على الرغم من صورة النصر الموهوم التي سعى لتسويقها نتنياهو بعد تخليصه 4 من أسرى الاحتلال في غزة بعد مجزرة مروّعة في النصيرات، إلا أنّ فرحة الأخير لم تكتمل حيث تلقى صفعة قوية باستقالة ثلاثة من وزراء حكومة الطوارئ وعلى رأسهم غانتس، فضلاً عن استقالة قائد فرقة غزة بعد اعترافه بالفشل المدوّي يوم السابع من أكتوبر، تاريخ عملية طوفان الأقصى.
وفي التفاصيل، فقد أعلن عضو مجلس الحرب بيني غانتس وأعضاء حزبه “معسكر الدولة” استقالتهم من حكومة الطوارئ. ودعا غانتس إلى إجراء انتخابات في أسرع وقت، قائلاً إن رئيس الحكومة يمنعهم “من التقدم نحو تحقيق النصر الحقيقي”.
وفي هذا السياق، أكد الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد أنّ الاستقالات التي عصفت بحكومة الطوارئ الصهيونية ومجلس الحرب “ستعمّق أزمة نتنياهو وتزيد الشرخ الحاد في المجتمع الإسرائيلي، الأمر الذي سيكون له تداعيات بالغة لن تقف عند حدود الجبهة الداخلية الإسرائيلية بل سيصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتأثير على الانتخابات الرئاسية المقبلة”.
ويرى عياد في تصريحاته “للمركز الفلسطيني للإعلام” أنّ “من دلالات استقالة ثلاث وزراء من حكومة الطوارئ الإسرائيلية أنّها كشفت أنّ الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية عميقٌ وقويٌ، وأنّ محاولات إنتاج صورة نصر من خلال مجزرة النصيرات، لم تتمكن من إخفاء هذا الانقسام الحاد”.
وأضاف بالقول إنّ “العملية كانت كارثية ولها تداعيات كبرى على الكيان الصهيوني بل وورطت الولايات المتحدة الأمريكية وإدارة بايدن وأربكت المشهد الداخلي في أمريكا، التي كانت تسعى لإتمام صفقة ترمم فيها الحزب الديمقراطي وعلاقة بايدن مع قاعدته الانتخابية وجاءت هذه الجريمة لتزيد من عمق الشرخ داخل الحزب الديمقراطي”.
وتابع، أنّ “الاستقالة جاءت لتؤكد على أنه لا يوجد لدى حكومة الحرب بقيادة نتنياهو أي إنجازات، وأنّ الصراع الداخلي في الكابنت وداخل الساحة السياسية والمجتمع الإسرائيلي سيكون عميقًا جدًا، وأنه لا يمكن معالجته بعمليات عسكرية أو أي إنجازات موهومة يحاول تسويقها نتنياهو بل على العكس من ذلك”.
ولفت عياد إلى أنّ “الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي يتفاقم، ورأينا خروج المظاهرات الحاشدة في الشارع الإسرائيلي احتجاجا على سياسة نتنياهو، رغم محاولات إظهار صورة الانتصار أو تسويق صورة الانتصار إلا أن الانقسام لم يغب عن الساحة الإسرائيلية حتى في ذروة عملية تخليص أسرى من غزة”.
وأشار المحلل السياسي إلى أنّ “التداعيات المباشرة ستعمق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي وستضعف حكومة نتنياهو وشرعيتها داخل الولايات المتحدة الأمريكية وشرعيتها في المجتمع الدولي، وفي أوروبا، وحتى في الإقليم، لأنّ غياب أقطاب المعارضة سيضعف موقف نتنياهو وسيزيد الجهود المبذولة لمحاصرته سواء على الصعيد الدولي عبر الدعوات لمحاكمته عبر الجنائية الدولية أو الجهود التي يبذلها بايدن لإقصائه لحسابات انتخابية ولحسابات تتعلق في الانقسام بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي”.
وخلص عياد إلى أنّ “هذا يجعل المقاومة هي صاحبة اليد العليا والمبادرة في تحديد مستقبل هذه الحرب، ورسم شكل وهندسة هذه الحرب ومآلاتها النهائية بأيدي الفلسطينيين، لأن الانقسام داخل المؤسسات الأمريكية والإسرائيلية يشير إلى أنهم لا يملكون أي رؤية للحرب أو لما بعدها، الأمر الذي يملكه الفلسطينيون بكل وضوح”.
ملابسات استقالة غانتس
هذا ولم تكن الخطوة التي قام بها عضو حكومة الطوارئ بيني غانتس، مفاجئة في الوسط الصهيوني كذلك الغربي والأميركي. في حين زعم غانتس، أن انسحابه جاء نتيجة الوضع السيئ في الكيان وفي مركز اتخاذ القرار، ولكن ثمة تساؤلات حول توقيت الاستقالة التي جاءت بعد عملية “النصيرات”.
هذه الخطوة لم تنل استحسان الاعلام الصهيوني الذي رأى في الانسحاب توقيت غير مناسب، كما أن الاعلام الغربي والأميركي اعتبرها خطورة ذات محدودية الأثر.
ومما جاء في خلاصة آراء الاعلام الصهيوني-الغربي-الأميركي ما يلي:
- لن تبدو الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة سلبية للغاية بالنسبة لنتنياهو.
- لمدة خمس عشرة دقيقة، لم يتمكن رئيس معسكر الدولة من إصدار بيان متماسك يشرح سبب تقاعده.
- غانتس سيغادر، لكن الحكومة باقية.
