تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 27-4-2017 العديد من الملفات، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
الاخبار
الحريري «حنون… بس الزمن قاسي»
محمد نزال
سعد الحريري ليس فؤاد السنيورة. الأوّل «قلبه طيّب» أو يُريد أن يَظهر كذلك، وهو ينجح غالباً، أمّا الثاني فلا يُمكنه ذلك. ملامح وجهه أقوى مِن أيّ محاولة… وإن بكى. الحريري ليس «حريريّاً» بما يكفي. السنيورة «حريريّ» بقوّة. جيء بالحريري إلى السياسة صدفة، وراثة بحكم العُرف، ولربّما فضّل، لو تُرِك له الأمر، أن يَظلّ في «الخارج» مع شغفه بدرّاجة «هارلي». عندما قصد جنوب لبنان، الأسبوع الماضي، ورأى ما رأى، لم يستطع كبح جماح أصابعه ليُغرّد: «بحبّك يا لبنان يا وطني بحبّك. بشمالك بجنوبك بسهلك بحبّك». ليس صعباً، بعيداً عن المكابرة، أن تشعر أنّه في تلك اللحظة كان صادقاً.
زيارته للجنوب عُدّت ردّاً على جولة الإعلاميين في الجنوب، قبل يوم، التي نظّمها حزب الله. حتّى في تصريحه، مِن هناك، لم يكن لئيماً: «حزب الله لا يقنعني ببعض الأمور وأنا لا أقنعه ببعض الأمور». هل هذا دور الحريري المرسوم له سعوديّاً في هذه المرحلة؟ ربّما. لكن، بمطلق الأحوال، يَنجح الرجل في أن يَظهر عقلانيّاً. في طريق عودته مِن الجنوب، وبينما كان بعض شارع الحزب يَردّ على تصريحاته، غضباً، كان هو يتناول الغداء مع وزير الحزب محمد فنيش في مدينة صور.
يُمكن اعتبار سعد الحريري عيّنة ممتازة لتحليلها وفق قواعد علم النفس السياسي. يبدو في الآونة الأخيرة كمن أراد طبع شخصيته في قالب «إنساني». ينزل إلى الشارع لملاقاة الشبّان المتظاهرين، يُحدّثهم عبر المذياع، يُقذف بقناني الماء فلا يغضب، بل يتفهّم. ربّما يُحاول هنا لعب دور السياسي الشبابي، العفوي، كما في صورة بعض السياسيين الغربيين التي راجت أخيراً في العالم. تلك الصورة التي تقول إنّ صاحبها يَنزل مِن برجه العاجي إليكم، وها هو، مِن لحم ودم، مثلكم. يَنشر صورته راكباً درّاجة هوائيّة، داخل القصر الحكومي، بلباسه الرسمي وربطة العنق. كثيرون مِن السياسيين، مِن حلفائه وخصومه على حدّ سواء، يَسخرون مِنه في سرّهم. يضحكون. يفوت هؤلاء أنّ سعد في هذه الحركات إنّما يُراكم عطفاً شعبيّاً، يُزرع في اللاوعي، وإن لَم يَشعر أصحابه بذلك. طرق التأثير تتغيّر مع تغيّر العالم. المزاج البشري نفسه يتغيّر مِن حولنا. سعد الحريري ليس خبيثاً. هذا ما يقال في الشارع.
أيّ سياسي، في لبنان، يتلعثم أثناء تلاوة البيان الوزاري، حدّ الجرائم اللغويّة، ثمّ يضحك للضاحكين مِنه! عندما تأبى إحدى الكلمات الخروج صحيحة مِن فمه، فيقطع الأمل بعد محاولات، قائلاً للنوّاب الحاضرين: «خلص المُهم فهمتوها». كان هذا سابقاً. لقد تحسّن الحريري كثيراً في النطق أخيراً. لقد طوّر نفسه. قبل نحو أسبوعين، قال: «أنا محتاج إلى مساعدة الجميع». كان يتحدّث في ذكرى الحرب الأهليّة. سعد الحريري أفضل الموجود. ربّما على الجميع، مِن خصومه تحديداً، التفكير في كيفية عدم خسارته، بل وحمايته… مِمَن هم قربه تحديداً. في الآونة الأخيرة بدا كأنّه ليس حريريّاً، أو ليس «سوليديريّاً» بمعنى أدقّ، عندما غرّد قائلاً: «مَن يستذكر كيف كان لواجهة بيروت البحريّة أيام الأحد ساعات مخصّصة لركوب الدراجة الهوائيّة خالية مِن السيارات؟ هل تؤّيدون إعادة إحيائها؟ أنا أؤيد». هذه محاولة فاشلة. جرّب بطريقة أخرى يا دولة الرئيس. صورة انتظارك دورك في أحد المطاعم، في انتظار «السندويشة» المطلوبة، كانت مقبولة. مُستهلكة إنّما لا بأس. دعك مِن تذكير الناس كيف كانت الحياة في بيروت وكيف أصبحت، هذه مساحة قد تفحّم صيت العائلة بها، وإلى أجيال لن يُفكّ ربط سيرتكم بما آلت إليه بيروت. لا يتوقّع مِنه الخروج مِن جِلدته، لكنّه يُعاني، وأحياناً مِن رعاته التقليديين. لا مكان للخطاب الإنسانوي في السياسة التقليديّة، لكن إن كان لا بدّ فالحريري، بذاك المعنى، حالة «مختلفة». هذه الحالة التي تجعل فقيراً، سائق أجرة معدم، يشعر بنوع مِن الشفقة على ثري ابن ثري. شعور يصعب تفسيره. إنّها مفارقة رهيبة.
