ركزت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت نهار الخميس في 29-12-2016 على منح البرلمان الثقة لحكومة الرئيس سعد الحريري.
السفير
الحكومة بعد الثقة: الامتحان بدأ الآن
الحريري و«حزب الله» إلى منتصف الطريق؟
نالت الحكومة الأولى في عهد الرئيس ميشال عون الثقة النيابية التي كانت محسومة سلفا بفعل الائتلاف السياسي العريض الحاضن لها، لكن ما لفت الانتباه هو غياب عدد لا بأس به من النواب عن جلسة التصويت، إما من باب الاطمئنان الى النتيجة وإما من باب الاعتراض المموه، بحيث حضر فقط 92 نائبا من أصل 126، ما أدى تلقائيا الى انخفاض منسوب الثقة حتى حدود 87 صوتا، في مقابل أربع لاءات جمعت بين «الكتائب» وخالد الضاهر، وامتناع نائب واحد، بعدما كانت التقديرات المتفائلة المسبقة ترجح ان يمنح قرابة 115 نائبا الثقة.
أما الاختبار الاصعب والأدق الذي سيواجه الحكومة فهو كسب الثقة الشعبية خلال الاشهر القليلة من عملها، علما أن البيان الوزاري ثم كلمة الرئيس سعد الحريري أمس ذهبا بعيدا في التسويق لآمال عريضة، هي أقرب الى الاوهام، ربطا بالمدة الزمنية القصيرة التي ستمضيها الحكومة في الخدمة، ومن شأنها أن تمنعها من تحقيق الكثير، لا سيما ان التجارب السابقة لم تكن مشجعة بتاتا، برغم ان الظروف العامة المحيطة بها كانت افضل.
صحيح، انه لا يجوز حصر مهمة الحكومة في وضع قانون انتخابي جديد واجراء الانتخابات النيابية على اساسه، حتى لا تتهرب من مسؤولياتها وواجباتها الاخرى حيال المواطنين ولئلا تحصل سلفا على اسباب تخفيفية قد تتلطى خلفها لتبرير أي تقاعس او إخفاق محتمل لاحقا، لكن الصحيح أيضا انه لا يجوز لها تكبير الحجر الى الحد الذي يثقل كاهلها ويقوّس ظهرها.
والاكيد، ان من الافضل مئة مرة ان تتواضع الحكومة في أهدافها شرط ان تحققها، من ان تلجا الى تضخيمها وإغداق الوعود المعسولة على اللبنانيين فيما هي تعلم انها لا تستطيع تنفيذها، مع ما سيرتبه ذلك تباعا من خيبة بحجم الامل وفشل بحجم الرهان. ان ما ورد في البيان الوزاري وكلمة الحريري يحتاج لتسييله الى حكومة منسجمة غير هذه الحكومة المزدحمة بالتناقضات الصارخة، والى مجلس نيابي غير هذا المجلس الذي عطلته الصراعات السياسية لسنوات ومنعته من الرقابة والتشريع، والى رأي عام غير الرأي العام الحالي الذي جرى تعليبه وتنميطه فتخلى طوعا تحت وطأة التعبئة الطائفية والمذهبية عن حقه في المساءلة والمحاسبة وبات يساهم كل مرة في التمديد للواقع الذي يشكو منه، وفي إعادة انتاج الطبقة السياسية التي لا يكف عن مهاجمتها كل ايام السنة ثم يتصالح معها في صندوق الاقتراع. وفوق كل ذلك، يتطلب الوفاء بما سمعناه من وعود وقتا طويلا يتجاوز حُكما الاشهر المعدودة التي ستعيشها الحكومة، بل ربما كانت سنوات العهد الست لا تكفي!
إن ما تحتاج اليه الحكومة حقا هو الكثير من الصدقية والقليل من «الهوبرة». واقصر طريق الى هذا الهدف يكمن في انجاز قانون انتخابي على اساس النسبية، من شأنه وحده ان يختصر المسافات والزمن في رحلة إعادة بناء الدولة، لكونه يعيد الاعتبار الى أصوات الناخبين وبالتالي يحفّزهم على الاقتراع الكثيف الذي قد يسمح بإحداث تغيير ما في التركيبة المتوارثة، عوضا عن استمرار الكثيرين في الانكفاء بحجة افتقار الصوت الى التأثير في مواجهة زحف المحادل والبوسطات.
وبمعزل عن الهوّة المتوقعة بين القول والفعل، يمكن التوقف عند بعض المؤشرات في سلوك الحريري في مجلس النواب. لقد بدا الرجل هذه المرة متمكنا من الإلقاء وهو يقرأ نص البيان الوزاري، بحيث تراجعت أخطاؤه اللغوية بنسبة كبيرة قياسا الى أدائه قبل سنوات، ما يوحي بأنه استعد جيدا لهذا الاختبار.
أما في دلالات الموقف السياسي، فقد حرص الحريري ـ خصوصا في مداخلته أمس ـ على المقاربة الهادئة والمعتدلة للنقاط الخلافية بينه وبين «حزب الله»، متعمدا ترحيلها الى «منفى الحوار»، لا سيما في ما يتعلق منها بسلاح المقاومة والاستراتيجية الدفاعية المفترضة. كما أن الحريري سجل تعاونا وإيجابية من القوى السياسية، بما فيها الحزب، «بعدما اكتشفت أنه لا يمكن التقدم من دون توافق»، لافتا الانتباه الى ان كلا من «تيار المستقبل» و «القوات اللبنانية» و «حزب الله» و «التيار الوطني الحر» أخذ على عاتقه المخاطرة السياسية، في مكان ما، «وقررنا أن نمشي معا لمصلحة الناس المتعبين.»
