ركزت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 16-3-2017 على مسالة سلسلة الرتب والرواتب، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
النهار
الضرائب على رؤوس الأصابع… والفضائح!
بعد خمس سنوات من “الشرارة” الاولى لانطلاق النقاش في مشروع سلسلة الرتب والرواتب و”مثولها” مرتين امام الهيئة العامة لمجلس النواب ومرات قبلا أمام اللجان الجوالة تارة فرعية وطوراً مشتركة، رست السلسلة امس في محطتها التي يفترض ان تكون حاسمة ونهائية فاذا بأغرب الغرائب يواكب الجلسة التشريعية التي طال معها سهر النواب وكل الفئات والقطاعات المعنية باقرار السلسلة. ذلك ان مشهداً تشريعياً متعثراً برز منذ طرح بند السلسلة ومواردها في بداية الجولة المسائية الثانية من الجلسة التشريعية، بعدما جرى التوافق على تقديمها من آخر جدول الاعمال على أمل الاسراع في اقرارها وخصوصاً بعدما كانت اللجان النيابية المشتركة في جلستها الاخيرة قد اقرتها بصورتها الناجزة. وكان يفترض ان ينسحب توافق اللجان التي تضم كل الكتل النيابية والنواب المستقلين على جلسة الهيئة العامة. لكن بدا واضحا ان الاطالة في النقاش وتشعبه والعودة مرات الى ما يشبه نقطة البدايات في ما يتعلق خصوصا بالواردات والسلة الضريبية التي تتضمن بنودا من شأنها ان تثير تداعيات شعبية واقتصادية ثقيلة والتي باشر المجلس مناقشتها قبل جداول السلسلة عكس مدى الاضطراب السياسي الذي اصاب مواقف النواب على مشارف مرحلة انتخابية محفوفة بالمحاذير.
وزاد الطين بلة ان الجلسة التشريعية انعقدت طوال النهار على وقع اعتصام حاشد لاساتذة التعليم الثانوي في ساحة رياض الصلح، كما على وقع تصعيد واسع لقطاعات اخرى من ابرزها الجسم القضائي الذي ينفذ بدوره اعتكافاً مفتوحاً مطالباً بتصحيح الخلل الحاصل في السلسلة المتصل بالسلطة القضائية. واذ بدا هذا البعد متحكما بالعملية المربكة والمحرجة التي تجري عبرها عملية اخراج السلسلة “على رؤوس الاصابع”، كشفت مصادر نيابية بارزة لـ”النهار” ليلا ان ارجاء الجلسة من مساء امس الى العاشرة والنصف قبل ظهر اليوم لن يكون كافيا لانجاز اقرار الموارد والضرائب قبل بدء اقرار جداول السلسلة، خصوصاً ان هناك اضطرارا الى رفع الجلسة في حدود الساعة الاولى بعد الظهر لكي يتمكن النواب والوزراء الشيعة من حضور الاجتماع المخصص لانتخاب هيئة المجلس الشيعي الاعلى بعد الظهر.ولم تستبعد ارجاء الجلسة الى الاسبوع المقبل.
وصرح رئيس لجنة المال النيابية النائب ابرهيم كنعان لـ”النهار” بأن معظم البنود نوقشت مراراً وأقرتها الكتل نفسها في الهيئة العامة واللجان ولا يجوز تاليا اضاعة الوقت بنقاشات مستفيضة. ولفت الى ان الدين العام والعجز المتنامي هما اللذان يطغيان على السلسلة ومكوناتها الادراية والعسكرية والتربوية وليس العكس وتتحمل السلطة السياسية المسؤولية. وشدد على ان الاصلاح المالي يشكل ضرورة بالتلازم مع السلسلة.
وكانت الهيئة العامة أقرت مساء أمس في السلة الضريبية رفع الضريبة على القيمة المضافة من عشرة في المئة الى 11 في المئة وسط اعتراض حزب الكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي و”كتلة الوفاء للمقاومة”، وفرض 4 في الالف على الطابع المالي وتعديل التعريفات على الصكوك والكتابات وفرض طابع مالي على البناء بنسبة 1,5 ووضع رسم 6 آلاف ليرة على الطن الواحد لانتاج الاسمنت.
