باتت وسيلة قطع الطرقات اسلوب الكثير من اللبنانيين او فئات عمالية معينة لايصال صوتها والمطالبة بحق ما او الاحتجاج على امر معين. واذا كان الامر عبارة عن اسلوب مؤذ للاخرين فإن السؤال يطرح هل ان تقصير المسؤولين في معالجة ملفات اساسية يؤدي الى مثل هذه الاساليب الشعبية التي قد لا تكون محقة في اعتمادها ، وتضع فئة من الشعب “في مواجهة” فئة اخرى؟.
وسواء كان التحرك محقا او غير محق -وليس هذا مدار الكلام- ولكن الاسلوب يحمل من الاعباء والنتائج السلبية التي عنوانها “ما ذنب المواطن في ما يحصل”. ففعلا ما ذنب الاغلبية من المواطنين التي تجد طريقا مقفلا امامها وتستنزف ساعاتها ونهارها واعصابها على الطرقات بفعل تحرك فئة قليلة سواء من اجل مطلب محق او من اجل مطلب غير محق وأين الدولة مما يحصل في اساس هذا الملف او في معالجة ذيوله او في اتخاذ اجراءات تحول دون تطوره بل معالجة مطالب هؤلاء الناس من اجل التوصل لفتح الطرق ووقف المعاناة؟
ما يحصل منذ ايام وخاصة في الساعات الماضية من تحرك واعتصام اصحاب الشاحنات وقيامهم بقطع طرقات عبر شاحناتهم للاحتجاج على توقف عملهم بفعل اقفال مرامل وكسارات، ادى الى معاناة كبيرة للمواطنين العالقين في الشوارع بسيارتهم. واللافت ان الامر بدأ بايقاف الشاحنات على جانبي الطرقات مما يؤدي الى تضييقها وزحمة سير شديدة في طرق هي اصلا لم تعد تتسع لعدد السيارات خاصة وقت ذروة الحركة، ليصل الامر الى قطع كلي لاوتوسترادات اساسية تصل الاطراف اللبنانية بالعاصمة وبمدن رئيسية عبر عدد كبير من الشاحنات، وهذا ما يحصل اليوم في مناطق الزهراني والجية ومداخل بيروت عند الاوزاعي وطريق المطار، واوتوستراد الصفرا وطريق ضهر البيدر وغيرها، مما شكل صورة كارثية. فمن المسؤول عن تطور الامور ولماذا تم اتخاذ هذا القرار دون دراسة وافية لنتائجه على المواطن ولماذا لم تتم معالجة الامر عند بدء تحرك اصحاب الشاحنات على الاقل قبل الوصول الى توسيع تحركهم كما وصل اليه اليوم؟.
وازاء ذلك من المسؤول عما يحصل هل هم مقفلو الطرقات ام اتخاذ قرار مفاجئ وربما بشكل متعجل ثم يجد هؤلاء انهم فجأة باتوا بلا عمل. وبالمقابل اذا افترضنا ان من حقهم المطالبة بحقوق يرون انهم جديرون بها فهل يكون بهذه الطريقة ام يمكن ايصال صوتهم بطرق بديلة عبر مظاهرات وكلام مباشر وسبل اخر ومن المسؤول عن عدم التحرك الكافي لاعادة فتح السير بشكل سريع في ظل الاختناق المروري الذي طال معظم الاراضي اللبنانية؟
فمن منا لم يقع اليوم في “ورطة” طريق مسدود كما يحصل عند كثير من التحركات الاحتجاجية لتزيد الزحمة الاعتيادية- اليومية زحمة اضافية . واذا كان امر الاعتراض من حق المعترضين ولكن ثبت ان مثل هذه الطريقة في التعبير لم تحرك للمسؤولين ساكنا الا ما ندر فهل هم مستفيدون اساسا من هذه الطريقة؟ ولم يخرج الكثيرون منا بعد من وطأة ما حصل منذ ايام عندما غرق المواطنون لساعات في زحمة صيدا لساعات طويلة بسبب “ماراتون”! ولم يكن هناك من ينظر ويرأف والمسؤول ضائع فهل هناك من يرأف بالمواطنين العالقين قبل المطالبين بحقوقهم ، لا سيما ان اقفال الطرقات ادى منذ ايام الى حوادث سير مُروِّعة ..
السؤال موجه الى من يعتمدون هذه الاساليب في التعبير فمتى سيتوقف هذا الاسلوب في لبنان والسؤال الآخر الى المسؤولين عن تاخر معالجة هذا الامر خاصة ان الدولة تقاعست عن معالجة هذه المشكلة لسنوات، هذا اذا وضعنا جانبا السؤال الاساسي الموجه الى المسؤولين عن الحالة المزرية الاجتماعية للمواطن.
المصدر: موقع المنار