وتأتي النبرة الانفتاحية للحريري وإشاراته الايجابية كي تلاقي اليد الممدودة والقلب المفتوح من الحزب، وفق ما عكسته مداخلة النائب حسن فضل الله أمس الاول، مع التشديد على ان هذه الرسائل المتبادلة ستبقى حتى إشعار آخر قيد الاختبار في المؤسسات.. وخارجها.
..إنها مفاعيل التسوية الكبرى التي لم ينضب بعد «وقودها السياسي»، كما يدل العبور السريع للاستحقاقات الدستورية المتلاحقة، منذ أن كسر انتخاب العماد ميشال عون الحلقة المفرغة، وأعاد ترسيم قواعد اللعبة وفق معادلات واصطفافات جديدة. ولكن الاهم من كل ما مضى حتى الآن، أن يكفي «مخزون الوقود» لحين الوصول الى محطة قانون الانتخاب العصري، وإلا فإن الإبقاء على «الستين» سيلغي كل مفاعيل الانجازات، من انتخاب رئيس الجمهورية الى الثقة في الحكومة مرورا بالتكليف والتأليف.
مع نيل الحكومة الثقة، سيتفرغ الرؤساء والوزراء والنواب لعيد رأس السنة الميلادية، وكلٌ منهم سيحتفل على طريقته، لا سيما ان عام 2016 حمل في ختامه هدايا غير متوقعة لمن نام مواطنا واستيقظ وزيرا. أما الاحتفال برأس السنة السياسية فينتظر ولادة قانون الانتخاب العصري، وعندها سيحتفل جميع اللبنانيين بالعيد الكبير.
النهار
العهد والحكومة: اليوم الآخر بعد “الثقة”
ربما يصعب تجاهل عامل السرعة الاستثنائية التي طبعت آخر فصول العملية الدستورية منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية بالحلقات المتعاقبة من تكليف الرئيس سعد الحريري مرورا بتشكيل الحكومة ومن ثم انجاز البيان الوزاري والمثول امام مجلس النواب في جلسة اليوم ونصف اليوم الخاطفة انتهاء بالتصويت على ثقة الـ87 نائبا. كلها حلقات مترابطة في سلسلة تسوية داخلية ما انفكت منذ 31 تشرين الاول الماضي تثبت أن ملائكة قرار سياسي داخلي – خارجي كبير هبطت على الواقع اللبناني وتدفع تباعا نحو ترسيخ معالم هذه التسوية. ومع ذلك فان ما بعد الموجة الاولى بفصولها المنجزة الناجزة لن يكون كما قبلها، أقله بالاستناد الى معالم تعقيدات كبيرة ومتراكمة في واقع موروث من حقبة الفراغ الرئاسي تحديدا ترك وراءه مجموعات من الازمات المنتشرة على رقعة مترامية من القطاعات المنهكة في كل المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والحياتية والخدماتية بلوغا الى أم الاستحقاقات الداهمة أي العد العكسي للانتخابات النيابية وانطلاق “الجهاد الأكبر ” في البحث في قانون الانتخاب الجديد. في اليوم التالي لرأس السنة 2017 ستكون الدولة في عهد الرئيس عون والحكومة الخارجة امس بثقة مجلس النواب امام يوم آخر تبدأ معه رحلة الاختبار المزدوج الكبير والدقيق للعهد والحكومة والقوى الشريكة في استيلادهما. فمن أين ستبدأ برمجة الاولويات ووفق اي تراتبية وأي معايير ؟ كل ما في لبنان بات يندرج تحت عنوان الاولويات المتزاحمة ولا فرق بين أزمة سير خانقة صارت الكابوس الممض اليومي للمواطنين والمتسبب الاساسي في خنق الحيوية الاقتصادية فضلا عن تفاقم التلوث البيئي وبين ازمة ركود لا تخفف منها فسحة ظرفية في الاعياد. كما لا فرق بين اولوية قانون انتخاب يجمع الافرقاء السياسيون على حتمية التوصل اليه بسرعة وازمة نفايات تذر بقرنها بين الفترة والاخرى او ازمة كهرباء تقيم مزمنة بين حنايا البلاد ومناطقها أو ازمة سلسلة رتب ورواتب عادت تذكر بثقل تجاهلها مع ادراج الموازنة في المراتب المتقدمة من اولويات الحكومة. اذن هو الاستحقاق الحاسم الاولي الذي سيتعين على الحكومة الثانية التي يرأسها الرئيس الحريري وفي ظل عهد الرئيس عون ان تتنكب له عبر الانصراف بسرعة الى اقتناص الوقت المحدود الذي يطبع ولايتها في الفترة الانتقالية الفاصلة عن الانتخابات النيابية سواء جرت في موعدها الطبيعي في الربيع المقبل او جرى التمديد “التقني” المحدود لموعدها اذا “وفقت” الطبقة السياسية بتسوية لقانون جديد.
وسط هذه المناخات خرجت “حكومة استعادة الثقة” بثقة 87 نائبا من اصل 92 حضروا جلسة التصويت امس علما ان هذه النسبة جاءت دون النسبة شبه الاجماعية التي حصل عليها الحريري لدى تكليفه والتي بلغت 112 نائبا.
