“وهب الأعضاء… إجعلوا من موتكم حياة”، شعار مؤدّاه أن الهدف الأساسي من وراء وهب الأعضاء هو شفاء المرضى عن طريق زرع عضو سليم في جسد المريض، واستبداله بالعضو التالف. لذلك، يعتبر بمثابة انجاز علميّ حقيقي بكل ما للكلمة من معنى لمساهمته في رسم بداية جديدة لمرضى فقدوا كلّ أملٍ بالحياة.
نشط الطبيب الجراح جوزيف إي. موراي (1919 –2012) في مستشفى بيتر بينت بريجهام في بوسطن في مجال زراعة الكلى في أواخر الأربعينات، وأوائل الخمسينات. وكان هناك جَرّاحان آخران، هما ديفيد هيوم، وتشارلز هافناجل، يقومان بعمليات زرع الكلى لدى الكلاب، إذ قام هيوم بعدة عمليات زرع، مستخدمًا كُلى من متبرعين موتى. وقد ظلّت إحدى الكُلى المزروعة تؤدي وظائفها لمدة ستة أشهر.
وبينما كان موراي يستكشف طرُقاً لتثبيط الجهاز المناعي لدى البشر، مستخدمًا علاجات تتضمن تعريض أجسامهم بالكامل للأشعة، تَمَّ تحويل مريض في الثالثة والعشرين من عمره ـ يُدعى ريتشارد هيريك ـ للغسيل الكلوي في بريجهام. وكان ريتشارد يحتضر، جرّاء التهاب كلوي مزمن. وبعد أنْ علم أن لريتشارد أخًا توأمًا، تأكد من إمكانية (وأخلاقيات) زرع كلية لريتشارد من توأمه رونالد، الذي كان سليمًا، ولا يعاني من أي مشاكل صحية.
وأكدت سِجلّات الولادة أن التوأمين كانا مرتبطين بالمشيمة نفسها، وتكللّ تطعيم جلدي من ريتشارد لرونالد بالنجاح. كما أكدت دائرة شرطة بوسطن أن بصمات التوأمين متطابقة. وفي 23 كانون الأول/ ديسمبر من عام 1954، أخذ هاريسون وفريقه كلية من رونالد، ثم قام موراي بزرعها لريتشارد. بدأت الكلية بأداء وظائفها على الفور. وعقب مغادرته المستشفى، تزوّج ريتشارد من ممرضته؛ وأصبح أبًا لطفلين، وعاش في صحة جيدة لمدة ثماني سنوات، قبل وفاته إثر معاودة مرضه الكلوي الأصلي في الكلْية المزروعة.
المصدر: الميادين