تناولت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم السبت 2-7-2016 العديد من الملفات المحلية والاقليمية كان ابرزها الملف الامني في لبنان وكلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بمناسبة “يوم القدس العالمي”، بالاضافة الى غيرها من الملفات.
السفير:
«تفاهم نفطي» بين بري وعون.. والكرة في ملعب سلام
نصرالله يطمئن اللبنانيين: الخرق ممكن.. لكن الأمن ممسوك
تحت هذا العنوان كتبت صحيفة “السفير” اللبنانية “بقي هاجس الأمن ضاغطاً على يوميات اللبنانيين، وانعكس حالة من الحذر في العاصمة وضاحيتيها الجنوبية والشرقية، بمعظم مراكزهم وشرايينهم التجارية، خصوصا مع اختلاط الوقائع بالشائعات، فيما أطلَّ الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، للمرة الأولى، فقط عبر الشاشة الصغيرة، في «يوم القدس العالمي»، على عكس التقليد الحزبي المتبع منذ نشوء الحزب في العام 1983، بإقامة احتفال في آخر يوم جمعة من شهر رمضان، ظلّ يتخذ طابعاً عسكرياً حتى العام 2004، وتحول بعد هذا التاريخ إلى مجرد احتفال سياسي، باستثناء احتفال ما بعد «حرب تموز» الذي ألغي أيضاً.
وانعكس إلغاء الاحتفال المركزي هذه السنة إيجاباً لدى الجمهور الحزبي العريض، ليقتصر الأمر على إطلالة سياسية لـ «السيد» عبر شاشة «المنار» تميّزت بالدعوة إلى وضع إستراتيجية رسمية وطنية لمكافحة الإرهاب، وهي مبادرة يريد لها «حزب الله» أن تتبلور وتتحول إلى خطة عملانية في مواجهة خطر الإرهاب الذي يهدد كل لبنان.
واللافت للانتباه، وعلى عكس كل خطابات قيادة «حزب الله» منذ 35 عاماً، في مناسبة سنوية تعبوية كهذه، أن خطاب السيد نصر الله تميز بنبرة هادئة ومطمئنة لكل اللبنانيين، معتبراً أن الوحدة الوطنية أمضى سلاح في مواجهة الإرهاب.
وللمرة الأولى منذ سنوات، خاطب السيد نصر الله الإسرائيليين بنبرة قوية المضمون، لكن هادئة الشكل، وبدا كأنه يتكئ على رزمة من العناصر الإستراتيجية التي تجعله يمتلك زمام تهديد الإسرائيليين بشكل مبطّن، عندما شرح لهم ما يمكن أن يمتلكه «حزب الله» من معلومات و «بنك أهداف» من شأنه أن يفاجئ الإسرائيليين في أية حرب لا يجد كلا الطرفين أنهما أصحاب مصلحة في خوضها، ولو لاعتبارات إستراتيجية مختلفة.
وترك خطاب «السيد» أثرا ايجابيا كبيرا لدى أهالي منطقة البقاع الشمالي، وخصوصا المسيحيين، إذ أنه صارحهم بالخطر المحدق بأرضهم وحياتهم وممتلكاتهم من جهة، ولكنه تعهد لهم، من جهة ثانية، بأن المقاومة لن تميز بين قرية وأخرى بل ستكون أمام الجيش أو خلفه أو معه دفاعا عن وجودهم، «فما حصل مؤلم لكن لا يجوز أن يدفع أحداً إلى الخوف، ولا إلى القلق ولا إلى الهجرة ولا إلى إعادة النظر بوجوده في المنطقة».
وأكد نصر الله أن احتمالات الخرق الأمني قائمة، لكن «لولا الجهد الجبار الذي قام ويقوم به الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية والحرب الاستباقية للمقاومة والجيش اللبناني لكان لبنان في أسوأ حال مع جيران وحوش من هذا النوع».
وخاطب نصر الله اللبنانيين: لا أحد يهوّل عليكم ويقول لكم إن الوضع الأمني في لبنان خطير جداً وسوف ينهار وتوجد كارثة أمنية. كلا، هذا غير صحيح، الوضع الأمني في لبنان أفضل من أكثر دول العالم بالحد الأدنى بالرغم من كل ما يحصل في منطقتنا. وأكد أن انتحاريي بلدة القاع أتوا من جرود عرسال وليس من مخيمات النازحين في مشاريع القاع.