ولكن مصدرا وزاريا بارزا قيمّ عبر “النهار” حصيلة جلسات الثقة النيابية بالحكومة فقال ان القول بإن أكثرية الاصوات التي نالتها الحكومة جاءت دون المتوقع لا ينفي في الواقع أن الحكومة نالت أكثر من ثلثي الاصوات. كما أنه غير صحيح القول أن الرئيس الحريري قد تخلّى عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بل أن النص الذي جرى إعتماده في البيان الوزاري هو النص ذاته الذي ورد أيام حكومة الرئيس تمام سلام. وأوضح المصدر ان من المؤشرات المهمة في مداخلة الرئيس الحريري الختامية امس كان حديثه عن “وثائق الاتصال” التي لا يزال العمل بها قائما وهي في واقع الحال “وثائق إعتقال”. ولفت الى ان الرئيس الحريري أبقى النقاش ضمن التوافق القائم من باب الحرص على عدم هزّ هذا التوافق.وكان الحريري تطرق الى مجموعة قضايا وملفات بارزة ومنها ملف قانون الانتخاب فأكد ” اننا فعلا غير متوافقين اليوم على قانون انتخاب لكنني اؤكد ان كل القوى السياسية في الحكومة وانا على رأسها نريد قانون انتخاب جديداً”، كما شدد على “التزامنا الكامل والجازم والنهائي بالمحكمة الدولية” ولفت الى ان ملف النفط هو “من اولوياتنا” كما اكد التزام مكافحة الفساد.
وفيما يتعلق بمرحلة ما بعد جلسات الثقة,قالت مصادر وزارية عدة لـ”النهار” انها تنطلق من ضرورة إستعجال إنجاز مشروع الموازنة إنطلاقا من تحديث المشروع الذي سبق ان أعده وزير المال علي حسن خليل في الحكومة السابقة وبقيت في الاطار الوزاري وأيضا العمل على إنعاش الاقتصاد ومكافحة الفساد.وأعتبرت المصادر ان “الثلاثية” التي تهم جميع اللبنانيين الان هي: معالجة الظلمة والنفايات وشح المياه. لكنها تساءلت كيف ستبدأ ورشة مجلس الوزراء وأي جدول أعمال سيظهر أولا وهل سيتضمن رزمة مشاريع عالقة من أيام حكومة الرئيس سلام أم أنها ستقارب مشاريع وأفكار جديدة؟ كما تساءلت أيضا عما سيكون عليه إطار البحث في قانون الانتخاب؟هل سيكون في إطار لجنة حوار سياسية أم نيابية أم حكومية أم خليط من الثلاثة؟
وفي ما يتعلق بمجلس النواب قالت المصادر أن هناك حاجة الى فتح سلسلة من الدورات الاشتراعية العادية والاستثنائية لمتابعة المشاريع الملحة لاسيما منها ما يتعلق بقروض وإتفاقات خارجية مهمة تتعلق بالبنى التحتية والنازحين السوريين التي يعود أجزاء منها الى البنى الصحية والتعليمية.
عون
في غضون ذلك حرص الرئيس عون على اعلان مجموعة توجهات لعهده من خلال لقاءاته امس في قصر بعبدا لمناسبة نهاية السنة وفودا من قيادة الجيش والاجهزة الامنية الى موظفي رئاسة الجمهورية. واكد ان “الجيش والاجهزة الامنية اساس هذا الوطن ورمز الطمأنينة والاستقرار وان الشعب يقف وراءها والى جانبها قيادة سياسية تمنحها الحصانة والدعم اللازمين”، ولفت الى ان “بلدنا يشهد اليوم هجمة ايجابية من الدول العربية والاجنبية والمؤسسات الدولية التي ستساعد لبنان بعدما ادركت مدى تحسن الاوضاع فيه”.
الاخبار
الشمال للحريري: لا ثقة كاملة
كشفت جلسة التصويت على الثقة لحكومة الرئيس سعد الحريري، أمس، أكثر من ثغرة ونقطة ضعف سياسية في طرابلس والشمال، من شأن عدم معالجتها إحداث تصدّع كبير في جسم التيار الأزرق وحلفائه.
هذه الثُّغَر لم تتمثل فقط في تراجع عدد النواب الطرابلسيين والشماليين الذين أعطوا حكومات المستقبل ثقتهم منذ عام 2005، بل ترجم ذلك في نقطتين: الأولى خروج نواب من تحت العباءة الزرقاء وحجبهم الثقة عن حكومة الحريري شخصياً، في سابقة لم تحصل منذ دخوله معترك الحياة السياسية؛ والثانية غياب متعمّد لنواب موالين وحلفاء، عن جلسة الثقة، ما سيفرض على الحريري التعاطي مع واقع لم يختبره سابقاً.
فحجب نائب عكار خالد ضاهر ثقته عن الحكومة ليس تطوراً عابراً، خصوصاً أنه جاء بعد «تسوية» أفضت إلى عودته إلى كنف الكتلة الزرقاء بعد تعليق عضويته فيها، والسير في ركب الحريري بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً، ما يطرح أسئلة عن مستقبل علاقته مع الحريري في الانتخابات المقبلة.