قبل أكثر مِن عقد مِن الزمن، ومع تخندق الطوائف في الخلافات السياسيّة، ظُلِم سعد بأن وضعوه (الذين هم خلفه) قبالة السيّد حسن نصر الله. لقد جُلِد الشاب نفسيّاً بهذه المقارنة. لا شكّ أنّ آثار تلك المرحلة لا تزال عالقة في نفسه. كان الشاب آنذاك يُجيد تحضير «الكبسة» (طبقه المفضّل) كما قال مرّة لصحيفة «واشنطن بوست». لم يَكن يتوقّع أنّ الحياة السياسيّة ستكبسه كما لم يُكبَس مِن قبل. سعد الحريري «حنون… بس الزمن قاسي». سعد الحريري ليس فؤاد السنيورة.
البناء
معارك تركية ـ كردية شمال سورية والجبير حمل إلى موسكو خطة تحريك الجنوب
لافروف: حزب الله شرعيّ كقوّاتنا… ونشر منظومة روسية للإمساك بالجو
اللبنانيون عالقون في الانتظارات والطرقات… والحريري لتحالف ثلاثي جديد
كتب المحرّر السياسي
تابع الرئيس التركي تحضير ملفاته للقمة التي ستجمعه بالرئيس الأميركي في السادس عشر من الشهر المقبل، بنيران جيشه الذي اقتحم المناطق التي يسيطر عليها الأكراد تحت العيون الأميركية ناقلاً العلاقات الكردية بالأميركيين إلى مرحلة صعبة، لوّح خلالها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بالانسحاب من حرب الرقة ما لم يقم الأميركيون بما يلزم للجم الهجوم التركي.
مقابل هذا الاشتعال لجبهات شمال سورية، تتجه الأنظار جنوباً، حيث تتكاثر التقارير الإعلامية والمواقف السياسية الغربية للتبشير بفتح جبهة الجنوب عبر الحدود الأردنية، بعدما كشف الرئيس السوري بشار الأسد وجود تقارير متعدّدة تؤكد شيئاً ما يجري تحضيره جنوباً.
جاءت زيارة وزير الخارجية السعودية عادل الجبير لموسكو لتكشف طبيعة التحضيرات وهدفها، فبينما قالت مصادر ما يسمّى بجيش سورية الجديد الذي درّبه الأميركيون ويرعاه الأدرنيون ويموّله السعوديون إنهم يتجهون نحو معركة البادية السورية عبر محور الحدود السورية العراقية الأردنية، ما يعني وفقاً للمراقبين العسكريين للحرب في سورية، استكمال مساعي الأميركيين بالإمساك بالحدود العراقية السورية من جهة، وبفتح البادية السورية والعراقية أم فلول داعش التي ينتظر خروجها من الموصل والرقة، ويسعى الجيش السوري والحشد الشعبي، كل في جبهات قتاله لسد المنافذ أمامها، بينما تسعى واشنطن لفتح هذه المنافذ. وتبدو الحملة المرسومة من الجنوب محاولة بديلة لفشل الغارات الأميركية و»الإسرائيلية» التي فشلت في وقف تقدم الجيش السوري في جبهتي دير الزور وتدمر وصولاً للبادية التي تفصل بينهما.
الجبير في موسكو طرح وفقاً لمصادر إعلامية روسية، للتدخل لوقف التصعيد من الجنوب مقابل تفاهم مع روسيا يتضمّن القبول بالتعاون لتسوية سياسية يتراجع فيها السعوديون عن تحفظاتهم على الدولة السورية ورئيسها مقابل تعهّد روسي سوري بإخراج حزب الله من سورية، وتوفير ما يضمن الأمن «الإسرائيلي» جنوباً من جهة، وانتصاراً معنوياً سعودياً إسرائيلياً تركياً أميركياً من جهة أخرى، تحت عنوان محاربة النفوذ الإيراني.
