شدد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش على أن أهلنا وشعبنا وبيئة المقاومة لم يضعفوا في يوم من الأيام، في مواجهة جرائم العدو الصهيوني ومجازره، ولم يستكينوا ولم يشككوا في صوابية خياراتهم ومواقفهم، ولم تحدثهم أنفسهم في التخلي عن المقاومة، فهم لم يفعلوا ذلك خلال كل مراحل المواجهة مع العدو الصهيوني، وهم لم يفعلوا ولن يفعلوا ذلك اليوم، ولا في المستقبل مهما فعل العدو، ومهما ارتكب من جرائم، ومهما كانت التضحيات.
وخلال خطبة الجمعة التي ألقاها في مجمع السيدة زينب (ع) في بئر العبد، قال الشيخ دعموش إن أهلنا هم من أهل الايمان والوعي الوفاء والإباء والثبات والعطاء والتضحية، ومن كان كذلك، لا يمكن للجراح مهما كانت بليغة وقاسية، أن تكسره أو تمنعه من مواصلة الطريق، وقد سمعنا جميعًا ما قاله الجرحى وعوائلهم وعوائل الشهداء الذين سقطوا في مجزرتي الثلاثاء والأربعاء الذين عبروا عن مدى صبرهم وثباتهم وعزمهم على مواصلة درب المقاومة مهما بلغت الجراح.
وشدد الشيخ دعموش على أن العملية الهمجية التي ارتكبها العدو يومي الثلاثاء والأربعاء بحق اللبنانيين بالرغم من قسوتها على المستوى الانساني، إلا أنها لم تحقق للعدو الأهداف التي كان يريدها، فهي لم تنجح في ردع المقاومة، ولا في النيل من بنية المقاومة ومكانتها وهيبتها وثقة مجتمعها بها، ولم تدفع ولن تدفع المقاومة إلى التراجع عن مواقفها في مواصلة معركة الإسناد لغزة، أو إلى الاذعان لشروط العدو وإنهاء هذه المعركة لمصلحته، فهذا العدو مهما بلغ من القوة والتكنولوجيا والقدرة على القتل وارتكاب المجازر والتدمير والترهيب، لن يربكنا أو يحبط معنوياتنا أو يزعزع ثقتنا بمقاومتنا أو يكسرنا.
وختم الشيخ دعموش بالقول إن موقفنا قبل الذي جرى وبعد الذي جرى، هو ثابت وواضح لا رجوع عنه، ونملك كل الاستعداد لتحمل تداعياته، وهو ما أعلنه سماحة الأمين العام بالأمس بأن “لا عودة للمستوطنين إلى الشمال بحرب، وإذا كان لا بد من عودة، فلن تكون إلا بوقف الحرب على غزة”.
نص الخطبة
يقول الله تعالى: محَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ.
ويقول سبحانه في آيات اخرى: (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين) آل عمران/ 146 ـ 147.
نبارك لكم ولجميع المسلمين مولد خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله (ص) وولادة حفيده الامام جعفر الصادق(ع) في السابع عشر من شهر ربيع الاول.
نبينا كما كل الانبياء السابقين وقف معه والى جانبه مجاهدون مخلصون صدقوا برسالته وقاتلوا بين يديه بكل شجاعة وصلابة وثبات وصبر، رغم كل المصاعب والالام والمعاناة والعذابات والقتل والجراح الذي تعرضوا له على طريق الجهاد والتحديات التي فرضها العدو عليهم، فكانوا أقوياء اشداء في مواجهة العدو ورحماء فيما بينهم.
والآيات الاخرى التي تلوتها في بداية الحديث جاءت في سياق استعراض الاحداث التي جرت في معركة أُحد، حيث اصيب المسلمون بنكسة كبيرة، واستطاع العدو توجيه ضربة كبيرة لهم، فجاءت هذه الآيات لتثبت المسلمين وتقوي من عزيمتهم وارادتهم ولترفع من معنوياتهم، ولتحثهم على التضحية والثبات، وتشجعهم وتثبتهم بذكر تضحيات وثبات وصبر من سبقوهم من أتباع الانبياء السابقين المؤمنين الصادقين التي عبرت عنهم الاية ب- (الربيون) ولتلوم بشكل ضمني أُولئك الذين انسحبوا من المعركة وفروا من الجهاد ولم يتملوا مسؤولياتهم، او شككوا بصوابية هذه المعركة او تزعزعت ثقتهم بدينهم وبقيادتهم، فالخسائرُ التي مُنِي بها المسلمون في احد كانت كبيرة بالقياس الى ذلك الزمن (حيث سقط منهم سبعون شهيداً إضافةً إلى عدد كبير من الجرحى) فأُصيبَ المسلمون بصدمة كبيرة وحزنٍ عميق وشعروا بالضعف والوهنِ والإحباط, حتى تسرب اليأسُ إلى البعض من ضعاف الايمان والشكُ إلى البعض الآخر. البعض من ضعاف الايمان بدأ يشككُ بصدق رسول الله(ص) وصدق نبوته، وذلك عندما انطلقتْ الإشاعاتُ بان النبي(ص) اصيب في المعركة وقد قتل! وشعرَ المسلمون بالقلق والضياع, تماما كما يشكك البعض اليوم من غير بيئة المقاومة بجدوى معركة الاسناد وجدوى التضحيات التي تقدمها المقاومة .
في هذا الجو جاءت هذه الايات لتقول : (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله) .
