تُلزمنا التكنولوجيا الحديثة بالبحث عن وسائل تعليمية جديدة، إذ لم يعد التعليم أحادي الاتجاه ولا الكتب المدرسية الورقية أهم وسائل التعليم كما في السابق، بل أصبحت عنصراً مكملاً.
ففي دراسة جامعة نيويورك الأميركية لظاهرة أنواع القراءة المعاصرة، التي لا تعتمد فقط على تقليب أوراق الكتب، تبيَّن فاعلية الاعتماد على شبكة الإنترنت وألعاب الفيديو في التعليم.
واستنتج القائمون على الدراسة أن الألعاب المصممة جيداً يمكنها أن تحفز الطلاب على تعلُّم الموضوعات التي تشكل عبئاً على الكثير منهم، مثل الرياضيات، كما يمكنها أن تجعل الطلاب مهتمين بالمواد الدراسية، ويركزون تجاه الدرجات، وتساعدهم على النجاح في إحرازها.
وبحسب النتائج التي نقلها موقع Infobai الأرجنتيني، فإن الألعاب التعليمية تساعد على تجنب المشكلات الكبيرة التي تؤثر على مناخ الفصول الدراسية، بوضع الطلاب في مزاج مناسب للدراسة، بدلاً من القلق حول كم يبدون أذكياء في نظر الآخرين.
وفي هذا السياق، كشفت دراسة جديدة في جامعة غلاسكو الاسكتلندية، أن بعض ألعاب الفيديو التجارية لها فوائد فكرية للشباب؛ إذ يمكن أن تشجع اللاعبين على التفكير النقدي وحل المشاكل، والسبب الرئيسي في ذلك هو أنها تساعد الشباب على تطوير مهارات التواصل الجيد والتنوع العقلي.
كما تحسن ألعاب الفيديو من مهارات التفكير النقدي ومهارات القراءة، وتخفف أيضاً الإجهاد والتوتر، ما يساعد في الاستيعاب، كما تعزز التعليم الذاتي بأن يجتهد الطفل في تعلم المزيد بمفرده.
ولكن ليست كل ألعاب الفيديو بالطبع صالحة للتعليم، بل هناك مقترحات تصمم خصيصاً للمواد الدراسية، إذ يوجد القليل من ألعاب الفيديو المصممة أو المناسبة للتعليم، لتجمع بين المتعة والفائدة، عن طريق تحفيز مهارات التخطيط ودقة الحركة ووقت استجابة العين وغيرها.
ومن أفضل الأمثلة المعروفة TizapapelByte، التي صممتها مجموعة من علماء النفس والتربويين مع الخريجين في التاريخ، خصيصاً للأطفال، للتعلم من خلال دمج المعاني والمحتويات.
التكنولوجيا تؤثر في عاداتنا المتعلقة بالمنتجات الثقافية بشكل عام، ولكن لا يعني هذا بالضرورة تغيير عادات القراءة، بل يمكن أن يدعمها بدلاً من ذلك.
إذ تقول يوجينا زيكافو، الحاصلة على دكتوراه في علم الاجتماع من جامعة بيونس آيريس الأرجنتينية: “الكتب الرقمية على سبيل المثال تحاكي الكتاب الورقي، وتحافظ على شكل من أشكال القراءة يشبه الطريقة التقليدية تماماً، بينما تسمح الحواسيب والهواتف الذكية بإمكانية الوصول المتعدد إلى الوظائف المختلفة والرسائل الموجودة على نفس الجهاز، مما يجعل القراءة متقطعة؛ نظراً لأن التصفح التشعبي يرتبط بالمزيد من عمليات التنقل والتجزئة”.
يقترح ديفيد باكنغهام، المدرس والباحث في اللغة الإنكليزية، عمل المؤسسات التعليمية على محو الأمية الرقمية، عبر تدريب الطلاب وتعريفهم بالخصائص والوظائف التقنية والإمكانات الإبداعية للتكنولوجيا الرقمية، وكذلك تطوير مهاراتهم بما يسمح بتحليل نقدي وانعكاسي لهذه التكنولوجيا، وكذلك التعامل مع الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعطيها معنى.
المصدر: هافينغتون بوست