وقطع نصر الله الطريق على الذين يحمّلون «حزب الله» مسؤولية تمدد خطر «داعش» و «جبهة النصرة» وأخواتهما إلى لبنان، بسبب انخراطه في الأزمة السورية أو فشل «حربه الاستباقية»، وقدم مضبطة اتهام بوجه المشككين، قائلا إن الوقائع والأدلة من اسطنبول الى بروكسل مروراً بباريس، تشي بأن الإرهاب لن يستثني أحدا بمعزل عن هويته وطائفته ولونه وعرقه وبلده، متوقفا عند البعد التثقيفي العقائدي، باعتباره أصل الموضوع، داعيا إلى وضع اليد على الإصبع، أي على الفكر الوهابي التكفيري في السعودية، متعهدا بالاستمرار في تحمل المسؤولية والمضي بلا تردد في خيار القتال ضد الإرهاب التكفيري.
وتميز الخطاب في البعد الفلسطيني بالتفاتة إزاء «حماس»، وذلك مع بدء العد العكسي لعودة الأمور الى طبيعتها بين الحركة وبين القيادة الايرانية، خصوصا على خلفية المشهد التركي ـ الاسرائيلي المستجد مؤخرا. فقد أكد السيد نصر الله أن كل محور المقاومة من «حزب الله» الى ايران مرورا بسوريا متمسك بموقفه الإستراتيجي الداعم لحركات المقاومة في فلسطين، وقال «نحن في موضوع سوريا صحيح اختلفنا بالرأي مع بعض الفصائل الفلسطينية، ولكن لم نطلب منهم ولم نضغط عليهم ولم نتشاجر معهم حول هذا الموضوع، وكنا نقول لهم: أنتم أحرار في أن تتخذوا الموقف الذي تريدونه، نحن نتمنى أن تتفهموا موقفنا، لكن في المعركة مع الإسرائيلي لا يوجد خلاف، في دعم شعب فلسطين ومقاومة فلسطين لا يوجد خلاف».
بري لـ «السفير»: تفاهم سياسي على النفط
من جهة ثانية، وُضع ملف مراسيم النفط والغاز لبنانيا، على سكة رحلة الألف ميل، مع التوافق السياسي الذي أعلن عنه، أمس، للمرة الأولى من عين التينة بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون، وهو تفاهم عبّر الجانبان عن رغبتهما بانسحابه على ملفات حيوية أخرى كالكهرباء ومن ثم على تفاهمات سياسية أوسع، في اشارة مبطنة الى الملفات الرئاسية والحكومية وأيضا ملف قانون الانتخاب.
ولم تكد تمض ساعات على طلب وزير الخارجية جبران باسيل، موعدا من الرئاسة الثانية، حتى استقبله الرئيس نبيه بري في عين التينة، بحضور معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل.
الاجتماع الذي استمر أكثر من ساعة، كان وفق تقييم الثلاثة ايجابيا، ولكن وعلى طريق «ما تقول فول تيصير بالمكيول»، تبقى العبرة في الترجمة، وأولها دعوة اللجنة الوزارية المختصة لاجتماع يخصص لتثبيت تفاهم عين التينة، ثم يدعى مجلس الوزراء الى جلسة استثنائية، تخصص لاقرار مرسومي النفط العالقين في مجلس الوزراء منذ العام 2013 لاستكمال دورة التراخيص الاولى في المياه البحرية اللبنانية ومشروع القانون الضريبي المتعلّق بالانشطة البترولية الذي وضعه وزير المال.
وفور اقرار المرسومين والمشروع الضريبي، يبادر رئيس مجلس النواب الى دعوة الهيئة العامة للانعقاد «ولو تطلب الأمر أن يكون هذا المشروع بندا وحيدا على جدول الأعمال، ومن يغيب من النواب أو الكتل عن هذه الجلسة، عليه أن يتحمل المسؤولية أمام الشعب اللبناني وأن يتحمل تبعات أي تأخير اضافي في اطلاق الورشة النفطية» على حد تعبير رئيس المجلس النيابي.
