تناولت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الاثنين 9-5-2016 العديد من الملفات كان ابرزها ملف الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت في بيروت والبقاع، كما ركزت الصحف على انتفاء الاسباب التي أدت الى تأجيل إجراء الانتخابات النيابية.
“السفير”:
انتخابات «آمنة».. وإقبال متفاوت.. و«رسائل» بيروتية
اللبنانيون يقترعون لـ«البلديات»: سقوط ذريعة التمديد
تحت هذا العنوان كتبت صحيفة “السفير” اللبنانية “بعد انقطاع طويل عن كل أشكال التصويت والديموقراطية، بلغ حد «الجفاف».. جرت أمس الجولة الاولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت والبقاع في موعدها المقرر، من دون تسجيل حوادث بارزة، وهذا في حد ذاته حدث يرقى الى مستوى الإنجاز في زمن التمديد الذي ثبت انه «قهري»، لا «قسري»، كما حاولت ان تروج سابقا بعض مراكز القوى في السلطة المتآكلة.
أما على مستوى النتائج الاولية، فإن صناديق بيروت وبعلبك والهرمل وبريتال لم تحمل مفاجآت سياسية، مع فوز لائحة «البيارتة» في العاصمة، وتقدم لوائح ثنائي حزب الله ـ حركة أمل وحلفائهما في البقاع.
لكن الصورة بقيت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس غير مكتملة في زحلة، وسط تضارب في ارقام الماكينات الانتخابية للوائح الاحزاب المسيحية و «الكتلة الشعبية» وموسى فتوش، وإن تكن مصادر تحالف الاحزاب قد أكدت تقدم التحالف، خصوصا في الاقلام المسيحية، في انتظار حصيلة الاقلام السنية والشيعية.
ماذا عن تفاصيل اليوم الانتخابي الطويل؟
أمس، سقطت الأوهام المفتعلة التي عممتها الطبقة السياسية على مدى سنوات حول عدم ملاءمة الاوضاع الامنية والظروف المحلية والاقليمية لإجراء أي انتخابات، فكان التمديد الاول ثم الثاني لمجلس النواب، وكان الشغور الرئاسي «المستدام»، بحجة الضرورات التي تبيح المحظورات.. قبل ان يتبين البارحة، بالعين المجردة، ان بإمكان اللبنانيين ان يقترعوا، ويتنافسوا، بشكل طبيعي من دون ان تنعكس الازمة السورية وحرب اليمن وتظاهرات العراق والتجاذبات الروسية الاميركية على سلامة العملية الانتخابية.
وحتى عرسال، المعروفة بوضعها الامني الحساس، نتيجة وجودها على تماس مباشر مع الارهاب التكفيري، خاضت الاستحقاق البلدي بكثافة ونجاح، في تحد للجماعات المسلحة، وحتى لمنطق السلطة الذي كان يتسلح في السابق بخصوصية واقع عرسال لتبرير «موبقات» التمديد..
البارحة، سقطت الذرائع التي تم باسمها تأجيل الانتخابات النيابية، وحرمان اللبنانيين من فرصة اختيار نوابهم، في الموعد الدستوري المحدد، وبالتالي فإن أصوات الناخبين في الاحد البلدي والاختياري بدت بمثابة صرخة ضد الطبقة الحاكمة وإدانة لها، بعدما ثبت بالدليل القاطع انها سلبت المواطنين أحد أهم حقوقهم السياسية والديموقراطية، وفرضت عليهم تمديدا غير مشروع ولا مبرر للمجلس النيابي المنتهية ولايته.
والمفارقة، ان الانتخابات البلدية والاختيارية الناجحة عموما، باستثناء بعض الثغرات والمخالفات الموضعية، إنما تمت في ظل غياب رئيس الجمهورية وشلل مجلس النواب وتخبط الحكومة، ما يعني ان اللبنانيين يملكون قدرا من الوعي والمسؤولية، يمنحهم «اكتفاء ذاتيا» لخوض الاستحقاقات الدستورية بأفضل طريقة ممكنة، حتى لو لم يبق من الدولة سوى الوجود الامني الذي تتطلبه حماية العملية الانتخابية.
ولعل نسب الاقتراع المرتفعة في العديد من المناطق، والتي لامست أحيانا حدود الـ70 في المئة، تعكس توق اللبنانيين الى التعبير عن أنفسهم وخياراتهم، بعد سنوات من «التصحر» والاقامة الجبرية خلف قضبان أمر واقع مهترئ، فاحت منه روائح النفايات والصفقات.