كذلك إن غياب 8 نواب شماليين عن جلسة الثقة كشف عن برودة لافتة في التعاطي مع الحريري وحكومته، وأن أمامه الكثير من المهمّات لإعادة «الحرارة» إلى علاقته بهم في المرحلة المقبلة. إذ إن غيابهم عن الجلسة لم يكن لأن حصول الحكومة على الثقة كان مضموناً، ولكنه مرتبط بحسابات أخرى.
وإذا كان غياب عضوي كتلة التضامن الرئيس نجيب ميقاتي والنائب أحمد كرامي، بُرِّر ببيان قبل الجلسة، وكذلك غياب النائب سليمان فرنجية الذي لا يحضر عادة معظم جلسات الثقة، إلا أن غياب نواب مقربين أو حلفاء طرح أكثر من سؤال. ويأتي في مقدم هؤلاء النواب محمد الصفدي، ستريدا جعجع وبدر ونوس. فالأول عادت المياه إلى مجاريها بينه وبين الحريري بعد تباعد؛ والثانية تمثل حزب القوات اللبنانية الذي يرأسه زوجها بثلاثة وزراء في الحكومة الحالية، والثالث لم يغب يوماً عن أي جلسة ثقة منذ أن أصبح نائباً عن طائفته تحت خيمة تيار المستقبل.
يضاف إلى هؤلاء المتغيبين (وعضو كتلة المردة النائب سليم كرم) النائب بطرس حرب. فهو برغم إعلانه في كلمته في جلسة مناقشة البيان الوزاري أنه لن يمنح ثقته للحكومة كما لن يحجبها عنها، إلا أنه بغيابه يضع لنفسه هامشاً للتحرّك في الانتخابات النيابية المقبلة التي سيواجه فيها تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في دائرة البترون، متحالفاً على الأرجح مع فرنجية والكتائب. كل ذلك تكشفه لغة الأرقام للنواب الشماليين الحاضرين جلسة الثقة أمس. فقضاء المنية ــ الضنية حضر نوابه الثلاثة أحمد فتفت، قاسم عبد العزيز وكاظم الخير وأعطوا ثقتهم للحكومة، وكذلك فعل نواب الكورة فريد مكاري، نقولا غصن وفادي كرم. أما خالد ضاهر، فخرج وحده عن إجماع نواب عكار الستة الآخرين، فيما كشف غياب نصف نواب طرابلس أن مأزق الحريري في المدينة ليس بسيطاً، وأنه ينتظره فيها الكثير من «وجع الرأس».
البناء
كيري يسدّد آخر ودائع تفاهمات واشنطن وموسكو بوثيقة لحلّ فلسطيني ـ «إسرائيلي»
مخاض روسي تركي إيراني لهدنة سورية يصطدم بالخلاف حول القوى والسقف
ثقة شبه الإجماع السياسي 87 صوتاً للحكومة… وقانون المختلط «المختلط» يتقدّم
سدّد وزير الخارجية الأميركي جون كيري ضربة للعنتريات «الإسرائيلية» حول الصراع مع الفلسطينيين ومستقبل التسويات في المنطقة، بينما كان يسدّد آخر ودائع تفاهمات واشنطن وموسكو حول الشرق الأوسط بعد فشل الحرب على سورية، والتي تتشكل من مثلث يتصل بالتفاهم حول الملف النووي الإيراني والتسليم بإيران نووية، وتفاهم حول أولوية الحرب على الإرهاب في سورية والتسليم بمكانة الرئيس السوري بشار الأسد في هذه الحرب، وصولاً لكيفية تفادي انفجار الصراع العربي «الإسرائيلي» مجدّداً مع خروج سورية متعافية وإيران قوية وتعاظم قوة حزب الله، وفي ظلّ تموضع روسي عسكري يوفر قدراً من الحماية العالية لسورية، من دون أن يردع مخاطر حرب ستدفع «إسرائيل» ثمنها غالياً، ما لم تكن قد سلكت طريق تسوية تستند إلى القرارات الدولية، وهو ما أطلق مضمونه كيري أمس، في مؤتمر صحافي أثار هستيريا «إسرائيلية».
تترك إدارة الرئيس باراك أوباما للرئيس القادم إلى البيت الأبيض دونالد ترامب حقائق الفشل في الحروب، ومضمون الشروط التي سيكتشف استحالة تخطيها للذهاب في الانخراط بتفاهمات مع موسكو، وثلاثية ملفات إيرانية سورية فلسطينية عليه أن يسلكها أو يختار المواجهة مع موسكو، واستطراداً حرباً مع إيران وسورية والمقاومة، وملاقاة العنتريات «الإسرائيلية» الحمقاء بحماقات مشابهة.
موسكو التي تنتظر تسلم ترامب وإطلاعه مع أركان إدارته على الحقائق التي ترسم المشهد في الشرق الأوسط تمضي في مساعيها لتأسيس شراكة مع إيران وتركيا كمرجعية ثلاثية لحل أمني وسياسي في سورية. والمخاض الصعب الذي تحاول موسكو وأنقرة كسره بإنجاز وقف عاجل لإطلاق النار لا يزال يصطدم بعقبات جدية من عيار التمسك التركي بضم الجماعات الكردية المسلحة في سورية إلى تصنيف الإرهاب، واستبعادها عن المسار السياسي، مقابل ضبابية لا تزال تحيط بهوية الجماعات المسلحة التي نجحت تركيا بجلبها إلى تفاهم موسكو الذي جمعها مع روسيا وإيران، ومضمونه أولوية الحرب على الإرهاب وسقوط أولوية إسقاط النظام، والسقف السياسي الرمادي المتفق عليه وفقاً لمعادلة ترك الشأن السوري للسوريين، لا يبدو كافياً مع ترداد أنقرة مواقف عدائية للرئيس السوري، يقطع طريق نجاحها في التصرف كوسيط، خصوصاً أن سقف أي حل سياسي يبدأ من وجهة نظر موسكو وطهران، من قبول حكومة في ظل الرئيس الأسد تمهد لانتخابات رئاسية وبرلمانية.