الجواب الروسي لم يتأخّر، فقد فاجأ وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ضيفه السعودي بنقل الموقف إلى العلن بقوله إن موسكو ترفض تصنيف حزب الله إرهاباً، وترفض الطعن بشرعية وجوده في سورية، فشرعيته كشرعية القوات الروسية مستمدّة من الدولة السورية الشرعية، والجواب العملي الروسي على أخطار التصعيد الجنوبي كان سريعاً يإعلان وزارة الدفاع الروسية عن نيتها نشر منظومة متعدّدة المتسويات تسمح بإدارة كامل المجال الجوي السوري، بدلاً من الاكتفاء بمنظومتها الراهنة التي تؤمن حماية المواقع والقوات الروسية والمتمركزة بين الساحل والشمال في سورية.
في قلب هذا الارتباك الدولي والفوضى الإقليمية، يغرق لبنان في الإثنتين الارتباك والفوضى، وفوقها يعلق اللبنانيون في الطرقات مع تغاضي التعامل الحكومي مع فوضى واستنسابية ملفات الكسارات والمرامل، ليضاف إلى اختناق اللبنانيين حشرهم في الطرقات إضافة إلى عنق الزجاجة السياسي الذي يفرضه الضباب المحيط بمستقبل قانون الانتخاب، وسراب الأمل بولادة طبيعية للقانون، وغياب الوضوح حول ما بعد العجز والفشل بين خياري التمديد والفراغ.
عنق الزجاجة الانتخابي يضيق والمهل تضيق، واللعبة بين خيارَيْ التمديد والفراغ وعضّ الأصابع بين الفرقاء سجلت تبدلاً في موقف رئيس الحكومة سعد الحريري، نقل معه بارودته من كتف التحالف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، للانضمام إلى حلف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، فيخلط الأوراق كما فعل يوم تخلّى عن ترشيح النائب سليمان فرنجية وتبنّيه المفاجئ لترشيح العماد ميشال عون، وثباته هنا سيعني مخاطر التصويت على التمديد في جلسة الخامس عشر من أيار، ومخاطر توافر النصاب لترجيح كفة العودة لقانون الستين، الذي قال الحريري إن تيار المستقبل يخسر عدداً من المقاعد باعتماده في ظل تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ليطرح السؤال حول ما تضمّنته الصفقة الجديدة من ضمان حصته من ضمن التحالف الثلاثي الجديد وفقاً لقانون الستين، خصوصاً أن المتاعب الانتخابية التي تقلق تيار المستقبل وتهمّه هي في مناطق قلق واهتمام التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ذاتها، تتركّز في ثلاثية الشمال وزحلة وبيروت الأولى، والتحالف الثلاثي يضمن تقاسمها بنسبة كبيرة.
المواطنون رهينة والدولة غائبة
وكأن اللبنانيين لا ينقصهم فوق الأزمات السياسية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي يعانون تداعياتها، سوى إغلاق الطرقات أمامهم وهم متوجّهون الى أماكن عملهم ومنازلهم وتحولوا لساعات رهينة بيد سائقي الشاحنات الذين لم يتركوا وسيلة عنف إلا واستخدموها بحق المارة، من قطع للطرقات العامة الى تكسير السيارات والاعتداء بالضرب على المواطنين وتهديدهم بالسلاح، بينما الدولة غائبة عن شؤون البلاد والعباد، لا سيما وزارة الداخلية والبلديات المعنية الرئيسية بحفظ أمن الناس وممتلكاتهم وتنقلاتهم، وكما تنأى بنفسها عن ملف قانون الانتخاب الذي من المفترض بها أن تقدّم مشروع قانونه الى مجلس الوزراء، لم تكلف نفسها عناء التدخل لوقف مأساة المواطنين إلا بعد مضي ساعات، ليخرج الوزير نهاد المشنوق ويعلن عن إمهال المعتصمين ساعة قبل أن تتدخّل عناصر قوى الأمن الداخلي لفتحها بالقوة، بعد تهديد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتدخّل الجيش اللبناني لفتح الطرقات إذا لزم الأمر، ما يطرح تساؤلات عدة حول تأخر وزير الداخلية كل هذا الوقت لحسم الأمر وإصدار تعليماته للقوى الأمنية وهو يشاهد مباشرة عبر شاشات التلفزة ومن خلال التقارير الأمنية التي تصله ما ارتكبه السائقون على الاوتوسترادات والطرقات الرئيسية؟
ولهذه الغاية، عقد مجلس الأمن الداخلي المركزي في وزارة الداخلية اجتماعاً استثنائياً برئاسة المشنوق وقرّر الطلب إلى القوى العسكرية والأمنية المباشرة من صباح اليوم باتخاذ «كافة التدابير والإجراءات اللازمة لمنع إقفال الطرقات الدولية وتأمين حرية تنقل المواطنين وسلامتهم وانتقالهم إلى أعمالهم ومنازلهم والحفاظ على السلامة العامة ومنع إقفال أي طريق دولية، مهما كانت الأسباب وأوصى المجلس بضرورة اتخاذ القوى العسكرية والأمنية الإجراءات القانونية بشكل سليم وحازم لمنع أي تحركات مماثلة قد تحصل في المستقبل، حفاظاً على ممتلكات الناس والسلم الأهلي».
