“مستنقع أوبئة”، و”فئران تجارب”، هذا ما وصفت به تقارير صحفية عالمية عديدة قارة أفريقيا ومواطنيها، بعدما باتت القارة مركزا لتوطن 25 وباء قاتلا.
وقالت مجلة “ساينتفيك أمريكان” إن شركات الأدوية الكبرى هي ما حولت سكان ومواطني القارة السمراء إلى “فئران تجارب” لأدويتهم الجديدة، التي يتمحور معظمها ليظهر مرضا “جديدا غريبا” يصبح فيما بعد “وباء قاتلا”.
ومن أبرز الأوبئة، التي ساهمت منظمة الصحة العالمية في القضاء عليها بالقارة الأفريقية، الكوليرا، والجدري، والحمى الصفراء، والسل، والإنفلونزا، والذي تمحور كثيرا في القارة السمراء ما بين “إنفلونزا الطيور” أو “الخنازير”، والإيبولا، والزهري، والحصبة، والإيدز، والملاريا.
وكشفت بدورها مجلة “نيتشر كوميونيكشنز” العلمية عن أن تمحور معظم تلك الأوبئة في أفريقيا يجعلها “فتاكة وقاتلة”، ولعل أبرزها تلك التحورات الخطيرة التي طرأت على “الملاريا”، بعد ظهور طفيل جديد مقاوم للعقاقير، ولكنه تم السيطرة عليه سريعا. كما أرجعت ذلك الانتشار إلى “غياب الرقابة” من الحكومات على منظومات الصحة، ما يجعل أي مرض بسيط ينتشر كالنار في الهشيم، ليبدأ رحلة “تحوره”.
وللأمر جذور تاريخية بدأت منذ القرنين السادس عشر والسابع عشر، مع انطلاق تجارة العبيد من قارة أفريقيا إلى الأمريكتين، والتي تسببت مثلا في نقل بعوضة “الزاعجة المصرية”، التي كانت سببا في وقت لاحق بانتشار فيروسات مثل “زيكا”، و”حمى الضنك”، و”الحمى الصفراء”.
وأرجعت المجلة الأمريكية أيضا الأمر إلى ما أطلقت عليه “التحضر المزيف”، عن طريق تشييد بيئات حضارية كثيفة السكان، من دون توفير وسائل نظافة وبيئات صحية لهم، ما يتسبب في تكدس عشرات الملايين في تلك البيئات وظهور أمراض وأوبئة ربما تكون جديدة أو متحورة من فيروسات سابقة، خاصة إذا ما كان هناك تفاعل واختلاط مباشر ما بين البشر والحيوانات.
كما أشارت إلى أن الفقر والجهل والتغير المناخي يلعبون دورا رئيسيا في ذلك الانتشار المفزع للأوبئة والأمراض.
من جانبها، نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريرا مطولا سابقا لها، عما أسمته “فضيحة شركات الأدوية الكبرى في المجتمعات الفقيرة”، والتي تكشف عن جعل تلك الشركات المجتمعات الأكثر فقرا فئران تجارب لأدويتها الجديدة. وبطبيعة الحال، يؤدي ذلك لظهور المزيد من الأمراض، التي تحصل على مناعة أقوى وتصبح أشد فتكا، بسبب تحول البشر لفئران تجارب.
ويشير التقرير إلى أن قارة أفريقيا والهند يعدان مثالان فاضحان لتلك الممارسات، خاصة وأنه يتم تشييد مصانع تلك الشركات في المناطق الأكثر فقرا لاجتذاب المزيد من المتطوعين، سواء في أحياء مومباي الفقيرة أو في دول أفريقيا الأكثر فقرا.
وتتركز أبحاث تلك الشركات على تجربة أدوية تتعلق بـ”الشيخوخة وأمراض القلب والشرايين والتهاب المفاصل وارتفاع الضغط وهشاشة العظام”، ولكن عدد منها يتسبب في ظهور أمراض أخرى للمشاركين في تلك الأبحاث. وتحظر معظم الدول الغربية تجربة العقاقير على البشر، إلا بعد خضوعها لضوابط كبرى، كما أن عدد من المتطوعين على تجربة تلك الأدوية أقل بكثير مما يظهر في التجمعات الفقيرة.
ويرجع التقرير انتشار حالات الحمى والسل وداء السكري وارتفاع ضغط الدم في قارة أفريقيا، إلى تجربة تلك العقاقير على البشر، دون دراسة أعراضها الجانبية بصورة كبيرة، مشيرة إلى أن تلك الأمراض الأربعة لا وجود لها في أوروبا وأمريكا، التي يحظر فيهم تناول أي عقاقير قد يكون لها أعراض جانبية غير معلومة.
ونقلت الصحيفة عن مدير أحد الجمعيات التي تدير تجارب طبية، قوله:”جنوب أفريقيا بلد رائع للإيدز”؛ لأن عددا كبيرا من الأشخاص المصابين بمرض نقص المناعة “الإيدز”، ولم يحصلون على أي علاج بواسطة مضادات للفيروس، لذلك يشكل المرضى “السذج” أو ما يمكن القول إنهم “فقراء جدا” فرصة ذهبية للتجارب الطبية.
المصدر: سبوتنك