يكابر الأميركيون في ما يتعلق بمفاوضات وقف اطلاق النار في قطاع غزة، أو أنهم بتعبير أصح وأكثر دقة يراوغون ويكذبون، لأنهم إن أرادوا فعلاً ايقاف الحرب الوحشية المستمرة منذ 326 يوماً على القطاع لفعلوا.
هم من يدعمون الكيان بكل الأشكال، ويديرون الحرب معه، ويعطونه الغطاء الشرعي والدولي لعدوانه وجرائمه. لكنهم حتى اللحظة لا يريدون التوقف عن فعل الإبادة بالرغم من علمهم بأن هذه المقاومة لم تُكسر أو تدمر، عقب عام من كل أنواع وأهوال القصف والتدمير. هذه المقاومة لا تزال تحتفظ بالأسرى ولا تزال قادرة على استهداف “تل أبيب”، ولا تزال تشنّ العمليات اليومية في كل المحاور دون استثناء، إذاً هي لا تزال طرفاً مفاوضاً قوياً وحاضراً ويحق له فرض الشروط وليس الرضوخ للاملاءات المجحفة.
ولأن واشنطن وخلفها العدو تغاضوا عن هذه الحقيقة، لم ينتج شيء عن جولة القاهرة الأخيرة، والتي رافقها كمٌ من الايجابية التي حرصت الولايات المتحدة على بثها قبل وحتى بعد الاعلان عن فشلها من الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني. وفي هذا الاطار أبقى الأميركيون فرق عمل تقنيّة ليوم إضافي، بحضور المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، بريت ماكغورك، الذي بقي في القاهرة أمس.
كما اعتمدت واشنطن، حسبما صرّحت مصادر لصحيفة الأخبار اللبنانية “استراتيجية تفاوضية جديدة، عنوانها محاولة التوصّل إلى كل الاتفاقات الممكنة بين “إسرائيل” وحماس، وتأجيل بحث القضايا الخلافية المعقّدة إلى مرحلة تالية، وعزت المصادر ذلك إلى “محاولة الحفاظ على المفاوضات، وعدم إعلان انهيارها، لأطول فترة ممكنة”. وفي هذا السياق، فمن المتوقّع عودة الفرق التفاوضية إلى القاهرة، خلال الأسبوع الجاري، لعقد جولة أخرى من المحادثات.
وفي هذا الاطار، وفي حديثه للصحافيين في إفادة عبر الإنترنت، رفض المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي التلميحات بأن المحادثات انهارت، زاعمًا أنها على العكس من ذلك كانت “بناءة”. وأضاف كيربي “المحادثات تقدمت بالفعل إلى نقطة شعروا فيها أن الخطوة المنطقية التالية هي تشكيل مجموعات عمل على مستويات أدنى، للجلوس معاً من أجل حلّ هذه التفاصيل الدقيقة”، حسب قوله.
وتابع أن “بريت مكجورك كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط والمشارك في المحادثات، سيغادر القاهرة قريباً بعد بقائه يوما إضافيا لبدء محادثات مجموعة العمل”. وقال كيربي إن “إحدى القضايا التي ستتناولها مجموعات العمل، ما يتعلق بتبادل الرهائن لدى حماس والأسرى الفلسطينيين”.
وأردف أن “التفاصيل التي ستتم تسويتها تشمل عدد الرهائن والمحتجزين الذين قد يجري مبادلتهم وهوياتهم ووتيرة إطلاق سراحهم المحتمل”.
نتنياهو والمقترحات المرفوضة سلفاً
أمّا بحسب أوساط كيان العدو، فقد أكد مسؤولان أمنيان إسرائيليان أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يهدر الوقت بشكل عبثي في المفاوضات. وبحسب هذين المصدرين، فقد كلّف نتنياهو فريق المفاوضات، أن يقدم خلال لقاء القاهرة، الأسبوع الحالي، مقترحاً حول موضوع محور “نيتساريم”، وهو المقترح الذي رفضته حماس والوسطاء في الماضي، وفق ما نقلت عنهما صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم الثلاثاء.
ويقضي هذا المقترح بحفر قنوات عرضية على طول محور “نيتساريم” بشكل يمنع عبور مركبات، وتوجيه المركبات القادمة من جنوب قطاع غزة ومتجهة إلى شماله نحو الشرق، باتجاه شريط عازل أمني للعدو داخل القطاع ويمتد إلى السياج المحيط به، تطلق عليه تسمية “محيط” (perimeter)، وهناك يتم تفتيشها قبل دخولها إلى شمال القطاع.
وتم إزالة هذا المقترح عن جدول أعمال المفاوضات لعدة أسباب، بينها أن تطبيقه يستغرق وقتاً طويلاً، وسيدمر المنطقة التي بسببها أقيم “المحيط”، وسيؤدي إلى ازدحام كبير في حركة الفلسطينيين، إضافة إلى أن حماس والوسطاء يرفضونه كلياً، حسبما ذكرت الصحيفة.
وفي هذا الاطار، قال مسؤولون أمنيون إسرائيليون رفيعو المستوى إن مكتب نتنياهو قرر العودة إلى موضوع حفر القنوات على طول محور “نيتساريم” والتفتيش في “المحيط”، الأمر الذي سيؤدي إلى استمرار المفاوضات بلا هدف لأشهر طويلة.
وبحسب مصادر مطلعة على المسار التفاوضي، “فقد وافق نتنياهو، بعد ضغوط شديدة عليه قبيل صياغة المقترح الذي قُدم في 27 أيار/مايو، على تراجع كيانه عن تفتيش المركبات أو إبقاء قوات، مقابل إعلان حماس أن الذين سينتقلون إلى شمال القطاع سيكونون غير مسلحين”.
لكن في أعقاب موافقة حماس على معظم بنود مقترح 27 أيار/مايو، حسب “يديعوت أحرنوت”، أوعز نتنياهو لفريق المفاوضات أن يعلن أن طريقة التأكد من عدم عبور مسلحين “ستتقرر بموافقة الأطراف” في المفاوضات، ما أدى إلى إعادة فتح الموضوع مجدداً للتفاوض.
على خطّ موازٍ، التقت عائلات الأسرى الصهاينة، كلاً من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب يوآف غالانت، بشكل منفصل، “بسب التوتر بين الرجلين”، بحسب وسائل إعلام العدو.
ونقلت “القناة 12” عن نتنياهو قوله “لا يهمّني موقف المؤسّسة الأمنية والعسكرية بشأن محور فيلادلفيا”، وإنه “إذا انسحبت “اسرائيل” من محور فيلادلفيا الآن، فسيكون الضغط عليها هائلاً لعدم السيطرة عليه مجدداً”. وأكد مكتب رئيس الوزراء الصهيوني بدوره، أن “نتنياهو مصمّمٌ على إعادة المخطوفين وبقاء محور فيلادلفيا بيد “إسرائيل””، أي إن الأخير يريد كل شيء، ولا يملك أفقاً أو خططاً واضحة لذلك.
المصدر: مواقع إخبارية