وكشف بري لـ «السفير» أنه طلب من رئيس لجنة الطاقة النيابية النائب محمد قباني أن يعد اقتراح قانون للتنقيب عن النفط في البر اللبناني تمهيدا لوضعه على جدول أعمال مجلس النواب تحسبا لامكان تأخر الحكومة في اقرار مشروع قانون بهذا الصدد.
وأكد بري أنه كانت هناك تباينات مع «التيار الحر» في عدد من النقاط، «تمت معالجتها وفق قاعدة اساسية مشتركة هي تثبيت حقوق لبنان النفطية والغازية وحماية «البلوكات» الجنوبية (8 و9 و10) من الأطماع الاسرائيلية».
يذكر أن الدخول الأميركي على خط الملف النفطي الاقليمي وتحديداً بين لبنان وإسرائيل، فضلا عن التطورات المتصلة بالملف ومنها الأنبوب الاسرائيلي للتصدير الى أوروبا عبر تركيا، إضافة الى مستجدات جيولوجية لبنانية، شكلت كلها عناصر دفع للجانب اللبناني للمضي في خيار التفاهم سياسيا على ملف النفط”.
النهار:
تبريد المخاوف… بين الدولة ونصرالله، “التفاهم النفطي” اختزال يفاجئ الجميع!
بدورها، كتبت صحيفة “النهار” اللبنانية “بدا أمس كأن الجهات العسكرية والامنية المعنية بالواقع الامني الناشئ عن التفجيرات الارهابية التي استهدفت القاع مطلع الاسبوع الجاري قد تنبهت الى خطورة تجاوز السقوف الواقعية للمخاوف التي شاعت في البلاد والتي اتسمت بتضخيم اعلامي وسياسي، فبدأت اعادة تبريد منهجية لهذا المناخ بعدما بدأ ينذر بأذى واسع على مختلف المستويات. ووسط استمرار ظاهرة بث الشائعات التي تتناول تهديدات ارهابية اضافية مزعومة، رسمت التناقضات التي برزت في بعض مواقف المسؤولين المعنيين بالملف الأمني من سياسيين وجهات أمنية الكثير من الارباك والافتقار الى التنسيق الدقيق وضبط وحدة المعلومات وما يجب اعلانه منها أو ترك بعضها الآخر طي السرية اللازمة بما يقتضيه الجهد الامني الضروري الامر الذي زاده تفاقماً تضخيم وربما توظيف سياسي تجاوز حجم التهديدات الحقيقية واقتضى اعادة نظر برزت مع مسارعة الجهات المعنية في اليومين الاخيرين الى اصدار بيانات التهدئة للرأي العام الداخلي.
وفي هذا السياق اصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش أمس بياناً توضيحياً نبهت فيه الى “تناقل بعض وسائل الاعلام روايات غير دقيقة عن احداث امنية حصلت أو ستحصل وبالغ في التحليل والاستنتاج ناسبا مصادرها الى مراجع امنية وعسكرية”. ودعت الى “توخي الدقة والموضوعية في نشر اي معلومات تتصل بالامن”، كما دعت المواطنين “الى عدم الأخذ بالشائعات”، مشددة على ان “المصدر الوحيد للادلاء بهذه المعلومات هو قيادة الجيش”. ونقلت “وكالة الانباء المركزية” عن مصادر عسكرية ان بيان القيادة العسكرية قبل يومين الذي أكد احباط مخطط للتفجيرات هدف الى طمأنة اللبنانيين باشارته الى احباط هذا المخطط الذي لم يكن يستهدف أياً من الامكنة التي تناولها الاعلام أو الرسائل الهاتفية وأشارت الى انه فور انتهاء التحقيقات واكتمال الصورة سيعلم اللبنانيون جميعا بالنتائج.
وقالت اوساط رسمية معنية لـ”النهار” ان الاهتمام الدولي بالوضع الامني الناشئ عن هجمات الارهابيين على القاع برز من خلال ابلاغ الممثلة الشخصية للامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ أمس رئيس الوزراء تمام سلام تفاصيل جدول أعمالها في لقاءات ستعقدها في واشنطن ونيويورك الاسبوع المقبل مع السلطات الاميركية وفي مجلس الامن. وأوضحت ان الملف اللبناني بشقيه الامني والسياسي سيطرح في هذه اللقاءات وخصوصاً لجهة تاكيد الارادة الدولية استمرار دعم الجيش في مواجهته للارهاب. وقد وصفت كاغ المرحلة الحالية بأنها “صعبة جدا للبنان”، مشيدة باداء الاجهزة الامنية والجيش “التي تقوم بعمل استثنائي فالقليل من الدول يستطيع تأمين هذا المستوى من الامن في مواجهة تلك التحديات”.
