في إطار مواكبة عودة الأهالي إلى قراهم الجنوبية المحررة من الاحتلال الإسرائيلي، زار فريق “الخط الساخن” بلدة مجدل سلم في قضاء مرجعيون، التي أطلق عليها شهيد الأمة السيد حسن نصر الله (قده) لقب “حاضرة الإمام الحسين عليه السلام”. شملت الجولة معاينة الأضرار التي لحقت بالبلدة، من مبانٍ مهدمة وأخرى متضررة، إلى جانب لقاءات مع الجهات الفاعلة في إعادة الحياة إليها.
مشروع “الوجه الحسن”: مبادرة مجتمعية لإعادة النهوض
من أبرز المبادرات التي تهدف إلى التخفيف من أعباء الأهالي العائدين، مشروع “الوجه الحسن”، الذي أطلقته جمعية “وتعاونوا” بالتعاون مع الجبهة الثقافية الشعبية في لبنان. يسعى المشروع إلى دعم الأهالي في صيانة وترميم المرافق العامة التي لا تشملها مشاريع الإعمار الرسمية أو الحزبية، من خلال فرق متخصصة في مجالات السباكة والكهرباء والأشغال العامة والتشجير والزوايا التجميلية.
الإعلامي جمال شعيب، مسؤول العلاقات العامة والإعلام في جمعية “وتعاونوا”، أوضح أن هذا المشروع يعكس مبدأ التكافل الاجتماعي الوطني، ويشمل صيانة ثانوية مجدل سلم الرسمية، والابتدائية، وقاعة الاحتفالات، والمركز الصحي العام، ومسجد البلدة، إضافةً إلى ترميمات طارئة أخرى.
المخيم الجهادي الأول: تجربة ميدانية للشباب الجامعي
ضمن الجهود الداعمة لعودة الحياة إلى البلدة، أطلقت الجبهة الثقافية الشعبية في لبنان “المخيم الجهادي الأول”، الذي يضم عددًا كبيرًا من طلاب الجامعات من مختلف المناطق اللبنانية، وليس فقط من الجنوب.
حسين عمار، المتحدث الإعلامي باسم الجبهة، أشار إلى أن هذا المشروع لا يقتصر على تقديم خدمات مجتمعية، بل يحمل أبعادًا ثقافية ومعنوية، حيث يعزز قيم المقاومة والتضامن وروح المبادرة بين الشباب.
الدعم الإيراني: شراكة مستمرة في البناء والتضامن
في سياق الدعم الخارجي للجهود المحلية، تحدث الشيخ داود صالحي، مدير جمعية الإمام الرضا (ع) الإيرانية، عن دور الجمعية في دعم مشروع “الوجه الحسن” ماديًا، مشددًا على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لطالما وقفت إلى جانب الشعب اللبناني، وهذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها الدعم للقرى الجنوبية.
أما المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، السيد كميل باقر، فأكد أن أغلب المبادرات التي ترعاها المستشارية تموَّل بتبرعات من الشعب الإيراني، تعبيرًا عن التضامن العميق مع لبنان. وأوضح أن هذا الدعم لا يقتصر على الجانب السياسي والثقافي، بل يمتد إلى المجالات الخدمية التي تعزز صمود الأهالي في أرضهم، خاصة بعد الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي.
البلدية: تحديات كبيرة وإصرار على الصمود
في لقاء مع رئيس بلدية مجدل سلم، الأستاذ علي تامر ياسين، أشار إلى أن ثلث مباني البلدة دُمِّرت بفعل العدوان الإسرائيلي، بالإضافة إلى إغلاق أكثر من مئة مؤسسة تجارية. ورغم ذلك، وبعد جهود البلدية في إعادة فتح الطرقات ومدّ شبكات الكهرباء عبر المولدات الخاصة، عاد السكان إلى منازلهم المتضررة، مصرّين على البقاء والصمود.
كما ناشد رئيس البلدية وزارة الداخلية ومجلس الوزراء لتقديم الدعم المالي اللازم للبلديات، مشيرًا إلى أن هذه الأخيرة تعاني عجزًا في التمويل، مما يجعل من الصعب عليها تنفيذ المشاريع الضرورية لإعادة الحياة إلى القرى الجنوبية.
وختم ياسين حديثه بتوجيه الشكر إلى الوفد الإيراني الداعم لمشاريع الإعمار في البلدة، مؤكدًا أن هذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية دعمًا مباشرًا لبلدية مجدل سلم، فقد سبق أن موّلت العديد من المشاريع بعد عدوان 2006 وفي مراحل لاحقة.
مجدل سلم تنهض من جديد
وسط الدمار الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي، تثبت مجدل سلم، كما سائر قرى الجنوب، أنها حاضرة للصمود والمقاومة. ومع تكاتف الجهود المحلية والدعم المستمر، تعود الحياة تدريجيًا إلى طبيعتها، في مشهد يعكس إصرار أهل الأرض على البقاء مهما كانت التحديات.
المصدر: موقع المنار