الدعم الضخم الذي تلقاه ما يسمى “جيش الفتح” في حلب لم يكن مستغرباً بهدف حسم معركة تعتبر فاصلة واساسية بالنسبة لداعمي الفصائل المسلحة التي شكلت ما سمي “غرفة عمليات فتح حلب” وقامت بجولات عدة من المعارك مع الجيش السوري وحلفائه بحيث كان يتواجد بحسب المعلومات في حلب اكثر من 13 فصيلا لديهم امكانات وعتاد ، من النصرة واحرار الشام ونور الدين الزنكي واستقم كما امرت وفصائل جيش حر والجبهة الشامية وغيرهم. هؤلاء تدرج تراجعهم في ميدان حلب من استراتيجية التقدم الى مناطق سيطرة النظام ثم محاولات فك الحصار بعد احكام الطوق عليهم في شرق حلب ثم التراجع نحو مساحات اضيق الى ان كان السقوط المدوي.
هذا السقوط ترددت اصداؤه المؤلمة لدى الداعمين الدوليين والاقليميين ازاء خسارة معركة تعتبر كبرى. واذا توقفنا عند التصريحات الاميركية والغربية بعد هذا السقوط والتي تضمنت حفلة تصعيد في المصطلحات والتعابير ضد القيادة السورية، او عند محاولات اخراج ما تبقى من مسلحين وانقاذهم فإن ذلك يظهر مدى ما كانت تعنيه هذه المعركة لهم ومدى ما كانوا يضعونه من ثقل ودعم .
لكن كان لافتا انه في الساعات الاخيرة قبل خروج المسلحين اقدموا على أمر بدا منسقاً او مطلوبا منهم . وما ذكره المرصد السوري “أن أعمدة الدخان تصاعدت من مدينة حلب، نتيجة الحرائق التى أشعلها المسلحون فى المربع الباقي تحت سيطرتهم شرق حلب” اشار الى امر يمكن التوقف عنده . وينقل المرصد بالامس عن ” نشطاء في المعارضة ” بأن أعمدة من الدخان ترتفع فوق مربع سيطرة المعارضة نتيجة حرائق أشعلها المسلحون في مقراتهم وجزء من ذخائرهم وعتادهم ومستودعاتهم.
كما نقلت رويترز عن شهود “إن سكانا في شرق حلب” شوهدوا وهم يحرقون أشياء لا يستطيعون أخذها معهم مثل الصور والكتب والملابس بل سيارات.
كما تردد خبر على وسائل الاعلام في الساعات الاخيرة قبل خروج المسلحين عن سماع دوي انفجار كبير لتتناقل بعدها بعض المواقع ان دوي الانفجار الكبير ناتج عن تفجير الميليشيات المسلحة أكبر مخازن أسلحتهم في حي السكري.
لكن يمكن ان نتساءل لماذا قام المسلحون بذلك بحيث يمكن ان نشبّه الامر بقيام شخص باخفاء معالم معينة تدينه ، وما زعمه بعض مؤيدي المسلحين ان سكان حلب يحرقون مقتنياتهم الشخصية “كي لا تعبث بها عناصر النظام” ، او المزاعم حول الخوف من عملية “نهب من قبل الجيش” كلها مبررات غير منطقية.
يمكن القول من خلال هذا التصرف ان المسلحين قاموا بذلك لعدة اسباب او احتمالات :
– تدمير اثار ومعالم لتجهيزات او وثائق ومستندات.
– يمكن ان نعود الى ما يذكره خبراء عن وجود ضباط استخبارات اجنبية وضباط من الموساد في حلب وهو ما ذكره د.حسن حسن الخبير العسكري في تقرير على موقع المنار ليضيف ان عملية إشعال وحرق نقاط معينة في الأحياء الشرقية، والتي هي مقرات تلك الغرف القيادية، لإخفاء آثارها.
– احتمال ان يكون الامر ايضا لاخفاء بعض معالم الإمدادات العسكرية الضخمة الواردة من دول الخليج وتركيا وربما غيرها للمجموعات المسلحة. هذا يعيدنا مثلا الى تقارير لوسائل اعلام وحتى تلك المعارضة للحكومة السورية تشير الى احتمال حصول المسلحين على اسلحة “غير تقليدية”.
– ما ذكره الجيش الروسي في فترة غير بعيدة ان خبراء وزارة الدفاع الروسية عثروا على ذخيرة مدفعية غير منفجرة تعود للارهابيين تحتوي على مواد سامة على الارجح هي غاز الكلور والفوسفور الابيض يمكن ان تكون ايضا ضمن اسباب تدمير هذه المعالم.
– اخفاء معالم تخزين المواد الغذائية التي كانوا يحتكرونها بحيث كانوا يكدسونها في المستودعات ويحرمون الاهالي منها او يبيعونها بأثمان مرتفعة بل تحدثت شهادات ان المسلحين كانوا يقومون بالنهب والسرقة.
ويقول احد المراسلين الحربيين السوريين انه عند دخول الجيش وحلفائه مقرات لما يسمى “جيش الإسلام”، وتنظيم “استقم كما أمرت”، وجدوا فيها كميات ضخمة جدا من المؤن الغذائية. ويضيف انه كان على المنظمات الدولية أن تتأكد من مصير المساعدات التي كان الجيش السوري يعمل على إدخالها، في حين كان المسلحون يسيطرون عليها ويمنعوها عن المواطنين.
– اخفاء بعض الارتكابات مثل تلك التي ترددت عن ان الإرهابيين كانوا يقومون بتجارة الاعضاء البشرية بحسب شهادات بعض الاهالي الذين خرجوا من حلب.
المصدر: موقع المنار