نصرالله
في غضون ذلك، جاءت المواقف التي عبّر عنها الامين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله امس من التطورات الاخيرة في مناسبة احياء “يوم القدس العالمي” لتعكس توجهاً واضحاً لديه الى طمأنة أهالي البقاع الشمالي عموما والمسيحيين منهم خصوصاً. ومع ان نصرالله برر تكراراً انخراط الحزب في “الحرب الاستباقية” التي يخوضها في سوريا قائلاً انه لولاها “لكنتم ستجدون عشرات السيارات المفخخة في المدن اللبنانية”، حرص في المقابل على الاشادة “بالجهود الجبارة التي قام بها الجيش والقوى الامنية والمقاومة في المواجهة الامر الذي ادى الى منع أحداث خطرة”. واذ أعلن ان الانتحاريين أتوا الى القاع من جرود عرسال دعا اللبنانيين الى “عدم السماح لاحد بالتهويل عليهم، فوضعنا الأمني أفضل من أي دولة أخرى والأمن ممسوك وأدعو اللبنانيين وكل شعوب المنطقة ان يثقوا بالأمن اللبناني والأجهزة اللبنانية والشعب اللبناني”. وأضاف: “القاع بالنسبة الينا في حزب الله وحركة أمل مثل الهرمل… مصيرنا واحد ولن نسمح بأي عملية تهجير لأهل المنطقة وكلنا مع المؤسسات الامنية وخلفها وبرموش العين سنحمي أهل المنطقة في البقاع الشمالي وعلى الناس في منطقة البقاع الا يقلقوا ويخافوا ولا يفكروا في الهجرة”.
“التفاهم النفطي”
وسط هذه الاجواء، بدا لافتاً للغاية ان يطلع فجأة من عين التينة دخان أبيض لتفاهم مفاجئ بين حركة “امل” و”التيار الوطني الحر” على ملف النفط والغاز الذي جمدت مراسيمه التنفيذية في الحكومة منذ أكثر من سنتين لاسباب عدة كان من أبرزها الخلاف المستحكم بين الفريقين على مسائل عدة في هذا الملف منها اولويات التنقيب عن الغاز والنفط في البلوكات المحددة للتنقيب بين المنطقة الاقتصادية الخالصة في الجنوب أو في بلوكات ضمن المياه اللبنانية في مناطق أخرى. والتفاهم المفاجئ أعلن عقب اجتماع ضم رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل ووزير المال علي حسن خليل واكتسب طابع اعلان “اتفاق- بشرى يؤمن استقراراً أكبر للبلد”. وصرح باسيل بان عناصر الاتفاق تتضمن نجاح المناقصة ومصلحة لبنان الاقتصادية الاستثمارية وحقوق لبنان النفطية”. كما ان الوزير خليل طالب رئيس الوزراء “الذي كان ينتظر حصول نوع من التوافق بدعوة اللجنة الوزارية المعنية بملف النفط ووضعه لاحقاً على جدول أعمال مجلس الوزراء في أقرب فرصة لاقرار المراسيم”.
وأثار هذا التفاهم الثنائي المفاجئ استغراباً واسعاً وخصوصاً لجهة اختزال الوزارات الأخرى أولاً والقوى والكتل المشاركة في الحكومة بتفاهم ثنائي اعلن كأنه نهاية المطاف في ملف بهذه الاهمية.
