أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا عبد الله، وعلى الأرواح التي حلت بفنائك، عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم، السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام.
السادة العلماء، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته، وعظم الله أجوركم بمصابكم بحفيد نبيكم أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأهل بيته أصحابه وأنصاره.
أولاً: أشكر لكم هذا الحضور الكبير والواسع في الليلة الأخيرة. من واجبي في البداية أيضاً أن أتوجه بالشكر إلى كل المحبين في كل المناطق، في كل المدن والبلدات والقرى والأحياء الذين وعلى مدى الليالي الماضية والأيام الماضية أقاموا هذه المجالس في المساجد والحسينيات والمجمّعات والباحات والقاعات، وعبّروا عن حزنهم وألمهم لهذا المصاب العظيم وعن معرفتهم الواسعة ووعيهم الكبير بأهداف هذه الثورة العظيمة وهذا الشهيد العظيم والعزيز.
أتوجه بالشكر إلى كل الأطر والمؤسسات والتشكيلات والجمعيات والأحزاب والحركات والسادة العلماء وكل الذين نظّموا وأداروا وأحسنوا، وأيضاً كل الذين حموا من الإخوة والأخوات، والحمد لله عاماً بعد عام هذا الإحياء ينمو ويكبر كمّاً ونوعاً وعلى كل صعيد. يجب أن نخص بالشكر أيضاً الجيش اللبناني والقوى الأمنية الرسمية على الجهود الاستثنائية التي بذلتها حتى الآن، والمطلوب أيضاً أن تبذلها فيما بقي من ساعات إلى يوم الغد إن شاء الله عصراً إلى حين انتهاء إحياء هذه المناسبة العظيمة، ونسأل الله سبحانه وتعالى كما منَّ عليكم وعلينا جميعاً في الأيام والليالي الماضية بالأمن والسلامة والهدوء والإحياء المناسب والجميل واللطيف والمعبّر أن يتمّم علينا هذه النعمة وأن يؤدي الجميع إن شاء الله واجبهم ومسؤوليتهم في يوم الغد إن شاء الله.
أنا كما هي العادة ليلة العاشر نتركها للحديث عن المستجدات في لبنان وفي المنطقة والمواقف التي يمكن أن تُتخذ أو يعبر عنها، الهواجس، التهديدات، الفرص، بطبيعة الحال أنا قسمت حديثي إلى قسمين، قسم اليوم وقسم أتركه إلى يوم غد في يوم العاشر إن شاء الله، ولذلك هناك موضوعات يمكن ان لا نتكلم عنها الليلة نتكلم عنها غداً.
حديثي ثلاث قطع:
القطعة الأولى في الشأن المحلي الداخلي اللبناني.
القطعة الثانية في وضع المنطقة.
وثالثاً خاتمة وتجديد عهد وميثاق.
في الشأن اللبناني نحن ندعو إلى الحفاظ على الاستقرار العام الموجود في البلد، الاستقرار السياسي العام والحالة القائمة فعلاً من الهدوء والتواصل والحوار والتلاقي بين مختلف القوى السياسية وهذه مصلحة البلد، إدارة شؤون البلد رغم التعقيدات والصعوبات والاختلاف في وجهات النظر لا يمكن أن تعالج بذهنية التحدي ولا بذهنية المكابرة، وإنما بذهنية التلاقي والحوار والبحث عن الحلول ولو كان الأمر شاقاً أو متعباً كما يجري فعلاً، هذا ما هو قائم بنسبة كبيرة في البلد.
خلال الأيام الماضية كان لبنان أمام أزمة داخلية خطيرة وكبيرة بعد قرار المجلس الدستوري والخوف لدى الموظفين والأساتذة وكل من يشملهم قانون سلسلة الرتب والرواتب أن يطاح بالسلسلة، أيضاً كان البلد أمام استحقاق أو أزمة مالية خطيرة لكيفية التعاطي، الذهنية الإيجابية الابتعاد عن المكابرة، الابتعاد عن التحدي، الحرص على التوصل إلى حلول. أمكن اللبنانيين خلال أيام قليلة، وبالرغم من جو الضوضاء الذي ساد في البلد والتهويلات التي حصلت والمزايدات التي قامت، استطاعت الذهنية الإيجابية والبحث الجدي أن تقود البلاد لأن يتجاوز البلد هذه المحنة وأن يصل إلى حلول، وهي التي عبر عنها أمس، يعني مجلس الوزراء وأيضاً مجلس النواب سيقوم بما هو لازم أو مطلوب منه ونعبر هذه المسألة.
هذا مثل أحببت أن أبدأ منه كي أؤكد أنه نعم، يمكن مهما كانت التباينات ومهما كانت الصعوبات ومهما كانت الاختلافات أن نصل إلى حلول، كما حصل سابقاً في قانون الانتخاب، قانون الانتخاب أشهر طويلة وجدل ونقاش وجلسات صعبة ومتعبة، وأحياناً مجهدة للذين كانوا يشاركون في هذه الجلسات، وبالرغم من أننا بدأنا من هذه التباينات الحادة إلا أنه تم التوصل في نهاية المطاف إلى قانون هو ليس على مقياس أحد، لا يستطيع أحد أن يقول أن هذا القانون هو على مقياس أحد، لكن بالتأكيد هو يحقق مصلحة وطنية كبيرة جداً.
هذا المناخ العام وهذا التوجه العام هو ما أردت أن أبدأ منه وأن أؤكد عليه، نسمع في الأيام الأخيرة بعض المعلومات، نحن ليس لدينا معلومات دقيقة حول هذا الموضوع، لكن بعض ما يتم تداوله في الصالونات السياسية والإعلامية أن هناك من يعمل ويحضّر لمواجهة سياسية جديدة في لبنان، وإلى اصطفافات جديدة، الآن الاصطفافات إذا كان لها علاقة بالانتخابات فإنه لا توجد مشكلة، هذا حق طبيعي لكل القوى السياسية كي تذهب إلى عمل تحالفاتها واصطفافاتها، لكن الحديث عن تحريض ما لدفع لبنان إلى مواجهة داخلية جديدة، سواء على المستوى السياسي أم على المستوى الشعبي ، هذا أمر يجب أن نحذر منه في بداية الكلمة.
مصلحة لبنان، أيها الإخوة والأخوات ولكل المستمعين، مصلحة لبنان الحقيقية هي تجنّب الدخول في أي مواجهة داخلية تحت أي عنوان من العناوين، أنظروا إلى وضع المنطقة الذي سوف أتحدث عنه بعد قليل، التشتت والتمزق والحروب وانهيار المحاور وقيام محاور جديدة، يبدو أن الأميركيين يحضرون لحروب جديدة أيضاً في المنطقة، وعداوات جديدة وصراعات جديدة، أين هي مصلحة لبنان وشعب لبنان في الدخول إلى مواجهات على المستوى الوطني؟ لا توجد مصلحة على الإطلاق.
مصلحة لبنان وشعب لبنان، المصلحة العليا لمن يبحث عن المصلحة العليا أن نحافظ على الاستقرار العام القائم، وعلى مناخ التلاقي والتعاون الممكن والمتاح، والبحث عن حلول ولو بصعوبة أو تعب وتجنّب الذهاب إلى صدامات وإلى مواجهات.
لا أقول هذا، وأنتم تعرفون أنني لا أقول هذا من موقع قلق ولا من موقع خوف ولا من موقع ضعف، الكل يعرف إذا أردت أن أتكلم عن حزب الله الذي أنا أتكلم باسمه الآن، أو عن فريقنا السياسي اللبناني أو حلفائنا، أو عن محورنا الذي ننتمي إليه كحزب الله ولا ألزم بقية الحلفاء بالانتماء إلى هذا المحور، الكل يعرف أننا لسنا في موقع ضعف أو قلق أو خوف، على مستوى حزب الله الكل يعرف أنه منذ تأسيس حزب الله في العام 1982 إلى اليوم، اليوم حزب الله في أقوى وضع متصور وممكن، سواء تحدثنا سياسياً أو شعبياً أو جماهيرياً أو عسكرياً أو أمنياً، على مستوى البلد أو على مستوى المنطقة، هذا ما يعبّر عنه في لبنان بمشكلة فائض القوة، إذاً أنتم تعترفون لنا بفائض القوة وتسألون عن هذا الفائض كيف سيُصرف؟ و”إسرائيل” أيضاً تعترف عندما تتحدث، وهذا يحتاج إلى قليل من النقاش وهذا لا يعني أنني موافق على هذا التوصيف، عندما تتحدث عن حزب الله أنه الجيش الثاني في المنطقة، لا أحد يناقش أننا لسنا خائفين ولا ضعفاء ولا قلقين، وإنما نتكلم من موقع الحرص ومن موقع المسؤولية.