لبنانياً، توجت حكومة شبه الإجماع السياسي مسيرتها بنيل ثقة المجلس النيابي بسبعة وثمانين صوتاً، لا تعكس سوى شعور الأطراف المشاركة بأنها ذاهبة لتفاهمات لن تكون الأرقام فيها ذات معنى، كما في حال التجاذبات، إلا بالحدود اللازمة للإقلاع الميسر للحكومة، طالما أن الرقم لا يعبّر عن سياسة تعطيل عند الأطراف الفاعلة.
يتقدم مجدداً قانون الانتخابات النيابية وسط معلومات تقول إن نهاية الشهر المقبل ستشهد إحالته إلى المجلس النيابي لإقراره، وأن صيغاً متداولة للقانون المختلط على اساس انتخاب نصف النواب وفقاً للنظام الأكثري على أساس القضاء ونصفهم الثاني على أساس المحافظات وفقاً للنظام النسبي، كما تتضمن نسخة رئيس مجلس النواب نبيه بري من القانون المختلط، وأن توزيعاً مختلفاً للنواب على النصفين يجري التفاوض بشأنه بين الكتل، لضمان التمثيل الذي يجعل الإجماع عليه ممكناً، انطلاقاً مما تضمنه التوزيع المعتمد في صيغة القانون المختلط لثلاثي حزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي.
ثقة للحكومة بـ87 نائباً
بـ87 نائباً نالت حكومة الرئيس سعد الحريري الثانية ثقة المجلس النيابي بعد جلسة عقدها المجلس أمس، دامت قرابة العشرين دقيقة، لكن لم يحُز الحريري على ما كان يصبو إليه من أغلبية نيابية عارمة حرمه إياها تغيّب النواب المسيحيين المستقلين والتزام نواب آخرين من كتل مختلفة بمواعيد سفر وتزامن عطلة الأعياد مع انعقاد جلسات الثقة. فقد نالت حكومة الحريري عام 2009 ثقة 122 نائباً، بينما حازت حكومة الرئيس تمام سلام على 98 صوتاً فضلاً عن التفاوت في عدد النواب الذين منحوا الحكومة الثقة وبين مَن سموا الحريري لتأليفها.
ومقارنة مع المدة الزمنية التي احتاجها تأليف الحكومات السابقة وصياغة البيانات الوزارية ونيل الثقة، تكون حكومة العهد الأولى قد حققت سرعة قياسية في اجتياز المراحل الدستورية بعد انتخاب رئيس للجمهورية، ويكون العهد الجديد قد قدّم هدايا متتالية للبنانيين بمناسبة الأعياد على أن يبقى الامتحان الأصعب والأهم أمام الحكومة العتيدة هو إنجاز بيانها الوزاري وفي مقدّمه قانون انتخاب جديد، فهل تتوج المناخات السياسية الإيجابية السائدة بهدية قانون انتخاب الى الشعب اللبناني المتعطش للتغيير؟
وقبيل التصويت على الثقة ردّ الرئيس الحريري على النواب في ما خصّ البيان الوزاري، وقال: «إن الحكومة وضعت في بيانها الكلام الذي ينعكس داخل مجلس النواب من أجل الوصول الى قانون جديد للانتخاب». وحيّا «الجيش والقوى الأمنية»، مؤكداً أن «الحكومة ستتابع قضية الأسرى من أجل عودتهم إلى أهاليهم». وأضاف: «سنأخذ بالجزء الأكبر من ملاحظات النواب وهواجسهم التي نقلوها أمس». ثم نالت الحكومة الثقة بـ87 صوتاً، من أصل 92 مقترعاً، فيما حجب عنها الثقة 4 نواب وامتنع واحد.
وبانتظار انتهاء الأيام القليلة الفاصلة بين نهاية العام الحالي واستقبال العام الجديد، يعقد مجلس الوزراء فور نهاية عطلة الأعياد الأربعاء المقبل جلسته الأولى بعد نيل الحكومة الثقة في قصر بعبدا وستبحث في الملفات المالية والاقتصادية. ومن المرجح أن تتطرق الى مسألة قانون الانتخاب، لكن لم يحدد بعد جدول أعمالها.
