أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان اليوم الاثنين، أن البلدين متفقان على “وجوب حماية إنجازات مسار أستانا”، مشيراً إلى الاتفاق على “عقد الاجتماع المقبل لوزراء خارجية صيغة أستانا قريباً”.
وفي السياق، أعرب عراقجي عن أمله بانعقاد الاجتماع التاسع لمجلس التعاون الأعلى الإيراني التركي في طهران مطلع العام المقبل بمشاركة رئيسي البلدين، مضيفاً “نحن نتطلع الى مجالات كثيرة للتعاون بين البلدين ينبغي متابعتها وتنفيذها، وكما قال صديقي العزيز السيد فيدان، فقد صممنا الآليات اللازمة لهذا التعاون ونحن بصدد المزيد في هذا الخصوص”.
كما أشار وزير الخارجية الايراني أن مشاوراته اليوم مع نظيره التركي “جرت على مستوى جيد جداً، وكانت هذه المشاورات صريحة ومباشرة للغاية”، قائلاً “نحن متفقون على أن سوريا يجب أن تتحرك نحو السلام والهدوء، وأنه ينبغي الحفاظ على سلامة الأراضي السورية وسيادتها، وينبغي اتخاذ التدابير اللازمة للحكم الرشيد في سوريا”.
وكشف عراقجي أن “هناك اختلافات في وجهات النظر الى جانب الآراء المشتركة”، قائلاً في الوقت عينه أن “المهم أننا تحدثنا دائما عن اختلافاتنا في الرأي، والآن قررنا أن نتحدث عن كثب لنكون قادرين على إدارة التعاون في الوضع الإقليمي بشكل جيد؛ خدمة للسلام والهدوء والتنمية في المنطقة”.
عراقجي، ثمّن “كرم الاستقبال الذي لقيه من نظيره التركي” خلال زيارته إلى أنقرة، مضيفاً أن “الجماعات الإرهابية التكفيرية الناشطة في سوريا لها ارتباط وتنسيق وثيق مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وهذه الجماعات تهدف إلى صرف الأنظار عن جرائم الكيان الصهيوني في فلسطين ولبنان والتعويض عن الإخفاقات التي كبدته اياها المقاومة”.
وأضاف أن “عودة الإرهاب إلى سوريا مجدداً تهدد أمن واستقرار وسلامة الأراضي السورية، وإن عواقب هذه الحالة الخطيرة ستمتد بلا شك إلى جميع الدول وخاصة جيران سوريا”. وتابع وزير الخارجية أن “تجاهل دور الكيان الصهيوني في إثارة التوتر والاضطراب والصراع بالمنطقة في الدول الاقليمية أمر خاطئ وغير صحيح، ويجب ألا يغفل المرء عن دور هذا الكيان أبداً”.
هذا وأردف قائلاً إن “زعزعة استقرار سوريا من شانه ان يؤدي الى حرب أهلية وقتل المدنيين وإلحاق الضرر باقتصاد وشعب سوريا، والمنطقة ايضا؛ وهناك احتمال بأن تنتقل تداعيان هذه المشاكل إلى دول الجوار”.
وأكد عراقجي بأنه “لا ينبغي لسوريا أن تكون مركزاً للجماعات الإرهابية، وفي هذا الصدد، فإننا نتفق على أنه لا ينبغي السماح بان يصبح هذا البلد ملاذا آمناً للجماعات الإرهابية ونشر الفوضى في المنطقة”؛ معتبرا أن “مخطط الفلتان الأمني هو مشروع صهيوني ولا ينبغي لأحد أن يتجاهل دور هذا الكيان فيه”.
وكدول الجوار السوري، رأى عراقجي أنه “علينا أن نتخذ إجراءات فورية وفعالة لمنع زعزعة الاستقرار الأمني والسياسي في هذا البلد، ونحن نعلن دعمنا الكامل لسوريا، وسنواصل الوقوف إلى جانب حكومة وشعب هذا البلد، كما كنا في الماضي”.
فيدان: سوف نقوم بتدمير كل تهديد على أمننا القومي
في المقابل، صرّح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أنه “لا بد من ممارسة الضغوط اللازمة على “إسرائيل” لكي يكون وقف إطلاق النار دائما ومستقراً”؛ مضيفا أن “إحلال السلام والهدوء في منطقتنا سيكون ممكنا من خلال إحلال السلام في فلسطين. ولسوء الحظ، فإن الإبادة الجماعية في غزة مستمرة وحكومة نتنياهو تمنع إرسال المساعدات الإنسانية إلى القطاع”.