لذلك، أنا أدعو القوى السياسية التي يقال بأنها تدفع إلى هذا الاتجاه أنّى تكون على المستوى المطلوب من الوعي، وأن لا يسمح أحد لأحد بأن يدفع أحداً في لبنان إلى مواجهة وإلى مؤامرة، وإلى مواجهات نتيجتها محسومة وواضحة الفشل والخسارة، لا أنصح أحد أن يفكر بدفع لبنان إلى مواجهات داخلية، لا على المستوى الداخلي ، إذا أحد يفكر بذلك، ولا على المستوى الإقليمي، إذا أحد يفكر بذلك، وخصوصاً الدولة التي الحرف الأول من أسمها السعودية، يعني بكل صراحة إذا أحد يفكر بأن يأخذ لبنان إلى مواجهات داخلية فهو يقوم بمغامرة غير محسوبة النتائج وغير مدروسة النتائج، بل أقول لكم نحن نراها مغامرة فاشلة ونتائجها فاشلة، في كل الفشل الموجود في المنطقة لذلك المشروع.
بناءً على هذا المناخ وعلى هذه المقدمة، أرتّب ما يلي:
أولاً: نحن مع استمرار الحكومة الحالية بالعمل إلى آخر يوم من حقها الدستوري، يعني إلى الانتخابات وإلى وجوب تشكيل مجلس نيابي جديد. ما يقال في البلد عن أن هناك نوايا من هنا ومن هناك لإسقاط الحكومة واستبدال الحكومة بتشكيل آخر، فيما يعني حزب الله وأيضاً فيما يعني حلفاءنا وأصدقاءنا ، لا أعتقد أن أحداً يفكر بهذه الطريقة، لا أدري إذا كان هناك أحد ما في مكان ما يفكر بطريقة كهذه، لكن نحن مع استمرار هذه الحكومة إلى آخر يوم لتقوم بواجباتها ومع التعاون الإيجابي وليس مع تقطيع الوقت، بل مع التعاون الإيجابي ومع معالجة الملفات بكل الإمكانيات والسبل المتاحة.
ثانياً: نحن في الموضوع الأخير الذي أثير، في موضوع السلسلة والحلول التي تم التوصل إليها، نؤكد على مواصلة هذا المسار ولا داعي أن يقلق أحد والجميع متفق، ونحن لم نشعر أنه يوجد أحد ـ كي لا يزايد أحد على أحد في هذا الموضوع ـ أنه يوجد أحد لا يريد أن ينفذ قانون السلسلة، حيث أننا كلنا قمنا بالتصويت عليه في مجلس النواب، فلا داعي للقلق. المعالجات والمسار الذي اتفق عليه هو مسار جيد ومعقول ومناسب ضمن المتاح، طبعاً هذا يجب أن يفتح الباب أمام معالجة مالية شاملة، في موضوع إقرار الموازنة وفي موضوع قطع الحساب وفي موضوع تسوية أو معالجة أو كشف كل ما يرتبط بمالية الدولة خلال كل السنوات الماضية، لأن محاربة الفساد لكل من يعلن محاربة الفساد يبدأ من هنا، من سدّ أبواب الفساد، ومعالجة أبواب الفساد، واللبنانيون معنيون أن يعرفوا ماذا حصل خلال كل السنوات الماضية على هذا الصعيد، المعالجة المالية الجادة، والمواظبة الحكومية خلال الأيام القليلة الماضية من خلال الجلسات المتكررة، وتلاقي القوى السياسية والمسارعة إلى معالجة الأزمة التي استجدت هي عامل مبشر للبنانيين أن دولتهم حريصة على منع ذهاب البلد إلى أي انهيار مالي أو اقتصادي يتحدث عنه البعض أو يحذر منه البعض أو يهوّل به البعض، ومن هذه الجهة يجب أن يكون لدى الناس مستوى معقول من الاطمئنان مع مواصلة مطالبة المسؤولين بالعمل الجاد لمعالجة هذه الملفات القائمة والعالقة.
ثالثاً: في الوضع اللبناني وفي الوضع الداخلي، في مسألة الانتخابات وما أثير أيضاً في الأسابيع القليلة الماضية عن احتمال تمديد جديد أو تأخير للانتخابات، بحجج تقنية أو فنية أو ما شاكل… أريد أن أضم صوتي وصوت حزب الله إلى صوت دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري بالقول إنه قطعاُ إن شاء الله لا يوجد تمديد ولا يوجد تأجيل للانتخابات، هناك انتخابات ستجري، لا تمديد جديد ولا تأخير جديد ، الآن نقرب،الآن نمدّد للانتخابات أو لا نمددها هذا بحاجة إلى نقاش على المستوى الوطني، لكن تمديد، نحن نستطيع أن نجزم بناء على ما نعرفه من إرادة القوى السياسية انه لا يوجد أي تمديد، سبب للتمديد، لم يكن هناك سبب للتمديد، لأنه إذا كان هناك أسباب فنية أو تقنية أو تعقيدات معينة يجب أن نعمل على معالجتها وعلى تجاوزها، بالتأكيد بالانتخابات القريبة المقبلة لأنه بعد بضعة أشهر فقط يجب أن تجري على أساس قانون الانتخابات الذي أقر في مجلس النواب، دون إجراء أي تعديل على قانون الانتخاب وعدم فتح أي باب لإجراء تعديلات على قانون الانتخاب، لأن أي نقاش جديد في بند من قانون الانتخاب أو تعديل معين سيعيدنا إلى نقطة الصفر، ويهدد الانتخابات المقبلة التي نصر جميعا على أهمية ووجوب إجرائها. أما فيما يتعلق بالآليات الإجرائية، فهذا موضوع مفتوح للنقاش، ويجب أن يكون الحرص والأصل الحاكم هو كيف نسهّل إجراء الانتخابات دون أي مبرر أو سبب أو ذريعة أو أي تأجيل ولو ليوم واحد، لأنه حتى تأجيل تقني نحن لا نوافق عليه ولو ليوم واحد، يجب أن تجري الانتخابات في مواعيدها المحددة والمقررة وعلى أساس قانون الانتخاب الذي أقر.
طبعاً، هناك أناس حاولت بالبلد أن يقولوا إن قانون الانتخاب هذا هو على قياس حزب الله، وقتها نحن لم نعلّق، تركنا الموضوع، لكن هذا خطأ، ما كان يُطالب به حزب الله وأيضاً حركة امل والكثير من حلفائنا، نحن كنا نطالب بالنسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة، واذا ننزل فإلى دوائر انتخابية أوسع، هناك الكثير من التفاصيل التي أقرّت في قانون الانتخاب، هي لا تتناسب مع القياسات الحزبية إذا كنا نريد أن نتحدث عن قياسات حزبية، وعقدت الامور، لأن كل طرف كان يحاول أن يراعي مصالحه ما أمكن.
في نهاية المطاف هذا قانون تسوية، هذا لا يصح أن يقال إنه قانون الحزب الفلاني أو الحركة الفلانية أو التيار الفلاني أو الزعيم الفلاني، هذا قانون انتخابات قام على أساس تسوية وطنية ممكنة، وهو الذي يجب أن يراعى ويجب أن ينفذ،
رابعاً: في الملف الأمني، يجب أن ننوّه بإنجاز تحرير كامل السلسلة الشرقية والجرود، وفيما سمي بالتحرير الثاني، ونثمّن كل التضحيات من الجيش اللبناني والقوى الأمنية ورجال المقاومة، وشعبنا وأهلنا، خصوصا في منطقة البقاع. هذا إنجاز مهم جداً، هذا كما قلنا في ذلك الحين ـ ونريد أن نؤكد عليه الليلة ـ يُنهي الوجود العسكري للإرهابيين، وللجماعات التكفيرية، ولكن يبقى التهديد الأمني قائما، طبعا ليس بمستوى ما كان في السابق، لأنه في السابق، كان هناك جرود وكهوف ووديان وجبال، وحتى يوجد مخيمات كان يُمنع تفتيشها بشكل أو بآخر، كان هناك قاعدة لوجستية كبيرة وخطيرة جداً، تُصنع فيها السيارات المفخخة، وتُصنع فيها العبوات الناسفة وتشكل ملاذاً آمنا للانتحاريين وللذين يخططون للعمليات الانتحارية، هذا كله انتهى، لذلك التهديد نعم تراجع ولكنه لم ينتهِ، يعني أنا لا أوافق على القول إن التهديد الأمني بعد زوال الوجود العسكري للإرهابيين. كلا، التهديد الأمني إما لم يزد أو أنه تراجع، ولكن الصحيح أنه ما زال قائماً، لماذا تراجع لأنه يوجد قاعدة كبيرة للإرهاب كانت موجودة في تلك المنطقة، الآن انتهت، الذي كان يريد أن يأتي بسيارات مفخخة لم يعد باستطاعته أن يأتي بسيارات مفخخة.
طبعا، يوجد شيء مطلوب من الجيش اللبناني وهو يقوم به، المطلوب تنظيف المنطقة والجرود، لأن الجرود مليئة بالألغام وبالأحزمة الناسفة وبالمغارات وبالوديان التي تركت ولم تسلّم او لم يأخذها المسلحون معهم، هذا كله يجب أن ينظّف.
