استعجلت الممكلة السعودية آمالها وتخيلت أنها أضحت القابضة على رقاب وأنفاس العرب زعماء وشعوب في ظل غياب الدور الوازن لكل من مصر وسوريا، وقفزت في الهواء إلى الضفة المجهولة وفي ظنًها أن قوائمها ستصل الى أرض الاحلام إلا أن الواقع كان مخالفاً! فجاءها الرد من بلاد المغرب العربي وبالتحديد من الجزائر وتونس وقبلهما من أرض الفرات” حزب الله ليس ارهابيا” و بلغة أقل دبلوماسية “موقفك ضد حزب الله لا يمثلنا ولا يمكن السير وراءك في هذا الموقف”.
نعم يمكن القول إن صوت الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الرافض لسياسة وغطرسة المملكة السعودية ترددت اصداؤه في تونس والجزائر والعراق وفي فلسطين وسوريا وفي كل الدول العربية وفي شبه الجزيرة العربية ودول مجلس التعاون ذاتها بعد أن “سارعت” الكويت إلى الاعلان أن لا مفاعيل لقرار مجلس التعاون الخليجي داخل البلاد لان الامر يحتاج الى قرار من الحكومة الكويتية او لقانون صادر عن مجلس الامة.
فالسعودية بغياب الدورين المصري والسوري اعتقدت لوهلة ان الفرصة قد سنحت لها بفرض “طقوس” الطاعة الملكية على قاعدة أن “الأمر لي”، تطبقها على القادة العرب جميعهم دون استثناء وكان ابرز اهدافها من خلال تصعيدها ضد لبنان على اثر موقفه في جامعة الدول العربية المعترض ان تُرهب كل من تسول له نفسه الخروج عن هذه الطاعة وخُيل لها انها نالت مرادها كما خيل لآل فرعون ان سحرهم يسعى .
فجاءها الرد اشبه بصفعة على الوجه من نخب سياسية وشعوب وفصائل مقاومة ومجتمع مدني من كل حدب وصوب ومن كل الطوائف والملل والاتجاهات السياسية (سنية وشيعية)، إلى أن وصل الى رؤساء دول ووزراء خارجية حيث قالوا بالفم الملآن لآل سعود لا يمككنا السير بتصنيفك لحزب الله بالاهاب ولن يرهبنا صوتك العالي والمرتفع وبالتالي لا اجماعا عربياً خلف هذا القرار.
إذاً انقلب السحر على الساحر، حتى أولئك الذين يريدون فعلا مسايرة آل سعود لم يجدوا مبرراً للعلاقات العلنية التي بدِأت تتشكف بين السعودية وبين العدو الصهيوني، ولم يجدوا رداً أو مبررا لاتهام حزب الله بالارهاب وهو الذي لعب دوراً هاما في تحرير لبنان وفي دعم القضية الفلسطينية (مقتبس من بيان الخارجية التونسية)، وتأكد أن القضية الفلسطينية كانت وما زالت قبلة الشعوب وبوصلة الاهتمام وعلى أساسها يُكرم المرء أو يُهان، مهما حاول الصهاينة ومن خلفهم ومن بين أيديهم آل سعود حرف الصراع عن وجهته الحقيقية.
نعم هناك بعض الاصوات غير الوازنة لا سيما في لبنان ومن قوى 14 آذار تحديداً لا تقدم ولا تؤخر في رسم المشهد العربي والاقليمي الجديد، اذ ان عروبتهم “مستجدة” وهي تعني حصرا الانحناء لآل سعود.
وأمام هذه المتغيرات ثمة اسئلة كثيرة مشروعة، فهل ستقدم السعودية الى المزيد من التصعيد؟ وهل سترفع مشروعها وامرها الى جامعة الدول العربية للحصول على اجماع عربي، وهل ستنجح في الحصول على هذا الاجماع؟ وكيف سيكون ردها على من تمرد على قرارها؟ وهل ستشهد الدول “المتمردة” المزيد من اعمال العنف والارهاب الممول سعوديا؟
أسئلة سيجيب عليها المقبل من الأيام.