المستقبل: مع أيّ مختلط إذا وحدنا المعايير
وأوضحت أوساط نيابية في تيار المستقبل لـ»البناء» أن «انخفاض عدد النواب الذين منحوا الثقة لحكومة الحريري مرتبطة بعطلة الأعياد وسفر بعض النواب ولا رسائل سياسية تقف خلف ذلك، بل الحكومة حصلت على ثقة أغلب الكتل النيابية باستثناء كتلة حزب الكتائب، والأهم هي ثقة الكتل وليس عدد النواب منفردين». ولفتت الى «غياب نائبين من كتلة المستقبل». وأشارت الأوساط الى أن «الحكومة لا تملك عصاً سحرية لحل كل الأزمات بين ليلة وضحاها، بل طرحت أولويات لها علاقة بالموضوع المالي والاقتصادي الهم الأساسي لدى اللبنانيين وللرئيس الحريري أيضاً إضافة الى قانون الانتخابات»، وأوضحت أن «التوجّه في الموضوع المالي هو الى إقرار مشروع الموازنة وإرسالها الى المجلس النيابي لإقرارها وبتحقيق ذلك تكون خطوة أساسية وتعبّر عن بداية حلول للأزمات ودليل على أن الحكومة ستكون منتجة». وأعربت المصادر عن استعدادها للسير في أي قانون انتخاب يتمّ التوافق عليه، موضحة أنه «في حال تم توحيد المعايير للقانون المختلط سنصل الى صيغة ما بين القانونين المختلط المقدم من القوات والاشتراكي والمستقبل وبين قانون الرئيس نبيه بري». ودعت الى «الإسراع في إنجاز هذا القانون لاستغلال الوقت لإطلاع وتحضير إدارات الدولة والمواطنين على تفاصيله لإجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن».
هل يُدفن «الستين»؟
وقالت مصادر سياسية لـ»البناء» إن «السرعة بتأليف الحكومة وصياغة بيانها الوزاري ونيل الثقة نتيجة التوافق السياسي الموجود بين القوى السياسية»، وأشارت الى أن «الحكومة تأخذ قوة الدفع من العهد الجديد ومن رئيس الجمهورية الذي يمثل كل اللبنانيين، لكن كل ما شهدناه من حراك وتقدم وخطوات مطلوبة لمصلحة البلد لن تؤدي الى إعادة بناء المؤسسات والى التغيير والإصلاح من دون إقرار قانون انتخابات جديد تكون النسبية أساساً فيه».
ورجحت المصادر حصول توافق بين الأطراف السياسية على صيغة تجمع بين القوانين المختلطة الأكثري والنسبي ، ولفتت الى أن «موافقة التيار الوطني الحر والرئيس ميشال عون على أي صيغة وفقاً للقانون المختلط لا يعني التنازل عن قانون النسبية الكاملة التي نادوا به منذ سنوات».
وقالت مصادر مقربة من الرئيس عون لـ»البناء» إن «عون يدعم كل ما يتم التوافق عليه بين القوى السياسية لجهة قانون الانتخاب، لكن الأهم وفقاً للمصادر هو طرد قانون الستين من الحياة السياسية وأن أي قانون جديد يدفن الستين الى غير رجعة ويدخل ثقافة النسبية ويعمل على إنجاح هذه التجربة، يحقق نقلة نوعية ويضع البلاد على سكة جديدة ومقدمة لاعتماد النسبية الكاملة عندما تتوافر الظروف السياسية والوطنية الملائمة». واعتبرت المصادر نفسها أنه في ظل رفض قوى عدة للنسبية الكاملة بات المختلط هو القانون المتوافر أو العودة الى الستين الأمر الذي يرفضه الجميع». وتوقعت المصادر أن يصار الى «تمديد تقني للمجلس الحالي ريثما يتم إقرار القانون والتحضير لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة».
عون: كل الدعم للأجهزة الأمنية
وأعرب الرئيس عون عن كامل دعمه للمؤسسة العسكرية، بقوله أمام وفد من قيادة الجيش برئاسة العماد جان قهوجي الذي زاره مهنّئاً «أنتم رمز السيادة والإستقلال، والجيش يقمع الشغب ولا يقمع الشعب. وراءكم شعب يدعمكم وإلى جانبكم قيادة سياسية توفر لكم الحصانة والدعم اللازم». وتوجّه على التوالي أيضاً الى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة الذين زاروه مهنّئين على رأس وفد من مديرياتهم، بالقول «تضحياتكم أمنت الأمن والاستقرار، وسنوفر لكم الدعم اللازم لتطوير إمكاناتكم، والاستقرار أكبر رأسمال لنا».
وفد روسي في بيروت
في غضون ذلك، وغداة منح الحكومة الثقة وتسارع التطورات الميدانية في سورية لا سيما تحرير مدينة حلب، وصل إلى بيروت، أمس، وفد من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي للقاء الكتل السياسية واستطلاع آرائها في التطورات الحاصلة في المنطقة، وتحديداً في سورية. وزار رئيس لجنة العلاقات الخارجية قسطنطين كوساتوف ونائب رئيس اللجنة زياد سبسي وأندريه كيمكوف وعضو لجنة الدفاع الكسي كونداراتيف والسفير الروسي في لبنان الكسندر زاسيبكين رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بحضور النواب علي عمار، حسن فضل الله وعلي المقداد. وأوضح بيان للكتلة، أن «البحث تناول العلاقات البرلمانية والتطورات في لبنان والمنطقة وخاصة في سورية، في ضوء المستجدات الأخيرة». وأكد رعد «أهمية العلاقات الثنائية والتعاون المشترك وأهمية الدور الروسي في سورية لمكافحة الارهاب الذي يستهدف المنطقة، وجدد تعازيه لروسيا، قيادة وشعباً، بالسفير الروسي في تركيا وبضحايا الطائرة الروسية التي سقطت في البحر الأسود».
وبحث وفد مجلس الشيوخ الروسي، في بيت الوسط، مع وفد من كتلة نواب تيار المستقبل برئاسة النائب عاطف مجدلاني وعضوية النواب: عمار حوري، باسم الشاب، محمد الحجار وأمين وهبة، آخر تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة، والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تفعيلها على مختلف الصعد.
