كثير منا يشغل نفسه بحسابات دقيقة في الطعام لعملية التمثيل الغذائي والسعرات ونوع الطعام حتى يصل إلى الوزن المثالي الذي يتمناه، لكن الحقيقة هي أن حساب السعرات الحرارية ليس الطريقة الأفضل، أو الأكثر صحة، لمراقبة ما تتناوله، أو لفقدان الوزن.
وبحسب ما نشره موقع “هافنغتون بوست” فإن الطريقة الأفضل هي التركيز على المحتوى الغذائي للوجبات الرئيسية والخفيفة. ونقل الموقع عن إخصائي التغذية والتغذية الرياضية روبي كلارك قوله إن “هناك بعض الفئات من الناس الذين يستخدمون تلك الطريقة، كلاعبي كمال الأجسام، ونخبة لاعبي القوى، والذين يعانون من البدانة المفرطة، أما معظم الناس، فلا يعتبرون تلك الطريقة دائمة أو ممتعة”.
وإن كنت ممن يفكر في حساب السعرات الحرارية، أو وقعت بالفعل فريسة للحساب المحموم لكل حبة شوفان وقطعة جزر، ففكّر في هذه الأسباب لكي تقلع عن هذا الأمر. وقال كلارك: “قد أوصي بحساب السعرات الحرارية في بعض الأحيان عند ممارسة الرياضة، لكن في أغلب الأحيان، أوصي بالتركيز على المحتوى الغذائي أكثر من حساب السعرات الحرارية، وإليكم الأسباب”.
1. السعرات الحرارية ليست كلها متساوية للأسف، فإن طريقة التمثيل الغذائي وحرق الطاقة في الجسم ليسا بالبساطة التي نتوقعها، ويوضح كلارك ذلك قائلاً: “هذا مفهوم خاطئ وشائع جداً، وهو أن السعرات الحرارية في الفاكهة هي نفس السعرات الحرارية في الشوكولاتة”.
يقول كلارك: “قد يكون ذلك صحيحاً عندما تقرأه في إحدى الصحف، وهو أن كافة السعرات الحرارية تتساوى في مقدار الطاقة التي تمنحها، إلا أن السعرات الحرارية المكتوبة على الورق ليست بالضرورة هي التي نتناولها، نظراً لأن جسم الإنسان به نظام كيميائي حيوي معقد جداً يعالج بدقة تنظيم وتوازن الطاقة”.
ويضيف: “يختلف التأثير البيولوجي للسعرات الحرارية أو الطاقة في الدهون والبروتين والكربوهيدرات —الثلاثة مغذيات الرئيسية- على كل من الشبع ومعدل الأيض ونشاط المخ ومعدل السكر في الدم وطريقة تخزين الجسم للدهون”.
فعلى سبيل المثال، وجبة مكونة من معكرونة الحبوب المتكاملة مع قليل من اللحم المفروم، ستشعرك بالشبع أكثر من تناول قطعتين من الكعك المحلى، مع أنهما يحتويان على القدر نفسه من السعرات الحرارية.
2. حساب السعرات الحرارية يتجاهل المحتوى الغذائي يقول كلارك إن “الغذاء غير الصحي يظل غير صحي، بغض النظر عن مقدار السعرات الحرارية به”.
يضيف كلارك: “إذا ما وضعنا الأطعمة كثيفة المواد الغذائية في مواجهة الأطعمة فقيرة المواد الغذائية كالأطعمة المعالجة والكربوهيدرات المكررة، بالطبع سيختلف تأثير كل منها على جسم الإنسان”.
في حالة التركيز فقط على مقدار الطاقة التي يحصل عليها الجسم، فإنه من السهل أن نتناسى جودة المواد الغذائية، إذ أن حفنة من المكسرات قد تحتوي على مقدار مرتفع من الطاقة، إلا أن الفوائد الغذائية التي تحتويها تفوق مقدار السعرات الحرارية التي تمنحها.
