استقالة حليفا فشل للإستخبارات العسكرية الصهيونية فمن التالي؟ – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

استقالة حليفا فشل للإستخبارات العسكرية الصهيونية فمن التالي؟

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية "أمان" أهارون حاليفا
علي علاء الدين

لم تمر استقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان)، اللواء أهارون حليفا، من منصبه مرور الكرام حيث حظيت باهتمام واسع في الكيان الصهيوني، لاسيّما اعلاميا  وقد أفرد الاعلام مساحة وازنة من الإهتمام والمتابعة لقراءة دلالات الاستقالة، وتبعاتها على المستوى العسكري؛ وعلى المستوى السياسي من جهة ، لاسيّما لجهة تحمُّل المسؤولية عن الإخفاق في عملية طوفان الأقصى في 07/10.

نص استقالة حليفا

ووجه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان)، اللواء أهارون حليفا، ، رسالة إلى رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي، الفريق هرتسي هليفي، حَمَلت عنوان “تحمُّل مسؤولية ونهاية خدمة”. ووُصِفت في إسرائيل بأنّها “وثيقة تاريخية”. وقال حليفا في رسالته إنّ شعبة الاستخبارات العسكرية بقيادته، لم تؤدِّ المهمّة المؤتمنة عليها يوم السبت في 7 تشرين الأوّل 2023، لافتاً إلى أنّه أعرب أمام رئيس الأركان في بداية الحرب عن رغبته بتحمّل المسؤولية وإنهاء خدمته. واليوم مع بداية التحقيقات، يَطلُب إنهاء خدمته والاستقالة من الجيش الإسرائيلي. ودعا حليفا في رسالته إلى تشكيل لجنة تحقيق حكومية (رسمية)، “تكون قادرة على التحقيق والاستيضاح بصورة أساسية، معمّقة، شاملة وثاقبة، في كلّ العناصر والملابسات التي أدّت إلى الأحداث القاسية في السابع من تشرين الأوّل 2023، من أجل دولة إسرائيل، شعب إسرائيل والأجيال القادمة”.

ولكن استقالة حليفا لن تدخل حيّز التنفيذ على الفور، بل حين يتمّ تعيين بديل له في المنصب الأكثر تعقيداً بعد رئيس الأركان، والذي عادةً يتطلّب تولّيه إعداداً جاداً قد يستغرق شهوراً.

فشل الاستخبارات العسكرية “امان”

حليفا هو الجهة الرسميّة الأولى التي تستقيل إثر دورها في تقصير السابع من تشرين الأوّل، وهو وإن كان تحمَّل مسؤولية عامّة عن فشل “أمان” برئاسته، إلا أنّه لم يأتِ، على ذكر أخطائه الشخصية. وفي المقابل، رأى خبراء ومُعلّقون صهاينة أنّ حليفا اعترف بالمسؤولية وتحمَّل تبعات شخصية لفشل أمني استخباري غير مسبوق، ولم يهرب من المسؤولية، ولم ينكر سلسلة الإخفاقات، ولم يحاول إلقاء المسؤولية على آخرين.

ولفت خبراء ومُعلّقون إلى أنّ الفشل الاستخباري في 07/10، كان في اختبار القدرة على تشخيص مجريات بناء القوّة، والاستعدادات للهجوم، ونوايا التنفيذ، وفي النهاية القدرة على إصدار إنذار مركّز، وفي هذا فشلت “أمان” والشاباك فشلاً ذريعاً ورهيباً.

وبحسب الون بن دافيد فانّ “أمان” حالياً “تشبه إلى حدّ كبير منطقة منكوبة”، وهي منظّمة مُهشّمة بحاجة لإعادة تأهيل للنهوض من جديد، ويمكن أن تكون استقالة حليفا مؤشّراً على بداية استرداد العافية، فهذه الاستقالة كانت ضرورية، فالفشل العميق للاستخبارات يُلزِم بإعادة توضيح مهام شعبة الاستخبارات، طرق عملها، والمؤهّلات المطلوبة لمَن يقودها، الذي ينبغي أن يكون لا علاقة له بفشل 07/10، ومن ذوي الصلاحية والخبرة في مهنة الاستخبارات، لأنّ إحدى مهامّه، ستكون استبدال سلسلة القادة الرفيعين في “أمان”.

وفي سياق مواز، لفت مُعلّقون إلى أنّ فشل مجتمع الاستخبارات كان هائلاً، وليس كلّه يقع على عاتق حليفا، فكثر آخرون يتقاسمون المسؤولية والذنب. وانتقد مُعلّقون الوحدة 8200 التابعة لـ”أمان” تحديداً، لأنّها رغم نجاحها بالحصول على الخطة العملياتية لحماس، إلا أنّ “القيادة الأمنية” لم تستوعب أنّ هذا حدث حقيقي، ولم تستعدّ وفقاً لذلك، ولم تقم “أمان” والشاباك بصياغة نموذج إنذار يهدف لمراقبة الخطة وإحباطها.