على كل الأحوال، القاعدة اللوجستية البشرية لانطلاق العمليات الإرهابية باتجاه بلدات البقاع، أو المدن وبلدات البقاع اللبنانية، هذه القاعدة انتهت، وبالتالي قدرة الجماعات الارهابية على تنفيذ عمل أمني تراجع، لكن التهديد ما زال قائماً وخصوصا أن داعش تعيش مراحلها الأخيرة، هذا ممكن أن نتكلم عنه لاحقا، ومن الطبيعي أن تلجأ الى هذا الخيار الآن، هذا يعني أنه في الداخل اللبناني ما يقوم به الجيش والقوى الأمنية وما نساعد عليه جميعاً يجب أن يستمر بمزيد من اليقظة ومزيد من الوعي والتنسيق والحضور، حتى نمنع أي خطر أمني على بلدنا.
ويجب أن نسجل، وبالرغم من تفاهات بعض السفارات الأمنية في لبنان، يجب أن نسجّل أن لبنان هو بلد بالرغم من كل ما يجري في المنطقة، هو من أكثر البلاد أمناً في العالم، وليس في منطقتنا أو في منطقة الشرق الاوسط، واسمحوا لي أن أقول، الآن في الأمن الداخلي لبنان أكثر أمناً من الولايات المتحدة الاميركية، أكثر أمناً من واشنطن نفسها، إذا كنا نريد أن نتكلم بالأمن والأمان والسلامة الفردية للأشخاص، بالرغم مما يجري عندنا في البلد من بعض التفاصيل.
إذاً التأكيد على الوعي الأمني واليقظة الأمنية، ولذلك ما قيل أيضاً خلال الأسابيع الماضية عن تخفيف إجراءات أمنية في مناطق الضاحية الجنوبية أو في أماكن أخرى، هذا غير صحيح ولا ينبغي أن يكون الانتباه والاحتياط والإجراءات الأمنية، يجب أن يستمر حتى إشعار آخر. ليس الآن هو الوقت المناسب لتخفيف الإجراءات الأمنية أو تخفيف الحذر الأمني.
أيضاً في الموضوع الأمني، وما زلنا نتكلم بالموضوع الكبير، فيما يتعلق بمخيم عين الحلوة، نحن واعتبار البعض أنه اليوم ممكن، بعض الاشخاص هناك يشكلون تهديداً أو بؤرة أو ما شاكل، نحن طبعاً مع التواصل مع الفصائل الفلسطينية، ومعالجة الأمر بحكمة وتجنب الذهاب إلى صدام، كما يمكن للبعض أن يفكر أو يحلو له أن يجر الجيش اللبناني والمخيم إلى صدام.
ونحن أيضاً في مخيم عين الحلوة وفي كل المخيمات الفلسطينية، نحن لسنا فقط مع المقاربة الأمنية، نحن مع المقاربة الشاملة، الاجتماعية والسياسية والانمائية لأنه نحن نعرف أنه هناك لجنة كانت قد شكلت عند رئاسة الحكومة من مندوبين عن مختلف القوى السياسية وتم التوصل إلى ورقة للتعاطي اللبناني الفلسطيني ونطالب بإحياء هذه الورقة والعمل على تنفيذها، وهذا سيعزز التعاون اللبناني والفلسطيني مع المخيمات ويساعد الفلسطينيين، لأن المطلوب مساعدة فلسطينية حقيقية في الموضوع الامني، وهذا لا يكفي فيه المقاربة الأمنية وإنما التواصل والتعاون على أكثر من صعيد.
أيضاً بالسياق الأمني اسمحوا لي أن ألفت إلى مسألتين أخيرتين في الملف الأمني:
المسألة الاولى أنه تقع بعض الأحداث الصغيرة في لبنان، هذا أين؟ أنا قلت لكم بأنكم إذا أتيتم بإحصاء واشنطن، فقط يومياً وخلال كل يومين ثلاثة كم عدد عمليات إطلاق النار التي تحصل، وكم من القتلى والجرحى وحوادث سرقة وحوادث اغتصاب وما شاكل، موجود كل هذا في وسائل الاعلام، وكذلك في بعض المدن الاميركية الأخرى. حسناً هذا يجري أيضاً في بلدنا، لكن أحياناً نتيجة المناكفات السياسية أو نتيجة التضخيم الإعلامي يتم تكبير بعض الأحداث الأمنية الصغيرة، هذا لا ينبغي أن يكون. القوى السياسية ووسائل الإعلام يجب أن تكون حريصة جداً على إعطاء الحوادث الأمنية الصغيرة والتي غالبا ما يكون لديها طابع فردي وشخصي حجمها الطبيعي، هم يفكرون أنهم يسيئون مثلا إلى هذه الجهة أو تلك الجهة أو إلى النازحين السوريين أو إلى اللاجئين الفلسطينيين أو أهل المنطقة الفلانية ولكن الحقيقة هذا السلوك يؤدي إلى الاساءة للبلد ولصورة البلد ولتقديم لبنان أنه بلد لا يوجد فيه أمن ولا يوجد فيه سلامة ولا يوجد فيه ضمانات أمنية وهذا له مخاطر على كل صعيد على الموضوع الاقتصادي، على الموضوع السياحي، على موضوع الطمأنينة النفسية حتى لسكان البلد من اللبنانيين وغير اللبنانيين.
ونقطة أخيرة في الملف الأمني، أنا أتكلم بسرعة من أجل أن ألحق بكل النقاط ومن أجل أن لا أطيل عليكم كثيرا، النقطة الاخيرة في الملف الامني واسمحوا لي أيضاً في هذه الليلة بما لها من خصوصية، بما لها من كرامة، بما لها من استحضار وجداني لحدث تاريخي عظيم ومهم أن أشير إلى هذا الموضوع، وهو موضوع إطلاق النار في الهواء. نحن قمنا بجهد خلال السنوات الأخيرة أعطى نتائج جيدة. أنا شخصياً ـ لمعلوماتكم ـ كلّفت مجموعة من الإخوة في كل تشييع شهيد يجب أن يشارك واحد منهم بتشييع شهيد وأن يرسل لي تقريراً: هل كان يوجد مظاهر مسلحة أم لا؟ صار إطلاق نار أو لا؟ إذا حدث إطلاق نار ما هو حجم إطلاق النار؟ إذا تم إطلاق النار ممّن؟ من شباب الحزب أم من العائلة أو من الأصدقاء؟
هناك متابعة حثيثة لهذا الموضوع، أنا أطالب لأنه من مدة أيضاً كان هناك كلام في البلد عن السلاح المتفلّت خصوصاً بعد ما حصل في تشييع شهداء الجيش وسقوط ضحايا بإطلاق النار.
هذا الأمر يجب أن أعيد القول بأنه من الناحية الشرعية الدينية حرام، حرام إطلاق النار في الهواء، حرام شرعاً، عند الشيعة وعند السنّة وعند كل المراجع “الذي يقول لي تقليد وما تقليد”، استفتوا، اسألوا، لأن إطلاق النار في الهواء يؤدي غالباً إلى ضحايا، إلى شهداء، إلى جرحى، إلى خسائر مادية، ويؤدي دائماً إلى حالة إرعاب وإرهاب للناس للسكان، الناس جالسة في منازلها، يوجد كبار السن، يوجد أطفال، يوجد مرضى، يوجد حوامل، يا أخي خافوا الله، اتقوا الله في هذا الأمر.
للأسف الشديد، رغم كل المناشدات السابقة بعض القوى السياسية لم تحرك ساكناً في هذا الأمر، هو حرام شرعاً وممنوع قانوناً وتم وضع قانون في مجلس النواب في هذا الموضوع لكن المعالجات ما زالت معالجات قاصرة.
على صعيدنا، أنا أعرف من خلال المتابعة أننا وُفّقنا في نسبة عالية جداً، لا اقول مئة بالمئة. أنا تقييمي من خلال التقارير أن في 80% بالحد الادنى نحن استعطنا أن نحد من هذه الظاهرة، لكن ما زالت ظاهرة موجودة وخطيرة ويجب أن نتعاون جميعاً: المسؤولون، الرؤساء، الوزراء، النواب، المدراء، الجيش، القوى الأمنية، العلماء، الجهات الدينية، السياسية، الحزبية، الأساتذة، المعلمون، يا أخي الأمر يحتاج إلى حملة شاملة، لأن هناك بعض الناس ما زالوا يعتبرون أنه في حال لم يطلقوا النار في تشييع الشهيد فهذه منقصة، بالعكس إطلاق النار هو المنقصة، إطلاق النار هو العيب، إطلاق النار هو الحرام.