وفيما يتوقع ان يثير هذا الجانب ردود فعل متحفظة أو رافضة لاختزال فريقين هذا الملف، أبلغت مصادر وزارية “النهار” أنها ترحّب بما تم الاتفاق عليه في لقاء عين التينة في شأن ملف النفط، لكنها تساءلت”لماذا لم يكن هذا الاتفاق متاحاً منذ سنة أو سنتيّن؟ أما كنّا وفّرنا على لبنان تأخيراً كبيراً في موضوع إستكشاف الثروة النفطية وإستثمارها والتي سبقتنا اليها دول الجوار بإشواط؟ وما الذي سمح بحصول هذا الاتفاق اليوم وكان يمنع حصوله في السابق بين قوتيّن كبيرتيّن مثل حركة “أمل” و”التيار الوطني الحر”؟
ولاحظت “أن هذا الاعلان الذي يستحق كل ترحيب يطرح سؤالاً كبيراً عما إذا كانت هناك منافع مختلف عليها وجرت تسويتها بين الطرفيّن وما هي طبيعة هذه المنافع؟ ألا يحقّ للبنانيين أن يسألوا عمن هم المسؤولون عن عرقلة هذا الملف طوال هذه السنوات؟”.
وخلصت المصادر الى القول: “أين مجلس الوزراء من هذا الملف ؟وهل هو مطّلع على حيثية هذا النقاش والأخذ والرد بين الفريقيّن؟ كنا نحب أن نرى وزير الطاقة المعني الأول بهذا الموضوع يتحدث عن الملف بتفاصيله وألا يفوّض الى سلفه في الوزراة هذه المسألة”.
الجمهورية:
«العين الأمنيَّة» على المخيمات… وبكركي: مؤسساتنا تحركت والقاع ليست متروكة
من جهتها، كتبت صحيفة “الجمهورية” اللبنانية “دخلت الملفّات كلّها في حالٍ من الاسترخاء والاستراحة، بالحدّ الأدنى أسبوعاً، إلى ما بعد عيد الفطر، حيث يؤمَل أن تشكّل العطلة فرصةً للمستويات الرسمية والسياسية، لاستجماع الذات وجدوَلةِ الأولويات وتغليبِ الأهمّ مِن الملفات والقضايا، على المهمّ، وبالتالي الالتقاء على القواسم المشتركة وكلّ شروط المناعة الداخلية التي ترتكز على أولوية وقفِ الدوران في الحلقة المفرَغة، وكسرِ حلقة الجمود والتعطيل والفراغ، وفتحِ ثغرةٍ في جدار الأزمة، والنفاذِ منها إلى الحلّ المنشود. وفي الجانب الآخر للمشهد، بقيَت الحركة الداخلية مضبوطةً على الإيقاع الأمني، فالجيشُ اللبناني، ومعه الأجهزة الأمنية، يشدّ القبضةَ على الأمن الداخلي بوتيرة سريعة ومكثّفة ومشدَّدة في مختلف المناطق اللبنانية، وعلى الحدود اللبنانية ـ السورية، والتوقيفاتُ بالعشرات.
بدأت بلدة القاع تستعيد حياتها الطبيعية وتعود إلى سابق عهدها قبل الهجوم الإرهابي الذي تعرّضت له، في وقتٍ توقّفَ المراقبون عند الحملة التي استهدفَت بكركي والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، منتقدةً غيابَه عن الساحة.
بكركي توضح
في أوّل تعليق من البطريركية المارونية على هذه الحملة، أكّدت بكركي أنّ «القاع ليست في الأطراف، بل هي في قلب الراعي ولبنان وقلبِ كلّ مسيحي ومسلِم، وتحرُّك المؤسسات المارونية باتّجاهها وتنفيذُها خطوات عملية بالتعاون مع البلدية هو أكبر دليل على أنّ البلدة ليست متروكة لقدَرها، وأنّ مؤسسات البطريركية تعمل بشكل منهجي بعيداً عن التصريحات، وعندما يعود البطريرك إلى لبنان سيكون إلى جانب أهله كما كان دائماً.
وأوضَحت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «إنفجار القاع وقعَ يوم الإثنين، بينما غادرَ الراعي لبنان يوم الأربعاء قبلَ وقوع التفجيرات»، مشيرةً إلى أنّ «البطريرك لو كان موجوداً في لبنان، لكانَ أوّلَ مَن توجّه إلى القاع ووقفَ إلى جانب أهلها، كما حصَل عند وقوع جريمة بتِدعي أو أيّ حدثٍ تطلّبَ تواجدَه.
خصوصاً أنّه ومنذ تبَوُّئه السدّة البطريركية لم يمضِ أسبوع إلّا وزار بلدةً أو مدينة وتفقَّد أحوالها، وحتّى هذه الزيارات كانت تواجَه بالانتقادات والقول إنّ البطريرك لا يسكن بكركي».
