من الواضح في الاعلام الفرنسي انه لم يستطع الا وان يقرأ المجزرة الاسرائيلية في مدرسة التابعين في غزة بأنها مقصودة ومتعمدة.
رئيسة تحرير الموقع الفرنسي ليلى مزبودي:
في الموقع الالكتروني لصحيفة لوموند مقالتان: الاولى غطت الحدث و كانت قريبة جدا من الرواية الاسرائيلية، عدد الشهداء 93، اقل من العدد المعلن عنه. وقلت ادعاء الجيش بأن ارقام الشهداء الذي اعلنت عنه مكتب الاعلامي لحكومة غزة مبالغ به.
القول بأن المدرسة كانت تؤوي 250 من المهجرين، اقل من الرقم المعلن عنه الذي تحدث عن آلاف منهم، رواية الجيش الاسرائيلي: ان المدرسة و المصلى كانت منشآت عسكرية لحماس.
نقلت اسماء لمقاومين ادعى جيش العدو انهم كانوا موجودين منهم (اشرف جودا) من الجهاد الاسلامي…
لم تنقل المقالة تكذيب حماس. اكتفت بنقل توصيف حماس للمجزرة بانها جريمة رهيبة و تصعيد خطير.
مجزرة لتبقى في الذاكرة
في مقالة ثانية للصحيفة الفرنسية، مراسلها في القدس المحتلة جان فيليب ريمي علق على هذه المجزرة فكتب: “لم تكن هناك فرصة لعدم التسبب في مذبحة وبحيث تبقى طبيعتها وحجمها ماثلة في الذاكرة عبر قرارها ضرب المدرسة في حي الدراج التي تم تحويلها الى مركز ايواء والتي كانت مليئة بالمهجرين و عبر اختيار وقت الصلاة الذي يجمع المؤمنين في المكان المخصص لذلك، الجيش الاسرائيلي تسبب بمقتل أكثر من 93 شخصا و جرح مئات آخرين بحسب الأرقام الأولى”…
كتب ايضا: “المشاهد التي صورت بعد آثار الدمار هي ايضا من شأنها ان تؤثر على العقول: قبو مليء بالحطام والأجساد المختلطة مع بعضها البعض، جردها انفجار الانفجارات، ومغطى بالدماء”.
و يخلص الى القول ان”أن إسرائيل تستخدم سياسة تجعل غزة غير صالحة للعيش، مما يدفع السكان للنزوح المستمر.”
ليس لدي كلمات
في لوفيغارو الاحد 11 آب على الموقع الالكتروني عنوان: “اتهام اسرائيل بمجزرة جديدة بعد قصف مدرسة في غزة”، الشابو:”عدة دول غربية دانت هذه الضربة. الدولة العبرية تدافع عن نفسها عبر القول انها قضت على 19 “ارهابيا”.
بدأت المقالة بنقل كلام مراسل الجزيرة نس الشريف “ليس لدي كلمات”، توصيف المشهد: “في كل مكان، حطام متناثر على الأرض، وأمتعة شخصية متفحمة، وجثث ملفوفة في البطانيات. طابقان تحولا إلى ركام.”
كما تنقل عن الناطق باسم الدفاع الفلسطيني قوله: “صدقا هذه مجزرة”. وبأن الدفاع المدني لم يتمكن من تعداد الاجساد التي مزقها الانفجار و ان فرق الانقاذ لم تتمكن من جمع اجساد الضحايا…
المدارس بعد المستشفيات.
مقالة ليبيراسيون على الموقع الالكتروني 11 آب قرات هذه المجزرة من خلال توسيع البيكار عنوان:”الحرب في قطاع غزة: بعد المستشفيات الجيش الاسرائيلي يواصل هجومه على المدارس”. نفس التفاصيل مع شهادة الناطق باسم الدفاع المدني (محمود بسال) الذي تنقل عنه قوله ان “الارض كانت مليئة بالجثث، كان من الصعب على المنقذين التعرف على اجساد كاملة، هناك ذراع هنا و ساق هناك”…
مقالة أخرى تناولت ردود الفعل الدولية المنددة و لكنها لم تذكر دون موقف الامم المتحدة التي تحدثت عن ابادة.
نقلت الرواية الاسرائيلية حول ادعائها انها استهدفت مركز قيادة لحماس و مقتل 19 (ارهابيا) مقاوما ومطابقتها مع رواية المنقذين. من دون ذكر تكذيب حماس. تذكير بمجزرة اخرى ضد مدرستين في 8 آب بنفس الادعاء ادت الى مقتل 18 فلسطينيا و 40 مفقودا. وتذكير بأن اسرائيل كانت وافقت على محادثات لوقف اطلاق النار في 15 آب.
