رأى السيد علي فضل الله في خطبتي صلاة الجمعة ان “لبنان الذي شهد في الأيام الماضية جلسة نيابية عامة عنوانها البحث في موازنة العام 2017، في هذا المجال وفي الوقت الذي نلحظ إيجابية تسجل للحكومة وللمجلس النيابي في إقرار موازنة للبلد بعد اثني عشر عاما من غيابها عن المشهد، ضرورة استمرارها، نظرا إلى دورها في تحقيق الانتظام المالي، فقد كشفت المناقشات التي جرت على الهواء الصورة القاتمة التي تلف المشهد المالي والاقتصادي، الذي ينعكس سلبا على كل الميادين الأخرى، ويؤدي إلى زيادة الإحباط لدى الناس وهم يشاهدون عدم مبالاة ممثليهم في حضور جلسات هي في غاية الأهمية لما ينبغي أن يتداول فيها”.
وأضاف”كما كشفت المناقشات أيضا مدى الخلل الذي برز في الموازنة بين الواردات والمداخيل والصرف وارتفاع نسب العجز في الموازنة، وانعدام نسبة النمو، والحديث الموثق عن مواطن الهدر والفساد والتهرب الضريبي، والمحاصصات، وعدم معرفة مصارف المليارات الإحدى عشرة، حيث يكثر الحديث عن تسويات أدت إلى إخراجها من التداول، ومع الأسف، لم يستمع اللبنانيون إلى مواقف جدية أو إلى رؤية أو حلول للأزمات الاقتصادية العاصفة. وعلى الأقل، هم لم يلحظوا أي إعادة نظر في السياسة التي أدت إلى تدهور المالية العامة، حيث اكتفى النواب، أو لنقل أغلبهم، من أجل الدقة، بخطابات شعبوية في هذا الزمن الانتخابي أو بالاكتفاء بإدانة الفساد”.
واستغرب السيد فضل الله أن “يستمع اللبنانيون إلى انتقادات للدولة وللحكومة من ممثلي هذه الدولة والحكومة، في الوقت الذي ينتظرون منهم أن يبينوا لهم الإنجازات التي حققوها أو المشاريع التي يقومون بها، إن من الطبيعي أن تنتقد المعارضة الَّتي لا تمثيل لها في الحكومة، ولكن من غير الطبيعي أن يصدر ذلك عمن يفترض بهم أن يكونوا موالاة ومشاركين في قراراتها، ونحن نعرف أنَّ من يتواجدون في الحكومة ليسوا نكرة فيها، بل هم أصحاب قرار، بعدما أصبح واضحا أن القرارات بأغلبيتها تؤخذ بالتوافق والمشاريع بالمحاصصة”.
وأمام هذا الواقع الاقتصادي والمالي الخطير، دعا السيد فضل الله اللبنانيين إلى أن يكونوا “أمناء على هذا البلد، وأن يكونوا رقباء فيه لا أن يكونوا على هامشه، إن من حق الأجيال القادمة علينا، إن لم نقل الأجيال الحالية، أن نرفع الصوت عاليا في مواجهة كلِّ من يستبيح الأمن المالي والاجتماعي أو يدير ظهره للفساد والإفساد. ولا يعتبرن أحد أن لا صوت له، فكل له صوته، ولا بد من أن تنضم الأصوات الواعية لتشكل رأيا عاما ضاغطا الآن، وبالطبع عندما يراد لنا أن نختار ممثلينا في المجلس النيابي”.
ورأى أنه “في الوقت نفسه، وعلى وقع الجلسات الَّتي جرت، لا بدَّ من أن يتحرك القضاء والجهات الرقابية للقيام بدورها في متابعة قضايا الفساد والهدر للمال العام، فلا ينبغي أن يضيع الحديث عنها في أدراج المجلس النيابي، وأن تبقى تسجيلا للنقاط أو صرخة في واد”.
وتابع “نبقى في لبنان، لنسجل ارتفاعا في منسوب الجريمة فيه، نخشى أن لا تكون آخرها الجريمة المروعة في زقاق البلاط، التي نفَّذها فتى لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، وهو ما يشير إلى حجم المشاكل التربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية، وضعف الوازع الديني، وانعدام الخوف من العقوبة الرادعة، إننا نخشى في ظل تمادي نسب الجريمة أن يعنون لبنان ببلد الجريمة، ومعالجة هذا الواقع تستدعي استنفارا تربويا واجتماعيا وإعلاميا تقوم به الأسرة والمدرسة ودور العبادة، لدراسة أسباب هذه المشكلة ومعالجتها، فضلا عن تشديد دور الدولة في تطبيق العقوبة الرادعة”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام