افادت دراسة أعدها “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي أن السياسات الخارجية التي يمليها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أفضت إلى المس بمكانة السعودية الإقليمية، ومكنت إيران من تعزيز حضورها.
وأشارات الدراسة، التي نُشرت اول من أمس الثلاثاء، إلى أن الاستراتيجية التي يتبناها محمد بن سلمان في الحكم، تكلف المملكة اثماناً تفوق ما تجنيه الرياض من ورائها. وأن الحرب على اليمن والحملة التي يقودها ضد قطر، تنطوي على مخاطر كبيرة فضلا عن إن سياساته أفقدت السعودية قدرة التأثير على موازين القوى بين الأطراف التي تتصارع في المناطق الحيوية للمملكة، لا سيما في العراق وسورية.
الحرب على اليمن: السعودية مجرد نمر من ورق
الحرب التي تقودها السعودية ودولة الإمارات في اليمن بحسب المركز وصلت الى طريق مسدود، على الرغم من أن السعودية تملك الوسائل القتالية الأكثر تطورا في العالم، الى جانب أن موازنتها الأمنية تعد ثالث أكبر موازنة في العالم، بعد كل من الولايات المتحدة والصين فضلا عن إن الأداء العسكري في اليمن يدل على أنها مجرد نمر من ورق.
وبحسب الدراسة التي أعدها رئيس قسم الدراسات لمنطقة الخليج في المركز، يوئيل جوزينسكي، فإن الرياض تدفع ثمناً اقتصادياً باهظاً جراء الحرب على اليمن، والتي باتت عبئاً ثقيلاً على الموازنة السعودية. وذكرت أنه إلى جانب المس بالمكانة الدولية للسعودية من جرّاء الخسائر في صفوف المدنيين في اليمن، فإن هناك ما يؤشر إلى أن السلطات السعودية تحاول إسكات الأصوات التي باتت تنطلق داخل الرياض، والتي توجه انتقادات لتعاظم الخسائر في صفوف الجنود السعوديين.
تكبّد الخسائر في سورية والعراق
وتطرقت الدراسة للتراجعات الإقليمية الأخرى التي انتهت إليها السياسة السعودية، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تتكبد قوى “المعارضة السورية” التي دعمتها الرياض الخسائر، فإن القوى التي تدعمها إيران وروسيا تحقق انتصارات متوالية.
وأشارت إلى أنه على الرغم من التحولات التي أدخلها بن سلمان على السياسة تجاه العراق، فإنه تبين أن هذه التحولات لم تؤثر على موازين القوى داخل العراق، والتي ظلت تميل لصالح القوى المدعومة من إيران، مشيرة إلى أن الحرب التي يخوضها التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، والتي تنخرط فيها السعودية، عززت نتائجها مكانة القوى المدعومة من قبل إيران هناك.
الأثمان السعودية للحملة ضد قطر تتعاظم
ولفتت الدراسة الأنظار إلى أنه تبيّن أن الثمن الذي تدفعه السعودية، في إطار هذه الحملة، أكبر من الثمن الذي تدفعه قطر، بفارق أن الضغوط التي تُمارس على الدوحة لم تنجح في دفعها لقبول أي من الشروط التي حاولت الدول الأربع فرضها عليها.
وحسب الدراسة، فإن الأثمان التي تدفعها السعودية نتاج الحملة التي تقودها ضد قطر “تتعاظم مع مرور الوقت”، مشيرة إلى أن ما فاقم الأمور خطورة بالنسبة للرياض حقيقة أن الصمود القطري مسّ بمكانة السعودية الإقليمية وسمعتها، مشيرة إلى طغيان الاستهجان حول فشل السعودية والدول التي تقف إلى جانبها في “تطويع دولة صغيرة ومارقة مثل قطر”.
مكانة بن سلمان الداخلية لم تتحسن
المركز يشير الى تعمد محمد بن سلمان الهيمنة على كل الصلاحيات الأمنية والسياسية والاقتصادية ولكن ذلك لم يحدث تحسناً في مكانته الداخلية، كما لم تسفر خطواته في تعاظم مكانة المعسكر الذي يقوده داخل العائلة المالكة.
وترى الدراسة إن حملة الاعتقالات التي شملت أكاديميين ورجال دين وإعلاميين كانت محاولة استباقية من ولي العهد لاحتواء الانتقادات لسياساته التي يتوقع أن تتعاظم مع مرور الوقت. وأشارت الدارسة إلى أن خطة بن سلمان للإصلاحات الاقتصادية (رؤية 2023) “باتت مثار شك، في ظل مؤشرات على وجود صعوبات جمة تعترض تطبيق هذه الخطة”، محذرة من أن خطر انفجار احتجاجات شعبية من جراء تطبيق هذه الخطة بات وارداً.
الدراسة حذرت صناع القرار في تل أبيب من مغبة المبالغة في الرهان على عوائد العلاقة مع الرياض، مشيرة الى أن الخسائر الإقليمية التي تتكبدها الاخيرة ستدفع الى تراجع حماس رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، لفكرة “التسوية الإقليمية”. وتؤكد الدراسة على أن كل المؤشرات تشي حالياً بأن الإدارة الأميركية باتت معنية بالبحث عن صيغ تساعد على إنزال ابن سلمان من أعلى الشجرة التي صعد عليها، لا سيما بعد المعطيات التي دلت على أن مجلس التعاون يوشك على الانهيار.
المصدر: العربي الجديد