وكان المشنوق تلقى وأجرى اتصالات برئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وقد أيّدا كل الخطوات التي قامت بها قوى الامن الداخلي والجيش اللبناني من أجل تسهيل تنقلات المواطنين وسلامتهم. كما طالب المشنوق رئيس الجمهورية بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد للبحث في ملف المرامل والكسارات وكل القضايا التي تهم الناس، «بعيداً عن النزاع السياسي حول قانون الانتخاب». كما عبّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن استيائه وإدانته قطع الطرق، مؤكداً بموقفه ايضاً من الكسارات والمرامل التي شوّهت الطبيعة وأضرّت وتضرّ بالبيئة.
وكان مسلسل قطع الطرقات الحيوية التي يسلكها المواطنون يومياً، من قبل أصحاب الشاحنات، بدأ صباح أمس في مختلف مراكز الشرايين الحيوية المؤدية الى العاصمة شمالاً وجنوباً وبقاعاً احتجاجاً على قرار وزير الداخلية وقف العمل بالمرامل والكسارات غير الشرعية ما سبّب زحمة خانقة، ما لبثت أن تطورت، في بعض الأحيان، إلى إشكالات مع المواطنين.
الحريري: لا للتمديد.. والحلول موجودة
وفيما تصاعدت وتيرة الانقسام السياسي حول قانون الانتخاب والاحتمالات المطروحة للخروج من الأزمة وانسداد أبواب الحلول حتى الآن، ارتفعت أسهم قانون الستين الذي يُعيد إنتاج التركيبة النيابية والسلطة نفسها، ويوصل معظم أعضاء المجلس بـ«البوسطات» و«المحادل» الى الندوة البرلمانية، ويهمّش الشرائح السياسية والشعبية الأخرى، ما يضرب صحة وعدالة التمثيل ويحرم اللبنانيين في العهد الجديد فرصة إقرار قانون عصري على أساس النسبية الكاملة.
وإذ من المتوقع أن يطرح الرئيس الحريري مبادرة لمشروع قانون انتخاب، وعلى وقع عودة تلويح التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بالشارع رفضاً للتمديد، كما أوردت قناة «أو تي في» أمس، بأن «تحضيرات تجري لتحركات في الشارع على أساس ما ستؤول اليه النقاشات والأمور قبل جلسة 15 أيار»، تحركت عجلات القوى السياسية التي تعيش سباقاً محموماً مع المهل، وتتسابق إلى طرح صيغ ومشاريع انتخابية.
وفي موقف لافت، أعلن الحريري من عين التينة أمس رفضه التمديد والفراغ. مشيراً بعد لقائه الرئيس بري إلى أن «الحلول موجودة لقانون الانتخابات ولا مقاطعة من الفرقاء أنّه يحاول تقريب وجهات النظر بين جميع السياسيين حتى نصل إلى حلّ في 15 أيار وهناك إيجابيات في الأجواء»، لافتاً الى أن «هناك قوانين فيها طائفية لا نحبّها ومنها التأهيلي، ولكنني وافقت عليه لأننا نريد حلاً». وكشف أنه «يضغط على الجميع للعمل من أجل قانون انتخاب جديد يمكن أن يسير به جميع الفرقاء».
وقالت مصادر مطلعة على اللقاء لـ«البناء» إن «اللقاء كان إيجابياً كالعادة مع الرئيس بري لبحث ملف قانون الانتخاب والتشاور في الخيارات كلها للوصول الى حل وتأتي الزيارة في إطار اجتماعات دائمة ومكثفة يجريها الحريري وممثلون عنه للوصول الى حل، لكن وسط تكتم على مضمون النقاشات، حيث يعتمد الحريري على الآية الكريمة «وتعاونوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، كما لفتت المصادر الى أن هناك توافقاً بين بري والحريري على رفض الستين والتمديد والفراغ وضرورة إيجاد قانون جديد يرضي الأطراف كافة وهذا ما يتمّ نقاشه الآن، وأوضحت أن «هناك أموراً أساسية تمّ التفاهم عليها بين القوى السياسية الرئيسية في الأيام الأخيرة، لكن هناك بعض التفاصيل يجري النقاش حولها والأمور إيجابية ومتقدّمة والحريري يُعدّ مشروع انتخاب جديداً يمكن أن يشكّل حلاً سيطرحه في الوقت المناسب وسيجري سلسلة لقاءات لاطلاع الأطراف عليه».
بري: جلسة أيار لتفادي الفراغ القاتل
وجدّد الرئيس بري بعد لقاء الأربعاء التأكيد بأننا لا نريد التمديد، وقد قلنا ذلك منذ البداية وكرّرنا أمام الملأ، لكننا نريد ايضاً أن نحمي البلد والمؤسسات الدستورية من السقوط والانهيار وقد سعينا ومازلنا نسعى لإقرار قانون جديد للانتخابات. ونقل النواب عن بري قوله لـ«البناء» إنه يرفض اقتراح التأهيل الذي طرح مؤخراً، وإنه أعدّ اكثر من صيغة للنقاش منها الصيغة المستمدة من الدستور والتي تهدف الى انتخاب مجلس نيابي على اساس النسبية وإنشاء مجلس للشيوخ، لكنه فضّل عدم الدخول في التفاصيل قبل استكمال مشاوراته مع القوى السياسية، وقال بري إن جلسة 15 أيار هي لتفادي الفراغ القاتل، أملاً في أن تتوصل الاتصالات والجهود المبذولة الى الاتفاق على قانون جديد. كما نقل عنه الزوار انزعاجه من الأطراف كافة بإيصال البلد الى حافة الهاوية مع سقوط المهل الواحدة تلو الاخرى.
وقالت مصادر نيابية مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» إن «لا تقدّم في المفاوضات ومكانك راوح حتى الآن، لكن هناك مبادرات عدة أهمها للرئيس بري وأخرى للحريري قد تفتح الباب أمام حلٍ ما»، مشيرة الى أن «حزب الله يريد إقرار قانون جديد قبل الجلسة المقبلة لأنه الحل الأمثل، لكن في حال لم يحصل ذلك، فبين التمديد والفراغ يختار التمديد كي لا يحصُل فراغ سياسي يؤدي إلى تجدد الأزمة في البلاد، وحذرت المصادر من العودة الى الشارع، لأن هناك شارعاً مقابلاً ولعبة الشارع لا تؤدي الى نتيجة، ولافتة الى أن لرئيس الجمهورية الحق في استخدام كامل صلاحياته الدستورية لمنع التمديد، لكن في نهاية المطاف المجلس النيابي سيد نفسه، ولفتت الى أن حزب الله وافق على التأهيل، لكن مع بعض الملاحظات عليه باتت معروفة، وهو يناقش مع حركة أمل والحزب التقدمي الاستراكي تفاصيله وإمكانية التوافق عليه».
تصعيد مستقبلي باتجاه بعبدا
وفي موقف تصعيدي مستقبلي بارز في التوقيت والمضمون تجاه بعبدا، اعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب رياض رحال أن «رئيس الجمهورية قام بمخالفة قانونية من خلال عدم توقيعه على دعوة الهيئات الناخبة». وقال: لو وقّع عون المراسيم لكنّا تجنّبنا المأزق الذي نمرّ به اليوم، وبما أن عون أوصلنا الى المأزق فليخرجنا منه، ويصحّح الخطأ الذي وقع فيه.
ونفى أن يكون «المستقبل» قد وافق على «النظام التأهيلي» الذي تقدّم به الوزير جبران باسيل، كما أشار رحال الى أن «رئيس الجمهورية يعطّل جلسة مجلس الوزراء»، لافتاً الى أن «حقوق المسيحيين الإلغائيين توقف عمل مجلس الوزراء». وأوضح مصدر مطلع في تيار المستقبل لـ«البناء» أن «كلام رحال لا يمثل الكتلة واجتهاد شخصي منه وما يلزمنا هو بيان الكتلة فقط لا التصاريح الشخصية، وبيان الكتلة أمس الأول لا يتضمن أي إشارة سلبية ضد الرئيس عون». واعتبر المصدر أن «الحريري من أكثر القوى وضوحاً في الموقف تجاه القانون ومنذ أشهر وشغله الشاغل قانون الانتخاب ولم يوفر فرصة للتوافق وقدّم تنازلات عدة، لكن الامر ليس بيده وحده وهناك أفرقاء آخرون»، مشيراً الى أن «النسبية من ضمن الحلول المطروحة والوصول لتسوية ليس مستحيلاً، وقد تكون قريبة». ولفت المصدر الى أن «ما نقل عن أن الحريري أبلغ بري عدم مشاركته بجلسة 15 أيار غير دقيق، ونحن ضد التمديد للحث على إقرار قانون، لكن في حال فشلنا ماذا سنفعل، نذهب الى الفراغ؟».
