أثارت زحمة السير التي حصلت في مدينة صيدا وعلى مداخلها الشمالية والجنوبية في عطلة نهاية الاسبوع الماضي الكثير من التساؤلات حول الجدوى من إقامة بعض الفعاليات الرياضية والثقافية في توقيت تصل فيه زحمة السير الى الذروة، وهذه المسألة تفتح الباب امام سيل من التساؤلات عن الجدوى من جعل السير باتجاه الجنوب يمر داخل مدينة صيدا بالذات وعدم اقامة اوتوستراد سريع او “طيار” خارج المدينة كما هو الحال في العديد من المناطق اللبنانية الاخرى وخاصة كما حصل مع مدينة الغازية(جنوب صيدا) او بلدة الرميلة اللصيقة بصيدا من جهة الشمال.
تساؤلات بالجملة..
فهل السبب عند اقامة شبكة الموصلات في صيدا والطريق الرئيسي الرابط بين الجنوب وبيروت هو تحقيق مصالح اقتصادية معينة ام ان الامر لا يتعدى مجرد خطأ بريء ليس له اي خلفيات سياسية وغير سياسية كما يحصل في الكثير من مشاريع البنى التحتية في لبنان؟ ولكن لماذا أنجزت سابقا الطرقات بدون المرور داخل المناطق كما الحال في الكثير من المدن والقرى لكن فقط عندما نصل الى بعض المدن كصيدا وبيروت وطرابلس نجد انه يتم حصر الاوتوستراد بضرورة الدخول اليها، بشكل انه يضيق الى أقصى حد عند مداخل صيدا بحيث يتم دخول الآليات او المركبات بمعدل “اثنين اثنين” فقط للقادمين من بيروت عبر الرميلة او للقادمين من الجنوب عبر اوتوستراد الغازية، على رغم من ان هناك سيلا من السيارات تأتي من كلا الاتجاهين، باعتبار ان لا وسائل للنقل العام في لبنان سواء من باصات او قطارات او غيرها.
ولكن لماذا تعمدت بعض الجهات المخططة للمشاريع والمنفذة لها على إخراج الطرقات الى الجنوب وغيرها من المناطق بهذه الطريقة وإلحاق الظلم بكل هذه الأعداد من اللبنانيين عموما والجنوبيين خصوصا خدمة لفئة محدودة من الناس؟ ولماذا لم تتم معالجة هذا الموضوع قبل البدء بالتنفيذ واي جهة سياسية رسمية لبنانية تتحمل مسؤولية هذا التقصير؟ وايضا لماذا لم تتم معالجة هذه الاخطاء طوال هذه السنوات ولماذا تم القبول والسكوت عليها بدل العمل لرفع الظلم عن الناس للتخفيف عنهم لا سيما خلال الذهاب الى قراهم في فترات العطلة الاسبوعية؟ ومن يتحمل مسؤولية الاضرار المادية والمعنوية التي يتكبدها الناس من خلال توقفهم لفترات طويلة من الوقت في زحمات السير وخاصة اذا ما كان يوجد داخل السيارات أطفالا ونساء او حتى مرضى لا يحتملون البقاء لمدد طويلة في أشعة الشمس او في الطقس الحار.
ماراثون صيدا.. وازدياد الزحمة!!
وما زاد الطين بلة خلال عطلة نهاية الاسبوع الاخيرة انه تم اتخاذ اجراءات لوجستية وأمنية لمواكبة ماراثون صيدا الدولي الذي نظم تحت عنوان “اركض للبيئة والسلام”، برعاية رئيس الحكومة اللبنانية سعد الدين الحريري، ما تسبب بزحمة سير خانقة عند مدخل صيدا الشمالي، وصولا الى منطقة الرميلة، ما ذكر الناس بأيام وساعات العودة الى الجنوب من بوابة صيدا بُعيد انتهاء العدوان الاسرائيلي على لبنان في صيف العام 2006، حيث كانت الطرقات مقطوعة والجسور مدمرة بشكل كبير وكانت الرحلة من بيروت الى الجنوب تأخذ عدة ساعات، كما تذكر الناس في هذه الزحمة المرحلة السيئة عندما كان الارهابي أحمد الاسير يقطع بعض طرقات صيدا ويحتلها في محاولة منه لاستفزاز أبناء الجنوب والتضييق عليهم.
كما ان هذه الزحمة الخانقة في صيدا أعادت الى الأذهان عندما كان الناس يسلكون طريق الجنوب القديمة، أي قبيل إنشاء الاوتوستراد الحالي حيث كانت الطريق ضيقة ولا تتسع لاكثر من سيارتين واحدة ذهابا والاخرى إيابا حيث كانت الرحلة الى الجنوب تستمر لساعات طويلة وشاقة، ما يطرح التساؤلات الجدية اليوم عن الجدوى من اقامة كل هذا الطرقات المؤدية الى الجنوب وغيره من المناطق والمحافظات وتكبد كل هذه الاموال والمليارات، طالما انها لم تعالج المشكلة الاساسية والصعوبات الحقيقية للناس بإنهاء زحمات السير وتسهيل وصولهم بشكل سريع ومريح الى مقاصدهم وقراهم، وبالتالي كنا قد خففنا عن خزينة الدولة وبشكل غير مباشر عن جيوب الناس كل هذه الديون وفوائدها(لان الديون تأخذ من الناس عبر الضرائب المختلفة)، وكنا استمرينا بشبكة المواصلات القديمة التي كانت تمر داخل القرى والمدن كافة وتساهم بتنشيط الحركة الاقتصادية فيها كلها كما يحصل في صيدا وبيروت وطرابلس، وبذلك نكون قد ساوينا كافة المناطق اللبنانية ببعضها ولم نفرق بين ابناء هذه المنطقة وتلك.
المصدر: موقع المنار