- أحد الخيارات التي يدرسها نتنياهو هو حل حكومة الحرب، الحكومة الصغيرة التي تم تشكيلها وضمّت أيضا غانتس وآيزنكوت.
- ستدرك العديد من شرائح الجمهور التي اعتمدت على معسكر الدولة كـ “صوت” لها في مراكز صنع القرار أن القوة العظمى الآن لا تزال في يد نتنياهو، الذي هو في نظرهم مسؤول بدرجة أو بأخرى عن الفشل الكبير وتحركه اعتبارات سياسية.
- استقالة الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت من الحكومة وقرارهما بمغادرة حكومة الحرب لم تلق مفاجأة من قبل أصدقاء “إسرائيل” في جميع أنحاء العالم، لكنها تثير قلقا كبيرا بين الحكومات الموالية لها بشأن خطواتها التالية في الحرب.
- كشفت هذه الخطوة، على الرغم من أنه من غير المرجح أن تجبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على ترك منصبه، عن الانقسامات داخل القيادة الإسرائيلية.
- لا تشكل هذه الخطوة تهديداً على الفور لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي لا يزال يسيطر على ائتلاف الأغلبية في البرلمان. لكن الزعيم الإسرائيلي أصبح يعتمد بشكل أكبر على حلفائه من اليمين المتطرف.
ليبرمان يهدد بإسقاط حكومة نتنياهو
كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن ليبرمان أنه سيجتمع مع بيني غانتس اليوم على أمل أن ينضم إليهم لإسقاط الحكومة.
ترتيبات أمريكية وراء الاستقالة
أما الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، فقال إن استقالة غانتس وآيزنكوت جاءت بناء على أوامر وترتيبات أمريكية، وقد يتجه نتنياهو لقرارات أصعب وأخطر في المرحلة القادمة، كردة فعل فهو في حالة حرب داخلية.
ولفت المدهون في تصريحاتٍ إلى أنّ “استقالة الاثنين يقلل من احتمالية أن يكون الكيان على موعد قريب مع تصعيد كبير على جبهة الشمال، إلا أن آيزنكوت كان تحديداً من أكثر رافضي شن حرب كبرى ضد لبنان في أكتوبر وحاول تجنب التصعيد”.
الاستمرار بحكومة الحرب متوقع
ونوه المدهون إلى أنّ نتنياهو “ما زال قادرا على الاستمرار في الحكومة وباعتقادي أن مجلس الحرب الذي أسسته الولايات المتحدة الامريكية فشل بمهمته واليوم ليس أمامنا إلا حكومة التطرف الإسرائيلية التي يقودها نتنياهو وبن غفير”.
واستدرك بالقول “عسكريا آزينكوت أهم من غانتس فهو كجنرال عسكري يتمتع بخبرات أعمق وأكثر تجربة من غانتس المتسم بالفشل والمعروف في المجتمع الإسرائيلي بالتردد. ويحاول آيزنكوت لعب دور المهندس من وراء الستار، ولا شك استقالته أهم من غانتس عسكريا وتأثيرها سيكون أكبر على مستقبل الحرب وأداء الحكومة”.
بلينكن في الأراضي المحتلة
الجو المأزوم داخل الكيان، يتزامن مع وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بعد ظهر اليوم، إلى الأراضي المحتلة، حيث يلتقي برئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ورئيس “المعسكر الوطني”، بيني غانتس، لبحث التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وقبول صفقة التبادل.
ويلتقي الوزير الأميركي خلال زيارته للبلاد والتي هي العاشرة منذ اندلاع الحرب على غزة، بوزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس المعارضة يائير لبيد، والرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، حيث من المقرر أن يغادر صباح الثلاثاء، على ما أفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت”.
وبحسب الموقع الإلكتروني، فإن زيارة بلينكن إلى “إسرائيل” تندرج في سياق الجولة الإقليمية التي يقوم بها في مصر والأردن وقطر.
ويناقش بلينكن خلال اللقاءات “أهمية قبول خطة الرئيس الأميركي، جو بايدن، التي تعتمد بحسب مزاعم الإدارة الأميركية على الاقتراح الإسرائيلي”.
ويأتي ذلك في وقت دعت فيه الولايات المتحدة مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار معدل بشأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة.
وزعمت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة أن المقترح “من شأنه أن يؤدي إلى وقف إطلاق نار كامل وفوري مع إطلاق سراح الأسرى”، مشيرة إلى أن العدو “قبل” المقترح ولدى مجلس الأمن الفرصة للتحدث “بصوت واحد” ودعوة حركة حماس لقبوله، حسب زعم الولايات المتحدة.
ثلاث وزراء يستقيلون دفعة واحدة
واستقال مساء أمس الأحد، رسميًا، الوزيران في مجلس حرب الاحتلال، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، عبر خطابين منفصلين. وقد هاجما نتنياهو مؤكدين على أنه “يعمل لمصلحته الشخصية”.
كما قدّم الوزير الإسرائيلي حيلي تروبير من حزب “معسكر الدولة” استقالته من حكومة الطوارئ، ليحذو بذلك حذو رئيس الحزب بيني غانتس والقيادي في الحزب غادي آيزنكوت.
وأعلن بيني غانتس، رئيس كتلة “المعسكر الوطني”، استقالته من مجلس الحرب وحكومة الطوارئ التي شكلها بنيامين نتنياهو عقب “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023 الماضي.
وقال غانتس في خطاب الاستقالة إن مشاركته في مجلس الحرب “كانت للمصير المشترك وليست شراكة سياسية والخروج من الحكومة قرار معقد ومؤلم”.
المصدر: مواقع إخبارية