه في المرات السابقة، مشدّداً على أنّ «موقفنا واضح، «حزب الله» حزب لبناني ومكون أساسي في التركيبة السياسية، ولكننا حريصون على تحقيق كل ما يعزز الجبهة الداخلية وصمود لبنان في هذه الظروف الصعبة».
وفي كلمته امام القمة قال سلام إنّنا نؤكّدُ حِرصَنا الدائم على المصلحةِ العربيّة العليا، وتضامنَنا مع أشقائنا العرب في كلّ قضاياهُم المحقّة.. ونعتبرُ أنَّ أيَّ ضَيْمٍ يصيبهم إنّما يُصيبُ لبنانَ وأهلَه…نحن لسنا محايدينَ في كلّ ما يَمَسّ الأمن القوميّ لأشقائنا، وخصوصاَ دول مجلس التعاون الخليجي، ونرفضُ أيَّ تدخّلٍ في شؤون البلدان العربية ومحاولةَ فرضِ وقائعَ سياسيّةٍ فيها، تحت أيّ عنوان كان.
اذاً رغم موقف لبنان المشابه للموقف السابق وإن كان ظرف الاجتماع مختلفا، لم نشهد حملات ومواقف ، ذلك يدل على ان المسالة كانت متعلقة بهجوم على شخص وعبر ذلك هجوم على ما يمثله من تيار سياسي وادخال ذلك في المماحكات الداخلة ومحاولة الكسب السياسي الداخلي، استمرت الحملة على باسيل فترة طويلة، رغم انه اوضح في بيان ان الخارجية اول من ادان الاعتداء على البعثات الدبلوماسية، لكن المعروف ان المسالة كانت حينها ولا تزال بالنسبة للدول الخليجية ابعد من هذا الموضوع وتتعلق بالسياسة الهجومية ضد حزب الله وبالادعاءات الخليجية المتعلقة بايران خدمة للمسار التصعيدي الذي لا يخدم العرب في شيء، وبالنسبة لاطراف في الداخل هي ضمن ولاء المواقف لدول الخليج والسعودية والتوظيف ايضا في نقاط سياسية داخلية. وازاء الموقف الرسمي اللبناني اليوم هل ستتخذ السعودية موقفا “عقابيا” جديدا للبنان؟ كل ما حصل يؤكد ان وقف الهبة للجيش لم تكن نتيجة اي موقف لبناني بل مقررة مسبقا.
المصدر: موقع المنار