كما يضيف كلارك: “الأطعمة الصحية والأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية، كفيلة بإشباعك، ومساعدتك في الحفاظ على استقرار معدلات السكر في الدم، والحد من شعورك بالجوع، إذ تسمح للمخ بإرسال إشارات لمعدتك بأنها ملأى”.
أما في حالة الأطعمة فقيرة العناصر الغذائية، يقول كلارك إن “تلك الأطعمة لها أثر عكسي؛ إذ تسبب الاختلال الهرموني، وارتفاع مستويات الأنسولين، والشعور المتزايد بالجوع، وتقلل إشارات الشبع، وتزيد من الإفراط في تناول الطعام”.
3. حساب السعرات الحرارية لا يدعم العلاقة الصحية مع الطعام وفقاً لكلارك، إذا نظرنا للطعام باستمرار على أنه المتسبب في بدانتنا، فلن نستطيع أبداً أن نكوّن علاقة صحية مع غذائنا.
فقد صرح كلارك قائلاً: “الخطر الرئيسي المرتبط باحتساب السعرات الحرارية، أنه لا يدعم العلاقة الصحية مع الطعام”.
ويضيف: “هذه الطريقة قد تؤدي إلى هوس عقلي يتعلق بالطعام والمجموعات الغذائية، والتي قد تقيد الخيارات والعادات الغذائية.
وفي أسوأ الاحتمالات الممكنة، قد تؤدي هذه الطريقة إلى زيادة اضطرابات تناول الطعام، كالنهام العصبي، أو فقدان الشهية العصبي، أوالوسواس العصبي (هوس غير صحي يعتبر بعض الأطعمة فقط صحية دون غيرها)”.
اتفقت مع ذلك الرأي إخصائية التغذية المعتمدة جيما أوهانلون؛ إذ قالت إن احتساب السعرات الحرارية مفيد لتكوين فكرة تقريبية عن المقدار الواجب تناوله من الطعام، إلا أنه يجب ألا ينحصر تركيزك في هذا الأمر فقط.
وأكدت أوهانلون لـ”هافنغتون بوست أستراليا” أن “هناك خطاً رفيعاً عندما يتعلق الأمر باحتساب السعرات الحرارية”.
وتضيف أوهانلون: “على الرغم من أن احتساب السعرات الحرارية قد يساعد الناس على اتباع نظام غذائي متوازن العناصر الغذائية، فإنه قد يؤدي في بعض الحالات إلى حدوث اضطرابات وسلوك وسواسي، فليس هناك نسق واحد للطعام الصحي يناسب الجميع، ولكن من المؤكد أن احتساب السعرات الحرارية يومياً علامة غير صحية”.
من المؤكد أنك بعد قراءة ما سبق، ستشعر بالحيرة، وتتساءل: ما الذي يجب فعله بدلاً من ذلك.
لا تقلق، فمن السهل البدء في المعالجة الصحية وفقدان الوزن طويل الأجل والمستدام، من خلال التركيز على العناصر الغذائية في الطعام، أي من خلال مقدار التنوع في الألوان والفيتامينات والمعادن والألياف في الطعام.
يقول كلارك إن “احتساب العناصر الغذائية ينبهك إلى تناول الأطعمة المغذية التي تحتوي على قيمة غذائية عالية، فضلاً عن توعيتك وإدراكك الفوائد الصحية للأغذية المحددة التي تتناولها”.
كما يؤكد أن “المحور الرئيسي في اختيار الطعام هو جودته وليس كَمّه”. ويضيف كلارك أن التركيز على نوعية الطعام الذي تتناوله، يساعدك على معرفة كيف يغذي هذا الطعام جسمك، وكيف يمده بالطاقة والعناصر الغذائية التي يحتاجها. كما يعتقد جازماً أن “احتساب العناصر الغذائية يعزز إدراكنا للطعام الصحي الذي نتناوله، بدلاً من اتباع آخر صيحات الحمية الغذائية دون فهم، وكما تخبرنا الحكمة القديمة بأن العلم قوة”.