اللواء
الثقة المفاجئة إستهتار نيابي أم ضغط إنتخابي؟
تزاحم أولويات يحتّم التأجيل التقني للإنتخابات.. والتعيينات العسكرية مرجأة
نالت حكومة الرئيس سعد الحريري الثقة (87 نائباً) دون المعدل المتوقع، والذي كان يتردد، استناداً إلى مصادر نيابية واسعة الاطلاع انه سيقارب المائة أو ينيف. وعليه، أضحى السؤال: لماذا تدنى عدد مانحي الثقة؟ وهل هناك علاقة بين ما يمكن تسميته «بالاستهتار» النيابي وقانون الانتخاب الذي تعمل بعض الكتل على فرض «النظام النسبي» بأي طريقة في مواده، إن لم تتمكن في تحصيل ما تطمح إليه من قانون تشكل النسبية عاموده الفقري؟
الرئيس الحريري، وفي رده على مداخلات النواب، توقف عند ما وصفه بـ«ايجابية في البلد» و«التعاون بين القوى السياسية»، متمسكاً بإنجاز أولويات البيان الوزاري على الرغم من أن عمر الحكومة لن يتجاوز ستة أشهر، و«الناس تعبت وتريد نتائج عملية». وكان من الملفت أن ربط الرئيس الحريري طلب ثقة المجلس بإنجاز قانون انتخاب جديد في ظل إعلانه «اننا اليوم فعلياً غير متوافقين على قانون الانتخاب».
ولاحظت مصادر سياسية أن كتلتي «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» تعتبران أن الثقة الحالية تكون بإقرار قانون الانتخاب، مع العلم أن 5 نواب فقط من الكتلتين غابوا عن جلسة الثقة، في حين أن كتلة النائب سليمان فرنجية تمثلت بنائب واحد هو اسطفان الدويهي، فيما غاب 4 نواب من تكتل «الاصلاح والتغيير» هم: اميل رحمة، زياد أسود، يوسف خليل وادغار معلوف، وغاب 3 من «اللقاء الديموقراطي» بينهم رئيس اللقاء وليد جنبلاط، وكذلك لم يُشارك الرئيس نجيب ميقاتي الموجود خارج لبنان بالإضافة الى النائبين احمد كرامي ومحمّد الصفدي، كما غاب النائبان ميشال المرّ ونايلة تويني.
وفي تقدير مصدر نيابي في كتلة «المستقبل»، فان الثقة بالحكومة في حدود 90 صوتاً كان متوقعاً، ولم يُشكّل حجم الثقة بـ87 صوتاً مفاجأة، إذ انه كان معروفاً أن معظم النواب الذين غابوا عن الجلسة، كانوا خارج البلاد، لافتاً النظر إلى ان الغياب الوحيد من كتلة «المستقبل» كان للنائب بهية الحريري من دون أن يعرف السبب في حين أن غياب الرئيس فؤاد السنيورة كان معلناً قبل الجلسة بسبب وجوده في القاهرة، بالاضافة إلى النواب الثلاثة الآخرين لوجودهم خارج لبنان، علماً أن النائب زياد القادري عاد من السفر لحضور الجلسة.
وبدءاً من اليوم، يمارس الرئيس الحريري نشاطه رئيساً للحكومة في اليوم الأوّل الذي يلي الثقة.
وكشف مصدر وزاري لـ«اللواء» أن التركيز ينصب على تحضير جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المفترض أن تعقد بدءاً من الاربعاء المقبل، نافياً أن تتمكن الحكومة من عقد جلسة قبل رأس السنة، مع الإشارة إلى أن الدستور ينص على توزيع جدول الأعمال على الوزراء قبل 48 ساعة من انعقاد المجلس، وأن التحضير لجدول الاعمال يتم بالتنسيق بين رئيسي الجمهورية والحكومة.
ولفتت المصادر الوزارية الى أن الاختبار المرتقب للحكومة يكمن في كيفية تمرير البنود المدرجة والمتضمنة لملفات رئيسية، مؤكدة انه لا يمكن التكهن بأولويات هذه الملفات التي قد تطرح، لأن الأمر بيد رئيسي الجمهورية والحكومة.
ورأت أن ما هو ملح مرشّح للبحث والنقاش واتخاذ قرارات بشأنه، على أن صفة «العجلة واستعادة الثقة» ترافق هذه الحكومة التي تبقى الأنظار شاخصة إليها لا سيما بالنسبة للانتخابات النيابية، مشيرة إلى انه «لم يعرف بعد ما إذا كانت الحكومة ستخوض البحث في مواضيع مؤجلة أو غير مبتوت بها في الحكومة السابقة. وأشارت إلى انه في المراحل اللاحقة، فإن الحكومة ستبحث في تقارير عن مهام وزراء الدولة الذين كلفوا بمواضيع رئيسية.
ولفتت إلى ان قانون الانتخاب سيكون من المهمات الرئيسية للحكومة، في ضوء المهل التي ستواجه هذا الاستحقاق، علماً ان حلول شهر رمضان في حزيران قد يحول دون التمكن من اجراء الانتخابات النيابية، ضمن المهلة المحددة في القانون، مما يفرض تأجيلها، بحسب ما ألمح وزير الدولة لشوون رئاسة الجمهورية بيار رفول، في حين ان القانون الجديد مهما كانت الصيغة التي سيرسو إليها ستفرض حتماً تأجيلاً تقنياً لن يقل عن ثلاثة أشهر.