وفي حال رُزق بولد ولم يطلق النار فهذه منقصة، إذا نجح ابنه بالامتحانات ولم يطلق النار فهذه منقصة. بالعكس هذا الحرام، وهذا المنقصة وهذا العيب، انه حينما تقوم بعمل شيء خلاف الدين وخلاف القانون وخلاف القيم الاخلاقية ومشاعر الناس هو المنقصة.
أنا في هذه الليلة أحببت أن أركز وأن أذكّر بهذه النقطة لأنها ما زالت مشكلة حقيقية قائمة في البلد، وانظروا إلى الإحصاءات: مع كل إطلاق نار هناك شهداء وجرحى وضحايا ورعب وخوف ولأسباب تافهة، طبعاً لا يوجد أي سبب لإطلاق النار، كلها اسباب تافهة، هذا في هذذا الملف.
بعد، في القضايا الداخلية يوجد ملف النازحين، اليوم كلنا نجمع بأنه يوجد مشكلة بهذا الموضوع، وتزداد هذه المشكلة وتأخذ ظواهر جديدة. قبل أيام في بلدة في زغرتا حصلت حادثة قتل وردة فعل من الناس، اضطر النازحون الموجودون في المنطقة وفي محيطها أن يجمعوا كل أغراضهم ويركبوا في الشاحنات ويغادروا إلى مكان اخر، هذا الأمر قد يتكرر في أي بلدة أخرى.
الضغط الاقتصادي، الضغط النفسي، الضغط الأمني، إلى متى هذا الأمر يبقى بلا علاج؟
تكلمنا سابقاً أن الكلام هو عن العودة الطوعية أو العودة الآمنة، يا أخي حتى العودة الطوعية لا أحد يشتغل عليها، لا الملفات الحكومية المعنية تعمل، ولا الوزارات المعنية تعمل، ولا الإدارات المعنية تعمل، ولا القوى السياسية تعمل. لا أحد يعمل على عودة طوعية، فضلاً أن نصل عندما نصل إلى العودة الآمنة.
هنا اللبنانيون جميعاً مسؤولون ولو فيما هو نقطة إجماع، نحن مختلفون على العودة الآمنة ولكننا متفقون أنه في حال كان النازحون السوريون أو اعداد كبيرة منهم أرادوا أن يعودوا، هل يوجد أحد في لبنان يقول إنهم لا يجب أن يرجعوا؟ ولو في الحد الادنى علنا لا أحد يقول، ضمناً يوجد أحد لا يريدهم أن يرجعوا حتى طوعاً لأسباب سياسية، لأسباب أمنية، لأسباب مالية واقتصادية، هذا شأن آخر، ولكن بحسب الظاهر كل اللبنانيين وكل القوى السياسية يقولون نعم، نحن مع العودة الطوعية للنازحين. ماذا فعلنا للعودة الطوعية للنازحين؟ لا أحد يفعل شيئاً بهذا الموضوع. نحن قمنا بجهد معين له صلة بالمعركة في الجرود ومخيمات النازحين في عرسال وما شاكل. عمل محدود وصار على (النهاية). يمكن بعد في خطوة أخيرة سنقدم عليها بعد مدة.
أما لبنان ماذا فعل في هذا الموضوع؟ هذا من جهة والمسؤولية الملقاة على عاتق السوريين من جهة أخرى.
أريد الليلة أيضاً أن أوجه خطاباً للنازحين السوريين أنفسهم: إخواننا، يا أهلنا يا أعزاءنا، وطبعاً النازحون، ليس كلهم معارضة، يوجد لاجئون سوريون في لبنان هم ليسوا مع المعارضة، هم مع النظام، أو ليسوا ضد النظام، مثلا محايدون ويوجد ناس مع المعارضة، أخاطب الجميع واقول لهم: مصلحتكم الحقيقية هي في العودة إلى بلدكم، موطنكم الحقيقي، بلدكم الحقيقي، مستقبلكم الحقيقي، حياتكم الحقيقية، هي في بلدكم.
انظروا إلى العبرة في كل البلدان التي حصلت فيها أحداث مشابهة، يوجد أناس يتمنون العودة إلى بلدهم، الفلسطينيون ما زالوا متمسكين حتى الآن بحق العودة، أما أن يكون هناك نازحون لدينا في لبنان لا يفكرون حتى بالعودة، فهذا امر غير مناسب وغير صحيح وخاطئ. مصلحتكم أن تعودوا إلى بلدكم وأن تساعدوا في الدفاع عن بلدكم وأن تشاركوا في إعمار بلدكم.
اليوم العالم، الدول في العالم، الشركات الكبرى في العالم، أيضاً ـ من غير شر ـ عندنا في لبنان يوجد شركات ويوجد شركات موجودة ويوجد شركات بدأت تُشكل بأسماء وظواهر وبواطن وما شاكل وعيونها مشدودة للعمل في سوريا. طبعاً بين هلالين الغريب أن بعض القوى السياسية تطالب أن يكون لبنان منصة أساسية للمساعدة في إعادة إعمار سوريا، ولا يريدون أن يتكلموا مع الحكومة السورية. هذا الأمر كيف؟ بالتهريب؟ بالباراشوت مثلاً؟ كيف سيحدث هذا؟ كيف يمكن للبنان أن يكون منصة أساسية تساعد في إعمار سوريا وممنوع أن يتكلم أحد مع أحد؟ وإذا التقى وزير خارجية لبنان مع وزير خارجية سوريا تقوم القيامة ولا تقعد، وفي حال وزير الزراعة أو وزير الصناعة أو وزير الأشغال أو أي وزير يلتقي أو يزور يقوم مشكل كبير سياسي في البلد، هذا لا ينسجم مع بعضه بين هلالين.
إذاً أيها النازحون السوريون: كرامتكم، حياتكم، حقكم أن تعودوا إلى بلدكم وأن تستفيدوا من كل هذه التجارب التي تشاهدونها وما زلتم تشاهدون معاناة شعوب عاشت معاناة مشابهة.
كل الضمانات المطلوبة ـ إذا كانت المشكلة حقيقةً هي مشكلة ضمانات ـ يمكن تقديمها، ويمكن تشغيلها، كل الضمانات وعلى ضوء التجارب الموجودة في سوريا.
هذا الملف لا يجوز أن يستمر ملفاً للمزايدة الانتخابية، وبصراحة هو ملف مزايدة انتخابية، يوجد أناس لو تجلس معهم في الغرف المقفلة وتقول لهم تعالوا لنتكلم في المصلحة الحقيقية بعيداً عن المزايدات يسلّم بهذه النتيجة، لكن لأننا نحن ذاهبون إلى الانتخابات يوجد أناس تريد أن تزايد في الانتخابات لتحصّل أصواتاً وتخترع معارك لم يعد لها أفق، لم يعد لها معنى، لم يعد يتوقف عليها أي نتائج، وعلى حساب ماذا؟ على حساب معاناة النازحين ومعاناة الناس اللبنانيين والسوريين في وقت واحد.
النقطة الأخيرة أو ما قبل الاخيرة بالملف الداخلي هي التعاطي الرسمي مع الخروقات الإسرائيلية. في الآونة الأخيرة، بعد قرارات مجلس الدفاع الأعلى أو الحكومة اللبنانية وما سمعناه أيضاً من خطابات لفخامة رئيس الجمهورية في الأمم المتحدة وفي فرنسا، نحن أمام تعاطٍ جديد ندعو إلى استمراره وتفعيله وأخذه بجدية. وعندما يعود رئيس لبنان، رئيس جمهورية لبنان حاملاً للقضية الفلسطينية ولقضية اللاجئين الفلسطينيين ولقضية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية في لبنان، هذه نقطة امتياز للبنان في المرحة الحالية التي ينسى فيها كثيرون فلسطين والقدس والمقدسات، بل يتآمر فيها كثيرون على فلسطين والقدس والمقدسات. وهذا دائماً هو موضع إشادة.
ما أريد أن أؤكد عليه أيضاً في هذا السياق هو أنه لا يجوز أن تصبح الخروقات الإسرائيلية اليومية للبنان أمراً طبيعياً، بينما زرع شجرة على الحدود أمر يُرفع به شكوى إلى مجلس الأمن. حتى لو لم يصغِ مجلس الأمن إلى لبنان، يجب أن يستمر برفع الشكاوى ويجب أن يرتفع الصوت في المحافل الدولية ويجب أن يسلّط الضوء إعلامياً على كل الخروقات الإسرائيلية. يجب أن لا تكون أخباراً منسية أو في آخر النشرات. هذا الأمر يحصل في كل يوم.
