تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 13-12-2016 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها مستجدات المشاورات لتأليف الحكومة وتوزيع الحقائب..
السفير
خلط لأوراق الحكومة يسهّل مهمة رئيسها.. ويحرج «القوات»
بري «يفعلها»: «الأشغال» لفرنجية.. هل يوافق «التيار»؟
وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول “إذا صدقت النيات وإذا كانت الحكومة ضرورة لا ترفا وإذا كانت هناك إرادة سياسية جدية بأن ينطلق العهد «المُهجَر» حاليا في «القصر»، وإذا انتفت «المؤامرة» ومعها «راجح»، يصح القول إننا أمام أيام لا بل ساعات حاسمة قد تولد معها أو خلالها حكومة سعد الحريري الثانية!
بعد جهد جهيد، «اهتدى» الرئيس المكلف سعد الحريري مساء الجمعة الماضي إلى عين التينة. طلب «مساعدة صديق»، فقال له رئيس المجلس «أنا مستعد لمؤازرتك فعلا لإنجاز التأليف»، لكنه قرر، في الوقت نفسه، اعتماد مبدأ «الضرورات تبيح المحظورات»، وهو المبدأ الذي ساعد قبل ذلك في ولادة أكثر من حكومة ولا سيما حكومة نجيب ميقاتي الثانية في عام 2011، عندما قرر رئيس المجلس التنازل عن مقعد شيعي حكومي من أصل المقاعد الستة في تلك الحكومة الثلاثينية، لمصلحة فيصل كرامي، أي بجعل المقاعد السنية سبعة بدلا من ستة، في سابقة لم تشهدها كل حكومات ما قبل الطائف وما بعده، لجهة تساوي الحصص الشيعية والسنية.
على هذا الأساس، تواصل بري مع رئيس «تيار المردة» غداة اللقاء الذي حصل بينه وبين الحريري، وتوافقا على لقاء يعقد في عين التينة بعد ظهر يوم أمس.
استشعر بري في هذه الأثناء، وخصوصا بعد عملية جسّ نبض في أكثر من اتجاه سياسي، بأن حصول «تيار المردة» على وزارة سيادية قد يكون أهون من حصوله على حقيبة «التربية»، فقرر أن «يلعبها» على طريقته بعدما نال الضوء الأخضر من الحريري: فلتكن وزارة الأشغال من حصة فرنجية الذي كان قد أبلغ الرئيس المكلف بأنه قرر أن يسمي هذه المرة عن «المردة» المحامي يوسف فنيانوس وزيرا.
غير أن رحلة فرنجية من بنشعي إلى عين التينة، تخللتها محطة بروتوكولية في بكركي، كان يراد لها أن تكون بمثابة تحية إلى بطريرك الموارنة الكاردينال بشارة بطرس الراعي الذي كان قد أسرّ أمام معاونيه يوم الخميس الماضي بعد مغادرته قصر بعبدا أنه مستعد للتحرك لتحقيق المصالحة بين عون وفرنجية «ولو اقتضى الأمر أن أمسك زعيم زغرتا من يده وأرافقه إلى القصر».
كما أبلغ الراعي معاونيه أنه مستعد للتضحية بالبروتوكول والشكليات صونا للجمهورية ومقام الرئاسة الأولى وفي سبيل تعزيز التضامن المسيحي أولا والوطني ثانيا.
بالأمس، شكر فرنجية الراعي على مبادرته وحرصه وعلى كل ما قام ويقوم به في سبيل وحدة الموارنة، لكنه بدل أن يخطو خطوة لرأب الصدع بينه وبين الرئاسة الأولى، أغضب الأخيرة، وبات منسوب أزمة الثقة أعلى من الجدران المرتفعة بينهما، وبالتالي، ذهبت محطة «أو. تي. في.» في مقدمة نشرتها الإخبارية ليلا الى القول إن فرص التأليف أو العودة الى نقطة الصفر باتت متساوية في ضوء ما صدر عن فرنجية.
ومثلما كانت بكركي معنية بأن توضح لبعبدا أنها غير مسؤولة عن مواقف زعيم «المردة» وأنها كانت تريد للأمور أن تنحو منحى إيجابيا، فإن فرنجية، وبعد أن فاز بجائزة «وزارة الأشغال»، جعل نفسه مدينا بالسياسة لرئيس المجلس قبل غيره من «المؤلفين» في ضوء «التخريجة» التي أعطته حقه مع «حبة مسك». لم يكتف بذلك، بل قال إنه مطمئن لموقف الحريري، لكنه ينتظر تفهما مماثلا من رئيس الجمهورية.
ومن عين التينة، توجه فرنجية مباشرة إلى بنشعي، تاركا للمعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل متابعة التفاصيل في ضوء التفويض الممنوح من قيادة «حزب الله» و «المردة» لبري في ملف التأليف، فضلا عن إبداء الحريري انفتاحه على أي مخارج تساعد في الإفراج عن حكومته.
وبالفعل، توجه علي حسن خليل من عين التينة إلى «بيت الوسط» ووضع الحريري في أجواء اللقاء مع فرنجية، متمنيا عليه أن يكون هذا المخرج إيذانا بولادة قريبة للحكومة، وخصوصا أن الرئيس بري أبدى تساهلا في موضوع الحقيبة الثانية (العمل أو الزراعة).
ولكن مناخ «بيت الوسط» كان يشي بأن الأزمة ما زالت مستمرة في ضوء ما تبلغه الحريري عبر جبران باسيل فور إعلان تنازل بري عن «الأشغال» لفرنجية، خصوصا أنه جاء بعد وقت قصير من تصريح رئيس «تيار المردة» وما تضمنه من إساءة لمقام الرئاسة الأولى!
