تكتُّل احزاب اليمين واليسار والحكومة في فرنسا، حشداً للاصوات ضد مارين لوبن، ادى الى نتيجة شبه متوقعة بوصول المرشح المنافس ايمانويل ماكرون الى الرئاسة. ولكن هناك اسباب عدة اخرى لا تتعلق كلها بماكرون نفسه بل قد تتعلق بأداء لوبن.
ورغم ذلك فإن حصول لوبن على 33% من الاصوات يشكل انجازا يثبت حضور لوبن على الساحة السياسية المستقبلية كقوة لا يستهان بها وكقوة معارضة ذات قاعدة عريضة وهذا سينعكس ايضا على اي منحطات إنتخابية مقبلة مثل الانتخابات البرلمانية في الصيف.
ويشار الى ان نسبة الممتنعين عن التصويت كانت لافتة جدا وتاريخية في الانتخابات الفرنسية هذه، ودلت على عدم رضا بنسبة 25 بالمئة من الاصوات عن اي من المرشحين وهي نسبة تعني ان واحدا من كل اربعة فرنسيين فضلوا عدم الاختيار بين المرشحين.
ويظهر ان مواقف لوبن المناوئة للاتحاد الاوروبي والعملة الاوروبية الموحدة شكلت اساسا في رفض الشريحة الاوسع لهذه المرشحة، خاصة في ظل التحديات الامنية والاقتصادية المتنامية اضافة الى انها لم تركز على موضوع تنامي الهجرة الى فرنسا وهي مسالة اجتماعية اساسية، وهو ما اكد عليه والد لوبن مؤسس الجبهة الوطنية.
وفي اطار الاسباب كتبت صحيفة “إل باييس” أن “فرنسا اختارت ماكرون واحتوت الشعبوية”، مشيرة الى انه “بعد البريكست وترامب لن يكون هناك لوبن” وفي ذلك اشارة الى الاجواء التي نتجت عن البريكست البريطاني اضافة الى التناقضات الاميركية الحادة التي ظهرت بعد انتخاب ترامب المعتمد على الشعبوية.
وفيما يُعتبر ماكرون الاقرب الى خط الرئيس المنتهية ولايته هولاند من بين مرشحَي الدورة الثانية، فيبدو ان المواطن الفرنسي كان خائفا من اي تغيير حاد ينعكس سلبا عليه تحت مظلة اليمين المتطرف في ظل تحديات الامن والاقتصاد، واختار عدم الدخول في اي مغامرة تنتج عن وصول مرشحة يمين متطرف معروفة بمواقف متشددة من العديد من القضايا سواء الداخلية او العلاقات الخارجية وقد تنبئ بما هو اسوأ بحسب نظرته خاصة ان الساحة الفرنسية مشرعة على اثار الضربات الارهابية وعلى التحديات الاقتصادية.
ورغم اظهار النتائج ان اغلبية الناخبين متخوفة من تغييرات جذرية لكن الناخب يتطلع الى تغييرات ما داخلية وخارجية، وهو ما ظهر في سقوط الاحزاب التقليدية في هذه الانتخابات، لذلك فيبدو ان عمر ماكرون الصغير شكل عامل جذب للناخب بحيث يكون هذا الرئيس الاصغر سناً في تاريخ فرنسا اكثر تفهما للتحديات التي يواجهها الشباب واكثر اندفاعا نحو تحقيق انجازات.
فوز ماكرون لن يضمن بحسب المتابعين جعل فرنسا في ظل استقرار شامل لا سيما سياسيا وربما شعبيا بل ان المسار سيكون بمثابة سفينة بين امواج ، وعلى غرار الاوضاع الاميركية ما قبل وما بعد انتخاب ترامب فإن انقساما قويا في المجتمع ظهر وافرزته الانتخابات ويشكل تحديا لماكرون، كما ان نسبة الاصوات المهمة التي حصلت عليها لوبن تشكل تحديا اخر.
وفي ذلك ابدت “ذي غارديان” قلقها ازاء النسبة القياسية التي حققها اليمين المتطرف. وقالت “حظا سعيدا سيد ماكرون لانك ستحتاج اليه”.
المصدر: موقع المنار