ما يتم كشفه الآن من أجهزة تنصت أو كاميرات مفخخة هذا أمر خطير. صادف أن شباب المقاومة اكتشفوا أو مخابرات الجيش اكتشفت هذا الأمر، ولكن يمكن لأي مزارع أو لأي مواطن ان يقترب من هذه الكاميرا وأن يمد يده إليها فتنفجر به. وهنا نتأكد انهم لا يزرعون كاميرات للمراقبة أو اجهزة تنصت من أجل أن يخفف أحد من خطورة هذا الخرق. هم يزرعون عبوات ناسفة تقتل وتُزرع داخل الأراضي اللبنانية، وهذا خرق كبير وخطير ولا يجوز التساهل به. فلنتصور مثلاً، إذا قامت المقاومة بعبور الحدود ووضع كاميرا وتقوم بتفخيخها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا حق طبيعي، باعتبار أن لبنان بلد مهدد وتقوم إسرائيل أو الجيش الإسرائيلي باكتشاف هذه العبوة، فكيف سيكون الحال في المنطقة والعالم؟ ماذا سيكون رد فعل أميركا وفرنسا وأوروبا والأمم المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة؟ طبعاً ستقوم الدنيا وتقعد وسيعتبرون أن هذا خرق خطير وقد يجر المنطقة إلى حرب. اذاً فلماذا هذه الكاميرا مع عبوة داخل فلسطين المحتلة عند الحدود يتعاطى معها هكذا، وعبوات ناسفة في حقولنا وفي تلالنا في أماكن مختلفة عند الحدود الجنوبية يتم التعاطي معها كخبر عادي؟ لكن هو ليس خبراً عادياً وهذا الأمر لا يجوز السكوت عنه، وأنا أقول لكم هذا الأمر إن لم يُعالَج بالطرق السياسية نحن سوف نبحث عن وسائل لمعالجته أيضاً، ونحن لا نستطيع أن نترك تلالنا وحقولنا ومزارعنا وجوار ديارنا وقرانا عرضة للعبوات الناسفة وأجهزة التفجير التي من الممكن أن تقتل المزارعين وأهلنا وشعبنا، وهذا أمر لن نسكت عنه على الإطلاق فيما بعد. لذلك يجب أن يعالج، يجتمعون في الناقورة ويتكلمون في هذا الموضوع أو بمجلس الأمن، لكن أنا أريد أن يعلم كل الناس أن هذا أمر خطير ولا يجوز السكوت عليه. إلى الآن الأمور سارت على خير. العديد من الكاميرات المفخخة تم اكتشافها من خلال الأجهزة المعنية في الجيش اللبناني، لكن لاحقاً إذا لم تسر الأمور على خير، إذا انفجرت وقتلت مدنيين لدينا وجرحت مدنيين لدينا، هل يصلح أن نسكت على هذه الاستباحة الإسرائيلية؟ أليس هذا خرقاً لللقرار 1701؟
هذا أمر أضعه أيضاً في عهدة المسؤولين.
أكتفي بالوضع المحلي بهذا المقدار ولنقوم بإطلالة مختصرة على وضع المنطقة وغداً إن شاء الله سنكمل بالمواقف التي تتعلق بوضع المنطقة.
إذاً بالوضع المحلي لكي أقوم بخلاصة، الخلاصة كما بدأت: نحن ندعو إلى الحفاظ على الاستقرار والمناخ الإيجابي العام والتلاقي بين القوى السياسية واستمرار عمل الحكومة وتفعيل مجلس النواب ومعالجة الملفات وعدم تقطيع الوقت من أجل الانتخابات لا بل معالجة الملفات قدر ما أمكن واليقظة على المستوى الأمني والتحضير الجيد رسمياً وشعبياً للانتخابات التي يجب أن تجري دون تأجيل او تمديد وعلى أساس القانون المقرر من قبل مجلس النواب والتعاطي مع النازحين وملف المخيمات بروح إيجابية حريصة ومن منطلق إنساني وأخلاقي يؤدي إلى نتائج أمنية وسياسية مناسبة للجميع.
أما في وضع المنطقة نحن الآن في نهاية مرحلة تحتاج إلى بعض الوقت: داعش في نهايتها والمسألة هي مسألة وقت، في العراق هي في نهايتها العسكرية، وكما تكلمنا عن النهاية العسكرية في لبنان، وفي سوريا هي في نهايتها العسكرية أيضاً، وما جرى في اليومين الماضيين الأخيرين هو أمر طبيعي، لأن داعش عندما تحاصَر في هذا المثلث الأخير ما بقي من مدينة دير الزور وما بقي من محافظة دير الزور (الميادين والبوكمال وبعض القرى والبلدات غربي نهر الفرات وشرقي نهر الفرات باتجاه الحدود العراقية) من الطبيعي أنه خلال هذه المرحلة وهذا حدث في السابق والآن حدث وسيعاد في المستقبل أن لدى داعش من انتحاريين وانغماسيين وباحثين عن الموت المجاني سيحاولون القيام بهجمات متفرقة عاجزة عن استعادة الأراضي وعاجزة عن استعادة الميادين ولكنها تحاول استنزاف الجيش السوري واستنزاف الحلفاء لتأخير حسم المعركة مع داعش في سوريا. ولكن هذا الأمر لن يجدي نفعاً لأن قرار حسم المعركة مع داعش في سوريا محسوم ومنتهٍ ومأخوذ، والموضوع هو موضوع وقت، وطبعاً الوسيلة لذلك هي مواصلة العمل الهجومي. هم عادة عندما يتم استعادة المنطقة ويأخذ بعض الوقت لتثبيت الدفاعات أو للتحضير لهجومات جديدة يحاولون شن هجمات من هذا النوع، وهذا لن يغيّر في المعادلة شيئاً، نعم هناك تضحيات وهناك شهداء من الجيش السوري ومن المقاومة ومن الحلفاء، ولكن هذه طبيعة المعركة في تلك الصحراء الشاسعة. عشرات آلاف الكيلومترات تجري عليها المعركة الآن، لكن هذا الموضوع ذاهب إلى الحسم.
ويبقى طبعاً تهديد داعش الأمني في العراق وفي سوريا وفي لبنان، وهذا دائماً نتكلم عنه، وفي المناطق المتبقية ماذا يفعلوا بها، إن كان في ليبيا أو داعش الموجودة في سيناء أو الموجودة في نيجيريا وفي اليمن، وهذه استحقاقات موجودة أمام هذه الدول وهذا يعني منطقتنا المباشرة وحيث نحن نتحمل او نشارك في تحمل مسؤولية. نحن نستطيع أن نعتبر أن داعش هي في المراحل الأخيرة من حياتها ووجودها العسكري. إذاً داعش هذه كانت أداة للتدمير وأداة للتخريب وأداة للتخريب وأداة للاستنزاف. وأسوأ ما في داعش أنها فعلت كل أعمالها باسم الإسلام.
هناك شيء له علاقة بداعش سوف أتكلم به غداً ولكن سوف أقوم بالانتقال الآن ونحن ننتهي من مؤامرة داعش ونُسقط مؤامرة داعش التي صنعتها أميركا ودعمتها إسرائيل وقوى إقليمية وجاءت في سياق مشروع في المنطقة وهذا يتأكد يوماً بعد يوم، الآن المنطقة تتحضر لشيء آخر أيضاً سيء وخطر ويحتاج إلى تحمل مسؤولية، كما تم تحمل المسؤولية في مواجهة داعش لإسقاط هذا المشروع، ودائماً أنا أحب أن أذكّر الحاضرين والسامعين: افترضوا أن داعش انتصرت في العراق، افترضوا أن داعش انتصرت في سوريا، وسيطرت على سوريا وعلى العراق ماذا كان ليكون مصير المنطقة؟ ما مصير لبنان؟ ما مصير الأردن؟ ما مصير الكويت؟ ما مصير حتى السعودية التي دعمت داعش، في الحد الأدنى إلى ما قبل المرحلة الأخيرة؟ ما مصير بقية دول الخليج؟ ما مصير شمال أفريقيا؟ هل كانت ستقف عند حدود في حربها السوداء، الظلامية، الدموية، الوحشية؟
ولذلك يجب أن تعرف شعوب المنطقة كلها، طبعاً ولا أسأل ماذا سيكون مصير إسرائيل، إسرائيل اليوم هي القلقة لأن داعش تُهزم، شاهدوا الإعلام الإسرائيلي، شاهدوا تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، خلال ست أو سبع سنوات لم تكن إسرائيل قلقة في سوريا، الآن أصبحت قلقة في سوريا لأن داعش تهزم ولأن الجماعات التكفيرية تُهزم، إذاً الوحيد الذي ما كان ليكون قلقاً هو إسرائيل، أما بقية المنطقة ماذا كان يمكن أن يكون مصيرها؟ ولذلك كل شعوب المنطقة يجب أن تعرف الفضل في هذه المرحلة لكل أولئك الذين قاتلوا في العراق وفي سوريا وفي لبنان في مواجهة داعش، سواءً كانوا عراقيين الذين قاتلوا أو سوريين أو إيرانيين أو أفغانيين أو باكستانيين أو لبنانيين أو من أي مكان جاءوا وقاتلوا، لأنه لو انتصرت داعش لكانت كل هذه الحكومات وكل هؤلاء الذين جاءوا بالسم وطبخوا السم لأكلوه، ولكن المشكلة نحن لا نحزن على مصير المتآمرين، نحزن على مصير الشعوب التي كانت ستكون ضحية لتخريب داعش ودمار داعش ووحشية داعش.