دلالات بيروت
.. وحدها بيروت، اقتصر منسوب الاقتراع فيها على حوالي العشرين في المئة، على الرغم من كل التعبئة التي سبقت الانتخابات، وخصوصا من قبل الرئيس سعد الحريري.
لكن ذلك لم يحل دون فوز «لائحة البيارتة» بكامل أعضائها، وعلى قاعدة المناصفة، وبفارق كبير عن لائحتي «بيروت مدينتي» و «مواطنون ومواطنات»، ما يضع المجلس البلدي الجديد أمام تحدي الإنتاجية والتناغم، في ظل تركيبة متداخلة، تشبه توازنات مجلس الوزراء.
ويمكن القول ان اللائحتين المضادتين حاولتا بإمكانيات متواضعة ان تحركا المياه الراكدة وتصنعا فارقاً ما، إلا ان الاصطفافات السياسية المقفلة وانخفاض معدل الاقتراع وانكفاء المعترضين واليأس من القدرة على التغيير.. كلها عوامل ساهمت في إعطاء الأفضلية للائحة «البيارتة».
ومع ذلك، فإن الفوز الذي حققته لائحة ائتلاف السلطة لا يحجب الحقائق الآتية:
– تراجع وهج «تيار المستقبل» على مستوى العاصمة، بفعل الغياب الطويل لرئيسه عن لبنان وتقلص قدرة شعاراته التقليدية على التأثير في البيارتة الذين اختار قرابة 80 في المئة منهم الامتناع عن التصويت.
– افتقار تركيبة «لائحة البيارتة» الى الانسجام، بعدما ضمت تناقضات نافرة وفاقعة، من قبيل الجمع بين «التيار الوطني الحر» و «المستقبل» في وعاء واحد، الامر الذي انعكس تراجعا في الإقبال المسيحي، وتململا في اوساط جزء من قواعد التيار، بلغ حد الصدام العلني بين فريقي زياد عبس ونقولا صحناوي في الاشرفية وتسرب جزء من الاصوات المسيحية الى لائحة «بيروت مدينتي»، مع الاشارة الى ان الأقلام الارمنية التي تخضع لنفوذ الطاشناق التزمت بلائحة «البيارتة».
– قرف المواطنين من الاحزاب ونقمتهم عليها، بعد تراكم الفضائح والارتكابات طيلة الفترة الماضية وصولا الى جريمة النفايات، فكانت النتيجة انكفاءً احتجاجياً للناس، وبالتالي عجز ائتلاف السلطة الذي ضم مروحة واسعة من القوى المسيحية والاسلامية عن استقطاب الناخبين.
– إخفاق القوى المعارضة لـ «لائحة البيارتة» في توحيد صفوفها وتقديم بديل متكامل، ما أدى الى تبعثرها وتوزعها على لائحة «بيروت مدينتي» ولائحة الوزير شربل نحاس غير المكتملة «مواطنون ومواطنات».
– شعور شريحة واسعة من الناخبين بأن أصواتهم لن يكون لها وزن أو تأثير نتيجة عدم اعتماد النسبية في الانتخابات.
حرارة زحلة
.. لكن الصورة اختلفت في زحلة، حيث رفعت ضراوة المنافسة بين لوائح الاحزاب المسيحية و «الكتلة الشعبية» وآل فتوش نسبة التصويت الى 41 في المئة، وسط توازن قوى في الشارع المسيحي، منح الصوتين الشيعي والسني «قيمة مضافة»، علما ان «حزب الله» اعتمد خيارا عابرا للوائح المتصارعة، من خلال التصويت حصرا لمرشحي «التيار الوطني الحر» و «الكتلة الشعبية» وفتوش.
وليس خافيا، ان انتخابات زحلة التي اتخذت الطابع السياسي الاوضح، شكلت الاختبار الميداني الاول، بـ «الذخيرة الحية»، لتفاهم «التيار الحر» – «القوات اللبنانية»، إضافة الى انها بدت محكا لتماسك تحالف «حزب الله» – «التيار»، ولمحاولات إنقاذ تحالف «المستقبل» – «القوات».
وفيما سُجل تراجع في حضور المال السياسي على مستوى الجولة الاولى من الانتخابات عموما، قياسا على الاستحقاقات السابقة، تردد ان الاستخدام الاوسع لسلاح الرشى تم في معركة زحلة، حيث ضبط «فرع المعلومات» بالجرم المشهود عملية رشوة علنية، في وضح النهار.
