بدأت محطة عملاقة للطاقة الشمسية أخيرا في توليد الكهرباء في ولاية تاميل نادو جنوب الهند، باستخدام 2.5 مليون من الألواح الشمسية التي تنتشر على مساحة 10 كيلومترات مربعة.
وتفوقت محطة «كاموثي» للطاقة الشمسية، التي تنتج 648 ميغاوات ويمكن أن توفر الكهرباء لـ150 ألف منزل، على محطة «توباز سولار فارم» للطاقة الشمسية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية والتي تنتج 500 ميغاوات، لتصبح أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم.
إلا أن كاموثي، التي تديرها مجموعة «أداني» والتي بنيت بوتيرة متسارعة في ثمانية أشهر فقط، قد لا تحافظ على لقبها لفترة طويلة. فقد أوشكت حديقة للطاقة الشمسية بقدرة 750 ميغاوات في منطقة «ريوا» في وسط الهند على الاكتمال، وتعتزم شركة مترو دلهي أن تستمد منها الطاقة الكهربائية بحلول نهاية العام.
ويؤكد هذان المشروعان الحاجة الملحة فضلا عن الأهداف السامية التي وضعتها الهند، حيث يرسمان تحولا سريعا من الاعتماد على الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز) إلى الطاقة المتجددة.
كما أنهما يمثلان الأهمية التي تعلقها الهند، ثالث أكبر مصدر للانبعاثات الغازية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري على كوكب الأرض، على خوض معركة المناخ العالمي.
وقد وفرت الهند، التي كان لديها حوالي 3 غيغاوات من الطاقة الشمسية المثبتة في عام 2014، طاقة إجمالية تبلغ 9 غيغاوات في العام الماضي. وستضيف الدولة الغنية بالشمس هذا العام 10 غيغاوات إضافية لتضاعف قدراتها، حسبما قال ديليب نيجام، العالم في وزارة الطاقة الجديدة والمتجددة .
وتعتزم الهند تسريع توليد الطاقة المتجددة إلى 175 غيغاوات بحلول عام 2022 كجزء من التزامها بمواجهة تغير المناخ.
وستكون الطاقة الشمسية مصدر 100 غيغاوات من هذا الإنتاج، الأمر الذي يوضح كيف وضعت الهند الطاقة الشمسية في قلب سياستها للطاقة.
وحاليا، تصل قدرات توليد الكهرباء في الهند إلى أكثر من 300 جيجاوات، وتشكل أنواع الوقود الأحفوري الجزء الأكبر من مصادر الطاقة في البلاد.
وقال إيه.كيه.غوبتا، مدير قسم الكهرباء في مترو دلهي «نحن نتحول بصورة متزايدة إلى الطاقة الشمسية لتشغيل قطاراتنا ودعم البنية التحتية، مثل الإضاءة».
وتابع «إلى جانب استخدام 100 ميغاوات من الكهرباء من منطقة ريوا في المستقبل، نعمل بالفعل على وضع أنظمة للطاقة الشمسية على الأسطح من شأنها أن تولد 50 ميغاوات في نهاية المطاف. شهيتنا الشمسية كبيرة».
وقد وضعت الهند نفسها كقائدة للتحالف الدولي للطاقة الشمسية، وهو تكتل من 121 دولة تتعاون لزيادة استخدام الطاقة الشمسية في جميع أنحاء العالم.
وأصبحت الهند أيضا رابع أكبر منتج للكهرباء المستمدة من الرياح، مع قدرة مثبتة تبلغ 29 غيغاوات، بينما تتم إقامة مشاريع للطاقة الخضراء فريدة من نوعها، مثل النبات الذي يحول ويمنع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ولكن البعض يتساءل عما إذا كانت الهند ستتمكن من تحقيق أهدافها الطموحة المتمثلة في التوسع في انتاج الطاقة المتجددة.
ويواجه هدف إنتاج 175 غيغاوات تحديا من ضعف البنية التحتية ونقص التمويل، حسبما أظهرت دراسة أجراها موقع (إنديا سبيند) للأخبار والتحليلات.
وقالت فيبهوتي جارغ، الخبيرة في المعهد الدولي للتنمية المستدامة، ان الهند تحتاج إلى إضافة أكثر من 130 غيغاوات من الطاقة المتجددة خلال الأعوام الستة المقبلة، بمتوسط يتجاوز 21 غيغاوات سنويا، وهو أمر لا يمكن تحقيقه من الناحية الواقعية.
من جانبها، قالت كانيكا شاولا، من مجلس الطاقة والبيئة والمياه ومقره دلهي، ان شبكة البنية التحتية والإدارة تحتاج إلى تحسين وتحديث، وإلا فإنها ستشكل تحديا لبرنامج الطاقة المتجددة في الهند.
وأضافت «وعلاوة على ذلك، فإن ثلثي الوظائف في قطاع الطاقة المتجددة هي من نوع وظائف العمال المهرة أو شبه المهرة. نحتاج للتأكد من أن هناك تدريبا لتنمية المهارات المتاحة لكي لا تتسبب في حدوث تباطؤ في القطاع».
وقال غوبتا إن مترو دلهي كان سيشتري المزيد من الطاقة الشمسية لو لم تكن هناك مشكلات تتعلق بنقل وتخزين الطاقة الشمسية، ملمحا إلى التحديات.
ولكن خبراء البيئة والمسؤولين لا يزالون متفائلين، مشيرين إلى هبوط تكلفة الطاقة الشمسية، في ظل تزايد الطلب الذي يمكن أن يجعل الهند سوقا رائدة للطاقة المتجددة.
من جانبه، قال جيفان غيثاني، وهو من علماء الحكومة «إذا استمر الطلب على الكهرباء في الارتفاع بسرعة، فلن تكون هناك مشكلة في تحقيق أهدافنا». وأوضح أنه «بإضافة تكاليف بناء محطات توليد الكهرباء، فإن الكهرباء الخضراء في الهند هي الآن أرخص من الكهرباء التقليدية.»
ويبدو أن الحكومة متفائلة مع تحرك الهند بعيدا عن الوقود الأحفوري بوتيرة كانت تبدو مستحيلة قبل بضع سنوات. ويمكن للهند أن تفي بالتزاماتها الخاصة بالمناخ قبل سنوات من الموعد المحدد، وفقا لمسودة نشرت مؤخرا للخطة الوطنية للكهرباء.
وتتوقع خطة الحكومة للطاقة أنه بحلول عام 2027، ستكون نسبة 56.5 في المئة من الكهرباء في الهند منتجة من مصادر نظيفة ومتجددة.
وتعد هذه زيادة كبيرة على الأهداف التي حددتها الهند بشأن المناخ، وهي أن تصل الهند إلى إنتاج 40 في المئة من الكهرباء لديها من وقود غير أحفوري بحلول عام 2030. كما تشير الخطة أيضا إلى عدم إضافة أي قدرات كهربائية اعتمادا على الفحم خلال الفترة بين عامي 2022 و2027.
المصدر: د ب أ