حسناً، هذه المرحلة نعبرها، لكن الآن يتم وضع المنطقة أمام مرحلة جديدة وخطيرة جداً وهي مرحلة تقسيم، العودة إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تم إجهاضه عام 2006 من خلال حرب تموز، من خلال صمود غزة، صمود سوريا، صمود إيران، صمود حركات المقاومة، صمود لبنان، أعود وأذكركم، ماذا كان مشروع الشرق الأوسط الجديد لجورج بوش وكوندليزا رايس، كان تقسيم المنطقة على أسس عرقية وطائفية ومذهبية وتدخل هذه المنطقة في صراعات فيما بينها، وتكون إسرائيل هي الدولة الأقوى، هي التاج، هي المحور، وتصبح إسرائيل هي الملاذ، هي ملاذ الطوائف وهي ملاذ العرقيات، يلجأ إليها المسيحي من التطرف المسمى إسلامي ويلجأ إليها الدرزي ويلجأ إليها الشيعي ويلجأ إليها السني ويلجأ إليها الكردي ويلجأ إليها التركماني، هذا الذي كان يحضّر وفشل.
الآن بعد فشل مرحلة داعش والتي كانت بالكامل مشروعاً في خدمة أميركا وإسرائيل وتسليم المنطقة بالكامل لأميركا وإسرائيل، الآن دخلوا إلى مشروع جديد، هم يحضّرون له منذ زمن لكن الآن جاء وقته وهو مشروع إعادة تقسيم المنطقة، البداية من أين؟ البداية من كردستان العراق.
المسألة هنا أيها الأخوة والأخوات ويجب أن نقول هذا لكل أهلنا وشعوبنا في المنطقة وإلى أهلنا الأكراد وإخواننا الأكراد وأحبائنا الأكراد، رجالهم، نسائهم، شبابهم، شبابهم، المسألة لا يجوز أن يخدع فيها أحد أحداً، المسألة ليست مسألة تقرير مصير أو حق تقرير مصير، أو حقوق أو حق داخلي، نحن مجموعة نريد الانفصال، المسألة ليس هذا سياقها، المسألة هي في سياق مختلف تماماً، سياقها تجزئة المنطقة على أسس عرقية وطائفية، دولة كردية ودولة تركمانية ودولة بلوشية ودولة آذرية ودولة فولانية، وبعد ذلك مكان ما يكون العرق كبير نأتي للموضوع المذهبي هنا سنة وهنا شيعة وهنا مسيحيين وهنا دروز وهنا علويين وهنا زيدية وهنا اسماعيليين وهنا وهنا، هذا المقصود، ولذلك هذا الأمر هو خطير جداً، هذا من نوع الأحداث – في ليلة من الليالي أنا تحدثت أن هناك أحداثاً سياسية تكون تداعياتها لسنوات، لكن هناك أحداث سياسية يكون تداعياتها لعشرات السنين أو لمئات السنين، مثل إقامة دولة إسرائيل في فلسطين المحتلة، هذه تداعياتها إلى الآن سبعين سنة، ما يجري في هذه الأيام لا يعتبر شأناً عراقياً داخلياً، أنه ماذا لنا علاقة في العالم العربي والإسلامي، الأكراد مختلفون هم وبقية العراقيين ما علاقتنا بهذا الموضوع؟!!! لا، هذا موضوع يتهدد ليس العراق وحده، هذا يتهدد كل المنطقة، إيران وتركيا وسوريا وكل المنطقة وليس فقط العراق وهذه الدول الأربع، لأنه سيفتح الباب على التقسيم والتقسيم والتقسيم، وهنا أود أن أقول بكل بساطة انظروا من هو الداعم العلني الوحيد على وجه الكرة الأرضية لانفصال وقيام دولة كردية منفصلة في شمال العراق، إسرائيل، هل هناك دولة غير إسرائيل؟ فقط إسرائيل، هذا معيار: عندما تكون إسرائيل مع الجماعات المسلحة في سوريا الذي عنده شبهة لا يجب أن يبقى لديه شبهة، وعندما تكون إسرائيل مع انفصال كردستان العراق الذي عنده شبهة لا يجب أن يبقى لديه شبهة، طبعاً هناك أناس تحت الطاولة هم مع الانفصال، لا يجوز الوثوق بالموقف الأميركي، بدأت بدايات، أمس رئيس الأقلية الديمقراطية في الكونغرس لا أعرف أين في أميركا يطالب الإدارة الأميركية بدعم الانفصال، غداً سنبدأ نسمع في بريطانيا أصوات، نسمع في أوروبا أصوات وتبدأ تكبر الكرة، لكن هذا الأمر اليوم مسؤولية الأكراد أولاً ومسؤولية الشعب العراقي ومسؤولية الدول المعنية في الإقليم ومسؤولية دول المنطقة وشعوب المنطقة وكل الشعوب العربية والإسلامية أن تقف في وجه بداية تقسيم المنطقة وأن لا تتعاطى معه كشأن ثانوي داخلي هامشي لا يعنيها، لأن التقسيم سيلحق الجميع وأرضية التقسيم ومقدمات التقسيم موجودة في كل المناطق، هذه اليمن يعملون على تقسيمها.
حسناً، أماكن أخرى، أريد أن أقول لبعض الدول التي يمكن أن تدعم ضمناً التقسيم، دعوني أكون صريحاً جداً وإن كان بالعلن هناك موقف مختلف، في السابق كل المعطيات الضمنية وحتى بعض المؤشرات العلنية كانت تقول إن السعودية تدعم استقلال كردستان العراق، الآن الموقف العلني مختلف، لكن لو افترضنا أن هناك موقفاً ضمنياً من هذا النوع يجب التحذير من هذا الموقف والقول للحكام في السعودية إن استقلال كردستان العراق وبداية تقسيم المنطقة سيصل إلى السعودية وستقسم السعودية، قطعاً، وهي أكثر دولة مؤهلة للتقسيم: مساحتها واسعة جداً، فيها صراعات داخلية مهما حاول الإعلام أن يخبئها، هناك نفط ما شاء الله، فيها خيرات ما شاء الله، موضع طمع الكثيرين، هي ستكون إذا ـ لا سمح الله ـ قسم العراق أو اتجه التقسيم إلى سوريا بالملف بالدرجة الأولى باللائحة فوق موجودة السعودية، لا أحد يناكد في هذا الملف أنه والله من أجل أن نحرتق على إيران أو من أجل أن نحرتق على تركيا أو من أجل أن نضعف الحكومة المركزية في العراق فلندعم تقسيم العراق، هذا السيف سيصل إلى أعناقكم وهذا السم سيوضع في آنيتكم وفي أطعمتكم فانتبهوا للسيف أين تسلّوه وللسم أين تطبخوه. الكل يجب أن يتعاطى مع هذه المسألة بمسؤولية عالية وخطيرة.
حسنا ولماذا نحن نتكلم بهذه الحدية وهذا الصوت العالي؟ لأنه الذي يتصور أنه إذا أعيد تقسيم المنطقة دولة دولة دولة دولة بحيث يصبح عدد الدول كبيراً، أنه ما هي المشكلة؟ كل أناس يأخذون دولتهم وقطعة الأرض خاصتهم ويعيشوا في أمن وسلام، أي أمن وسلام؟ هذه الدول سيُعمل من خلال المخابرات الإسرائيلية والمخابرات الأميركية ومن خلال وسائل الإعلام من أجل أن تبقى دولاً متحاربة متصارعة متقاتلة لعشرات السنين، فقط موضوع الحدود المتنازع عليها، هذه الحدود من سايكس بيكو لم تحل، وهي موضع خلاف بين دول ويمكن أن تؤدي إلى حروب، وحصلت حروب حدودية في العقود الماضية، لكن الآن الدول الجديدة المقسمة والحدود الجديدة المرسمة سيتم وضعها على اساس التنازع لتكون مساراً للحروب.
