عرضَ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمره الصحفي السنوي الموسع مجمل قضايا ومتعلقات السياسة الخارجية الروسية خلال العام الماضي متطرقاً لأكثر ملفات الساعة سخونة من سوريا إلى كوريا الشمالية مرورا بالملف النووي الإيراني و الأزمة الأوكرانية و غيرها من العناوين.
في ما يتعلق بالسياسة الأميركية أسف الوزير الروسي لاستمرار واشنطن وحلفائها في اتباع سياسة لغة الأوامر والإنذارات والوعيد. وقال : “للأسف، زملاؤنا الأميركيون وحلفاؤهم لا يزالوا يريدون العمل فقط على أساس الإملاء والإنذارات ولا يريدون الاستماع لوجهات نظر غيرهم من مراكز السياسة العالمية، وبالتالي لا يريدون، في الواقع، قبول حقيقة وجود عالم متعدد الأقطاب”.
واتهم لافروف واشنطن بمساعدة من يصرون على تغيير النظام في سوريا بدلاً من المساهمة في التوصل لتسوية. وقال: “بين الإدارتين [الرئيس الأمريكي السابق باراك] أوباما و [الرئيس الحالي دونالد] ترامب، غالبا لا يوجد اختلاف جذري. للأسف في كلتا الحالتين، نحن نرى التوجه ليس للمساعدة على إخماد الصراع في أقرب وقت ممكن بل لمساعدة أولئك الذين يرغبون في اتخاذ خطوات عملية لتغيير النظام في الجمهورية العربية السورية “.
وانتقد لافروف خطط واشنطن لإنشاء مناطق حدودية آمنة في سوريا مشيراً إلى أن تلك المساعي التي تنتهجها الولايات المتحدة تدل على عدم إهتمامها بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
وجاء في كلامه : “ريكس تيلرسون وسلفه جون كيري، أكدا لي مرارا، أن هدف تواجد أميركا في سوريا هو القضاء على الإرهابيين وداعش. لكن الآن.. تُظهر الإجراءات التي نراها أن الولايات المتحدة لا تريد الحفاظ على وحدة أراضي سوريا”.
وأضاف “بالأمس تم الإعلان عن مبادرة جديدة، بأن الولايات المتحدة تريد مساعدة ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية على إنشاء مناطق حدود آمنة. ويعني هذا بشكل عام عزل منطقة شاسعة على طول حدود تركيا مع العراق وشرق نهر الفرات.. وإعلان بأن هذه المنطقة ستسيطر عليها جماعات بقيادة الولايات المتحدة هي قضية خطيرة جداً تثير المخاوف من أن هناك مسار قد يتخذ لتقسيم سوريا”.
ولفت لافروف إلى أن مشروع الولايات المتحدة الجديد يثير العديد من التساؤلات لدى موسكو و لا يساعد على تهدئة الوضع القائم في عفرين حيال الإشكاليات بين الأكراد و تركيا بل يزيد الوضع خطورة.
وحول تطبيق إلتزامات دول مجموعة أستانا الضامنة أعرب وزير الخارجية الروسية عن أمل بلاده بإسراع تركيا في نشر نقاط مراقبة حول منطقة خفض التصعيد في إدلب.
وقال لافروف:”حسب ما أذكر نشروا 3 من أصل 20. وجرى الحديث بين القيادتين، وأكدوا [الأتراك] لنا أن العمل سيسرع. وآمل أن يساعد ذلك في تسوية الوضع في إدلب”.
في الشأن العراقي عبر لافروف عن استعداد روسيا للمساعدة في تسوية العلاقة بين بغداد و أربيل في حال إهتمام الطرفين بذلك.
أما في الشأن الإيراني رأى لافروف أن تصريحات واشنطن لا تدعو للتفاؤل و لا تزيد من الإستقرار، مؤكداً على إستمرار روسيا في سعيها للحفاظ على الإتفاقيات النووية الإيرانية مع الدول الخمس زائد واحد. وقال : “التصريحات الأخيرة للقيادة الأميركية، الهادفة لإفشال تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة للبرنامج النووي الإيراني، لا تزيد من التفاؤل والاستقرار”.
وعلى خط القضية الفلسطينية استبعد لافروف اي استئناف لحوار مباشر بين السلطة الفلسطينية و الكيان الصهيوني التي باتت إحتمالاتها أقرب إلى الصفر مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل سفارته من تل أبيب إلى القدس. و أشار لافروف إلى قيام الفلسطينيين (السلطة) على مدى أعوام طويلة بتقديم تنازلات أحادية من دون مقابل.
وفي أزمة شبه الجزيرة الكورية كشف لافروف عن إقتراح روسي صيني يفضي بتجميد أشكال المواجهة تمهيدا لمواكبة حوار ثنائي ضمن العملية السداسية بمشاركة روسيا وجمهورية الصين الشعبية واليابان و الكوريتين، منتقداً فكرة عقد اجتماع فانكوفر لبحث ملف كوريا الشمالية منفردةً و الذي لا يؤدي لنتائج بحسب رأيه. و أضاف أن إجتماع فانكوفر يضع آلية ممارسة مزيد من الضغوطات على بيونغ يانغ.
ولفت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمره السنوي إلى خشية إدارة ترامب الحالية كما الإدارات الأميركية السابقة من المنافسة النزيهة في العديد من ملفات الساحة الدولية كالطاقة و إمدادات الغاز إلى أوروبا.
وذكر لافروف بفرض الولايات المتحدة على الدول الأوروبية شراء غاز أميركي مسال أكثر كلفة بدلا من الغاز الروسي و أشار إلى معارضة الولايات المتحدة مشروع مد خط أنابيب الغاز التيار الشمالي 2 تحت إدعاء أنه يؤدي إلى خنق أوكرانيا و إنقسام أوروبا، فالولايات المتحدة بحسب راي لافروف تعمل على أرغام الدول الأوروبية في التخلي عن التيار الشمالي 2 على الرغم من أنه يقصِر مسافة توريد الغاز إلى أانيا ب الفي كيلومتر بكلفة أقل بمرتين مقارنة بتوريد الغاز عبر أوكرانيا.
و فيما يتعلق بتنفيذ مشروع التيار التركي أشار الوزير لافروف إلى أستمرار بناء القسم المتعلق بتزويد تركيا بالغاز أما في ما يتعلق بتنفيذ القسم الثاني من هذا المشروع فهو منوط بالحصول على ضمانات أوروبية معرباً عن إستعداد روسيا لمناقشة المسارات على أن لا تسلك الدول الأوروبية نفس النهج المتبع مع التيار الجنوبي بإتجاه بلغاريا التي من المفترض أنها للآن مستعدة لإستقبال المرحلة الثانية من مد الخط التركي.
المصدر: موقع المنار