وتابع فيدان خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع عراقجي “يجب علينا بألا ننسى غزة، وأن نواصل تحركاتنا لوقف الإبادة الجماعية وإقامة الدولة الفلسطينية؛ إن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغالانت تشكل خطوة واعدة على صعيد العدالة”.
وأكد وزير الخارجية التركي “لقد ناقشنا أيضاً مع زميلي العزيز (عراقجي) آخر التطورات في سوريا”، قائلاً “محاولة تفسير أحداث سوريا على أساس التدخلات الخارجية في هذه المرحلة سيكون خطأً، وهذا الخطأ يقع فيه من لا يريد فهم الواقع في سوريا؛ وكانت أستانا قد أوقفت عملية الصراعات المسلحة والصراعات الميدانية المكثفة، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من تفاعل سوريا مع “المعارضة” في المشهد السياسي”؛ على حد تعبير الوزير التركي”.
وأكمل فيدان “لقد دأبنا على الدوام الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها وسنواصل القيام بذلك من الآن فصاعدًا؛ لن تسمح تركيا أبدًا للمنظمات الإرهابية التي تحاول استغلال الأجواء غير المستقرة بالمرور بأي شكل من الأشكال. سوف نقوم بتدمير كل تهديد على أمننا القومي”.
يُذكر أن عراقجي، في حديث مع الصحفيين لدى وصوله إلى العاصمة التركية أنقرة، أكد أن “طهران وجبهة المقاومة تدعمان سوريا ونتشارك القلق مع تركيا”، وأن “المسلحين بسوريا ارتكبوا خطأ في حساباتهم والجيش والحكومة السورية قادران على مواجهتهم”.
هذا وغادر وزير الخارجية الايراني اليوم، العاصمة التركية متوجها الى مدينة مشهد المقدسة (في محافظة خراسان الرضوية – شرق)، حيث سيعقد الاجتماع الـ 28 لوزراء خارجية الدول الاعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي (ايكو)، برعاية عراقجي.
وعلى امتداد زيارته الاخيرة لأنقرة، عقد وزير خارجية الجمهورية الاسلامية مباحثات مع نظيره التركي “هاكان فيدان”، حول العلاقات الثنائية والتطورات الاقليمية، لاسيما المستجدات الاخيرة على الساحة السورية.
هذا وتأتي زيارة عراقجي الى أنقرة في إطار جولة له بدأت من العاصمة السورية دمشق، وذلك عقب بدء المجموعات المسلحة في الشمال السوري بقيادة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) عملية عسكرية واسعة استطاعوا خلالها السيطرة على أجزاء واسعة من مدينة حلب وريفها الغربي وريف إدلب الشرقي، في نقض لاتفاق الهدنة الموقع في أستانا قبل 4 أعوام.
وانسحب الجيش السوري من العديد من مواقعه في حلب وأعاد تنظيم صفوفه في ريف حماة الشمالي، حيث شن هجمات معاكسة ما أدى الى إحباط محاولة وصول المسلحين الى مدينة حماة، فيما لا تزال التعزيزات العسكرية تصل الى الشمال تحضيراً لعملية كبيرة لاستعادة ما خسره الجيش خلال الأيام الماضية.
بدوره، أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، اليوم الاثنين، أن روسيا تواصل دعمها للرئيس السوري بشار الأسد. وأضاف في حديث إلى الصحافيين “نواصل اتصالاتنا على المستويات المناسبة ونحلل الوضع. وسيتم تشكيل موقف بشأن ما هو مطلوب لتحقيق استقرار الوضع”.
وفي السياق نفسه، قال نائب وزير الخارجية الروسي إن “موسكو تحافظ على اتصالات وثيقة مع تركيا وإيران بشأن الوضع في سوريا”. وأشارت وزارة الخارجية الروسية إلى أن “موسكو لا تستبعد إمكانية عقد اجتماع ثلاثي لوزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا بشأن سوريا”.
يأتي ذلك في وقت استهدف فيه الطيران الحربي السوري الروسي فجر اليوم الاثنين رتلاً للمجموعات المسلحة في مدينة خان شيخون في ريف إدلب بغارتين، فيما كثّف الطيران الحربي السوري الروسي المشترك ضرباته يوم أمس على محاور تحرك الإرهابيين الفارين ومواقعهم.
المصدر: مواقع إخبارية