وتتجه الانظار اليوم الى مدى جدية النواب في اقرار القانون المعدل للاملاك البحرية الذي يمكن ان يدر على الخزينة ما يقارب الـ900 مليون دولار. ولعل المفارقة المبكية المضحكة التي واكبت المناقشات تمثلت في تفجير نواب فضائح حقيقية بالارقام والوقائع في مسائل الفساد والاهدار، في حين كان المجلس يقر تباعاً الضرائب. وتحدث مثلاً وزير المال علي حسن خليل عن “سارقين محميين” وعن توظيف ناهز الـ22 الفا ونحو عشرة الاف متعاقد، فيما اثار النائب سيرج طورسركيسيان ملف التهرب الضريبي في الجمارك الذي قدره بما يناهز المليار و900 مليون دولار. اما رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، فحذر في مداخلة مسهبة من ان “عدم المس بمكامن الفساد والذهاب نحو جيوب المواطنين سيؤدي الى افلاس الدولة وتدمير الاقتصاد وافقار اللبنانيين”. وتساءل: “ما الاسهل ان نفقر جميع اللبنانيين أم ان نذهب في اتجاه الهدر والفساد ونضبطهما ؟”، مشيراً الى ان هناك نحو 6 مليارات دولار سنوياً يمكن ان تدخل الخزينة بين اهدار وفساد وتهرب ضريبي.
ومع ارجاء الجلسة لم تتخذ رابطة اساتذة التعليم الثانوي موقفها النهائي من السلسلة الذي ستعلنه اليوم مبدئيا بالعودة الى الجمعيات العمومية، فيما تستمر الثانويات الرسمية في الاقفال اليوم التزاماً للاضراب المفتوح. وقد جمع اعتصام أمس في ساحة رياض الصلح أساتذة التعليم الثانوي من كل المناطق. كما استمر اعتكاف الجسم القضائي في مكاتب القضاة مع توقف العمل في المحاكم واعتصام المساعدين القضائيين أمام قصري العدل في بيروت وبعبدا.
على صعيد آخر، ينتظر ان يلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم البابا فرنسيس في الفاتيكان في الزيارة الرسمية الأولى للرئيس عون للكرسي الرسولي منذ انتخابه. وعشية الذكرى الاربعين لاغتيال الزعيم كمال جنبلاط كتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في صفحته بموقع “تويتر”: “غدا نهار أسود في تاريخ لبنان. تذكروا الشهداء الابرياء الذين قضوا غدراً في ذلك النهار وتذكروا عاليا يوم مصالحة الجبل”.
الاخبار
قانون الانتخاب: أزمة كبرى على الأبواب… في انتظار موقف عون
بعد أيام معدودة، تدخل البلاد في أقصى أزماتها السياسية والدستورية منذ عام 2005، في حال لم توجه الدعوة إلى الهيئات الناخبة. القوى السياسية التي تتحمّل مسؤولية ضياع فرصة إقرار قانون قائم على النسبية الشاملة، تتصرّف كأنها تملك الوقت الكافي للتوصل إلى اتفاق. كلّهم يراوغون، بانتظار موقف يصدر من بعبدا الثلاثاء المقبل، يعيد تصويب البوصلة.
بعد أربعة أيام، تحلّ آخر مهلة لدعوة الهيئات الناخبة لإجراء الانتخابات النيابية، من دون أن تقيم أيّ من القوى السياسية اعتباراً للمواعيد الدستورية والقوانين التي تُنظم الاستحقاقات الانتخابية.
فقد درجت العادة في لبنان على أن تأخذ القوانين والمواعيد الشكل الذي تراه الأطراف السياسية مناسباً. وعليه، ربّما، يكون النائب سامي الجميّل والوزير نهاد المشنوق الوحيدين المتنبهين لأهمية تاريخ 19 آذار. الأول قال من مجلس النواب «إنّ عدم إدراج أيّ بند يتعلّق بقانون الانتخابات في آخر جلسة للمجلس النيابي قبل انقضاء المهل في 21 آذار هو انتهاك واضح وفاضح للدستور والنظام الديمقراطي في لبنان». والثاني صرّح بأنه سيبحث مع رئيسي الجمهورية والحكومة في كيفية توجيه الدعوة للهيئات الناخبة قبل 21 آذار على أساس القانون النافذ، وتأمين اعتمادات مالية لإجراء الانتخابات. لكن عدم دعوة الهيئات الناخبة يُنذر بأزمة دستورية وقانونية وسياسية خطيرة، تُهدّد البلاد ابتداءً من يوم الاثنين 20 آذار. فبعد 21 آذار، لن يكون بمقدور وزارة الداخلية دعوة الهيئات الناخبة، من دون تعديل لقانون الانتخابات. الأخطر من الأزمة المرتقبة، هو الطريقة التي يتصرّف وفقها ممثلو القوى السياسية. قسمٌ منهم، كالوزير جبران باسيل، يبدو في سباقٍ مع نفسه من أجل تقديم مشاريع قوانين تسقط قبل بلوغها عتبة المراكز الحزبية للحلفاء والخصوم. والقسمُ الآخر، أبرز مَن فيه تيار المستقبل، لا يقوم بأي خطوة لكسر الجمود ويُصرّ في الوقت نفسه على أهمية إقرار قانون جديد وإلا فإعلان فشل حكومة الرئيس سعد الحريري. كلا الفريقين يوحيان بأنهما جديان في البحث عن صيغة جديدة، ويتصرفان على أنّ الوقت لا يزال في مصلحتهما للتوصل إلى نتيجة قبل 19 حزيران المقبل. على الرغم من أنّ آخر التجارب في صيغ القانون، والمقدمة من باسيل، لا تُبشّر بالخير. مشروع رئيس التيار الوطني الحر يمزج بين الأرثوذكسي والأكثري في الدوائر المقسمة وفق قانون الرئيس نجيب ميقاتي، واعتمد النسبية في المحافظات الخمس مع اشتراط أن يكون الصوت التفضيلي على أساس القضاء. لا أحد يعرف كيف توصل باسيل إلى هذه الخلاصة وكيف مزج بين هذه المعايير، ولكنه كان يقول لمن فاوضهم حول مشروعه الجديد، «لا أفهم كيف يُفكر أحد في رفض هذا القانون».
والسهام أُطلقت على هذا الاقتراح من داخل التيار، قبل غيره، حيث إنّه لم يحظَ بموافقة مطلقة إلا من قبل جزء من التيار الوطني الحر. وحظي برفض تام من جانب حركة أمل، وحزب الله، والحزب التقدمي الاشتراكي، وتيار المردة، والحزب السوري القومي الاجتماعي، وحزب الكتائب وغالبية مستقلي فريق 14 آذار. أما القوات اللبنانية التي سارعت إلى إعلان موافقتها على مشروع باسيل، درءاً لاتهامها بالتعطيل والتصويب على العهد، فاشترطت موافقة القوى الأخرى على المشروع. واللافت، كان موقف تيار المستقبل. من جهة، شارك مدير مكتب رئيس الحكومة، نادر الحريري، في وضع المسودة عبر تقديم ملاحظاته، ومن جهة أخرى، تعارض الأغلبية داخل «المستقبل» المشروع. وقد عبّر عن رأي هذه الفئة النائب محمد قباني الذي رأى أن «السير بهذا القانون هو نهاية لبنان». وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإن تيار المستقبل «لن يمشي بمشروع باسيل»! بات واضحاً أنّ الرئيس سعد الحريري يُمارس سياسة عدم رفض أي قانون، للإيحاء بأنّ العراقيل توضع في مكانٍ آخر. ويراهن الحريري، في الوقت نفسه، على خلاف بين التيار الوطني الحر من جهة، وحزب الله وحركة أمل من جهة أخرى. أكثر ما يُعبّر عن نيات الحريري، ما أسّر به أحد مساعديه: «نعرف أنّ الخلاف مع العونيين آتٍ. أين المشكلة إن عملنا على تخفيف حدّته، ولينفجر الخلاف بين التيار وحركة أمل وحزب الله؟».
أمام هذه المعضلات التي تنسف إمكان إجراء الانتخابات النيابية، بدأت معظم الكتل السياسية البحث عن نقولا فتوش الجديد الذي سيفديها ويُقدّم اقتراحاً لتمديد ولاية المجلس النيابي. المُتضرر الأول من هذه الخطوة، إن حصلت، هو رئاسة الجمهورية. وفي هذا الإطار، يُنتظر أن يصدر موقف عن رئيس الجمهورية ميشال عون، الثلاثاء المقبل، يرسم خارطة طريقٍ للتوصل إلى قانون جديد. الرئيس سيدقّ الأجراس. إن لم يلقَ آذاناً صاغية، فالبلد سيكون على موعد مع أزمة سياسية لم يشهد مثيلاً لها منذ الـ2005.
وفي إطار النقاش حول القانون، رأى رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيّد هاشم صفي الدين أنّ «بعض الفرقاء الذين يريدون قانوناً انتخابياً وفق مصالحهم الخاصة لا يريدون أن يبنوا بلداً حقيقياً»، داعياً إياهم «إلى عدم المزايدة حول كيفية بناء الدولة، لأن الذي يريد أن يبني دولة، عليه أن يأتي إلى قانون انتخابي عصري وغير متخلف وعادل ويؤمن التمثيل الحقيقي». وفي الإطار نفسه، أعاد المسؤول الاعلامي في حزب الله محمد عفيف التأكيد أن الحزب يريد «النسبية الكاملة لأنها توفر فرصة كبيرة لتطوير الحياة السياسية ولهذا يرفضونها. نريد النسبية الكاملة لأنها تعزز إنتاج خطاب وطني لا طائفي ولهذا يرفضونها. نريد النسبية الكاملة لأنها توفر التمثيل الصحيح وتعطي لكل ذي حقٍ حقه ولهذا يرفضونها. نريد النسبية الكاملة لأنها تشكل فرصة حقيقية للإصلاح الإداري ومكافحة الفساد ولهذا يرفضونها». ورأى عفيف أن «الفرصة المتاحة حالياً في عهد الرئيس ميشال عون إذا ما ضاعت فقد لا تتكرر في وقت قريب». وفيما لم يصدر بعد موقف رسمي عن حزب الله من مشروع باسيل، قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب كامل الرفاعي إنّ «الخطاب الذي صاحب اقتراح باسيل مرفوض كلياً، لأنه يعزز المذهبية والطائفية، وبالتالي فإن اقتراحه لا يلبّي طموحات اللبنانيين».
من جهته، قال باسيل إنه قدم اقتراحه الانتخابي «لأعرف من كل طرف وجهة نظره وما البديل لكل نقطة يرفضها. ومن الآن فصاعداً يجب أن نعرف السبب وراء كل رفض». على صعيد آخر، وصل رئيس الجمهورية ميشال عون والوفد المرافق إلى روما، في زيارة رسمية إلى الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس.
البناء
أستانة ينتهي بلجان تنسيق روسية إيرانية تركية وانشقاق الجماعات المسلحة
انتحاريان يقتلان ويجرحان العشرات بدمشق احتفالاً بذكرى «الثورة الوهابية»
السلسلة تتقدّم مجلسياً ضريبة فضريبة… ورفض مشروع باسيل حزباً فحزباً
كل شيء بات على المكشوف مع سقوط هوامش المناورات، فالأتراك لم يستطيعوا تغطية غياب الجماعات المسلحة عن أستانة بعد الاتهام العلني السوري لأنقرة بالوقوف وراء اللعب على الحبال، وتحت مطالبات إيرانية بربط مواصلة المسار بالعودة الحاسمة لمنطلقات التفاهم، وتلقي موسكو لكل ذلك بدعوة تركيا لحسم أمرها، فاضطرت أنقرة لجلب من استطاعت من جماعاتها المسلحة إلى بيت الطاعة في أستانة، ما فتح باب تصدّع في الجماعات بدأت طلائعه باستقالة مستشارها القانوني أسامة أبو زيد.
انتهى الاجتماع بدون انتظار الواصلين لتمثيل الجماعات المسلحة، الذين سيلتقون خبراء من روسيا وتركيا وإيران كلجنة تنسيق ستواصل العمل بعد انفضاض الاجتماع، لبلورة خريطة طريق لتحقيق أهداف المسار بوقف النار وفصل المعارضة عن الإرهاب، وإقفال طرق الإمداد بوجه الجماعات الإرهابية، وتدعيم مسار جنيف السياسي لبلوغ تسوية تنتهي بتشكيل حكومة موحّدة تكون الحرب على الإرهاب أولويتها وتضع دستوراً جديداً وتمهد لانتخابات.
بالتوازي مع أستانة وبعكس مسارها، تواصلت المعارك التي تخوضها جبهة النصرة في درعا والقابون ومعها الجماعات المسلحة، التي لا تزال ترفض إدانة التفجيرات الإرهابية التي تستهدف السوريين بصورة عمياء، وكان نتاجها أمس احتفالاً بذكرى «الثورة» التي بات واضحاً أنها مجرد مشروع وهابي للسيطرة على سورية وتحويلها قاعدة للإرهاب، فقتل وجرح العشرات في تفجيرين انتحاريين استهدفا قصر العدل ومطعماً بمنطقة الربوة في العاصمة دمشق.
لبنانياً، مساران أيضاً وعلى المكشوف، موازنة وسلسلة قدر لا مفر منه، ولو بتمرير ما لا غنى عنه من الضرائب وما تيسّر من الرواتب، ولكن ضريبة ضريبة ودرجة درجة، بينما قانون الانتخاب للفراغ حتى إشعار آخر، ولا أحد حتى اللحظة يجاهر بالجهوزية لتحمل مسؤولية القول، لا حلّ إلا بقانون الستين أو لا حل إلا بالتمديد، بعدما قال رئيس الجمهورية إن لا قلق لديه من الفراغ، ومن الفراغ اليوم فراغ القانون فقط، وفي طريق الفراغ تتساقط المشاريع الجديدة صرعى الأجوبة المعروفة سلفاً، وآخرها المشروع الثالث لرئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل الذي بدأ يتلقى الردود الرافضة من الأحزاب حزباً حزباً.
السلسلة تقرّ اليوم إذا..!
إذا كان يوم 15 آذار يصادف ذكرى انطلاق الحرب في سورية، فإن هذا التاريخ قد حمل في لبنان نقاشاً مفتوحاً ومستفيضاً في المجلس النيابي حول مشروع سلسلة الرتب والرواتب المعلّقة منذ العام 2014، وشهدت الجلسة التشريعية أمس، التي ترأسها نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري بدلاً من رئيس المجلس نبيه بري بسبب وفاة صهره. نقاشات مطولة حول بنود أشبعت درساً في اجتماعات اللجان المشتركة سواء في ما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة tva أو بفرض ضريبة على الإسمنت.
كما شهدت الجلسة الصباحية ارتفاع عدد النواب طالبي الكلام عشية الانتخابات النيابية، وأرجئت الجلسة على أن تستكمل اليوم لمتابعة نقاش وإقرار بنود الإيرادات التي وصل عددها عشرين بنداً. واستبعدت مصادر نيابية لـ«البناء» أن ينتهي النقاش من الإيرادات وجداول السلسلة والإصلاحات في جلسة واحدة اليوم، إلا إذا تم التوافق بين النواب على عدم التوقف عند البنود التي كانت أقرّت في الجلسة العامة في العام 2014.
وكان المجلس النيابي أقرّ زيادة الضريبة على القيمة المضافة واحداً في المئة لتصبح 11 في المئة، كما تم اقرار بندي زيادة تعريفات الصكوك والكتابات المالية وزيادة رسم الطابع المالي من 3 آلاف ليرة الى 4 آلاف ليرة، كما أقرّت زيادة 6 آلاف ليرة رسم إنتاج على طن الإسمنت. وأكد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان في تصريح له على مواقع التواصل الاجتماعي «إننا نأمل الالتزام بما كان قد صوّت عليه سابقاً، فالاستفاضة بالنقاشات ليست مؤشراً ايجابياً وقد لا تقرّ السلسلة غداً إذا استمر النمط نفسه».
واعترض نواب كتلة «الوفاء للمقاومة» خلال الجلسة على إقرار زيادة الضريبة على القيمة المضافة. وأكد عضو الكتلة نوار الساحلي في تصريح أن «حزب الله يرفض الضرائب المباشرة على المواطن»، متوقعاً «إقرار السلسلة في جلسة اليوم». التفاصيل صفحة
وفي سياق ذلك، انتُخب نقيب موظفي وعمال مرفأ بيروت بشارة الأسمر رئيساً للاتحاد العمالي العام، بإجماع أعضاء الجمعية العمومية التي انعقدت أمس. وأكد الأسمر إثر إعلان الفوز «أننا سنكون حكومة ظل تواكب القضايا المطروحة وتقف مع المسحوقين».
.. وقانون الانتخاب على هامش الجلسة
وفي ما خطفت ساحة النجمة الأضواء وتصدرت القضايا المعيشية والاقتصادية والاجتماعية واجهة الاهتمامات، إلا أن قانون الانتخاب قد حضر على هامش الجلسة التشريعية، حيث عقد رئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل أكثر من اجتماع وخلوة، كان أبرزها مع النائب وائل أبو فاعور سرعان ما توسّعت لتصبح رباعية بانضمام النائبين جورج عدوان وألان عون إليها، كما شهدت خلوة جمعت وزير المال علي حسن خليل والنائب إبراهيم كنعان.
أما في المواقف حيال اقتراح باسيل الانتخابي، قال وزير الصناعة حسين الحاج حسن إن حزب الله ما زال يدرسه وسيعلن موقفه قريباً.
ومن المنتظر أن يبلغ ثنائي أمل وحزب الله موقفهما من الطرح الى باسيل مع التعليل خلال الأيام القليلة المقبلة، ورجحت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن يحمل الموقف رفضاً لطرح رئيس التيار الوطني الحر، موضحة أن «ما يجري في موضوع طرح القوانين هو تقاذف الكرات بين القوى السياسية، لأنه من المعروف سلفاً أن مشروع باسيل سيواجه الرفض من أكثر من طرف»، معتبرة أن «زجّ الاقتراحات تلو الاقتراحات لا يعدو كونه تعبئة للفراغ بانتظار مشروع قانون مخفيّ، حيث يحمل باسيل السهام ليترك لرئيس الجمهورية ميشال عون الهامش الإيجابي، ليستطيع في لحظة ما أن يسحب مشروعه ويضعه على الطاولة بالتفاهم مع حزب الله والرئيس نبيه بري بضمانة مسبقة بموافقة رئيس الحكومة سعد الحريري»، أما الخيار الثاني بحسب المصادر فهو دخول البلاد في أزمة سياسية ودستورية تستمر لأشهر عدة». وتحدثت المصادر عن «عدم ارتياح الثنائي الشيعي لمشروع باسيل ولا يعتبران أن يشكل الحل المنتظر للأزمة، أما محاولة وضع الأمر عند الحركة والحزب هي لعبة مناورة سياسية».
وتوضح المصادر أن «المشروع الحالي لباسيل لم يعالج المحاذير والملاحظات التي وضعتها القوى السياسية على مشاريع باسيل السابقة، لجهة وجود محادل انتخابية وغياب التمثيل الحقيقي وتهميش وإقصاء قوى سياسية أخرى والتعاطي باستنسابية وانتقائية في توزيع المقاعد على أساس النظام الأكثري والمقاعد على أساس النسبي، الأمر الذي يستشف منه استهداف بعض القوى المسيحية وبعض القوى والشخصيات الوطنية والمستقلة فضلاً عن البعد الطائفي الذي يحمله الطرح».
وفي غضون ذلك، يواصل الحزب التقدمي الاشتراكي حملته على مشروع باسيل الثالث، وفي وقت أعلن أبو فاعور رفض الحزب للاقتراح في أكثر من موقف، وعلى خلفية الحديث عن مجلس الشيوخ، وجّه رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي «نصيحة أخوية»، قائلاً: «مجلس الشيوخ مرتبط بإلغاء الطائفية السياسية حسب الطائف. كفى شراء سمك بالبحر».
عون في روما ويلتقي البابا اليوم
على صعيد آخر، يواصل رئيس الجمهورية زياراته الخارجية، فبعد جولته الخليجية والعربية الى كلٍ من السعودية وقطر ومصر والأردن، وصل عون أمس الى روما في زيارة رسمية الى الفاتيكان تستمر أياماً على أن يلتقي اليوم البابا فرنسيس.
وأكد عون فور وصوله الى مطار روما، أنه يحمل الى البابا فرنسيس «رسالة محبّة باسم اللبنانيين جميعاً، ورسالة اطمئنان أن لبنان الذي تعافى يسير على طريق الوحدة وهو يتطلع الى ان يلعب مجدداً دوره في منطقته والعالم كمساحة تلاقٍ واحترام لحق الاختلاف والتنوّع، في عالم أحوج ما يكون اليوم الى سلوك دروب السلام وبناء جسور للتلاقي وليس جدران فصل بين الشعوب والدول».
واعتبر رئيس الجمهورية أن «المسيحية المشرقية التي تعيش اليوم ظروفاً صعبة على امتداد الشرق، مهد المسيحية والإسلام في آن، تتطلّع الى هذه الزيارة ببارقة أمل لتؤكد من خلالها ان لبنان، مثال العيش المشترك الواحد يبقى، على رغم الصعاب النموذج الأقوى لمستقبل الشرق والعالم على حد سواء».
اللواء
إقرار 5 مواد ضريبية لتمويل السلسلة أهمها 11٪ على TVA
باسيل إلى روما ثم واشنطن بجواب سلبي من حزب الله و«أمل» والإشتراكي
يستأنف مجلس النواب عند العاشرة من قبل ظهر اليوم النقاش في سلسلة الرتب والرواتب في غياب رئيسه نبيه برّي عن ترؤس الجلسات لأسباب اجتماعية، وسفر الرئيس ميشال عون إلى الفاتيكان، على أن يوافيه إلى هناك وزير الخارجية جبران باسيل، الذي تأخر لتسلم أجوبة بعض الأطراف، لا سيما «امل» و«حزب الله»، على الصيغة الثالثة لقانون الانتخاب، والذي دخل في مأزق في ضوء ما أعلنه النائب وائل أبو فاعور والجواب السلبي المشترك للثنائي الشيعي، على وقع انتقاد عالي السقف لرئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين الذي قال: «من يريد أن يبني الدولة عليه أن يأتي بقانون انتخابي عصري غير متخلف». أضاف «طالما هناك معايير غير منطقية وغير صحيحة، فلا يتوقع اللبنانيون أن يصلوا الى أي قانون انتخابي، وعليهم الا يزايدوا علينا بكيفية بناء الدولة».
اما الرئيس سعد الحريري الذي شكل رافعة لمصلحة سلسلة الرتب والرواتب عندما سأل النواب: هل تريدون السلسلة أم لا؟ فلم يعرف ما إذا كان سيشارك في الجلسة اليوم أم لا، بعد أن كان الاتجاه لإقرار السلسلة اليوم والتزم بمواعيد بالتزامن مع استئناف عقد الجلسة. وإذا كان الأسبوع ينطوي غداً على إنجاز السلسلة وإقرار الموازنة على الارجح، فان الأسبوع المقبل سيكون أسبوع التحركات الخارجية، حيث يغادر الرئيس الحريري الثلاثاء إلى القاهرة لترؤس الجانب اللبناني في اجتماعات اللجنة العليا المشتركة اللبنانية – المصرية، ويسبقه إلى مغادرة لبنان الوزير باسيل الذي يتوجه إلى واشنطن للمشاركة الاثنين المقبل في مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي تشارك فيه 68 دولة، قبل ان ينضم لاحقاً إلى الوفد الوزاري الذي سيرافق الرئيس عون إلى قمّة عمان في 28 و29 آذار الحالي.
السلسلة
وبدا من المناقشات ان سلسلة الرتب والرواتب التي يعتبر «التيار الوطني الحر» انها واحدة من الملفات التي انجزها «يتيمة الأب والام»، باعتبارها خرجت من اللجان المشتركة، ولم تكن جزءاً من موازنة الدولة التي لا تزال تدرس على طاولة مجلس الوزراء، حيث يؤمل أن تنجز في جلسة الغد الجمعة، وتحال إلى المجلس النيابي، سواء انجزت السلسلة في جلسة أو جلستين هذا اليوم، في ظل تشكيك نيابي بمسار المناقشات، ورصد عوني للمداخلات والتخوف من تطيير النصاب.
ومع أن النصاب استمر إلى لحظة رفع الجلسة المسائية من قبل نائب رئيس المجلس فريد مكاري الذي ترأس الجلستين، أمس، في غياب الرئيس برّي، فان النائب إبراهيم كنعان اعتبر ان الاستفاضة بالنقاشات لا تنطوي على مؤشر إيجابي، وقد لا تقر السلسلة اليوم إذا استمر على النحو الذي شهدته امس، مذكراً الكتل بانها شاركت في مناقشة مستفيضة للجداول والرسوم الضريبية داخل اللجان وصوتت على السلسلة قبل احالتها إلى الهيئة العامة، فيما ذهب زميله النائب آلان عون الى تغريدة جاء فيها ان «عينه على القناصة الذين يستعدون لضرب السلسلة».
الواردات
والسؤال: كيف ستجري الأمور اليوم؟
معلومات «اللواء» تفيد أن الأولوية أعطيت لتأمين الواردات انطلاقاً من معادلة بديهية أن لا سلسلة من دون واردات مضمونة، لا سيما ان أرقام السلسلة المحصلة، وإن دفعت في الموازنة الا انها قائمة بذاتها وتمويلها رهن إقرار باقي المواد التي تضمنها المرسوم رقم 10415 والذي يرمي الى تعديل واستحداث مواد قانونية ضريبية لغاية تمويل رفع الحد الأدنى للرواتب والأجور وإعطاء زيادة غلاء معيشة للموظفين والمتعاقدين والاجراء في الادارات العامة والجامعة اللبنانية والبلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل وأفراد الهيئة التعليمية والاسلاك العسكرية، والتي استثنى منها القضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية بالنظر الى ان القضاة والأساتذة أقرّت لهم سلسلتان منذ العام 2010 و2011.
وأشارت المعلومات إلى أن احتمالات إقرار السلسلة من عدمها يتوقف على تأمين الموارد المالية وضمان أن تدر التعديلات الضريبية كلفة السلسلة التي قدرتها اللجان بـ1200 مليار ليرة، على خلاف الخبراء الاقتصاديين الذين قدروها بما لا يقل عن مليار و800 ألف ليرة.
وكانت الجلسة النيابية الثانية شرعت على مدى 4 ساعات ونصف، بإصرار من الحكومة وبطلب من النائب نوار الساحلي الذي اقترح أن يتوقف بحث بنود الجدول العادي والانتقال من البند 11 إلى البند 25 أي السلسلة.
وبعد نقاشات، اعترض خلالها نواب الكتائب وكتلة الوفاء للمقاومة، والحزب القومي والنائب خالد الضاهر على رفع الضريبة على القيمة المضافة 1 في المائة لتصل إلى 11٪، وسادتها «زمجرات» وخلافات وحسابات انتخابية، أقرّ المجلس 5 مواد من أصل 20 مادة ضريبية ابرزها:
– تعديل معدل الضريبة على القيمة المضافة فتصبح 11٪ بدل 10٪ اعتباراً من الفصل الذي يلي الفصل الذي ينشر فيه هذا القانون.
– تعديل رسم الطابع المالي بحيث أصبح 4 آلاف بدل ثلاثة.
– تعديلات بعض الصكوك والكتابات المتعلقة بخلاصة السجل العدلي وايصالات القبض وفواتير الهاتف.
المصدر: صحف