من الواضح ان الاعلام الفرنسي قدم مجزرة مدرسة التابعين بأنها لا يمكن الا وان تكون متعمدة و مقصودة. بالرغم من ان المراسلين بدوا انهم صدموا من عنفها واجرامها، الاان كل صحيفة عملت على طريقتها من اجل التخفيف من حدتها. وامتنعت كلها عن ذكر تكذيب حماس بأن هذه المدرسة لا تأوي مركزا عسكريا لها.
في كل الاحوال هذا الحدث المهول لم يحتل الصفحات الاولى.
فرنسا تلاحق الذي يؤيدون القضية الفلسطينية
من المواضيع التي احتلت العناوين الاولى في الصحافة الفرنسية خلال هذه الايام الأخيرة: الالعاب الاولمبية، الحرب الروسية الاوكرانية وموجة الحار التي اجتاحت فرنسا.
و قصة امام مسجد الفاروق النيجيري في مدينة (بيساك) عبد الرحمن رضوان التي تريد فرنسا طرده بتهمة معاداة السامية، الامر الذي يظهر ان الملاحقة القضائية للذين يدافعون عن القضية الفلسطينية مستمرة على قدم و ساق.
هذه القضية على صلة بالحرب غزة، طلب طرده صدر عن وزارة الداخلية، تضمن تهمة انه “تحت غطاء ادانته للتمييز التي قد يتعرض له الطائفة المسلمة او الاضطهاد الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني من قبل اسرائيل و حلفائها انه يحض على الكراهية و على التمييز ضد الدولة ، ضد غير المسلمين او ضد اليهود و على رفض قيم الجمهورية”.
كما يتضمن الاتهام انه “بذريعة الدعم الشكلي للشعب الفلسطيني، يشارك في نشر مواد معادية للسامية تحمل وتتضمن كراهية حيال اسرائيل واليهود الذي يعتبرهم انه لا يمكن تمييزهم عن هذه الدولة”
كما تتهمه بأنه بعد احداث 7 اكتوبر وصف حركة حماس بانها (( حركة مقاومة)) وبأنه تبنى مواقف تمجد خارج اي سياق الجهاد و الارهاب.
بحسب صحيفة لوموند هذا الامام الذي يعيش في فرنسا منذ تسعينات القرن الماضي يتعرض للملاحقة القانونية منذ العام 2022. وانه برء في كل مرة من الاتهامات الموجهة اليه. و رفضت محاولات طرده. و ان المحاولة الجديدة من قبل وزارة الداخلية جاءت على خلفية نشره على مواقع التواصل كاريكاتورا بعد احداث 7 اوكتوبر، حيث يقارن بين وصف الاوكرانيين الذي يواجهون الاحتلال الروسي بالمقاومين في حين يتم وصف الفلسطينيين الذين يواجهون الاحتلال الاسرائيلي بالارهابيين.
في اتهام وزارة الداخلية الفرنسية تذرع بالتهديد للالعاب الاولمبية و التوتر الحاصل نتيجة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، و ان هناك “خطر تهديد من قبل المسلمين الفرنسيين ضد الطائفة اليهودية”.
تسعير الاسلاموفوبيا للتغطية على الحرب
يوم السبت الماضي، المحكمة الادارية لباريس رفضت الاستئناف الذي تقدم به محامي عبد الرحمن رضوان . والذي عليه انه يلجأ الى ( مجلس الدولة) كآخر استئناف. منذ اندلاع الحرب على غزة، هذا الامام و المسجد الذي يئم فيه تعرض للعديد من التهديدات و من حملة عبر وسائل الاعلام الفرنسية.
من رجال السياسة الذين قادوا هذه الحملة ايريك زمور اليهودي الصهيوني الذي يقود حزب Renaissance والذي مني بخسارة كبيرة في الانتخابات التشريعية الأخيرة. والذي يعمل دوما على اتهام المسلمين في فرنسا بأنهم ضد قيم الجمهورية.
وكان عبد الرحمن رضوان ينتقد في كل مرة ان السلطات الفرنسية لا تتخذ التدابير الامنية لمنع هذه التجاوزات و الاعتداءات على المسلمين. الامر الذي يظهر ان السلطات الفرنسية تغض الطرف عن هذه الاعتداءات و ذلك من اجل ارباك المسلمين الفرنسيين بشكل دائم بحيث لا يمارسون دورهمفي دعم الشعب الفلسطيني.
المصدر: موقع المنار