رسالة بعلبك
أما في بعلبك وبريتال، فقد اتسم التنافس ببُعد سياسي، تجاوز الاطار الانمائي أو العائلي المحض، وهذا ربما ما يفسر حرص نائب الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم على الانتقال الى البقاع، والمشاركة الشخصية في ادارة غرفة العمليات الانتخابية، وكأن الحزب يريد ان يؤكد ان انشغاله بالجبهة السورية وبرصد الخطر الاسرائيلي على الحدود الجنوبية لا يمنع اهتمامه بتحصين الجبهة الداخلية وبالدفع في اتجاه توليد مجالس بلدية تواكب احتياجات بيئته الحاضنة ومطالبها الانمائية.
وكانت لافتة للانتباه، نسبة الاقتراع المرتفعة في منطقتي بعلبك والهرمل، في انعكاس لقدرة تحالف «حزب الله» – «حركة أمل» على التعبئة الشعبية من جهة، ولحرارة المنافسة في بعض الاماكن من جهة أخرى، لا سيما في مدينة بعلبك حيث كانت المبارزة بين لائحة تحالف «حزب الله» و «أمل» و «القومي» و «البعث» و «التيار الحر» و «جمعية المشاريع» برئاسة العميد المتقاعد حسين اللقيس، ولائحة رئيس البلدية الاسبق غالب ياغي المتمايزة سياسيا والمؤلفة من ممثلين عن العائلات.
وفي بلدة بريتال، تنافست لائحة «التنمية والوفاء لنهج الشهداء» المدعومة من «حزب الله»، مع لائحة «إنماء بريتال» التي ترأسها رئيس بلدية بريتال منذ عام 1998 عباس اسماعيل والمدعومة بشكل رئيسي من بعض العائلات، والتي قيل إنها تحظى ايضا بدعم الشيخ صبحي الطفيلي، فيما انسحبت «حركة أمل» من الانتخابات تاركة لعناصرها حرية الاختيار.
الى ذلك، يُرجّح ان تترك نتائج انتخابات بيروت والبقاع انعكاسات على تركيبة اللوائح والتحالفات في المناطق الاخرى، لا سيما في طرابلس التي ستتأثر بشكل أو بآخر بما حققه «تيار المستقبل» في بيروت، وسط معلومات تفيد بأن الحريري سيحسم مفاوضاته مع الرئيس نجيب ميقاتي حول اللائحة التوافقية في عاصمة الشمال تبعا لما أفضت اليه صناديق بيروت.
كما سيستفيد الثنائي الشيعي من تجربة البقاع وآلياتها التطبيقية، بنقاط قوتها وضعفها، في مقاربة انتخابات الضاحية والجنوب”.
“النهار”:
اللبنانيون قالوا “نعم” للانتخابات و”لا” للتعطيل والتأجيل بيروت لـ”البيارتة” و”دار السلام” نامت على “ضيم”
وكتبت صحيفة “النهار” اللبنانية “على رغم كل الكلام، يمكن ان تشكل المرحلة الاولى من الانتخابات البلدية والاختيارية مفتاحاً لاستحقاقات أخرى مؤجلة أبرزها الانتخابات الرئاسية ثم النيابية، فان هذا التفاؤل يذهب هباء بعدما تبين ان السلطة السياسية مررت استحقاقاً ينفس الاحتقان ويعيد اظهار وجه من وجوه الديموقراطية التي تضمحل شيئاً فشيئاً، لكنه لا يبدل كثيراً في موازين القوى، ذلك أن للعوامل العائلية والعشائرية والمصلحية الضيقة أثرها البارز في الاختيار على الصعيد البلدي الذي تتراجع فيه الخيارات السياسية الى حدها الادنى. أما الانتخابات الرئاسية فصارت مرتبطة بارتباط الافرقاء بصراعات المنطقة والمحاور وحسابات الدول ومصالحها، ومثلها الانتخابات النيابية التي أراح تأجيلها النواب من الاعباء المعنوية والمادية للاستحقاق في ظل الازمات المالية والعسكرية التي يعانيها اكثر من طرف.