وبدا أن هناك من يريد للاعتراض أن يكون أشبه بلعبة «البلياردو»، فيأتي الاحتجاج من «القوات» على تنازل بري عن حقيبة «الأشغال»، لا من «التيار».
واستباقا لأي عرقلة، تعمّد الرئيس بري أن يردد ليل أمس، أمام زواره، أن الأجواء المحيطة بملف تشكيل الحكومة إيجابية جدا، «ومن جهتي، انتهى التأليف بنسبة 99 في المئة، ولو أن الأمر يعود إليّ لكانت صدرت مراسيم تشكيل الحكومة اليوم (أمس)».
وأضاف: «أنا تنازلت عن حقيبة «الأشغال» لمصلحة النائب فرنجية الذي وقف معنا واتخذ مواقف مشرفة وساهم بطريقة أو بأخرى في وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية».
وشدد بري على أن هذا التنازل (عن الأشغال) يخدم أساسا مصلحة البلد ومصلحة تسهيل ولادة الحكومة بأسرع وقت ممكن، واعتبر أنه وفى بوعده للحريري بمؤازرته «وها أنا أقرن القول بالفعل»، كما قال ليل أمس.
وأوضح بري أنه لم يطلب في مقابل «الأشغال» حقيبة أساسية محددة «ولم أحاول أن آخذ من الحصص المثبتة للآخرين وكذلك لم أطالب بحقيبة «التربية» حتى لا أحرج غيري».
في موازاة ذلك، وبينما كان البعض يلمح إلى أن خيار الحكومة الثلاثينية موضوع على بساط البحث، أوفد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «الوزير الافتراضي» ملحم الرياشي، مساء أمس، للاجتماع بالحريري وخرج من اللقاء للقول إن «الأجواء دائما جيدة وممتازة مع دولة الرئيس الحريري».
ومن «بيت الوسط»، توجه الرياشي مجددا إلى معراب، حيث أطلع جعجع على محصلة الاجتماع مع الحريري، فيما كانت خطوط التشاور، في موازاة ذلك، مفتوحة بين معراب وقيادة «التيار الوطني الحر»، وأفضت المداولات حتى ساعة متأخرة ليلا عن وجوب إجراء قراءة «قواتية» متأنية للاعتبارات التي أملت بعض التعديلات على مسودة التشكيلة التي كان قد سلمها الرئيس المكلف لرئاسة الجمهورية عشية عيد الاستقلال.
وليلا أوفد الحريري غطاس خوري إلى معراب حيث التقى جعجع مطولاً من دون أن ترشح أي معلومات عن الموقف النهائي لـ«القوات» التي كانت قد تلقت عرضا بحصولها على ثلاث حقائب هي: نائب رئيس الحكومة، وزارة الاعلام، وزارة الصحة (أو ما يعادلها)، فضلا عن إسناد حقيبة لحليفها الكاثوليكي ميشال فرعون.
بعد اللقاء، مع جعجع في معراب بحضور الرياشي قال خوري: «الوقوف على رأي الدكتور سمير جعجع بالتشكيلة الحكومية هو أساس والكل يعلم أن الرئيس الحريري متشبث بالتفاوض مع الدكتور جعجع وبأن يكون هناك اتفاق بشأن الحكومة، وان لا يكون هنالك حكومة طرف أساسي مثل القوات اللبنانية خارجها».
الجدير ذكره أن «التيار الوطني الحر» اعتبر أكثر من مرة أنه ضحّى من حصته وعلى الآخرين أن يضحّوا مثله لا بل ألمح إلى أن «كل حقوق الرئيس بري ومطالبه قد تأمنت، فإذا أراد أن يمنح «تيار المردة» حقيبة وازنة، فليمنحه إياها من حصته لا من حصص الآخرين»!
موفد أميركي في بيروت
من جهة ثانية، قالت مصادر رسمية لـ «السفير» إن مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط آن باترسون ستصل إلى بيروت في الساعات المقبلة، للقاء كبار المسؤولين اللبنانيين والتباحث معهم في ملفات لبنانية وإقليمية.
النهار
“نهايات” الولادة الحكومية على حبل مشدود
وتناولت النهار الشأن الداخلي وكتبت تقول “كلما حلت عقدة برزت عقد مكانها، فمن ينفخ في رياح تأخير الولادة الحكومية؟ كان يفترض ان تكون هذه الولادة على مشارف الامتار الاخيرة من رحلة التأليف بعدما “تنازل” رئيس مجلس النواب نبيه بري لرئيس “تيار المردة ” النائب سليمان فرنجية عن حقيبة الاشغال وأكد ان “الحكومة صارت خالصة 99 في المئة”. حتى ان معظم المعطيات المتوافرة عن الاتصالات الكثيفة التي جرت أمس ذهبت الى توقع الولادة غداً أو بعده على أبعد تقدير. ومع ذلك عكس الشوط النهائي من عملية التأليف استمرار المشي فوق حبل مشدود للغاية ترجمه نصف ايجابي مبدئيا في حل عقدة حقيبة “المردة ” ولكن في مقابل نصف سلبي برز التعبير عنه في تصريحات فرنجية من بكركي التي لم تنزل برداً وسلاماً على قصر بعبدا ومعراب واعتبرت “استفزازية ” وأبقت وساطة سيد بكركي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عالقة في منتصف الطريق. اذ ان التفاوت برز بقوة بين مناخ الحرارة الذي ساد تصريحات فرنجية في عين التينة حيث حرص على شكر رئيس المجلس ” لاعطائنا وزارة الاشغال ” ونبرة تصريحاته في بكركي حيث رمى كرة علاقته مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مرماه. فاذ أبدى استعدادخ لأي لقاء مع الرئيس عون “بالطريقة التي يراها البطريرك الراعي مناسبة” استدرك بقوله انه مستعد أيضاً “للمهادنة أو لعلاقة جيدة او للمحاربة وان الامر بيد الرئيس عون”.
