في مواجهة خلاف تجاري مع الولايات المتحدة ينطوي على الكثير من المخاطر، يظهر الاقتصاد الصيني مؤشرات ضعف وباتت بكين تقر بـ “وطأة” صراعها مع واشنطن.
وكشفت أرقام نشرها المكتب الوطني للإحصاءات الاثنين بعد عشرة أيام على بدء الخلاف التجاري مع واشنطن في ظل رئاسة دونالد ترامب، عن تباطؤ في النشاط الاقتصادي يطاول النمو والاستثمار والإنتاج الصناعي.
وعكست الأرقام تباطؤا طفيفا في نمو إجمالي الناتج الداخلي في الفصل الثاني من السنة ليحقق 6.7% بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، في مقابل 6.8% للفصل السابق.
وهذه النسبة مطابقة لتوقعات المحللين وتبقى أعلى من هدف النمو الذي أعلنته الحكومة لمجمل السنة وقدره 6.5%، وإن لم يكن الاقتصاد الصيني في خطر، إلا أنه من الممكن لمس تغيير طفيف في النبرة في خطاب بكين الرسمي، بعدما كانت تؤكد حتى الآن أن الحرب التجارية ستكون مضرة لأميركا مثلما هي للصين على حد سواء.
وأقر المتحدث باسم مكتب الإحصاءات ماو شينغيونغ أمام الصحافيين بأن “الحمائية لا تزال تنشط في العالم، فتطرح تحديا كبيرا لانتعاش الاقتصاد العالمي وتزيد من التحديات وغموض الأفق بالنسبة لنا”.
وحذر بأن الخلاف حول الرسوم الجمركية “سينعكس على اقتصادي الصين والولايات المتحدة، وستتأثر به العديد من الدول الأخرى”.
ويعتبر المحللون في الوقت الراهن ان الصراع بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم لم يكشف بعد عن عواقبه إذ أن الرسوم الجمركية المشددة المتبادلة بين البلدين لم تدخل حيز التنفيذ سوى في 6 تموز/يوليو وعلى واردات سنوية بقيمة 34 مليار دولار، غير أن الولايات المتحدة سددت الأسبوع الماضي ضربة جديدة للصين إذ وضعت قائمة بمنتجات صينية إضافية مستوردة بقيمة 200 مليار دولار في السنة، تهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 10% عليها اعتبارا من أيلول/سبتمبر.
وفي اليوم التالي، هددت بكين باتخاذ “تدابير رد مناسبة” في حال نفذت واشنطن تهديدها.
وكشفت أرقام التجارة الأخيرة عن فائض قياسي جديد في الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة في حزيران/يونيو، لكن هذه الحيوية التجارية قد تكون ناجمة عن سعي المصدرين إلى بيع أكبر قدر ممكن من البضائع للولايات المتحدة قبل دخول الرسوم الجمركية الجديدة حيز التنفيذ، وهي قد تزيد من نقمة ترامب على بكين.
وتوجه 20% من الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة والعقوبات التي أقرها الرئيس الأميركي قد تكلف الصين ما بين 0.2 و0.5 نقطة مئوية من نموها، وفق توقعات خبراء اقتصاديين.
وتأتي هذه المخاوف على الاقتصاد الصيني في وقت غير مؤات تسعى فيه الحكومة لإغلاق المصانع الأكثر تلويثا ومكافحة المديونية المفرطة، وكلها سياسات من شأنها أن تؤثر على النمو، وهذا قد يحمل بكين على الرد بزيادة دعمها للنشاط الاقتصادي من خلال سياسة نقدية ومالية أكثر تساهلا.
وقال أليستير شان من وكالة موديز إن “الاقتصاد الصيني يبدو في مرحلة تباطؤ، والحكومة تعمل على ما يظهر على تليين سياستها بشكل تدريجي رغم الهدف الذي حددته لنفسها بخفض المخاطر المالية”.
ولفت جوليان إيفانز بريتشارد من معهد “كابيتال إيكونوميكس” إلى أن “مكتب الإحصاءات بدأ يقر علنا بأن الاقتصاد في تباطؤ” مضيفا “هذا سيسمح للسلطات بتبرير العودة إلى دعم النشاط” الاقتصادي.
وفي مؤشر ضعف آخر، تباطأ الإنتاج الصناعي في حزيران/يونيو محققا نسبة 6% فقط كمعدل سنوي، مقابل 6.8% في الشهر السابق، في أداء أضعف من توقعات خبراء اقتصاديين تحدثوا إلى وكالة بلومبرغ (6.5%).
أما الاستثمارات في الأصول الثابتة، فواصلت تراجعها محققة 6% فقط للنصف الأول من السنة. وقد تراجعت في نهاية أيار/مايو إلى أدنى مستوياتها المسجلة حتى الآن.
والمؤشر الوحيد الذي يمكن أن يعزي بكين هو تسارع استهلاك الأسر الشهر الماضي مع زيادة بنسبة 9% في مبيعات التجزئة على مدى عام مقابل 8.5% في الشهر السابق، ما يعتبر أعلى بفارق ضئيل من توقعات المحللين.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية