هل سيثير قرار المحكمة الإدارية العليا المصرية الذي صدر بالامس وتضمن تأكيد ملكية مصر لجزيرتي تيران وصنافير، المزيد من التوتر في العلاقات السعودية المصرية، بعد ما شهدته العلاقة بين الجانبين في الاشهر الماضية من تباعد في اكثر من منعطف وملف ؟
العديد من الخبراء والمتابعين تتراءى لهم صورة قاتمة اخرى في العلاقة الثنائية وتصورات بأن يترك هذا القرار – رغم انه جاء من السلطة القضائية وليس السياسية ورغم انه جاء ردا على طعن الحكومة بقرار قضائي سابق حول ملكية الجزيرتين- ظلالا سوداء اضافية على المستوى السياسي بين البلدين.
يعتبر الكثير من المصريين بطبيعة الحال ان قرار المحكمة انتصار للسيادة وربما يعتبر جزء منهم ان الفرحة اضافية ازاء قرارات سعودية في الفترة السابقة لم تكن لصالح مصر مثل وقف امدادات النفط، وياتي ذلك القرار في ظل التباعد في الملف السوري في الآونة الاخيرة واتخاذ مصر مواقف لا ترضي السعودية ازاء هذا الملف الكبير بما يشكل سببا في تعميق التوترات.
في الجانب العملي سيوقف هذا القرار تسليم الجزيرتين للسعودية ويترك اثرا سلبيا على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية التي اعلنت العام الماضي واعطت الجزيرتين للسيادة السعودية، وفي المستوى السياسي المصري فسيكون الانتظار لقرار المحكمة الدستورية بحسب ما ورد في بعض المواقع المصرية، لكن هذا الانتظار لن يساهم في سد فجوة العلاقات التي تتسع بين الدولتين.
صحيفة الغارديان تناولت ما حصل في تقرير لها حيث اشارت الى اجواء العلاقة بين البلدين مشيرة ان حكم المحكمة المصرية يؤكد السيادة المصرية على تيران وصنافير وياتي في وقت تتنامى فيه حدّة التوترات بين القاهرة والرياض. ويعتبر سياسيون ان مصر لا تنظر إلى المسألة باعتبارها أزمة لكن الطرف السعودي يعتبرها أزمة حقيقية، ولا ينظر إلى أن أزمته مع القضاء المصري بل النظام السياسي.
التوتر انعكس على مواقف النشطاء والاعلاميين من البلدين على مواقع التواصل، وبينما يدعو البعض الى تجاوز ما حصل فان سجالا نشب بين كثيرين على خلفية هذا الموضوع، كما شكل هذا الامر الموضوع الاكثر تداولاً وأطلق النشطاء المصريون هاشتاغ #تيران_وصنافير_مصرية. وبحسب وسائل الاعلام المصرية تصدر هشتاغ “تيران وصنافير مصرية” التداول لدى المصريين وحل في المرتبة الثانية لدى السعوديين.
في الاراء السعودية برز هجوم على الرئيس المصري فيما اعتبرت اراء اخرى ان الحكم للمحاكم الدولية وليس المصرية في هذا الخصوص.
وقال الكاتب السعودي عبدالملك المالكي عبر تويتر:” #تيران_وصنافير_مصريه أفلام ليس لها نهاية في #مصر “جزيرتان”عليهما خلاف وبينهما وثائق تاريخية ترتهنان لحكم دولي وليس لمحاكم داخلية وبلطجة”!
اما عبدالله المنيفي الناشط المعروف بالمواقف المتطرفة يسأل “كيف يوافق السيسي على إعادة الجزيرتين لنا ثم ينقلب مباشرة ويمرر الموضوع عبر القضاء لينفذ من آثار هذه المسرحية الهزلية؟!”
في المقابل ابدى الكثير من النشطاء المصريين فرحة عارمة بالقرار ورأوا فيه استعادة لحق في ارض مصرية، ورأى بعض السياسيين والنشطاء في القرار استعادة للثقة في جسد العدالة كما سارع بعض الاعلاميين الذي دافعوا عن ضم الجزيرتين للسعودية سابقا الى الاشادة بقرار القضاء المصري.
جدل برلماني مواز نشأ حول صلاحية البرلمان ازاء قرار المحكمة الادارية فانقسمت الاراء بين من اعتبر ان للبرلمان الكلمة الفصل وبين من يقول ان حكم القضاء الإداري أعدم اتفاقية “تيران وصنافير” ولا يجوز لمجلس النواب النظر بها.
وأصدر ائتلاف “دعم مصر” بيانا قال فيه إن الحكم لا يغير من حقيقة أن الاختصاص الدستوري لإقرار الاتفاقية أو لكونها مخالفة لأحكام الدستور أو تتضمن تنازلا عن الأراضي المصرية تنعقد للبرلمان، والقرار في النهاية سيكون للنواب بالقول الفصل النهائي في هذا الموضوع، بينما قال هيثم الحريري عضو ائتلاف 25/30 البرلماني، إن حكم المحكمة الإدارية برفض طعن الحكومة على تيران وصنافير “أعدم الاتفاقية بالرصاص” في اشارة الى انه لم يعد بالامكان احياؤها سواء في البرلمان او خارجه.
المصدر: موقع المنار