وبحسب المصادر، فإنّ الراعي يؤكّد أنّ المسيحيين اللبنانيين في أميركا بحاجة له، والزيارة كانت مقرَّرة منذ مدّة، حيث سيشارك في المؤتمر الماروني في سان فرنسيسكو، والقانون يَفرض على البطريرك زيارةَ كلّ أبرشياته كلَّ خمس سنوات مرّةً في أقلّ تقدير، واليومَ العملُ في الخارج أنجحُ من الداخل، فالبطريرك ليس زعيماً سياسياً ليطلقَ المواقف والعنتريات.
وتضيف المصادر أنّ الراعي يَلفت إلى أنّ أعدادنا كمسيحيين تتناقص بشكلٍ مخيف في لبنان، ويجب عليه أن يلحقَ شعبَه أينما كان ويشجّعهم على استعادة الجنسية اللبنانية وتسجيل أولادهم في السفارات، وهناك مغتربون يزورون لبنان ويَشعرون بالارتباط ببطركيتهم ووطنِهم بعد زيارات الراعي إليهم.
الأمن: هدوء… وتوقيفات
إلى ذلك، لوحظَ في الساعات الأخيرة رفعُ مستوى الاستنفار في صفوف الجيش اللبناني، مع تكثيف عملياته ومداهماته التي امتدّت إلى أكثر مِن منطقة، وبشكل مركّز على مناطق وتجمّعات النازحين السوريين، في بعض المناطق النائية من منطقة زغرتا وسائر منطقة الشمال، إلى البقاع الغربي والأوسط والشمالي، إلى الجنوب، وتحديداً في منطقة مرجعيون، وصولاً إلى عين عرب وسفحِ جبل الشيخ بمحاذاة الحدود الدولية الجنوبية.
وفي ظلّ هذه الإجراءات، دخلت البلاد في جوّ مِن الهدوء والاستقرار الأمني، ورجّحَت مصادر أمنية لـ«الجمهورية» الإعلانَ قريباً عن إنجاز أمني مهمّ، وأشارت إلى إنجازات أمنية نوعية ومتتالية حقّقَها الجيش خلال الأسابيع الثمانية الأخيرة، حيث فَكّك شبكات عدة، وأُحبِطت عمليات عدّة كانت قيدَ التحضير وأخرى قيدَ التنفيذ وتمَّ توقيف أفرادها، وقد أنجز ذلك كلّه بسرّية مطلقة. والخليّة التي أعلنَ الجيش عن توقيف خمسة مِن أفرادها هي الأخطر، حيث كشفَ أفرادُها معلومات خطيرة جداً.
وجزمت المصادر أنّ ثلاثةً من انتحاريّي القاع، جاؤوا إلى البلدة عبر الجرود، لكنّها لم تحدّد الجهة التي أتى منها الخمسة الآخرون، مشيرةً إلى أنّ الكشف على أشلاء الانتحاريين بيَّن أنّهم لم يكونوا يَحملون أيّ أوراق ثبوتية تدلّ على هويتهم، ولا أيّ وثائق، أو هواتف، ولا أيّ سلاح ولا أيّ شيء، وكانوا جميعاً يرتدون تحت ثيابهم الخارجية «بيجاما رياضية».
مرجع أمني
وأكّد مرجع أمني كبير لـ«الجمهورية» وجودَ هذا العدد الكبير من الانتحاريين، بالتزامن مع حركة مكثّفة للخلايا في بعض المناطق، في سياق قرار المجموعات الإرهابية بإدخال لبنان في مرحلة دموية، «فلدينا معلومات أكيدة منذ حوالى شهرين تفيد بأنّ قيادة «داعش» في الرقّة، قرّرت تكثيفَ عملياتها الإرهابية في لبنان، مستغلّةً الوضعَ السياسي الهشّ الذي يعانيه».
وطمأنَ المرجع إلى «أنّ الوضع في الداخل ممسوك بالكامل، لكن يجب الإبقاء على الحذر، خصوصاً وأنّ المفاجآت الإرهابية متوقَّعة في أيّ لحظة، مِن «داعش» وكذلك من «جبهة النصرة»، التي تُعِدّ سيناريوهات دموية للبنان».