المقاتلون (الربيون) ومجتمع (الربيون) الذين يخوضون الحرب على خط الأنبياء أقوياء في كل الظروف والاحوال والاوضاع، فمهما كانت الظروف قاسية والأوضاع صعبة ، ومهما كان التضحيات التي يقدمونها على هذا الطريق كبيرة ، والآلام والمعاناة والجراح قاسية، فإنهم لا يصابون بالضعف أو الوهن لا تشل اراداتهم ولا تضعف عزائمهم، ولا يصابون بالاحباط ولا يستسلمون ، وإنما يتحملون كل ذلك ويواصلون الطريق بكل ثبات وقوة وشجاعة وقدرة، مستندين في ذلك الى ايمانهم واحقيتهم واحقية قضيتهم التي يقاتلون من اجلها.
( وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين)
فهؤلاء لم يضعفوا ولم يهنوا ولم يستكينوا ولم يستسلموا بالرغم من كل ما أصابهم في سبيل الله وفي طريق الجهاد والمقاومة، عندما كانوا يواجهون المشاكل بسبب بعض الأخطاء أو بسبب تفوق العدو في الامكانات والقدرات لم يحبطوا ولم ييأسوا ،لم يحدثوا أنفسهم بالانسحاب من المعركة او التراجع عن مواقفهم او الاستسلام لشروط العدو، وانما ثبتوا وصبروا وتحملوا ، وواصلوا الطريق بكل ثبات وشجاعة وقوة، ولذلك فإن الله أحبهم وأحاطهم برعايته وسسد خطواتهم ونصرهم في نهاية المطاف ، ومنحهم هذا الوسام وهو الحب الإلهي، الذي لا يُعطى الا للمجاهدين الذين تحملوا الالام والجراح في طريق الجهاد وفي المواجهات، وثبتوا على طريق الحق بالرغم من قسوة المعركة.
هؤلاء كانوا عندما يواجهون البلاء يتضرعون إلى الله ويطلبون منه الصبر والثبات، والعون والمدد ويقولون: (ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا ، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين).
هؤلاء دائماً يتطلعون الى رحمة الله وعفوه ويطلبون من الله المغفرة لذنوبهم وأخطائهم وهفواتهم , فالمجاهدون ليسوا معصومين , وهم بالرغم من روحيتهم العالية واستبسالهم في سبيل الله الا انهم بشر كبقية البشر قد تصدرمنهم أخطاء وهفوات ويقصرون احيانا وقد يقعون في المعصية في لحظة ضعف أو أمام ضغوط الشهوات .. ولكن الفرق بين المجاهدين وغيرهم ان المجاهدين عندما يرتكبون سيئة او معصية يعودون الى الله ويطلبون منه العفو والمغفرة لذنوبهم واسرافهم في امرهم. وعندما يقصرون في امر ما او يخطئون يبادرون الى تصحيح اخطائهم ومعالجة الثغرات ونقاط الضعف.
المجاهدون الحقيقيون هم الذين لا ينسبون الاخطاء إلى غيرهم، أو يسندونها إلى عوامل وأسباب خيالية ووهمية وغير واقعية، بل يبحثون عنها في نفوسهم وذواتهم، ويحاولون بصدق التخلص منها من خلال تصحيح الأخطاء، وترميم الثغرات، ومعالجة السلبيات ونقاط الضعف، وهم يعبرون عن الاخطاء التي يقعون بها بالإسراف ، ولذلك هم يبادرون الى إصلاح الأخطاء، وإزالة نقاط الضعف بل وتحويل التهديدات الى فرص ونقاط الضعف الى نقاط قوة .
اليوم اهلنا وشعبنا وبيئة المقاومة وفي مواجهة جرائم العدو الصهيوني ومجازره لم يضعفوا في يوم من الايام ولم يستكينوا ولم يشككوا في صوابية خياراتهم ومواقفهم ولم تحدثهم انفسهم في التخلي عن المقاومة، هم لم يفعلوا ذلك خلال كل مراحل المواجهة مع العدو الصهيوني، وهم لم يفعلوا ولن يفعلوا ذلك االيوم ولا في المستقبل مهما فعل العدو ومهما ارتكب من جرائم ومهما كانت التضحيات، لانهم من اهل الايمان والوعي الوفاء والإباء والثبات والعطاء والتضحية، ومن كان كذلك لا يمكن للجراح مهما كانت بليغة وقاسية، ان تكسره او تمنعه من مواصلة الطريق، وقد سمعنا جميعا ما قاله الجرحى وعوائلهم وعوائل الشهداء الذين سقطوا في مجزرتي الثلاثاء والاربعاء الذين عبروا عن مدى صبرهم وثباتهم وعزمهم على مواصلة درب المقاومة مهما بلغت الجراح.
العملية الهمجية التي ارتكبها العدو يومي الثلاثاء والاربعاء بحق اللبنانيين بالرغم من قسوتها على المستوى الانساني الا انها لم تحقق للعدو الاهداف التي كان يريدها ، فهي لم تنجح في ردع المقاومة، ولا في النيل من بنية المقاومة ومكانتها وهيبتها وثقة مجتمعها بها، ولم تدفع ولن تدفع المقاومة الى التراجع عن مواقفها في مواصلة معركة الاسناد لغزة، او الى الاذعان لشروط العدو وانهاء هذه المعركة لمصلحته، فهذا العدو مهما بلغ من القوة والتكنلوجيا والقدرة على القتل وارتكاب المجازر والتدمير والترهيب، لن يربكنا او يحبط معنوياتنا او يزعزع ثقتنا بمقاومتنا او يكسرنا.
وموقفنا قبل الذي جرى وبعد الذي جرى الثابت والواضح والذي لا رجوع عنه والذي نملك كل الاستعداد لتحمل تداعياته هو ما اعلنه سماحة الامين العام بالامس “لا عودة للمستوطنين الى الشمال بحرب، واذا كان لا بد من عودة فلن تكون الا بوقف الحرب على غزة” .
المصدر: موقع المنار