التقسيم يعني أخذ المنطقة إلى حروب داخلية لا يعلم مداها وخطورتها إلا الله سبحانه وتعالى، ويجب أن يسد باب الفساد. التقسيم أخطر باب فساد تواجهه منطقتنا وأمتنا، ولذلك يجب أن يُواجه بقوة، وبقوة بمعنى المسؤولية، وأنا لا أدعو إلى القتال طبعاً مع الأكراد. يجب أن ألفت أيضاً جماعة التواصل الاجتماعي والإعلام والخطاب السياسي، لا يجوز أن تقع معركة تحت عنوان عرب وكرد أو إيرانيين وكرد أو ما شاكل. المشكلة ليست مع الأكراد، المشكلة مع سياسيين أكراد، لهم علاقاتهم ومصالحهم ومشاريعهم وأحلامهم. أما الشعب، الأكراد الموجودون في سورية، في العراق، في إيران، في تركيا، هم جزء منا، من أمتنا، من شعوبنا، هم أهلنا ولا يجوز حتى في لغة التخاطب أن تصل المسألة إلى حد أن هناك عداوة مع الأكراد، هذ ما تريده إسرائيل. هذا فقط للفت النظر، وإنما أقصد التعاطي المسؤول، ليس بالذهاب إلى مواجهة مسلحة، التعاطي المسؤول، هناك وسائل، إذا حقيقةً هذه القياديات الكردية المتورطة وجدت أن الدول العربية والدول الإسلامية حازمة وحاسمة ـ رغم اختلافاتها في الملفات الأخرى ـ في منع الانفصال وفي منع التقسيم، لن يكون هناك خيار أمام القيادات السياسية الكردية سوى إلغاء نتائج الاستفتاء والعودة إلى التفاوض والحوار مع بغداد لصيغة معينة للعيش سويا في إطار دستوري محدد أو ما شاكل، كما دعت إليها بالأمس المرجعية الدينية في النجف الاشرف.
إذاً موضوع التقسيم موضوع يجب التعاطي معه بدرجة عالية جداً من المسؤولية ومن الإحساس بالخطر التاريخي، الخطر المصيري على كل دول المنطقة وعلى كل شعوب المنطقة، وهذا يصل إلينا في لبنان أيضاً.
في الوضع الاقليمي أود أن أشير إلى مسألة مهمة، أيضا يتم الحديث عنها، ويوجد حولها مؤشرات ومعطيات ومعلومات، أنه بعض القوة العربية تدفع بقوة الآن باتجاه إنجاز عملية تسوية بين الفلسطينيين والعدو الإسرائيلي، والذي يقال الآن هو يقال إنه عندما يتكلمون مع الاميركيين، إنه إذا كنتم تريدون أن نأخذ المنطقة إلى مواجهة شاملة مع ايران، اذا كنتم تريدون أن نجمع كل الطاقات لمواجهة إيران ومحور المقاومة، إذا كنتم تريدون أن نصل بهذا الصراع إلى نتائج معينة، يجب أن تساعدونا لنحل الموضوع الفلسطيني، وهذا يأخذ ذريعة من ايران التي تدعي أنها تحمي وتدعم القضية الفلسطينية ويأخذ الذريعة من محور المقاومة ومن حركات المقاومة في لبنان وفي فلسطين وننتهي من هذه القصة كلها.
طبعاً هذه هي الخلفية، لأنه لو كانت الخلفية أنه يوجد شعب فلسطيني مظلوم وأنه يوجد لاجئون فلسطينيون في الشتات ويوجد مشتتون داخل فلسطين ويوجد فلسطينيون في السجون ويوجد أراضي تصادر ومستوطنات تُبنى في الضفة الغربية، وهناك حصار على غزة وهناك قدس مهددة، وهيّا لكي نحمي المقدسات، ونعطي بعضا من حقوق الشعب الفلسطيني، فالقضية سهلة، يعني فلتفعلوا كل هذا وردوا للشعب الفلسطيني ما تستطيعون من حقوق وتعالوا خذوا الذريعة من كل محور المقاومة، ليس هناك مشكلة. لكن هذه الخلفية هي خلفية سيئة، ليس حديثي عن الخلفية، بل حديثي عن الفكرة، هناك من ما زال يصر أنه يريد أن يقفل ملفات وجبهات من أجل أن يذهب إلى جبهة جديدة، أو من أجل التركيز على جبهة جديدة، يعني إسرائيل تدخل في تسوية لتصبح إسرائيل صديقاً وإسرائيل حليفاً ولا يوجد مشكلة مع الإسرائيلي.
الآن بمعزل عما الذي سيفرض على الفلسطينيين، والفلسطينيون لن يقبلوا أن يُفرض عليهم ما يسيء إلى حقوقهم، وتصبح المعركة في المنطقة هي معركة مع إيران ومع محور المقاومة، هذا أمر للأسف الشديد أن بعض الحكومات أو الحكام في المنطقة ما زال يفكر بهذه الطريقة، مع العلم أنه يجب أن يأخذوا العبرة.
وفي هذه الليلة نحن ندعو هؤلاء ومن يؤيد هؤلاء أن يأخذوا العبرة من التجارب التي حصلت في المنطقة حتى الآن، وهنا سنتكلم بصراحة أن رأس الحربة في هذا المشروع هم حكام السعودية، حسناً يا جماعة، هذه في سورية رأيتم أنه خلال 6 إلى 7 سنين، مليارات الدولارات، تحريض طائفي وإعلامي وسلاح، أتيتم بجماعات من كل انحاء العالم، سهلتم لهم كل شيء وماذا كانت النتيجة؟ دمرتم سوريا، صحيح، إنتقمتم من سوريا، صحيح، قتلتم الناس في سوريا صحيح، لكن مشروعكم السياسي فشل.
طيب هذا في العراق، في العراق منذ العام 2003 ليس مثل سوريا منذ العام2011، منذ العام 2003 بعثتم الإنتحاريين وبعثتم السيارات المفخخة، مدن وقرى وبلدات وحسينيات ومساجد وكنائس وسنة وشيعة وعرب وكرد وتركمان والذي تريدونه، النتيجة فشل. طيب هذه حربكم على اليمن، ما هي النتيجة التي سوف تصلوا إليها؟ لن تحصلوا على شيء، كل يوم تجدون اليمنيين ما شاء الله مظاهراتهم الضخمة في صنعاء وفي صعدة وفي أماكن أخرى، مظاهرات هائلة بالرغم من القصف الذي لا يتوانى عن إصابة أي هدف، سواء كان أنصار الله أو المؤتمر الشعبي العام أو الآخرين. يوجد شعب يعبر عن إرادته في الصمود وفي المقاومة، أنظروا إليه الآن، هو يقاتلكم على أبواب نجران، على الحيطان التي تتبع مدينة نجران، ما هو الأفق لهذه الحرب؟ غير العناد وغير الإذلال، طيب هذه أليست عبرة، إلى أين تريدون أن تأخذوا المنطقة؟ إلى حروب جديدة؟ هذا مؤسف، نعم الحروب الجديدة لمصلحة من؟ لمصلحة”إسرائيل” التي ستصبح صديقاً وحليفاً، ولمصلحة أميركا ومصانع السلاح في أميركا، وشركات بيع السلاح في أميركا، التي سوف يقدم لها مئات مليارات الدولارات الجديدة، والذي سوف يدفع الثمن هي شعوب المنطقة، شعوب المنطقة من السعوديين واليمنيين والخليجيين والإيرانيين واللبنانيين والسوريين والفلسطينيين والمصريين …الخ
نحن ندعو إلى وقفة تأمل من خلال مراجعة كل الماضي، الطريق يا حكام السعودية الطريق هو الحوار وليس الذهاب إلى مزيد من الحروب، وليس الذهاب إلى مزيد من إرتكاب المجازر، وليس الذهاب إلى إصطناع تحالفات مع أعدى أعداء الله وأعداء الأنبياء وأعداء الشعوب وهم هؤلاء الصهاينة.
وبالحوار والكل مفتح أبوابه للحوار، يمكن الحفاظ على المصالح ويمكن الوصول إلى تسويات، ويمكن الوصول إلى ضمانات بما يحفظ مصالح الجميع وكرامات الجميع، أما الإستمرار في الحرب وفي فتح حروب جديدة وشن حروب جديدة وإختراع حروب جديدة، هذا ليس له طائل، هو المزيد من الفشل، والمزيد من الخسارة، وهذه هي تجربتكم بالإتفاق النووي الإيراني نفس الشيء. طيب أنتم تقولون أنكم تحاربون النفوذ الإيراني في المنطقة، لنتكلم في هذه العبارات، اليوم أنتم بأخطائكم وبفشلكم وبمخططاتكم الفاشلة، أنتم ساعدتم على إنتشار النفوذ الإيراني، أنتم بفشلكم، عندما يعتدى على العراق من خلال داعش،يجد الشعب العراقي والحكومة العراقية أنها محتاجة إلى أن تتحالف مع إيران، عندما يُعتدى في سوريا تجد أن الحكومة السورية والجيش السوري وجزء كبير من الشعب السوري الحاجة إلى التحالف مع إيران، عندما يُعتدى على الشعب اليمني من الطبيعي أن يفكر الشعب اليمني بمن يساعده ولم تكن إيران موجودة في اليمن، ولكن أنتم بعدوانكم على اليمن تفتحون الأبواب لإيران.