وأضاف: أن استحضار الشارع مجدداً لن يجدي نفعاً بل يستفز الفريق الآخر ويعقد الأمور ويجر البلاد إلى الأسوأ. وعن الحوار الثنائي بين حزب الله والمستقبل، نفى المصدر وجود قرار بوقف الحوار الثنائي رغم الخلافات على بعض المسائل، مضيفاً: «لكن التواصل واللقاءات بين الحزب والمستقبل مستمرة ومتواصلة بشكلٍ يومي حول قانون الانتخاب الذي يشكل أولوية هذه المرحلة».
اللواء
لقاء برّي – الحريري: لا إتفاق ولا فراق
صيغتان إنتخابيتان قيد التداول .. والشاحنات ضغوط إنتخابية في الشارع
بكلمتين يمكن وصف لقاء الساعة بين الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري: لا اتفاق على أية صيغة انتخابية ولا فراق على الرغم من التباين بين الرئيسين. فقد شكلت زيارة الرئيس سعد الحريري، برفقة مدير مكتبه السيّد نادر الحريري إلى عين التينة، واجتماعه مع الرئيس نبيه برّي، بحضور معاونه السياسي وزير المال علي حسن خليل، على مدى ساعة كاملة محاولة جدية تهدف إلى كسر الجمود، الذي يلف الحراك الانتخابي الرسمي، والتباحث مباشرة في الصيغة التي تمّ التوصّل إليها مساء أمس الأوّل، والتي جمعت ممثلين عن «المستقبل» و«حزب الله» وتكتل الإصلاح والتغيير و«القوات اللبنانية» والتي بقيت طي الكتمان، ريثما تعلن حركة «أمل» موقفها منها، ثم الحزب التقدمي الاشتراكي.
وتأتي هذه الخطوة، بعد توقف جلسات مجلس الوزراء منذ 10 نيسان الجاري، والاجتماع اليتيم للجنة الوزارية المعنية بانتاج قانون انتخاب، ترفعه الحكومة كمشروع بعد اقراره إلى مجلس النواب.
اجتماعات وصيغ
صباحاً، وصل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل إلى السراي الكبير، وعقد اجتماعاً مع الرئيس الحريري، بحضور السيّد نادر الحريري استمر ساعة ونصف، تناول آخر الصيغ الانتخابية المطروحة. ثم تتالت المشاورات، فبحث الرئيس الحريري مع كل من الوزيرين خليل ومحمّد فنيش في الصيغ المطروحة، بهدف التوافق، الذي يسمح بالدعوة إلى مجلس الوزراء لبت قانون الانتخاب.
وبعد زيارة رئيس مجلس الوزراء إلى عين التينة، عقد اجتماع ليلاً في وزارة الخارجية، حضره الوزير باسيل ونادر الحريري وممثل عن حزب الله وآخر عن «القوات اللبنانية» (لكن المصادر لم تشأ تأكيد مشاركة ممثل القوات).
وفي معلومات «اللواء» ان البحث يدور حول صيغتين:
1- الصيغة الاولى: اعتماد النظام النسبي، على ان يتم التفاهم على الدوائر من واحدة إلى 10 دوائر، مع استحداث مجلس شيوخ، ينتخب على الأساس الارثوذكسي ويمثل الطوائف اللبنانية كافة.
2- والصيغة الثانية تعتمد النظام التأهيلي، مع المفاضلة، من دون مجلس شيوخ، على ان يكون القانون الانتخابي لمرة واحدة فقط.
ولم تستبعد مصادر متابعة ان يكون اللقاء بين الرئيسين برّي والحريري، تناول كيفية تدوير الزوايا، والأخذ بملاحظات معينة، تمّ بحثها في اجتماع قصر بسترس ليل أمس.
واعتبرت المصادر ان مجرّد ظهور الرئيس الحريري يتحدث من عين التينة بعد اللقاء، فهذا يعني ان الاجتماع بين الرئيسين لم يكن سلبياً.. ووفقاً للمعلومات، شدّد الرئيس الحريري خلال الاجتماع على النقاط التالية:
1- أن الوقت ما يزال يسمح قبل جلسة 15 أيّار بالوصول إلى صيغة توافقية حول قانون الانتخاب.