لكن الاكيد ان اجراء الاستحقاق الانتخابي، الاول منذ ست سنوات، اسقط كل الذرائع التي أفضت الى تمديدين لمجلس النواب لتعذر اجراء الانتخابات صادق عليهما المجلس الدستوري، علماً ان الظروف لم تتبدل مذذاك. أما الحماوة الانتخابية التي لم توحد “متحالفين” في اكثر من منطقة، فلم تتمكن من حشد الناخبين أمام مراكز الاقتراع، وخصوصاً في بيروت التي عجزت اللائحتان المتنافستان (“البيارتة” و”بيروت مدينتي”) عن جذب اعداد اضافية من المقترعين يتجاوز عددهم في جولات سابقة. واذا كانت زحلة شهدت أم المعارك، فان تعداد المقترعين كشف مدى “قرف” الناس من تلك “الحروب العبثية” على حد قول مواطنين عبروا عن ارائهم وقرروا عدم المشاركة، في مقابل مشكلة المجنسين المتجددة والتي تطل برأسها عند كل منعطف انتخابي. أضف بروز العامل الشيعي الاكثر تأثيراً في المواجهات ان في بيروت، أم في زحلة حيث اعتمد “حزب الله” توزيع اصواته على اللوائح الثلاث المتنافسة، في سابقة حاول من خلالها ارضاء الجميع من دون استعداء احد، فيما حسمت “حركة أمل” خيارها الى جانب اللائحة التي يدعمها النائب نقولا فتوش، في انفصال عن الحزب، وهو المشهد الذي سيتكرر في الانتخابات النيابية الفرعية في جزين حيث يدعم الحزب مرشح “التيار الوطني الحر” فيما تدعم الحركة المرشح بيار سمير عازار.
واعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ان “المرحلة الاولى من الانتخابات تمت بخير وسلام بنسبة عالية جداً والاهم ان الانتخابات تمت في موعدها واللبنانيون أثبتوا انهم يستحقون الديموقراطية والحرية يحافظون عليها ويحترمونها في كل المناطق اللبنانية وانهم جاهزون للاستحقاقات المقبلة بالانتخابات الرئاسية وبعدها بالانتخابات النيابية”.
واستبق المشنوق اجتماع اللجان النيابية المشتركة اليوم، والتي تبحث في قانون جديد للانتخابات النيابية يؤمل منه اجراء الاستحقاق المؤجل فأكد ان “الانتخابات الاولى التي يجب ان تجري في لبنان لاكتمال النصاب السياسي للنظام اللبناني هي رئاسة الجمهورية وبعدها تتم الانتخابات النيابية واي كلام آخر هو لفتح مشكلة وليس لتحقيق النتيجة”.
بيروت
في العاصمة، فازت لائحة “البيارتة” ليس بعدد الاصوات وانما بحيازتها المقاعد الـ 24 استناداً الى مصادرها من دون أي خرق من اللائحة المنافسة التي نالت تعاطفاً جماهيرياً لم يتجسد في صناديق الاقتراع. وبدا مؤيدو لائحة “البيارتة” غير متحمسين للمشاركة لثقتهم بفوزها الاكيد، فيما تخاذل المتعاطفون مع اللائحة الاخرى لاعتقادهم أن فوزها مستحيل. واعتبرت “وكالة الصحافة الفرنسية” في تقرير لها ان “بيروت مدينتي” تعد نموذجاً جديداً من نوعه في لبنان يتحدى الاصطفافات السياسية والطائفية. وفي عداد مرشحي اللائحة المخرجة نادين لبكي التي أحرزت جوائز عدة عن افلامها التي تحاكي الواقع اللبناني ومشاكله الاجتماعية وذاكرة الحرب، والمغني والمؤلف الموسيقي المعروف أحمد قعبور، ورئيس تعاونية صيادي السمك في عين المريسة نجيب الديك. وقد خاضت الانتخابات على أساس برنامج مستوحى من حركة الاحتجاج المدنية التي شهدتها بيروت الصيف الماضي على خلفية ازمة النفايات التي اغرقت شوارع العاصمة وضواحيها”.
وقد احتفل انصار “البيارتة” ليل أمس في محيط “بيت الوسط” حيث شاركهم الرئيس سعد الحريري والتقط معهم الصور التذكارية. ونقلت أوساطه استياءه من حجم المشاركة في بيروت.
زحلة
اما زحلة، فاختلط فيها حابل العائلات بنابل الاحزاب والمال السياسي، وتداخلت كل العوامل لترسم صورة غامضة عن مسار العملية استمرت الى ساعة متقدمة من الليل. وتبودلت الشائعات عن النتائج وضجت بها المواقع الالكترونية للاحزاب. ونامت عروس البقاع و”دار السلام” على ضيم ضياع قرارها بين أهلها والداخلين عليها والمال السياسي الذي حاول تجيير قرار المدينة. وتوقعت مصادر متابعة ان ألا تنتهي عملية فرز الاصوات قبل الفجر. لكن الاكيد ان الاحزاب المسيحية لم تتمكن متحالفة من نيل الاكثرية المطلقة في المدينة بعدما كانت ادعت وجود تأييد مسيحي نسبته 86 في المئة لاتفاق عون – جعجع، اذ بدا ان الكتلة الشعبية والنائب نقولا فتوش يملكان في المدينة ما يوازي الاحزاب مجتمعة. وفي الساعة الاولى بعد منتصف الليل اطفأت الماكينة الانتخابية لفتوش محركاتها في انتظار نتائج الصباح. واياً تكن النتائج فان الاكيد ان زحلة خرجت مشلعة من تلك المنازلة”.
“الاخبار”:
بيروت لا تستجيب للحريري: «زي ما هيّي»… ولكن!
من جهتها، كتبت صحيفة “الاخبار” اللبنانية “رُغم أسلوب «استجداء» الأصوات الذي مارسه الرئيس سعد الحريري خلال جولاته الانتخابية في بيروت منذ أسابيع، لم يلق رئيس تيار المستقبل التجاوب المطلوب. وإن كانت النتائج محسومة سلفاً للائحة «البيارتة» التي يدعمها، إلا أن المشهد الانتخابي أمس أكد أن غالبية «البيارتة» اختارت البقاء في منازلها بدلاً من «الوفاء والالتزام»
«يحلّ عنّا سعد الحريري… جرّبناه وما طلع منّو شي… فشل بالسعودية وراجع يكمّل فشلو بلبنان». الكلام لسيدة بيروتية على بوابة أحد مراكز الاقتراع في منطقة المصيطبة. تبتسم المُسنّة بهدوء. ترفع بيدها لائحة منافِسة لـ«البيارتة».
يتجهّم وجهها كلما سُئلت عن سبب عدم انتخاب اللائحة المدعومة من رئيس تيار المستقبل «زيّ ما هيّي». فصوت هدير الطائرة التي أبعدت أولادها الثلاثة مهاجرين مكرهين عن مدينتهم ما زال يُطارد أذنيها. يتجدّد سخطها كُلّما ذكر اسم «الشيخ». تتسارع وتيرة كلامها أمام المندوبين الموزعين. بدَت صلبة وهي تؤكّد أنها فضّلت المرشّحين الآخرين على «الزعيم البيروتي اللي ما تركلنا حتى شطّ نتمشى عليه… بَطّل عنّا مساحة نتنفّس فيها». لم تكُن هذه النقمة الظاهرة سوى عيّنة عن مزاج أهل بيروت الذين تُركوا في زاوية الانتظار سنوات، حتى جاءتهم اللحظة المواتية للردّ على تجاهُلهم، إما بالتصويت لمصلحة لوائح منافسة أو البقاء في المنازل كما فعلت الغالبية منهم. صحيح أن نسبة الاقتراع المتدنية في مدينة بيروت لم تكُن مفاجئة، إذ إنها لم تختلف عن نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية عام 2010، لكن ثمّة ما كان فاضحاً هذه المرة لجهة «دب الصوت» على تيار المستقبل في عرينه. لا شكّ أن من لم ينفك يردّد منذ أسابيع شعار «حتى تبقى بيروت للبيارتة» يعرف أنه عنوان مناسب لشدّ العصب، غير أن الواقع الذي يعيشه الناس مختلف بعض الشيء.
الاستحقاق البلدي والاختياري أمس كشف عن مدى الضعف الذي لحِق بماكينته الانتخابية. كان بمقدور المتجوّل في شوارع بيروت أن يلحظ أخطاءها. البداية مع مندوبي التيار الذين انتشروا بكثافة بالقرب من مراكز الاقتراع، وهم يسعون إلى إقناع المواطنين بالتصويت للائحة «البيارتة»، عبر نشر اللوائح وتوزيعها. ثمّة من قرّر اعتماد اللون الأحمر لـ«تيشرتاتهم» بدلاً من اللون الأزرق. هذه ثغرة كان يمكن أن يدفع ثمنها تيار المستقبل في صناديق الاقتراع بعدما تسبّبت بخلق بلبلة عند بعض الناخبين الذين ظنوا بداية أن هؤلاء يوزعون عليهم لوائح ملغومة.
عند كل المفترقات تسونامي أحمر على «مدّ عينك والنظر». كثرة لم تحجب نقاط ضعف ظهرت في اعتراض عدد من المندوبين الإداريين على تأخر وصول التصاريح والأموال إليهم، فاضطروا إلى البقاء واقفين أمام أبواب المراكز حتى قرابة الساعة التاسعة والنصف أمام مدرسة «سيتي انترناشيونال سكول». وفي مقابل هذا المدّ، كثرت الألوان والقمصان. الأصفر لـ«المشاريع». الأبيض «لبيروت مدينتي». والأزرق لـ«الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات». مندوبوها رصدوا الكثير من المخالفات؛ منها: نشاط ماكينة المستقبل داخل مراكز الاقتراع، وعدم لصق المغلفات قبل إدخالها إلى الصناديق، والسماح لإحدى الناخبات بالاقتراع رغم الخطأ برقم سجلّها. عند المداخل، يعبر شبان وشابات يحملون في أيديهم صناديق أكل وزجاجات المياه، وزعت على الناخبين. تدرجت بين ما هو متواضع وما هو فاخر كما العلبة الكرتونية البيضاء للائحة البيارتة.
صباحاً، بدت بيروت غير معنية بمعركة الانتخابات البلدية والاختيارية. ظهرت الحركة خجولة، لم تخترقها سوى الموسيقى التي تصدح في الشوارع من سيارات تعلوها مكبرات الصوت. لم يلبّ «البيارتة» الدعوة إلى الاقتراع باكراً بعد «الأرغيلة» كما عهدهم التيار أيام الرئيس رفيق الحريري. خيار البقاء في المنازل كان الأكثر رواجاً، ما عكس بشكل واضح عدم قدرة الأحزاب وتحديداً تيار المستقبل على الحشد. أما التيار الذي نصب خيمه عند مفارق الأحياء، فقد وجد كوادره أنفسهم في بعض الأحيان مضطرين إلى «شدّ» الناس: «إنتو بيارتة… انتخبوا لايحتهم… كونوا أوفيا والتزموا»! حتى إنهم في بعض الأحيان مارسوا الضغط على مندوبي اللوائح الأخرى. في الشارع، كان عدد العناصر الأمنية والمخبرين أكثر من عدد المندوبين والمتطوعين على أرض المعركة الانتخابية. وهؤلاء كانوا أكثر عدداً من الناخبين طوال اليوم. حتى إن رجال الأمن في مدرسة البطركية اضطروا إلى الطلب من المندوبين الخروج منها لكثرتهم. داخل مراكز الاقتراع غابت الطوابير. يجلس 7 أو 8 مندوبين مقابل مقترع واحد. وفي بعض المراكز، اقتصرت حركة الدخول والخروج على العاملين فيها. أما الإداريون فملأوا الوقت الطويل إما بقراءة الجرائد أو النظر إلى ساعاتهم والتجول من غرفة إلى أخرى.
انتهى يوم بيروت أمس على مشهد جديد أثبت تراجعاً كبيراً لم يتوقّعه تيار المستقبل في تصويت الناخب البيروتي لمصلحته، وإن كانت النتائج محسومة سلفاً للائحة «البيارتة» التي يدعمها. لم تنفع الزيارات الميدانية التي تولاها الرئيس سعد الحريري شخصياً، وعدد من قادة تياره. ورغم المحاولات الحثيثة لرفع نسبة الاقتراع في بيروت، بدا الخطاب السياسي غير موائم لمصالح الناس وتطلعاتها”.
“اللواء:
بيروت تحتفل بانتصار المناصفة في «لائحة البيارتة»
بدورها، كتبت صحيفة “اللواء” اللبنانية “أسدلت الستارة عن المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت ومحافظتي البقاع وبعلبك – الهرمل.
ففي الأحد 8 أيار 2016، نجحت حكومة الرئيس تمام سلام، ونجح وزير الداخلية نهاد المشنوق، في إجراء هذه الانتخابات، وسط هامش واسع من الحرية، وحوادث وإشكالات قليلة جداً، وحياد يكاد يكون كاملاً للسلطة المعنية، على الرغم من الأجواء الصعبة التي شاعت قبل الانتخابات ووضعت معيقات أمنية وسياسية، على أساس أنها تحول دون إجرائها، لكنها ما لبثت أن سقطت بقوة الوقائع الجديدة التي أفرزتها هذه الانتخابات، فاتحة الباب أمام المراحل الثلاث الباقية: الأحد 15 في جبل لبنان و22 في الجنوب والنبطية، و29 أيار في الشمال وعكار.
وبصرف النظر عن نسب الاقتراع التي تراوحت بين 48 في المائة في بعلبك و41.6 في المائة في زحلة و40 في المائة في الهرمل و35 في المائة في راشيا و34٪ في البقاع الغربي، وصولاً إلى بيروت التي تراوحت النسبة فيها بين 22 في المائة في بعض المناطق وأقل من 13 في المائة في مناطق أخرى لتصل إلى ما نسبته 17.76 في المائة أو أكثر، فإن القوى السياسية نظرت إليها وكأنها انتخابات نيابية تؤسس لإعادة تكوين سائر السلطات، سواء عبر المواقف أو الاقتراع أو المتابعة الميدانية.