إذاً، ليست الحرب على إيران هي التي تحد من نفوذ إيران في المنطقة، أنا صاحب إيران وصديق إيران، أنا أنصحكم يا جماعة من داخل البيت أقوم بنصحكم: حروبكم الفاشلة هي التي تزيد نفوذ إيران في المنطقة، أذهبوا إلى الحوار، وأذهبوا إلى المعالجات السياسية، وأذهبوا إلى التسويات وأذهبوا إلى المصالحات بما يحفظ مصالح الجميع. طيب إذاً نحن أمام مرحلة جديدة في المنطقة يُخشى منها، هذه مخاوف ومعطيات ومؤشرات قد لا ينجح شيء منها، التسوية مع حكومة نتنياهو ليست أمراً سهلاً، عندما أمس يطلع سفير أميركا في الكيان الصهيوني ليقول أن “إسرائيل” تحتل 2% فقط من الضفة الغربية، ما شاء الله ما هي التسوية التي سوف تطلع.
نحن لا نعتقد أن الإسرائيليين بعلوهم وإستكبارهم وإستعلائهم وعنجهيتهم وطمعهم يمكن أن يسمحوا بإنجاز تسوية تحفظ الحد الأدنى من ماء وجه السلطة الفلسطينية أو الوفد الفلسطيني المفاوض، لكن في كل الأحوال، هذا الذي يخطط للمنطقة مسؤولية مواجهته تُلقى على عاتق الجميع. وما يعنينا نحن أيضاً ما يقال عن قانون عقوبات جديدة أميركية على حزب الله،هناك مساع، لدينا معلومات عن مساع أيضاً للضغط على دول لدينا صداقات معها أو إحترام متبادل بأن تأخذ مواقف سلبية تجاهنا، هذا طبيعي ، لأنه يراد لنا أن ندفع ثمن المشاركة في إلحاق الهزيمة بمشاريعهم، المقاومة في لبنان بكل فصائلها أسقطت إسرائيل الكبرى في العام 2000، المقاومة في لبنان والصمود السياسي في لبنان أسقط إسرائيل العظمى والشرق الأوسط الجديد في العام 2006، المقاومة وكل الذين قاتلوا ساهمت إلى جانبهم في إسقاط مشروع داعش وسيطرة المد التكفيري على المنطقة، من الطبيعي أنهم يريدوننا أن ندفع الثمن.
من الطبيعي أن نُهدد من قبل الإسرائيليين بالمزيد من الويل والثبور والتهويل، وهذا الذي أريد أن أتكلم عنه غداً في الموضوع الإسرائيلي، لكن نحن أين نحن؟ أين نحن أيها الإخوة والأخوات؟ ها نحن في ليلة العاشر كما في كل عام في ليلة العاشر، نحن الذين نجدد مع الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، نجدد عهدنا ونجدد وعدنا ونجدد بيعتنا، لا يمكن أن نخلي الساحات، لا يمكن أن نخلي الميادين، في العام الماضي كما في كل عام، في العام الماضي كما في كل عام وقفنا وخاطبنا الحسين في الليل وهو الذي كان يقول في الليل لأصحابه الا إن هذا الليل قد غشيكم فإتخذوه جملاً وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ودعوني وهؤلاء القوم، دعوني لأقاتل وحيداً، دعوني لأدافع عن دين جدي وحيداً، دعوني لأصون أمة جدي وحيداً، دعوني لأقدم روحي ودمي ونفسي وعيالي من أجل هذه القيم وهذه الرسالة وهذا المستقبل وحيداً، ولكنهم رفضوا عندما قال لهم إذهبوا في هذا الليل، وقفوا وقالوا له يا ابا عبد الله أنتركك؟ أنعيش بعدك؟ لا طيب الله العيش بعدك يا حسين، ووقف من يقول للحسين عليه السلام يا أبا عبد الله لو أني أعلم أني أقتل ثم أحرق ثم أنثر في الهواء ثم أحيا ثم أقتل ثم أحرق ثم أنثر في الهواء ثم أحيا ثم أحرق ثم أنثر في الهواء ثم أحيا ثم أحرق ثم أنثر في الهواء ثم أحيا يفعل بي ذلك ألف مرة ما تركتك يا حسين.
ونحن في العام الماضي في مثل هذه الليلة قلنا للحسين عليه السلام أيّن يكن التهديد والتهويل الإسرائيلي نحن لن نترك كل ما يمثله الحسين من قيم من الدفاع عن الأوطان والكرامات والشعوب والأعراض والمستقبل والأجيال والقيم الدينية والإنسانية والأخلاقية وأيّن يكن ما تمثله داعش والجماعات التكفيرية من تهديد ومن إرهاب قلنا له يا حسين نحن لن نخلي الميادين ولن نخلي الساحات قلنا له يا حسين لو إنا نعلم أننا نقتل ثم نحرق ثم ننشر في الهواء ثم نحيا ثم نقتل ثم نحرق ثم ننشر في الهواء ثم نحيا يفعل بنا برجالنا بمجاهدينا بأبطالنا يفعل بنا ذلك ألف مرة ما تركناك يا حسين.
وهذا ما أثبتته الميادين وهذا ما أثبتته الساحات، هذه أجساد شهدائنا بعضها بلا رؤوس، بعضها مقطعة الأيدي والأرجل، بعضها محرقة، بعضها ممزقة كأصحاب الحسين في كربلاء، ونحن كنا نعرف عندما إخترنا هذا الطريق في المقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي وعندما إخترنا هذا الطريق في مواجهة الإرهاب التكفيري كنا نعرف أن تحرير الأرض ومقاومة الصهاينة ومواجهة المد التكفيري الخادم لأميركا وإسرائيل لا يحصل بالخطابات ولا بالشعارات ولا بالخطب الرنانة ولا بالديبلوماسية وإنما بالحضور الميداني الجهادي المباشر في ساحات القتال فكنا حيث وجب أن نكون وسوف نبقى حيث يجب أن نكون بنفس المنطق وبنفس الخلفية عندما وقفنا قبل سنوات وقلنا لبيك يا زينب وذهبنا إلى هناك.
زينب هي مقام شريف وهي ضريح شريف صحيح، ولكن زينب عنوان للإسلام عنوان للقيم الإنسانية عنوان للقيم الأخلاقية، زينب التي هي عرض رسول الله محمد (ص) هي عرض كل نسائنا هي عرض كل نسائنا، زينب هي عنوان العرض والكرامة لكل نساء هذه الأمة وشعوب هذه الأمة مسلمات أو مسيحيات أو ايزيديات أو أيّاً كن ما زلن يعشن هنا، نحن لم نذهب فقط، نحن ذهبنا لندافع عن الحرم صحيح ولكن الحرم أيضاً هو عنوان الأمة .
كما اراد يزيد في الماضي ان يُسفه هذا الدين وان يشوه هذا الدين وان يحطم هذا الدين. هذا ما كانت تفعله دائماً داعش وما زالت تفعله داعش، نحن ايها الاخوة والاخوات من اجل ان تحسم هذه المعركة مع داعش ومع التكفيريين اقول لكم لن نتعب ولن نمل ولن نعرف الكلل ولا الملل، مهما كان اعداد الشهداء ومهما كانت اعداد الجرحى حماستنا وحضورنا وشجاعتنا واندفاع شبابنا، يقينهم بهذه المعركة وايمانهم بالنصر يزداد مع كل شهيد ، يزداد مع كل قطرة دم، ويزداد مع كل جزء من جسد يجرح او يقطع، يزداد في كل يوم، ونحن الليلة ايضاً في ليلة العاشر هذه، وعند صبيحة الغد، نحن نجدد البيعة للحسين، ونجدد الميثاق للحسين، وايماننا بالحسين ونقول له حيث هناك معركة دفاع عن الاسلام وعن الاديان وعن الدين وعن القيم وعن جدك وعن نبوة جدك وعن مقدسات جدك وعن اتباع جدك وعن المستضعفين والمظلومين، نحن احباؤك واتباعك وابناؤك والذين نفتخر بأننا نؤمن بك واننا ننتمي اليك واننا نلتزم بدربك ونقول لك الليلة نساءً ورجالاً، يا ابا عبد الله لن نغادر هذه الساحات طالما في عروقنا دم يجري الى قيام الساعة سوف تبقى الصرخات المدوية القوية لبيك يا حسين ونقول كما سنقول يوم غد وكما كنا نقول على مدى السنين الماضية لكل اولئك الذين يخططون ويتآمرون لاذلالنا واضعافنا ولسحقنا، حتى الآن خرجنا أكثر قوة وأكثر عزة وأقوى وأصلب عوداً لاننا نحمل الروح التي لا يمكن ان تستسلم ولا يمكن ان تخضع، تلك الروح التي عبر عنها ابو عبد الله الحسين عليه السلام يوم العاشر عندما قال الا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة.
الى اللقاء غداً مع الحسين وأولاد الحسين وأهل بيت الحسين وأصحاب الحسين مع العباس وعلي الاكبر ومع زينب وسكينة صغاراً وكباراً نجدد العهد والبيعة للحسين وشهداء كربلاء.
السلام عليك يا سيدي ومولاي يا ابا عبد الله الحسين وعلى الارواح التي حلت بفنائك، عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: العلاقات الاعلامية في حزب الله