خليل موسى موسى – دمشق
كثيرةٌ هي الآمال التي كانت تُعقَد على تقدم الجيش السوري وحلفائه في البادية الشرقية من جهة و تقدم الجيش العراقي اتجاه باديته الغربية من جهة أخرى حيثُ لا تُعتبر مرحلة الوصول إلى الحدود مثل أي مرحلة سابقة فهي ذات أهمية استراتيجية عالية جداً.
وعلى ضوء التقاء القوات السورية مع العراقية على حدود البلدين، تحدث الدكتور بسام أبو عبدالله أستاذ العلاقات الدولية، في لقاء خاص لموقع قناة المنار، عن بُعدٍ جيوسياسي هام يرتبط بالإضافة إلى سورية، بالعراق و الصين وأيضاً روسيا، لأننا هنا نتحدث عن فضاء هام يتم فتحه إما أن يستمر أو ستعمل الولايات المتحدة الامريكية على إغلاقه.
هذا الفضاء الذي يتحدث عنه د. أبو عبدالله، يعتبر مستقلاً خارج النفوذ الأميركي، لذلك تتحدث عنه الولايات المتحدة والكيان الصهيوني على أنه فضاء يتدفق منه السلاح والمسلحين ويجب إغلاقه، لكن أبو عبدالله يؤكد أن هذه الحجة الاسرائيلية الامريكية غير دقيقة .
الفضاء الجديد الذي يتم فتحه أي المناطق الحدودية الممتدة إلى البادية السورية، تشكل مستند لمنافسي الولايات المتحدة الأمريكية مثل الصين وإيران، وسورية جزء من غرب آسيا، والصراع يجري على هذه المنطقة بالتحديد، وبالنظر إلى أهمية المنطقة، نجد أن هذا يعني أنابيب غاز ونفط وكهرباء ومجالات التنمية المستدامة ، ويرى أبو عبدالله أننا أمام حوض يصل تعداده إلى مئة وخمسين مليون نسمة، هذا عدا تركيا التي ستضطر عاجلاً أم آجلاً للالتحاق بهذا المحور تلبيةً لمصالحها.
الولايات المتحدة الأمريكية حاولت قطع هذا الطريق والذي هو شرق – غرب أي باتجاه دمشق بيروت ، كما يريدون قطع الطريق جنوب – شمال، وقطع هذا الطريق لن يُسمحَ بِه لا سورياً ولا إيرانياً ولا روسياً وبذلك يكون قد تمّ قتل الجغرافيا السياسية أمام أمريكا من خلال السيطرة على المناطق الحدودية الواصلة من العراق إلى سوريا والتي تنظر إليها إسرائيل نظرة استراتيجية ومن هنا يتوقع أن تحدث أم المعارك في دير الزور، حيث تقدم القوات باتجاه البو كمال ويتكرّس الضغط شمالاً، أي من رؤيته أنّ هذا يُريح الأردن ويُخفّف الضغط عنها بعكس ما قد يظهر أو يُروّج له حيث سيوقف تمدد داعش باتجاه الجنوب.
المشروع الأمريكي حسب ما يراه د. أبو عبدالله يقوم على نقل تنظيم داعش الإرهابي على طول الحدود السورية العراقية ليجعلها منطقة اضطرابات دائمة ولكي لا يسمح بالتبادل الاقتصادي بين البلدين وهذا هو الاتجاه الواضح لدى واشنطن، و كما كان يُراد أيضاً من احتلال تدمر، ضرب المشروع السوري ككل لذلك حرصت القيادة السورية على تحرير تدمر وتوسيع مجال الأمان حولها، وحرص الحلفاء في روسيا على منع انتقال الدواعش عبر الحدود من خلال استهدافهم بعمليات عديدة ليوقفوا هذا المشروع الأميركي ، نحن نتحدث هنا عن معركة تحدث سترسم خطوط لخارطة جيوستراتيجية في المرحلة القادمة.
يتابع ضيف موقعنا الحديث عن المقلب الآخر من الحدود، ويؤكد أنه علينا الإقرار بوجود نفوذ أميركي كبير في العراق، حيث أن أميركا تُخطط أن يكون العراق منطلقاً جديداً لنفوذها ومصالحها في المنطقة لذلك تحرص أميركا على ألّا يكون هناك تواصل سوري عراقي ولو عدنا بالتاريخ إلى الوراء نرى أن هذا الأمر ممنوع منذ استقلال كلى البلدين لأن التقاءهما يُشكّل تهديداً للكيان الصهيوني، هذا وإذا أضفنا إيران إلى حديثنا سنعود إلى ما كان عليه الوضع قبل 2010
أصبح واضحاً جداً الضغط على دير الزور من خلال نقل مجموعات الدواعش إليها ونرى أيضاً أنه عندما وصل الجيش السوري إلى الحدود سارع التحالف الغربي بقيادة أميركا إلى ضرب مناطق في الرقة بالفوسفور الأبيض وهذا يُشكّل نوع من السباق الأمريكي نحو تلك المناطق علّها تستطيع الحفاظ على وجود كيان لها في المنطقة خاصةً كما أسلفنا وأكد عليها مُحدّثُنا أبوعبدالله بالتقاء الجيشين على الحدود ووما يليها من تقدم باتجاه البو كمال.
لو أخذنا المنطقة التي سيتمدد بها الجيش السوري باتجاه الشمال هي مساحات كبيرة جداً، ولا يوجد لدى الولايات المتحدة قدرات عسكرية لضبط كامل الخط على الحدود فنحن نتحدث عن حوالي ثلاثمئة كيلو متر حدودي مع الأردن وضعفها مع العراق، وهنا يستحيل لدى أمريكا بقدراتها العسكرية الحالية ضبط هذه الحدود كاملةً، فالحدود يُسيطر عليها عادة عندما تتفق دولتان ذات سيادة ووفق القانون الدولي.
كما ان أميركا لم تعُد تستطيع التعويل على تلك الميليشيات الإرهابية التي درّبتها لأنها فشلت في أكثر من مفصل في هذه الحرب أمام الجيش السوري وحلفائه.
ويبقى الآن بعد نقطة التحول الاستراتيجي هذه وتثبيتها مراحل طويلة أمام الجيش السوري وحلفائه ومعارك ضارية للاستمرار بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية حتى تحريرها من الإرهاب كاملةً، كما يُؤكد د. بسام أبو عبدالله
المصدر: موقع المنار