وفُهم ان فرنجية سمى المحامي يوسف فنيانوس لتولي حقيبة الاشغال باعتباره المسؤول في تيار “المردة” عن ملف العلاقات مع “حزب الله ” و”أمل”، بينما بدا ان الحقيبة البديلة التي ستعطى لـ”القوات اللبنانية ” والتي كانت الاشغال ضمن حصتها المتفق عليها سابقا شكلت العقبة الجديدة.
وعلمت “النهار” من مصادر حزب “القوات اللبنانية” أن رئيسه سمير جعجع اعتبر نفسه غير معني بكل المناخات الاعلامية التي أثيرت أمس وتالياً فإن الامور بالنسبة الى “القوات اللبنانية” لا تزال في إطار القديم على قدمه.
“قطب مخفية”؟
وفي الاطار نفسه، تحدثت مصادر مواكبة للتأليف عن “قطب مخفية” تدعو الى التريث في تبني التوقعات التي تتحدث عن ولادة وشيكة للحكومة، فيما لا تزال الاوساط القريبة من “حزب الله” تتحدث عن إمكان تبني صيغة الحكومة الثلاثينية بدلاً صيغة ال 24 المتداولة حالياً.
ولفتت المصادر الى ان هناك إستغرابا للطريقة التي يتبعها فريق أساسي داخل قوى 8 آذار والذي أعطى أمس إشارة جديدة الى ان التأليف يتم في عين التينة وليس في “بيت الوسط” وقصر بعبدا. ورأت أن ما حصل يندرج في سياق وضع الرئيس عون و”القوات اللبنانية ” أمام أمر واقع مفاده إما التسليم بشروط هذا الفريق وإما لا حكومة. وأضافت ان ثمة مخاوف برزت ليلاً من عودة مسار التأليف الى نقطة الصفر بفعل ما اعتبره بعض الجهات “تصعيداً من النائب فرنجية في بكركي وتحدي الرئيس عون وضرب هيبةرئاسة الجمهورية”. وشككت مصادر قريبة من الثنائي العوني – القواتي في صيغة الحل المتداولة ملمحة الى “مناورة” لاحراج “التيار الوطني الحر” و”القوات” والرئيس الحريري ورمي تهمة التعطيل على الافرقاء الثلاثة. كما لوحظ ان الرئيس فؤاد السنيورة صرح علناً لاحدى المحطات التلفزيونية “ان بعض الاطراف يحاولون الاستفادة من الاوضاع في سوريا لتحسين شروطهم التفاوضية في شأن الحكومة في لبنان”. وواكبت هذه الاجواء معلومات عن توزيع حقائب واسماء منها تسمية يعقوب الصراف لوزارة الدفاع من حصة رئيس الجمهورية وحقيبة للاقليات سمي لها حبيب افرام، والوزير السابق عبد الرحيم مراد للمقعد السني من حصة رئيس الجمهورية علماً ان معلومات سابقة كانت ترجح تسمية السيدة ليلى الصلح لهذا المقعد.
ووسط ملامح الاستياء التي سادت صمت “القوات اللبنانية”، برزت ليلاً حركة مكوكية على محور “بيت الوسط” – معراب اذ التقى الرئيس الحريري مساء رئيس جهاز الاعلام والتواصل السابق في “القوات” ملحم رياشي، ثم قام النائب السابق غطاس خوري بزيارة لرئيس “القوات ” ليلاً في معراب. وقالت مصادر الرئيس المكلف لـ”النهار” إن معظم الحقائب إما حلت وإما شارفت الحل ولا مشكلة في توزيع الحقائب بقدر ما برزت مشكلة في الشكليات. وأكدت ان الرئيس الحريري يعمل بدأب على تذليل العقبات ومعالجة أي توتر يمكن ان يكون قد نشأ بفعل اخراج الحل لحقيبة “المردة”.
شورتر
وفي سياق المواقف الديبلوماسية الغربية البارزة من الواقع اللبناني صرح السفير البريطاني في لبنان هيوغو شورتر في حديث الى برنامج “وجها لوجه” من “تلفزيون لبنان” أمس ان انتخاب الرئيس عون جاء “بتسوية لبنانية” وانه “يجب ألا يسمح اللبنانيون لاحد بأن يأخذ منهم واقع ان التسوية كانت حلا لبنانيا للأزمة”. ولم يستغرب التعثر في تشكيل الحكومة نتيجة تجربة طويلة في تأليف الحكومات وقال: “حان الوقت لان تكون هناك حكومة بعدما بات اطارها معروفاً ونظراً الى أهمية المحافظة على الزخم الذي رافق انتخاب رئيس الجمهورية وهذا الزخم مهم لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لوجود مصلحة ورغبة لديهما في حكومة تتخذ قرارات سريعة، خصوصا ان قانون الانتخاب هو احدى أبرز المهمات على جدول اعمالها “كما ابرز اهمية اجراء الانتخابات النيابية في موعدها” لانه من المهم ان يبقى لبنان ديموقراطية نابضة ونموذجا للمنطقة”.