إلى ذلك، كشفت مصادر رسمية عن بدء التحضيرات لزيارة الرئيس ميشال عون إلى المملكة العربية السعودية التي ستكون فاتحة زياراته للدول العربية، ولا سيما الخليجية منها، مشيرة إلى ان اتصالات تجري حالياً بين دوائر رئاسة الجمهورية والديوان الملكي السعودي لتحديد مواعيد هذه الزيارة، والتي ستكون، في المبدأ خلال شهر كانون الثاني المقبل، إلا ان أي موعد رسمي لم يتحدد بعد بانتظار تبلور نتائج هذه الاتصالات.
اما في شأن التعيينات التي تضمنها البيان الوزاري، فقد لفتت مصادر مطلعة إلى ان التعيينات في الأجهزة الأمنية والعسكرية غير مطروحة في الوقت الحاضر، لكنها قد تأتي ضمن ملف التعيينات التي يفترض ان تنكب الحكومة عليها، في الوقت الذي تحدده باعتبار انه من اولوياتها، الا انه ليس الآن.
ولفتت إلى ان قائد الجيش العماد قهوجي باق في قيادة الجيش إلى شهر أيلول، بموجب قرار التمديد له من قبل وزير الدفاع السابق، ويفترض إذا حصل أي تفكير بتعيين قائد جديد ان يشمل أيضاً الأمين العام لمجلس الدفاع اللواء محمّد خير الذي مدد له بنفس الطريقة.
وأشارت إلى ان الأمر نفسه يسري على قيادة قوى الأمن الداخلي، حيث هناك 7 ضباط في مجلس القيادة بالتكليف، إلى جانب اللواء إبراهيم بصبوص الممدد له، في حين ان المدير العام لجهاز أمن الدولة اللواء جورج قرعة تنتهي مدته في حزيران من العام المقبل، بينما الوحيد من قادة الأجهزة الأمنية الذي يعتبر وضعه القانوني سليماً هو المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
يُشار إلى ان الرئيس عون منح اللواء قرعة حصانة سياسية، عندما أشار إلى ان التغطية السياسية لوضعه باتت مؤمنة، في إشارة إلى إنهاء الازمة التي واجهت الجهاز أثناء ولاية نائب مدير عام الجهاز العميد محمّد طفيلي الذي احيل على التقاعد قبل شهور. وكان الرئيس عون أكّد امام قادة الأجهزة الأمنية على أهمية الأمن في ازدهار الاقتصاد والسياحة وتوظيف الأموال، متوقفاً عند ما اسماه «هجمة ايجابية» للدول العربية والأجنبية والمؤسسات الدولية بعدما ادركت مدى تحسن الأوضاع في لبنان.
وقال الرئيس عون امام وفد قيادة الجيش الذي زاره لتهنئته بالاعياد ان «القوة فرضت علينا الاحتلال ومقاومتنا ثبتت حقنا في السيادة والاستقلال»، مشيراً إلى ان «بعض المعارك الخاسرة تكون أحياناً مربحة»، داعياً «المؤسسة العسكرية إلى ان لا تكون قوة قمعية للمواطن بل قوة حماية له ولاولاده».
الموازنة
وفي موازاة الانهماك في إطلاق ورشة قانون الانتخاب، تتحضر لجنة المال والموازنة في العمل لإنجاز موازنة العام 2017، بعد ان تحال إليها من مجلس الوزراء. وأكّد مصدر وزاري ان من المهم الإسراع في إنجاز الموازنة، لأنه لا يمكن الاستمرار في الصرف على القاعدة الاثني عشرية، في ظل ارتفاع العجز في الموازنة إلى أكثر من عشرة في المائة من الناتج المحلي أي 52 مليار دولار.
وتخوف المصدر من انه في حال عدم إقرار الموازنة فإن المديونية العامة قد تصل إلى 80 مليار دولار في نهاية العام 2017. واعرب مصدر اقتصادي عن خشيته من ان يؤدي تزاحم الأولويات إلى عدم التمكن من إقرار الموازنة، وبالتالي استمرار الصرف على القاعدة الاثني عشرية، وهذا لا يتناسب مع مشروع مكافحة الفساد الذي تبنته الحكومة في بيانها الوزاري واستمرار الانفاق بالطريقة العشوائية علماً ان الموازنة نفسها دونها عقبات تتمثل في جردة الحساب من العام 2005 إلى الآن، والمقدرة بـ11 مليار دولار، والتي سبق لتكتل «الاصلاح والتغيير» ان أثارها في كتابه «الابراء المستحيل»، وسلسلة الرتب والرواتب المجمدة منذ سنوات.
سياسياً، من المتوقع ان يزور اليوم وفد من «حزب الله» الصرح البطريركي لتقديم التهاني للبطريرك بشارة الراعي، لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة، في وقت اشاع بيان الأمن العام ارتياحاً لدى أهالي العسكريين المخطوفين لدى تنظيم «داعش»، والذي أثبت ان نتائج فحوصات الحمض النووي لهؤلاء الأهالي، والتي جرت مع أربع جثث عثر عليها على الحدود اللبنانية السورية، جاءت غير مطابقة.
وأحيت هذه النتيجة الآمال لدى هؤلاء ان العسكريين المخطوفين ما زالوا على الأقل احياء، مما يُعزّز استمرار التفاوض في شأن اطلاقهم.
المصدر: صحف