وفي سياق متّصل، عبّر المرجع عن قلقه «من وضع مخيّمات النازحين السوريين، فهي أقرب إلى قنابل موقوتة، وهناك تقارير وردَت إلى جهات رسمية تحذّر مِن أن تشكّل تلك المخيمات وأماكن تجمّع السوريين وانتشارهم خطراً كبيراً على مصير لبنان ووحدته».
إلّا أنّ الخطر الأكبر على لبنان ـ يقول المرجع ـ «يتأتّى من مخيّم عين الحلوة، فهو بيئة حاضنة للإرهابيين، وهناك أعداد كبيرة من «داعش» و«النصرة» ومجموعات تكفيرية أخرى، تنتشر في «الطوارئ»، «المنشيّة»، «الصفصاف»، «الطيرة» وجزءٍ من «حطين»، وتجنّد الإرهابيين وتعدّ الانتحاريين مع تحديد الأهداف وإعداد الخطط لعمليات إرهابية بتفجيرات واغتيالات. وهنا تَكمن مسؤولية الفصائل الفلسطينية المسؤولة عن الأمن في المخيّم، والتي تبدو مقصّرةً في القيام بما يتوجّب عليها حيال هؤلاء».
نصيحة برّي… وأطراف الطاولة
سياسياً، غداة النصيحة الأخيرة التي وجّهها رئيس مجلس النواب نبيه بري حول المضيّ بالسلّة التي طرَحها للحلّ الرئاسي والانتخابي والحكومي، استمزجَت «الجمهورية» آراء أطراف طاولة الحوار. فجاءت كما يلي:
مكاري… المطلوب تنازلات
نائب رئيس مجلس النوّاب فريد مكاري شكرَ للرئيس بري مبادرته، وقال لـ»الجمهورية»: «لا شكّ في أنّ الرئيس بري دائماً ومِن باب حِرصه على البلد، يحاول إيجاد حلول، وعندما لا يجد حلّاً ناجعاً يستنبط حلّاً آخر، وهو يُشكَر دائماً على مبادرته التي تبرهنُ عن حِرصه على لبنان.
لكن في هذا الموضوع بالذات، الحديث بسلّة متكاملة يحصل جزءاً جزءاً، نتّفق على رئيس الجمهورية، ثمّ ننتقل إلى قانون الانتخابات. في الواقع، من خلال تجربة التعامل ما بين الأفرقاء المتنازعين سياسياً، نجد أنّ فريق «حزب الله» ومعه حلفاؤه، يتنصّل من وعوده دائماً. فعندما نوافقُ خلال الحوار على أمر، ولو قدّمنا فيه تنازلات ووصَلنا إلى أمرٍ آخَر، يأخذ هذا الفريق ما اعتبر أنّه ضمنه وأصبح في جيبه ثمّ يتنصّل من وعده.
وهذا ما حدثَ عندما تنازلَ «المستقبل» في الرئاسة وسارَ بمرشّح من 8 آذار. فالحزب لا يريد انتخابات رئاسية ولم يسِر بأيّ مِن مرشحي 8 آذار، لكنّه اعتبر أنّ رئيساً من 8 آذار أصبح تحصيلاً حاصلاً.
لذلك لا أعتقد أنّ هذا الفريق مستعدّ لتكرار هذه التجربة مرّةً أخرى. فنصيحتي أن يعرض الطرف الآخر السلّة المتكاملة في الإعلام قبل الذهاب إلى الحوار، وعندها نعرف ما هي التنازلات التي سيقدّمها في كلّ البنود وماذا ستعطيه، وتتّضح الصورة ويصبح هناك مجال للبحث، لأنّ التجربة معهم لم تكن ناجحة ولا مشجّعة».
ميقاتي: إنقاذ لبنان
وقالت أوساط الرئيس نجيب ميقاتي لـ«الجمهورية»: «الأولوية لإعادة تفعيل المؤسسات. ومدخلُ الحلّ هو انتخاب الرئيس، على أن يتمّ قبل انتخابه الاتّفاقُ على قانون انتخابي جديد، وتجري الانتخابات بعد انتخاب الرئيس مباشرةً. ولم يعُد ممكناً انتخاب الرئيس بمعزل عن التوافق على سائر الملفّات».
