جاء اعتداء نيس الارهابي الضخم في فرنسا فجر الجمعة الذي اوقع عشرات الضحايا ليشكل ضربة كبيرة للامن الفرنسي، واللافت انه حصل بشكل جديد من نوعه من حيث تنفيذه بطريقة الدهس اضافة الى ان ما احاط تنفيذ العملية من الناحية الامنية والوقائية رسم عدة علامات استفهام.
الاعتداء اكد مجدداً ان فرنسا اكثر المعرضين للهجمات الارهابية من ضمن الدول التي تعتبر خارج المناطق الساخنة في العالم، وقد شهدت فرنسا منذ العام الماضي الى اليوم عدة هجمات ارهابية كبيرة كان اكبرها هجوم سان دوني الذي قتل 130 شخصا وتبناه داعش.
واتى هذا الاعتداء ليشكل صورة جديدة من التحدي الذي يواجهه العالم تجاه الارهاب ويضع فرنسا امام مسؤوليات كبرى مجددا وهي التي دعمت جماعات مسلحة وارهابية حول العالم، فهل سيدفعها وغيرها من الدول التي دعمت الارهاب الى اعادة النظر بسياستها الخارجية؟.
من الناحية الامنية فإن المعلومات التي ترددت حول التفجير تشير الى تقصير امني فرنسي وخرق امني جعل سائقا ينفذ بشاحنة هذا الهجوم ويحمل في الشاحنة اسلحة وقنابل وسمحت له الشرطة بالدخول الى منطقة تعج بالناس في يوم العيد الوطني، اضافة الى ان تساؤلات اخرى برزت حول قول السلطات ان المنفذ مجهول للمخابرات الفرنسية. ومن الامور الاساسية ان هذا الهجوم الكبير وتكرر الهجمات في فرنسا يثير تساؤلات حول السياسات الامنية والاجهزة الفرنسية والتنسيق بينها.
يقول المتخصص في شؤون الارهاب الدولي البير فرحات في حديث لموقع المنار ان ما حصل في نيس بالامس عملية نوعية جديدة في العمل الارهابي المنظم، و المعتدي فرنسي اصله من تونس حيث انتشار جماعة انصار الشريعة ونيس من المدن من اولى المدن المصدرة لجماعات ذهبت “لتجاهد” في سوريا والعراق .
تقصير امني
فرحات يشير ان هناك تقصيرا امنيا في ما حصل بالامس من طرف الشرطة حيث ان سائق الشاحنة قال ان لديه مثلجات على متن الشاحنة وعليه ان يقوم بتوصيلها، وما حصل بعد ذلك طرح عدة نقاط:
-اولاً لم يقم اي فرد من الشرطة بالكشف على البضاعة وهذا لم تذكره الصحافة الفرنسية اليوم
-ثانيا كيف استطاع ان يعبر مسافة كيلومترين ولم تلقَه اية قوة امنية وعسكرية
-ثالثا لم يكن مسموحا السير في مكان الاحتفال المغلق الا لسيارات الاسعاف والشرطة والحالات الطارئة فكيف استطاع العبور؟
يشير فرحات الى ان هناك حال من التعب تشهدها الشرطة والجيش الفرنسيان اللذان يعملان على الحالة الامنية في مدنية نيس، ومن ناحية ثانية فاللجنة البرلمانية اقرت العديد من النقاط في عمل اجهزة الامن وتبادل المعلومات، لافتا ان هناك 7 اجهزة امن تعمل في فرنسا، وليس هناك اي تقاسم معلومات وبيانات بين اي منها.
ويعتبر انه عندما ترفض الحكومة اجراء لتوحيد وربط الاجهزة الامنية بجهاز واحد مرتبط برئاسة الحكومة فهذا يعني ان هناك تعنتا سياسيا وعملية سياسية فرنسية لا تريد ان تكشف عن الخبايا الموجودة في الاجهزة الامنية، اضافة الى ان التقرير البرلماني يقول حالة الطوارئ المعلنة لا تنفع في مواجهة الارهاب .
فاتورة متعددة
يعتبر فرحات ان فرنسا اليوم تدفع فاتورة متعددة الاوجه يقع المدنيون ضحيتها ابرزها الحرب الفرنسية في المنطقة اضافة الى السياسة الخارجية التي تقوم بها فرنسا في الساحات العربية وافريقيا، والتقرير النيابي الذي تناول ملف الاعتداءات التي ضربت فرنسا عام 2015 و تبنتها داعش واخواتها كان يشير ان فرنسا ستدفع فاتورة اعمالها وسياساتها الخارجية، كما تناول التقرير قنبلة الواقع الاجتماعي. ويلفت ان هناك تنظيمات هددت فرنسا مثل جماعة فرسان العزة وجماعة انصار الشريعة.
يخلص فرحات الى فرنسا عملت بازدواجية في سياستها الخارجية ، وقيامها بالعمل مع بعض الدول العربية على تصنيف جبهة النصرة انها ليست ارهابية وصديقة للغرب هو خطأ فادح، وعلى فرنسا ان تلجأ للغة الحوار قبل لغة القصف وان تعيد حساباتها في مناطق الصراع في منطقتنا.
المصدر: موقع المنار