أمان

من التالي ؟

تطرّق وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إلى استقالة حليفا، وقال: “حسناً فعل حليفا عندما استقال وتحمّل المسؤولية، فهذه فرصة لإجراء تغيير حقيقي وإصلاح بنيوي في القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي… يحظر على رئيس الأركان وأولئك الذين أخفقوا أن يُعيّنوا خلفاء يكونوا على شاكلتهم… ثمّة حاجة لقيادة جديدة من بين الضبّاط الذين أثبتوا أنفسهم تحت إطلاق النار كي يقيموا جيشاً كبيراً، هجومياً وفتاكاً”.

وأشار يوسي يهوشع في يديعوت احرنت  إلى أنّ استقالة حليفا قلبت الساعة الرملية لرؤساء المؤسّسة الأمنية والعسكرية في الكيان الصهيوني، ففي الجيش يستعدّون، لموجة استقالات جماعية من شعبة الاستخبارات، بعد استقالة حليفا، وقبله رئيس لواء الأبحاث في الشعبة، العميد عميت ساعر، الذي أعلن استقالته لأسباب صحية. وفي هذا السياق، نُقِل عن جهات في الجيش قولها إنّه بعد انتهاء عيد الفصح، يُتوقّع أن يُعلِن مسؤولون آخرون في الجيش الإسرائيلي عن استقالاتهم حيث رأى يهوشع أنّ ذلك “سيُحدِث صدمة كبيرة في كلّ هذه الأجهزة”.

وتوقّع مُعلّقون أن يكون لاستقالة حليفا تأثير أحجار الدومينو، بحيث يطال كبار الضبّاط في الجيش الإسرائيلي، الذين من بينهم ما لا يقلّ عن 4 برتبة عميد، أبلغوا رفاقهم عزمهم على الاستقالة، ومن ضمنهم قائد فرقة غزة، العميد آفي روزنفيلد. وأبرز المرشحين للانضمام إلى لائحة المستقيلين، هم: قائد المنطقة الجنوبية، اللواء يارون فينكلمن؛ وسلفه في المنصب، اللواء أليعازر تولدانو (رئيس الشعبة الإستراتيجية حالياً)؛ نائب رئيس هيئة الأركان، اللواء أمير برعام؛ ورئيس شعبة العمليات، اللواء عوديد باسيوك.

و بعد حليفا، تقترب استقالة رئيس الأركان ورئيس الشاباك. إذ لا يوجد سبب لكي يبقوا في مناصبهم بعد رحيل حليفا، فهيئة الأركان الحالية ليست جيّدة بما يكفي لقيادة الكيان إلى حرب قريبة في الشمال، ورئيس الأركان الحالي لا يُمكن أن يُعيّن رئيس “أمان” الجديد بنفسه، و”من لا يعرف سحق العدو، فليُخلِ مكانه”.

هل تصل الاستقالات الى المستوى السياسي ؟

أشار مُعلّقون إلى أنّه بعد استقالة حليفا، سينتقل الثقل إلى المستوى السياسي، حيث برزت وجهتا نظر، الأولى ترفض استقالة الضبّاط (المستوى المهني)، لأنّ ذلك يُجنِّب المستوى السياسي، تحديداً رئيس الحكومة، ووزير الأمن، ورئيس هيئة الأمن القومي، (وآخرين)، كأس دفع ثمن الفشل وتحمُّل المسؤولية؛ في مقابل وجهة نظر مغايرة، ترى أنّ استقالة قادة المؤسّسة العسكرية والأمنية، تحديداً رئيس الأركان ورئيس الشاباك، سوف تشحذ الاحتجاج، وتدحرج القضية الساخنة إلى المستوى السياسي. ووسّع خبراء ومُعلّقون من دائرة المسؤولين عن فشل 07/10، المطلوب منهم تحمُّل المسؤولية والاستقالة، لتشمل المستوى السياسي في الكيان، أسوة بالمستوى العسكري- الأمني، فرأى خبراء ومُعلّقون أنّ المستوى السياسي، يتحمّل المسؤولية المباشرة عن أكبر فشل أمني في تاريخ إسرائيل، لذلك على الجمهور الإسرائيلي أن لا يسمح بالتهرُّب السياسي الصارخ والمستفز، فإسرائيل بحاجة إلى قيادة جديدة، سياسية، إستخبارية، وأمنية.

المصدر: موقع المنار