وإزاء اضطراب الموقف الانتخابي، في ضوء الصورة التي يمكن أن ترسمها هذه الانتخابات للتأشير إلى حجم القوى السياسية والعلاقة بين هذه القوى والجمهور الذي تقدّم نفسها أنها تمثله لا سيما في منطقة البقاع بمحافظتيه وأقضيته، حيث أن «حزب الله» خاض معارك قاسية في بعلبك وبريتال واللبوة، وقرى وبلدات أخرى وصولاً إلى الهرمل، حيث تدنت نسب الاقتراع في هذه المدينة، فضلاً عن إشكالات وإطلاق نار كما تردّد، فضلاًَ عن أن الائتلاف المسيحي في زحلة، وعلى الرغم من تغريدة النائب إبراهيم كنعان من أن زحلة البداية ومبروك للتوافق المسيحي، عاد إلى دائرة الترقب مع تضارب نتائج الماكينات الانتخابية للوائح الثلاث المتنافسة في المدينة، وهي: لائحة إنماء زحلة برئاسة أسعد زغيب وقوامها الأحزاب المسيحية الثلاثة: الكتائب و«القوات» و«التيار الوطني الحر»، ولائحة زحلة الأمانة برئاسة يوسف سكاف التي تخوضها الكتلة الشعبية برئاسة السيدة ميريام سكاف ولائحة «زحلة تستحق» برئاسة موسى فتوش شقيق النائب نقولا فتوش.
تأخر إعلان النتائج
وعلى الجملة تأخرت عمليات الفرز فتأخر الإعلان الرسمي عن النتائج، وآثرت مختلف القوى الداعمة للوائح في بيروت والبقاع التريث بانتظار استكمال الفرز والتدقيق في النتائج:
1- ففي «بيت الوسط» في بيروت، حيث تدفق أنصار لائحة «البيارتة»، أطل الرئيس سعد الحريري وخاطبهم معرباً عن شكره تجديد الثقة بالمناصفة والعيش المشترك وتيار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقال: «ابتداء من الغد ستبدأ العمل من أجل بيروت»، آملاً أن تكون النتائج لمصلحة البيارتة.
وكان الرئيس الحريري شكر في بيان أهالي بيروت «الذين قاموا بواجبهم الانتخابي لتبقي ديموقراطيتنا بخير وبيروت عاصمتنا محروسة بأهلها».
2- وفي البقاع، حيث أدار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم معارك الحزب الانتخابية في بعلبك – الهرمل، أرجأ مؤتمره الصحفي إلى اليوم، بعد أن كان مقرراً عقده عند منتصف الليل للحديث عن نتائج الانتخابات وتقييم الحزب لها، بعدما رعى «تشكيل لوائح في 27 بلدة في البقاع من خلال لوائح «التنمية والوفاء» (وهاتان الكلمتان ترمزان إلى حركة «أمل» (التنمية) والوفاء إلى «حزب الله») على حدّ ما أعلنه الشيخ قاسم في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس في مدينة بعلبك، والذي كشف فيه أن 19 بلدية من البلديات في المحافظة تمكن الحزب من إنجاحها بالتزكية.
وخاض الحزب معركتين بارزتي الصعوبة في كل في مدينة بعلبك في وجه اللائحة التي ترأسها رئيس البلدية السابق غالب ياغي والمدعومة من تيّار المستقبل والجماعة الإسلامية وأحزاب في قوى 14 آذار، وفي بريتال في وجه اللائحة المدعومة من الأمين العام السابق للحزب الشيخ صبحي الطفيلي، حيث لمس المراقبون معركة «كسر عظم» في البلدة، بعدما سحبت حركة «أمل» يدها من المعركة.
وكشفت الماكينة الانتخابية للحزب انه فاز في 7 بلديات حتى الساعات الأولى من المساء في منطقة بعلبك – الهرمل وهي: حوش سنيد، حوش النبي، مقراف، قرجا، حلبتا، اللبوة ومجدلون. كما فازت لائحة الحزب – «أمل» في زلايا في البقاع الغربي.
3- الحزب التقدمي الاشتراكي الذي اكتفى رئيسه النائب وليد جنبلاط بمواجهة أحد أصدقائه وخصومه عبر «التويتر» عندما كتب عن معركة زحلة: زحلة البردوني، المازة الجديدة، متبل مع بحص فتوش صخري، مشاوي فقيرة وفواكه مطحونة واركيلة مغسلة بوحل». أعلن ليلا فوز لائحة راشيا بالكامل في وجه اللائحة المدعومة من النائب السابق فيصل الداوود.