الأخبار
التيار لم يتراجع وفرنجية يظفر بالأشغال والقوات أول الخاسرين: الحكومة «قلّعت»
كما تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “«قلّعت» عجلات تأليف الحكومة بعد أن حُلت عقدة تمثيل تيار المردة في الحكومة. «ضحّى» الرئيس نبيه بري بـ«الأشغال»، فحصل النائب سليمان فرنجية على مراده. وافق التيار الوطني الحر على هذه الصيغة، «بما أن ما ناله فرنجية من حصة برّي». أما القوات، فتراجعت مجدداً، تحت عنوان تسهيل تأليف الحكومة. تبقى عقد قليلة للحل، في ظل العودة إلى بحث خيار حكومة الثلاثين.
ذُلّلت أمس إحدى أهّم العقد التي كانت تُعرقل تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري. الرئيس نبيه برّي تنازل عن حقيبة الأشغال العامة، مُقدِّماً إياها إلى مرشحه الرئاسي النائب سليمان فرنجية. الخبر أعلنه رئيس تيار المردة أمس من عين التينة، وسمّى لهذا المنصب القيادي في تيار المردة المحامي يوسف فينيانوس.
فرنجية قال إنّه «كمردة نعتبر أنّ حقنا وصلنا من الرئيس بري»، آملاً أن «تتحلحل الحقيبة البديلة من الأشغال». حقّق رئيس تيار المردة مبتغاه، فخرج من هذا الاستحقاق «رابحاً» بعد أن نال الحقيبة التي ترضيه. أمّا «الأخ الكبير والأب» برّي، كما وصفه فرنجية، فقد حجز لنفسه مكاناً إلى جانب الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في عمليّة تشكيل الحكومة. كذلك فإنّه، من خلال «مشهدية» أمس، أكد أنّه غير معني بالاتفاقات والوعود التي قُطِعَت للقوات اللبنانية، فلم تخرج «الأشغال» من حصته.
ولكن، رغم موقع القوة الذي يظهر فيه رئيس المجلس المُحصّن بالتكليف الذي حصل عليه من حزب الله، لا يُمكن إغفال أنّه ضحّى وقَبِل التخلي عن حقيبة الأشغال، وإن أبقيت في يد حليفه الذي تعهّد له بإبقاء مستشارين فيها من حركة أمل. ولم يبق من ضمن حصة بري سوى وزارة المال، ويجري التفاوض معه من أجل الحصول على وزارة «ثانوية» أخرى. في ميزان الرابحين، يُمكن إدراج التيار الوطني الحر أيضاً الذي بقي ثابتاً على موقفه بأنه «إذا أراد بري إرضاء فرنجية، فليمنحه حقيبة وازنة من حصّة حركة أمل. ونحن لا مشكلة لدينا في ذلك. فليحلّوها مع المستقبل القوات»، بحسب مصادر رفيعة المستوى في التيار. في المقابل، يظهر حزب القوات اللبنانية كخاسر أول من التطورات التي جرت. رئيس الحزب سمير جعجع، كان أبرز من عبّر عن هذا الموقف أمام وفد التيار الوطني الحر في معراب أمس. فبحسب معلومات «الأخبار»، فإنّ جعجع انزعج من الطريقة التي أعلن فيها فرنجية حصوله على حقيبة الأشغال، «فظهر منتصراً».
إعلان أمس سبقته مشاورات توَّجها بري بإبلاغ فرنجية السبت الماضي بأنّه سيحصل على حقيبة الأشغال، ثم وُضع الحريري بصورة التطورات. على خطّ معراب، كلام آخر. مصادر القوات كانت حتى مساء أمس تؤكد «متابعة الحراك الإعلامي، ولكن لم نتلقّ أي اتصال لإبلاغنا بما يجري». بناءً على ذلك، «ما زلنا نعتبر أنّ الأشغال هي من ضمن حصتنا». سبق للقوات أن صعّدت موقفها سابقاً في ما خص الحقيبة السيادية، مرة عبر المطالبة بوزارة المالية، ثم بالدفاع، فعادت خالية الوفاض. بالنسبة إلى معراب، «لا يُنظر إلى الأمور بهذه الطريقة، فبري خسر أيضاً حقيبة أساسية. والأساس هو أن نحصل على كتلة وزارية وازنة، وأن نكون شركاء في الحكومة». أما رفع السقف سابقاً، فيندرج، بحسب مصادر قواتية، في إطار «التكتيك التفاوضي من أجل منع بقية القوى التي تتعامل مع المرحلة الجديدة كأنها قديمة، من وضع العراقيل».
حلّ مسألة تمثيل تيار المردة لا يعني أنّ كل العقد قد انتهت، ولو أنّ التطورات تسير بسرعة توحي بأنّ أياماً قليلة تفصل عن إصدار مرسوم تشكيل الحكومة. حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم تكن «القوات» قد رضيت بألا تكون «الأشغال» من حصتها. فُتِحت خطوط التواصل بين معراب ووادي أبو جميل، ليزور مستشار الحريري، غطاس خوري، جعجع، ويقصد مستشار جعجع، ملحم رياشي، الحريري مرتين. وتحادث الحريري وجعجع أكثر من مرة هاتفياً. وعلمت «الأخبار» أن جعجع عبّر للحريري أيضاً عن استيائه مما وصفه بـ»هجوم فرنجية على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف، ما خلق مخاوف وهواجس بشأن انطلاقة العهد».
وفي نهاية الاتصالات، «أخذ الحريري من جعجع تعهّداً بتسهيل انطلاقة العهد وتأليف الحكومة». بكلام أوضح، وافق جعجع على وزارة الصحة، إلى جانب الشؤون الاجتماعية والإعلام، متراجعاًَ عن المطالبة بـ»الأشغال»، كسقف ثالث وضعه شرطاً للمشاركة في الحكومة. وبدا لافتاً أن التيار الوطني الحر لم يشارك في المفاوضات الليلية أمس كشريك للقوات، إذ كان الأمر محصوراً بين الحريري وجعجع.