2- أن الرئيس الحريري وكتلته وتياره لا يقبلون بالتمديد.. في إشارة إلى احتمال مقاطعة جلسة التمديد المعلن عنها..
3- ان نقاط التباين والاختلاف تضيق تدريجياً، ولم يبق سوى نقاط تتراوح بين ثلاث وأربع يمكن التوافق حولها.
وأكد مصدر مقرّب ان الأجواء آخذة في التحسّن على صعيد إمكان إنجاز صيغة توافقية، يقبلها الرئيس برّي والنائب وليد جنبلاط. ولاحظ المصدر ان من مؤشرات قرب التوصّل إلى اتفاق هو السقوف السياسية المرتفعة، فضلاً عن التفاوض بين بعبدا وعين التينة بلغة «شارع مقابل شارع» قبل الجلسة النيابية المقبلة. وفي هذا الإطار، ينقل عن نادر الحريري تفاؤله بإمكان الوصول إلى توافق خلال الأيام المقبلة، مع التأكيد على استمرار الاتصالات وارتفاع وتيرتها.
وأعربت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» عن ارتياحها للتحرك الذي يقوم به الرئيس الحريري بشأن قانون الانتخاب، مؤكدة أنه يأتي في اتجاهات عدة أبرزها تخفيف الاحتقان جراء النقاش الدائر حول قانون الانتخاب، والعمل على إيجاد قواسم مشتركة في هذا الملف وسط وجود رغبة لديه بتقديم طرح انتخابي قريبا. وأشارت إلى أن ما صدر عنه شكل ردودا على ما طرح مؤخرا ولم تستبعد أن يكون الحريري قد بادر إلى التواصل مع الرئيس عون لوضعه في أجواء تحركه.
وفيما لم يبرز أي معطى جديد يتصل بانعقاد مجلس الوزراء، او الدعوة اليه الا انه فهم أن هناك اقتراحين يتم تداولهما الأول انعقاد جلسة عادية من دون قانون الانتخاب والثاني تخصيص جلسة لقانون الانتخاب، لكن لم يتبلور أحد منهما بعد.
وجاءت مواقف الرئيس الحريري بعد الاجتماع في عين التينة، تعكس بعضاً مما دار تداوله، فكشف انه «يحاول تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء السياسيين لكي نصل إلى 15 أيّار بحل»، ولا أحد في الجمهورية يريد الفراغ، ولا أحد يريد التمديد. واعتبر الحريري ان المشكلة: كيف يمكن ان نصل إلى حلول خلال هذه الأيام قبل 15 أيّار.
وكشف رئيس مجلس الوزراء عن وجود ايجابيات، وانه وافق على قانون التأهيل الطائفي لأنه يريد حلاً.. واصفاً تفتيش الأحزاب عن استفادتها من الصيغ الانتخابية بأنها «خطيئة». ورأى أنه كان ضد النسبية لكن وجد فيه حسنات وميزات، والمهم ان نصل إلى القانون الذي يمكن «ان نقره ونتفق عليه» داعياً لعدم السلبية «فالحلول موجودة والافرقاء السياسيين غير مقاطعين لبعضهم البعض». وأكّد: انني لا أريد التمديد ولا الفراغ بل أريد ان أصل إلى حل مهما كلف ذلك، لأنه في رأيي البلد يستأهل ان نضحي من أجله. ولاحظ الرئيس الحريري أن المواطن طفح صبره ويريد اقتصاداً ومحاربة الفساد، مؤكداً: نحن طبعاً نريد ان نذهب إلى الانتخابات ونريد صحة التمثيل وبرأيي لا أحد في هذا البلد يستطيع ان يلغي أي فريق.. قدمنا الكثير وعلى كل الأفرقاء ان يقدموا أيضاً.
وفي ما خص جلسة لمجلس الوزراء، أكد انعقاد جلسة الأسبوع المقبل لمجلس الوزراء، سيدعو إليها، كاشفاً انه حاول في المرحلة الجارية ان يُركّز على قانون الانتخاب، والضغط من أجل إنجازه. وترددت معلومات أن الرئيس برّي ذكر خلال لقائه الرئيس الحريري ان القانون التأهيلي مرفوض من ناحيته، ولكن إذا حصل توافق سياسي عليه سيحضر الجلسة ويصوت ضد القانون.