لا تزال أوهانلون تنصح بالتركيز على فوائد العناصر الغذائية، وتحذر الناس من الإفراط والهوس، وبالأخص فيما يتعلق بالسكريات الطبيعية. تقول أوهانلون إن “اتباع النهج الذي يركز على العناصر الغذائية في تناول الطعام، قد يساعد الناس ويرشدهم إلى كيفية تلبية احتياجاتهم من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون الصحية، ولكنه في الوقت نفسه قد يصبح ضاراً إذا تحول إلى نوع من الهوس”. إليك بعض نصائح كلارك وأوهانلون، لمساعدتك في اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
1. ثقِّف نفسك والآخرين يقول كلارك: “في البداية، يمكن أن تدفع بعض المال كي تثري معرفتك وعلمك بما يعتبر غذاءً صحياً، فكل شخص لديه مستوى معين من الثقافة، ولكن من المهم أن يكون على قدر من المعرفة حول المغذيات الرئيسية والفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة والألياف وكيمياء النبات، فبمجرد أن تعرف ما تحتويه الأطعمة من فوائد صحية، سيسهل عليك تضمينها في نظامك اليومي”.
سيصبح من السهل عليك التعرف على المجموعات الغذائية الأساسية، كالفواكه والخضراوات والبقوليات مثل الحمص والعدس، وأيضاً الحبوب المتكاملة والحبوب الأخرى، واللحوم والدواجن والأسماك والبيض والجبن النباتي والمكسرات والبذور ومنتجات الألبان.
يضيف كلارك أن “ذلك سوف يساعدك على التأكد من تناول تشكيلة متنوعة من الأطعمة المختلفة، وهو ما يحسن صحتك ويقلل مخاطر نقص المواد الغذائية”.
تقول أوهانلون إن “الدليل الغذائي الأسترالي، يعتبر أحد المصادر الرائعة في توجيه الناس لتناول الطعام الصحي وفقدان الوزن”.
2. تناول قوس قزح يومياً انظر إلى طبق عشائك، هل ترى فيه العديد من الألوان؟ أم ترى لوناً أو لونين فقط؟ يقول كلارك: “إذا أردت أن تتأكد أنك تتناول ألوان قوس قزح يومياً، قم بتدوين الطعام الذي تتناوله يومياً، ثم انظر هل أغلب هذا الطعام يحتوي على لون أو لونين فقط، إن كان كذلك، فبالتأكيد لديك نقص في العديد من العناصر”.
يضيف كلارك: “من خلال تناول قوس قزح، أي ألوان مختلفة من الفواكه والخضراوات، يستفيد جسمك من مجموعة متنوعة من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة والمواد الكيميائية النباتية”.
3. تسوَّق برُشد ينصح كلارك عند شراء الطعام بتجنب الممرات المركزية في السوبر ماركت بقدر الإمكان.
يقول كلارك: “غالباً ما تجد في هذا المكان معظم الأغذية المصنّعة والمكررة، ولكن عليك التسوق بشكل أساسي في قسم الفواكه والخضراوات وما حولها؛ إذ سوف تجد في هذا المكان كل الأطعمة التي تحتاجها”.
4. استشر إخصائياً صحياً تنصح أوهانلون بالتواصل مع أحد إخصائيي الصحة، في حالة شعورك بالارتباك أو عدم معرفتك من أين تبدأ.
تقول أوهانلون: “إذا شعرت بشيء من الارتباك من كثرة النصائح الغذائية هنا وهناك، عليك بالتواصل مباشرة مع أحد إخصائيي التغذية المعتمدين”.
وتضيف قائلة: “إنهم خبراء مؤهَّلون جامعياً في الغذاء والتغذية، وأفضل من يسديك النصيحة”.
المصدر: صحف