وفيما تردد أمس أن رئيس الجمهورية يطالب بالحصول على حقيبة العدل، علمت «الأخبار» أن النائب وليد جنبلاط لا يزال متمسكاً بها. وأعيد أمس إحياء اقتراح تأليف حكومة من 30 وزيراً، لكي تتسع لعدد أكبر من الكتل. مصادر مطلعة على أجواء الرئيس المُكلّف تقول إنّه «لم يحسم خياره بعد»، إلا أنها لم تستبعد أن يقبل الحريري السير بهذا الاقتراح في النهاية. وإذا ما اعتُمدت الصيغة الموسعة، سيتمكن فريق 8 آذار من رفع حصته التمثيلية. وتردّدت معلومات أمس عن توجه النائب سامي الجميّل إلى رفض مشاركة حزب الكتائب في الحكومة. أما بالنسبة إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، فيُصر على التمثل بحقيبة مسيحية، ومن المتوقع أن تؤول إلى النائب أسعد حردان. أما إن لم يحصل على ما يريد، فجرى التداول بإمكانية حصوله على مقعد شيعي، يتولاه أحد ثلاثة: رئيس الحزب علي قانصو، قاسم صالح ومحسن صفي الدين.
على صعيد آخر، وبعد حزب الله، دخل الكاردينال بشارة الراعي على خطّ المصالحة بين رئيس الجمهورية ميشال عون وسليمان فرنجية الذي زار بكركي أمس، ليعلن بعد لقائه البطريرك أنه على «استعداد لأي لقاء مع رئيس الجمهورية بالطريقة التي يراها البطريرك الراعي مناسبة». وسجل عتبه على «طريقة التعامل (معه) من خلال الانتقام أو القصاص». وأضاف أنّ «الأمر هو بيد رئيس الجمهورية الذي ربح معركة الرئاسة، هو الذي يقرر، إذا كان يريدنا قربه فسنكون، وإذا كان يريد محاربتنا سنحاربه، واذا أراد مصادقتنا نصادقه»، الأمر الذي اعتبرته بعبدا تصعيداً. ورداً على خبر رفض عون المبادرة للاتصال بفرنجية، أوضحت مصادر «المردة» بأنّ رئيس الجمهورية «اعتبر ربما أن زيارة فرنجية له ستجعله يتنازل عن الحقيبة التي يُطالب بها». وعليه، ترى المصادر أنّ «من الأفضل أن يكون اللقاء بين عون وفرنجية بعد تأليف الحكومة».
ملفّ سياسي ثالث كان أمس مدار نقاش، هو قانون الانتخابات النيابية. وبعد أن افتتح برّي هذه المعركة، بدأ التيار الوطني الحر أمس جولاته على الكتل النيابية والشخصيات السياسية، فالتقى مسؤولين من كلّ من حزب الله والقوات اللبنانية، والنائبين طلال أرسلان ومحمد الصفدي. وأكّدت مصادر رفيعة المستوى في التيار الوطني الحر رفض التيار للقانون المختلط بين النظامَين الأكثري والنسبي، وإصراره على النسبية. ويعني هذا التوجه خوض معركة لإقرار قانون جديد للانتخابات، ستكون نهايتها بقاء «الستين»، في ظل تمسك الحريري وجنبلاط به ورفض جعجع للنسبية. وسيظهر في هذه المعركة افتراق القوات عن التيار الذي يرى أنه «مرّت قرابة السنة من دون التوصل إلى اتفاق على اقتراح قانون «مختلط». لو بدها تشتي كانت غيمّت». وسيستكمل نواب من التيار جولاتهم اليوم بلقاء كتلتي لبنان أولاً وحزب الكتائب، «ومن يرد الإبقاء على الستين، فلن يُسهل مهمتنا».
اللواء
الحكومة تتأرجح بين التحدّي واستشعار خطر التأخير
عون لا يتجاوب مع وساطة الراعي .. ولقاءات مكوكية لحل عُقدة «القوّات»
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “انفرجت، تعقدت، اتصالات ومشاورات مثل «خلية النحل»، وكل من هو معني بملف الإفراج عن الحكومة يرمي المشكلة عند غيره، وأياً كانت العقدة المستعصية أو العقبات العالقة، فان ما يهم كل فريق هو انه لا يعرقل. اما أن تتشكل الحكومة أو لا تتشكل فالأمر لا يعنيه.
وفي الوقائع، أن تصريحات رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية التي رافقته من بكركي إلى عين التينة، سواء لجهة إعلان جهوزيته «للمعركة» أو «المهادنة» أو «العلاقة الجيدة»، وأن طريقة التعاطي معه هي بيد رئيس الجمهورية الذي ربح معركة الرئاسة «فاذا كان يريدنا قربه فسنكون، وإذا كان يريد محاربتنا سنحاربه، وإذا اراد مصادقتنا سنصادقه». وأن «الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري اعطياه حقه بأن وزارة الاشغال من حصته»، وانه «يرشح لتوليها المحامي يوسف فنيانوس»، صبت كالماء البارد عند تحالف معراب. ففريق الرئيس ميشال عون اعتبره خطوة تصعيدية، وفريق «القوات اللبنانية» قال لمن يهمه الأمر ان اسناد حقيبة الاشغال من قبل الرئيسين برّي والحريري لرئيس «المردة» هو امر لا يعني «القوات» وانها ترفض ان توضع أمام الأمر الواقع.