وكان الرئيس برّي جدد أمس التأكيد انه لا يريد التمديد للمجلس. وقال: قلنا ذلك منذ البداية وكررناها أمام الملأ، لكننا نريد أيضاً ان نحمي البلد والمؤسسات الدستورية من السقوط والانهيار، وقد سعينا وما زلنا نسعى لإقرار قانون جديد للانتخابات. ونقل النواب عنه بعد لقاء الأربعاء في عين التينة قوله انه ليس مع اقتراح التأهيل الذي طرح مؤخراً، وانه أعد أكثر من صيغة للنقاش منها الصيغة المستمرة من الدستور والتي ترمي إلى انتخاب مجلس نيابي على أساس النسبية وانشاء مجلس للشيوخ. وقال بري: ان جلسة 15 أيار هي لتفادي الفراغ القاتل، آملاً في ان تتوصل الاتصالات والجهود المبذولة إلى الإتفاق على قانون جديد.
الشاحنات
وكان يوم أمس، بدأ صباحاً، بتجمعات للشاحنات عند الطرقات الدولية في الجنوب والبقاع والجبل والشمال والصفرا في كسروان. سرعان ما تحرّكت وقطعت الطرقات، فعلق المواطنون في سياراتهم لساعات طويلة، وسط حالة من الإستياء والقلق والشلل، دفعت بالقوى الأمنية للتفاوض مع أصحاب الشاحنات، لفتح الطرقات، حيث سارع نقيب أصحاب هذه الشاحنات بالدعوة إلى الاعتصام اليوم والتوقف عن العمل، معلناً أننا لم نقفل الطرقات حتى نفتحها. واصفاً القرارات الصادرة عن وزارة الداخلية بحق الشاحنات بأنها مجحفة.
وفيما استقدمت القوى الأمنية عناصر ضاربة إلى مكان الاعتصام في ضهر البيدر، بعد حدوث صدامات بين السائقين والمواطنين أصحاب السيّارات التي توقفت بسبب قطع الطرقات، أدت إلى إلحاق ضرر بالسيارات الخصوصية، من خلع أبواب وتكسير زجاج وواجهات، طالب وزير الداخلية نهاد المشنوق فتح الطرق في كل لبنان، وإلا سيلجأ إلى القوة. بعدها عقد مجلس الأمن المركزي اجتماعاً برئاسة المشنوق، حضره قادة الأجهزة الأمنية والنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، خصص للاجراءات التي يجب اتخاذها لمنع اقفال الطرقات الدولية.
وبعد التداول تقرر الطلب إلى القوى العسكرية والأمنية المباشرة من صباح الخميس باتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة لمنع اقفال الطرقات الدولية وتأمين حرية تنقل المواطنين وسلامتهم وانتقالهم إلى أعمالهم ومنازلهم والحفاظ على السلامة العامة ومنع اقفال أي طريق دولية مهما كانت الأسباب. وقالت مصادر قصر بعبدا لـ«اللواء» أن التحركات الحاصلة موجهة ضد البلد والاستقرار وتدخل في سياق الضغط بهدف تمرير مسائل ليست لمصلحة البلد ،وسألت المصادر لماذا استفاقت كل هذه المسائل دفعة واحدة أي تلك التي تتصل بمياومي الكهرباء ومتعاقدي وزارة الشؤون الاجتماعية وغير ذلك. وقالت: الواضح أن هناك ضغطا يلحق ضررا بالبلد وهذا وحده كاف لكي يكون الرئيس عون متضايقا مما يجري من دون أن يعني ذلك أنه يعتبر نفسه مستهدفاً شخصياً.
في الموازاة، نقل النواب عن الرئيس برّي الذي وجهت إليه اتهامات بأنه وراء هذه التحركات لمآرب سياسية اسيتاءه وادانته لقطع الطرق أمس من قبل أصحاب الشاحنات، مذكراً بموقفه أيضاً من الكسارات والمرامل التي شوهت الطبيعة واضرت وتضر بالبيئة. واوعز برّي إلى قيادة حركة «أمل» باصدار بيان يدين أسلوب قطع الطرق لتحصيل الحقوق، وضرورة اللجوء إلى أساليب المطالبة المشروعة التي لا تسبب ضرراً للمواطنين الذين حوصروا على الطرقات طوال ساعات قبل الظهر، قبل ان يعاد فتحها لاحقاً، وبعد ان تعرض بعضهم إلى تحطيم سياراتهم في الأوزاعي.
وبناء على طلب الرئيس عون، ترأس وزير الداخلية نهاد المشنوق اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن المركزي متوعداً باستعمال القوة، رافضاً الاستقواء على الدولة ومصادرة قرارها، مؤكداً قدرة قوى الأمن على فرض القانون بكل الوسائل الممكنة، ومنع أصحاب الشاحنات من اقفال الطرق. واليوم يتحرك مزارعو التفاح في تظاهرة احتجاجية على عدم تصريف الإنتاج، حيث ترددت معلومات عن قطع طرقات في الجبل والشمال.
المصدر: صحف