شهيّب
وقال عضو «اللقاء الديموقراطي» الوزير أكرم شهيّب لـ»الجمهورية»: «قد تكون هذه الفرصةَ الأخيرة، كما يقول الرئيس بري، والمرحلة التي يمرّ بها لبنان مِن أصعب وأدقّ المراحل، فالكلّ في الخارج منشغلٌ ببيته الداخلي، و»ما حكَّ جِلدك إلّا ظفرُك».
فرعون: الرئيس أوّلاً
وقال الوزير ميشال فرعون لـ«الجمهورية»: «إنّ تجربة الانقلاب على اتّفاق الدوحة ما زالت في الأذهان، على رغم كلّ الرعاية العربية والدولية التي حظيَ بها. ولذلك نحن لا نرفض سلّة الرئيس برّي بالمطلق، ولكن نرى أنّ الأولوية لانتخاب الرئيس».
مجدلاني لـ«الجمهورية»
وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب عاطف مجدلاني لـ«الجمهورية»: «الأولوية لانتخاب رئيس جمهورية. يمكن أن يحصل تفاهم أوّلي على قانون الانتخاب، أمّا في الموضوع الحكومي، فهذا عائد للاستشارات النيابية، ونحن لا نستطيع أن نخرج من
الدستور».
جابر لـ«الجمهورية»
ودعا عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر عبر «الجمهورية» إلى الاستجابة لنصيحة برّي، وقال: المطلوب من كلّ الأطراف الجلوس سَوياً والتداول الثنائي والثلاثي، لكي لا يكون موعد الخلوة في 2 آب موعداً للبحث في الحلول، بل لتكريسها».
ماروني: إنتخاب الرئيس
وقال عضو كتلة حزب الكتائب النائب إيلي ماروني لـ«الجمهورية»: «الكتائب يَعتبر أنّ إقرارَ قانون جديد للانتخاب ضرورةٌ وواجب، ولكن لا أولوية له على الرئاسة. وإنّ الآلية التي طرَحها الرئيس برّي لا تؤدّي الغاية التي نريدها، بل إنّها تدعونا إلى الاستسلام».
عون لـ«الجمهورية»
وقال عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون لـ«الجمهورية»: «أوافقُ الرئيس بري على المنطق الذي يطرحه والهواجس التي يعبّر عنها. فمخطئ أيُّ فريق يعتقد أنّه يمكنه من خلال المماطلة والحالة الانتظارية أن يحافظ على مكتسبات وهميّة في هذا النظام السياسي. الأداء السياسي الحالي يحوّل النظام السياسي إلى سفينة تغرق، فإمّا أن نحاول إنقاذَها أو أن نغرقَ معها.
هل يجوز ألّا نأخذ أيّ عبرةٍ أو درسٍ مِن تجربتنا كلبنانيين منذ الـ 2005، أي منذ أصبَحنا من دون وصاية؟ هل يجوز إنكار أنّ هناك أموراً يجب تصويبُها في نظامنا منذ اختبرناه من دون وصّي علينا، وقد أظهرَ حدوده وثغراته؟ التطرّق إلى بنود السلّة المطروحة هو شرط إلزاميّ لتأمين الاستقرار لنظامنا وحياتنا السياسية، وإبعاد شبحِ الأزمات المتكرّرة في المستقبل.
إنْ سبَقَت أو لحقت انتخابَ رئيس، لا مفرَّ من معالجة بنود تلك السلّة، بعيداً من المهاترات التي تتّهم كلَّ مطالِب بتطبيق صحيح للطائف أو طامح لتطويره، على أنّه ذاتُ نوايا انقلابية أو تأسيسية.»
سعادة لـ«الجمهورية»
وقال عضو المكتب السياسي في تيار «المردة» الوزير السابق يوسف سعادة لـ«الجمهورية»: «نحن نتعاطى بإيجابية مع كلّ مبادرة يَطرحها الرئيس بري. أمّا موضوع السلّة، فأهمّيته أنّه يجب أن نتحاور حول كلّ الأمور. لكن بالنسبة إلينا، نرى أنّ هناك ضرورةً لانتخاب رئيس الجمهورية، ونحن مستعدّون للنقاش في قانون انتخاب يؤمّن صحّة التمثيل”.
المصدر: الصحف اللبنانية