4 – اما الاحزاب المسيحية فلم تسجل لها حضورا على المسرح بعد اقفال الصناديق، واكتفت الانتظار لمعرفة الأرقام الرسمية والنتائج، فضلا عن نسب التصويت في أقلام الاقتراع سواء في الأشرفية أو الرميل أو كرم الزيتون، أو في أقلام زحلة الـ 126 لتبني على الشيء مقتضاه، سواء في ما خص التحالفات أو لاتجاهات المعارك الانتخابية المقبلة، لا سيما في جبيل وجونية وبعبدا وفرن الشباك والمتن والقبيات في الشمال.
وزير الداخلية
وإذا كان الوزير نهاد المشنوق اعرب عن سروره البالغ باتمام الانتخابات في موعدها، مشيدا في مؤتمر صحافي عقده في عرسال، بانتماء البلدة إلى الدولة، بعد ان تجول في احيائها، فإنه أشار، في موقف سياسي يعبّر عن رؤية للمرحلة المقبلة، أن المطلوب بعد الانتخابات البلدية، اجراء الانتخابات الرئاسية، لأنه لا يكتمل العرس الوطني الا بانتخاب رئيس الجمهورية، ثم تجري بعد ذلك الانتخابات النيابية، وهو الأمر الذي كان يراهن عليه فريقا «تفاهم معراب» فيما لو جاءت محصلة الانتخابات البلدية لمصلحتهما.
وكانت الجولة الأولى من انتخابات البلدية انطلقت منذ السابعة صباحاً بسلاسة ملحوظة وضمن إجراءات أمنية توزعت على أكثر من 20 ألف رجل أمن وجندي حول مراكز الاقتراع، في استحقاق بلدي هو الثالث من نوعه منذ اتفاق الطائف، أعاد الحيوية للمشهد الديمقراطي بتوجه اكثر من 476 ألف ناخب في العاصمة وحدها إلى أقلام الاقتراع لانتخاب 24 عضواً في البلدية من بين أربع لوائح متنافسة تضم ما لا يقل عن 90 مرشحاً، والكتلة الناخبة نفسها يتعين عليها أن تنتخب 108 من المخاتير.
ولم تسجل أية حوادث في العاصمة، ولا حتى إشكالات باستثناء شكاوى سجلتها لائحة «بيروت مدينتي» في مؤتمر صحفي عقدته بعد انتهاء عمليات الاقتراع.
وخلاف ذلك بدا الموقف بالغ الحدة في مدينة زحلة وبعلبك وبريتال، حيث افيد عن رشاوى مالية وتوقيف أشخاص وإشكالات واحتكاكات ما لبث أن طوقها الجيش والقوى الأمنية.
أجندة الأسبوع
وبانتظار النتائج الرسمية، تعود اللجان النيابية المشتركة اليوم إلى درس قانون الانتخاب، بدءاً من المشروع الذي قدمته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يقضي بجعل لبنان 13 دائرة انتخابية مع النسبية.
وغداً الثلاثاء تعقد الجلسة 39 لانتخاب رئيس الجمهورية بتأثير من نتائج الانتخابات البلدية، من دون أن تنتج رئيساً، كل ذلك بالتزامن مع الجولة 28 للحوار الثنائي بين المستقبل و«حزب الله» في عين التينة.
اما الخميس في 12 الحالي، يعقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية وعلى جدول أعماله 120 بنداً أبرزها تعيين محافظ جبل لبنان، حيث اقترحت وزارة الداخلية اسم القاضي محمود مكية لهذا المنصب، فضلاً عن تعيين مجلس إدارة تلفزيون لبنان.
وعلمت «اللواء» أن الأسماء التي طرحها وزير الإعلام رمزي جريج لتعيينها في مجلس الإدارة هي:
– المحامي شوقي ساسين (عن الارثوذكس).
– دياب شيا (عن الدروز).
– سمير منصور أو غالب الأيوبي (عن السنة).
– جورج جبور أو جورج صدقة (ْعن الموارنة).
– طلال المقدسي أو كميل منسى أو جورج كلاس عن الكاثوليك.
ولاحظت مصادر متابعة أن الوزير جريج اقترح اسماً أو ثلاثة للمراكز المخصصة للموارنة والكاثوليك فيما سمى اسماً أو اثنين للارثوذكس والسنة، وإسماً واحداً للدروز”.
المصدر: الصحف اللبنانية