وهذه التداعيات حركت حركة من الاتصالات، بدأت بايفاد الرئيس برّي معاونه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل إلى «بيت الوسط» لاطلاعه على ما تمّ في اللقاء مع فرنجية، والتباحث في الوزارة التي يمكن أن تسند إلى حركة «امل» بعد التنازل عن الاشغال لصالح تيّار «المردة».
وعلمت «اللواء» أن الحقيبة البديلة لن تكون وزارة التربية، بل وزارة الزراعة التي بالإمكان اسنادها إلى شخصية بقاعية، ربما كان وزير الاشغال الحالي غازي زعيتر، مع العلم انه عرضت على حركة «امل» ثلاث حقائب بديلة هي: الزراعة والعمل والصحة، وان جواب الوزير خليل انه «لا مانع من اي وزارة تريحكم نحن نقبلها».
وعزت أوساط الرئيس برّي سبب التخلي عن الاشغال لفرنجية بأنه كان دائماً معنا، وهو لا يطالب بحقيبة أساسية، ولو كان أمر تشكيل الحكومة بيد رئيس المجلس لأعلنها خلال 24 ساعة، بعد أن انجزت 90 في المائة من التشكيلة.
«بيت الوسط» – معراب
وحتى ساعات الصباح الأولى، كانت حركة الموفدين والاجتماعات قائمة بين «بيت الوسط» ومعراب. فبعد موقف فرنجية، بدت كرة التأليف في ملعب «القوات اللبنانية» التي أعلنت انها تبلغت أن وزارة الاشغال من حصتها، بانتظار أن تتبلغ أي شيء آخر.
وأول محطة كانت إيفاد رئيس حزب القوات سمير جعجع ملحم رياشي المرشح لتولي وزارة الإعلام في الحكومة العتيدة إلى «بيت الوسط» لإبلاغ الرئيس المكلف موقف رافض لما أعلنه فرنجية، وحتى رفض التخلي عن وزارة الاشغال. وعلى خلفية ما ابلغته أوساط «القوات» لـ«اللواء» من انها قدمت كل التسهيلات ولا تقبل الانتقاص من حصتها، وهي قدمت التضحيات على مدى سنوات من دون أن تنال حقها. وشارك في اللقاء مع الرئيس الحريري النائب عقاب صقر ومستشاره السياسي الدكتور غطاس خوري.
وبعد تقييم الموقف واجراء الاتصالات اللازمة بكل من بعبدا وعين التينة، أوفد الرئيس الحريري خوري إلى معراب حيث استقبله جعجع في حضور رياشي.
وعمم المكتب الإعلامي للقوات ان خوري صرّح بعد اللقاء بأن «التفاوض يتم على كيفية الوصول إلى تشكيلة ترضي الجميع، وهناك تقدّم سوف يحصل، وستؤخذ بالاعتبار كل المشاكل التي نتجت عن التحرّك في اليومين الاخيرين».
ورأى انه من الطبيعي أن يطالب كل فريق بالحقيبة التي يراها مناسبة له، مضيفاً «في النهاية الرئيس المكلف هو من يؤلف الحكومة، وانه يمكن إزالة العراقيل».
وقال «ان العهد على مسافة واحدة من الجميع، وكذلك الرئيس المكلف، والوقت يداهمنا، إن كان على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، أو على صعيد الاستحقاقات الدستورية والانتخابات النيابية».
وعلمت «اللواء» ان خوري نقل اقتراحات تتعلق بالحقائب البديلة التي يمكن للقوات ان تنال واحدة منها، في ظل إعادة خلط أوراق الحقائب، لدرجة ان معلومات ترددت ان «التيار الوطني الحر» يطالب بأن تكون وزارة العدل من حصته، على ان تسند للحزب الاشتراكي وزارة أخرى.
وبعد ان قيمت «القوات» العرض الذي نقله خوري وأجرت ما يمكن من اتصالات مع «التيار الوطني الحر» الذي اشارت اوساطه ان الكرة هي في ملعب «القوات» وهو يؤيد ما ترتئيه، عاد رياشي إلى «بيت الوسط» قبيل منتصف الليل برفقة خوري، حاملاً الأجوبة على ما طرح، أو اقتراحات بديلة.
ونقل عن لسان خوري انه أبلغ جعجع ان الحكومة لن تتشكل من دون موافقته، فيما كشفت مصادر قواتية ان لقاء معراب بحث كل الأمور من السياسية إلى هندسة الحكومة.
من جهته، أكّد مصدر قريب من بعبدا، ان الرئيس عون لا يضع «فيتو» على إعطاء حقيبة الاشغال للمردة، طالما ان هذه الحقيبة كانت من حصة الرئيس برّي.
ولفت المصدر إلى ان الكرة الآن في ملعب «القوات»، وما إذا كانت ترضى بحقيبة الصحة بدل التمسك بالاشغال، معرباً عن اعتقاده بأن الأمور ستمشي بالنهاية، وأن تأليف الحكومة بات على الأبواب، ويمكن ان تعالج العقد من الآن وفي يوم الجمعة أو السبت، مشيراً إلى ان احتمال العودة إلى صيغة الـ30 وزيراً ما زال قائماً، وأن كان العهد يفضلها ان تكون 24. ولفت إلى ان المعركة الآن تدور على الحقائب الثلاث: الاشغال والتربية والصحة، واطرافها هم: «أمل» و«القوات» و«المردة».
اتصال أو لا اتصال
وفيما نفت أوساط مقربة من بعبدا، وأخرى من بكركي ان يكون البطريرك الراعي اتصل بالرئيس عون في حضور فرنجية، أو ان يكون الرئيس عون رفض الكلام مع رئيس «المردة»، أبلغ مصدر وزاري مطلع «اللواء» بأن اتصالاً جرى بين الصرح وبكركي، لكنه لم يسفر عن مخرج مناسب لزيارة فرنجية إلى بعبدا. ونقل هذا المصدر الوزاري عن الوزير جبران باسيل انه أقل تفاؤلاً من اليومين الماضيين.
وقال ان اتصالاً جرى بين الرئيس الحريري والدكتور جعجع الذي كان واضحاً لجهة رفضه ما جرى، وقال خلال الاتصال: «انه مش هيك تتألف الحكومات، ونحن نرفض الالتفاف علينا، وهذا الاسلوب يؤلف حكومة صراع وطني وليس حكومة وفاق وطني». وقالت هذه المصادر ان موجة التفاؤل التي سادت خلال النهار حول تشكيل الحكومة أخذت «قيلولة» مساءً، بانتظار صباح اليوم.
جولة التكتل
في هذا الوقت، باشر تكتل «الاصلاح والتغيير» جولته على الكتل النيابية بهدف فصل مساري تأليف الحكومة عن قانون الانتخاب مع التشديد على ضرورة التوصّل إلى قانون جديد، فيما اعتبرت مصادر كتائبية لـ«اللواء» ان المعركة الأهم من معركة الحكومة هي قانون الانتخابات النيابية، لافتة إلى ان الموقع السياسي والحزبي والشعبي للكتائب يستدعي وجودها في الحكومة.
ونقلت هذه المصادر عن نتائج زيارة رئيس الحزب النائب سامي الجميل للرذيس عون برفقة وزير الاقتصاد المستقيل في حكومة تصريف الأعمال آلان حكيم، قولها ان رئيس الجمهورية هو السلطة الأعلى، وهو حريص على تمثيل الجميع داخل الحكومة. وجال وفد التكتل على كل من كتلة «الوفاء للمقاومة» والنائبين محمّد الصفدي وطلال أرسلان، قبل أن يلتقي مساءً جعجع في معراب.
وليس بعيدا من ملف قانون الانتخاب، أكد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير باسيل أن «مسيرة التصحيح في لبنان بدأت اليوم، من رأس الهرم من مقام رئاسة الجمهورية، والمشوار لا يزال في بدايته والطريق ستكتمل عندما يصبح لدينا قانون انتخابي يتمثل من خلاله كل اللبنانيين تمثيلا صحيحا فنعيش ميثاقنا حقيقة الذي في ذهن البعض انطلق من شخصيتين تاريخيتين او من طائفتين إنما لا يكتمل الا بجميع الشخصيات اللبنانية وكل الطوائف»، مضيفاً: «حان الوقت اليوم لانجاز قانون إنتخاب نوعي ليشعر كل لبناني ان لصوته قيمة ويشعر كل اللبنانيين أنهم مواطنون كاملون، الامر الذي لا يتحقق الا باعتماد النسبية التي تحقق نقلة نوعية في الحياة السياسية وهي تمكن المواطنين من ايصال نواب لا يخضعون الا لإرادتهم ومشيئتهم وهكذا نعيش العيد الوطني الحقيقي».
البناء
الجيش السوري يمشّط آخر أحياء المدينة… واستسلام مئات المسلحين
حلب موحّدة في ظلال دولتها… وفشل المناورة الأميركية في تدمر
الحكومة قاب قوسَيْ تلاقي عون ــ فرنجية… وقانصو لحق القوميين بالتمثيل
صحيفة البناء كتبت تقول “مع فشل المناورة الأميركية بجذب الاهتمام السوري الروسي نحو مفاوضات تقايض نصر حلب بخسارة تدمر، وتقبل تنازلات هنا مقابل دعم هناك، واصل الجيش السوري والحلفاء استقدام التعزيزات إلى محيط تدمر تمهيداً للهجوم المرتقب لاستردادها من قبضة تنظيم داعش بعد التمهيد الذي حظي به من جبهات الموصل والباب والرقة بوقف الهجوم الذي كان يُفترض أن يتواصل فيها، لمنح التنظيم فرصة الحشد والتحرك نحو تدمر، وهو ما كان واضحاً أمام القيادتين السورية والروسية، فكان الموقف الروسي الثابت في جنيف برفض صيغة الإدارة الذاتية للأحياء التي يغادرها المسلحون تحت مسمّى مجلس حلب المحلي وامتناع الجيش السوري من دخولها، بينما واصل الجيش السوري وحلفاؤه في الميدان اندفاعتهم بقوة حتى تضييق الخناق على المسلحين الذين اتخذوا أهالي حلب رهائن أملاً بالصمود لفترة أطول، وهو ما حالت دونه خطط القضم والهضم السريعة التي تدحرجت عليهم بهجمات يصعب صدّها فانهارت دفاعاتهم ودخل الجيش وحلفاؤه أغلب الأحياء التي يسيطر عليها المسلحون الذين استسلم المئات منهم وهام الباقي على وجوههم واختبأ ما تبقى في سراديب وأزقة يجري تمشيطها من قبل الجيش والحلفاء لإعلان تحرير العاصمة السورية الثانية التي صارت رمزاً لحرب سورية، كما ستالينغراد رمز الحرب العالمية الثانية، وتعود حلب بعد خمس سنوات من الأسر موحّدة حرة في حضن الدولة السورية، وفي ظلال سيادتها.
الإنجاز الحلبي وما سيتركه من تداعيات على المشهدين الدولي والإقليمي ترك بصماته على عرس لمّ شمل سورية من شمالها إلى جنوبها، رغم مرارة جرح تدمر التي سيطر عليها تنظيم داعش، مع وعد العودة القريبة لحضن الدولة، كما قبل شهور، بينما تردّدت أصداء النصر في حلب على جبهات جنوب سورية وريف دمشق مزيداً من التقدّم للجيش السوري والأمل بنهايات قريبة للجيوب التي تربك الاستقرار حول العاصمة.
لبنانياً، تسارعت الخطى نحو ولادة الحكومة العتيدة في سباق مع نصر حلب، فحُسمت عقدة تمثيل تيار المردة بخطوة منسقة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بمنح وزارة الأشغال لحركة أمل، عملاً بقاعدة بقاء القديم على قدمه، التي طبقت على حقائب الأطراف المشاركة في حكومة الرئيس تمام سلام، وقامت حركة أمل بالتنازل عنها لتيار المردة الذي سمّى لها على لسان النائب سليمان فرنجية المحامي يوسف فنيانوس. وارتضت أمل كما تقول مصادر مطلعة بوزارة العمل رغم تمسكها بنيل وزارة التربية، لكن هذا الرضا بالتنازل من أمل لم يحسم الإشكالات المحيطة بعلاقة التيار الوطني الحر ورئاسة الجمهورية من جهة، وتيار المردة من جهة أخرى، حيث لمحت مصادر إعلامية إلى أنّ الطريقة التي تحدّث بها النائب فرنجية عن الحلحلة تفاقم الوضع ولا تسهّل التشكيل، مشيرة إلى ما تضمّنه كلام فرنجية من لغة قاسية تجاه بعبدا، بينما قللت المصادر المتابعة من هذا البعد متمسكة باعتبار الحلحلة سيدة الموقف، بانتظار أن تشمل تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي، سواء عادت صيغة الحديث إلى حكومة الثلاثين، كما روّجت أوساط إعلامية، وهو ما نفته مصادر معنية بالتشكيلة الحكومية التي جزمت حسم أمر الحكومة بأربعة وعشرين وزيراً، بينما قال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي علي قانصو إنّ حق القوميين بالتمثيل الحكومي يتضمّن حقهم بعدم اختيار أحد لهم الشريحة التي يتمثلون من خلالها.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو أنّ «من حقنا أن نتمثل في الحكومة ونحن مصرّون على أن لا يُسمّي لنا أحد الشريحة التي سنتمثل من خلالها»، لافتاً الى أنّ «لبنان لن يستقرّ أبداً إلا بقيام دولة مدنية تنتهج فصل الدين عن الدولة».
وخلال اجتماع للهيئات المسؤولة في المتن الشمالي وكسروان وجبيل والضاحية الشرقية وطلبة المتن وكسروان، أشار قانصو الى أن «حزبنا متجذّر في مناطق جبل لبنان الشمالي ويجب أن يكون الدور أفعل على الصعد كافة». ولفت الى أنه «عندما يسلم العراق وسورية ولبنان من الإرهاب، فمن الطبيعي أن تكون هذه السلامة قوة لفلسطين»، مضيفاً «لا يمكن فصل مستقبل لبنان عن مستقبل الأمة وبالتحديد عن مستقبل سورية، وحينما تكون سورية بخير يكون لبنان بخير والعكس صحيح».
وأوضح قانصو أنّ هدف الحرب على سورية هو النيل من موقعها ومن دورها المقاوم، لأنها قالت لا للسياسات الأميركية ولأنها الوحيدة التي دعمت مقاومة لبنان وفلسطين والعراق»، وقال: «كما كان حزبنا رائداً في المقاومة ضدّ «إسرائيل» هو رائد في المقاومة ضدّ الإرهاب. وهذا هو موقعنا الطبيعي فحزب القضية القومية يكون في كلّ المواقع التي تضمن سلامة القضية القومية».
واعتبر قانصو أنّ القانون القائم على النسبية يحقق عدالة التمثيل ويُظهر الأحجام الحقيقية للقوى السياسية ويشكل خطوة باتجاه الإصلاح السياسي».
فرنجية: حقنا وصَلَنَا من برّي والحريري
ارتفع منسوب التفاؤل بقرب ولادة الحكومة بعد مروحة الاتصالات واللقاءات المكثفة التي استمرت حتى منتصف ليل أمس، على خط عين التينة بنشعي – بيت الوسط – معراب، أولى ثمارها كان تنازل رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن حقيبة الأشغال لتيار المردة بشخص المحامي يوسف فنيانوس، كما أعلن من عين التينة النائب سليمان فرنجية الذي رمى الكرة الى ملعب رئيسَي الجمهورية والحكومة المكلف وثنائي التيار الوطني الحر القوات.
وأكد رئيس المردة بعد اللقاء مع الرئيس بري الذي استغرق أكثر من ساعة، بحضور فنيانوس والوزير علي حسن خليل، «أنّ حقنا وصلنا من بري والحريري ومن نصيبنا وزارة الأشغال والرئيس بري هو مَن عرضها علينا ويبقى أن تحلّ عقدة الحقيبة البديلة»، مضيفاً: الرئيس سعد الحريري الذي كان منفتحاً ومرناً، ونأمل أن يكون رئيس الجمهورية منفتحاً أيضاً».
وكان فرنجية قد التقى في بكركي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وقال بعد اللقاء: «أنا مستعد لأي لقاء مع رئيس الجمهورية بالطريقة التي يراها البطريرك الراعي مناسبة». وأضاف: «وصول العماد عون الى سدة الرئاسة لا يشكل «زعلاً» لنا، إنما طريقة التعاطي معنا من خلال الانتقام أو القصاص. الأمر بيد رئيس الجمهورية فهو الذي يقرّر، إذا كان يريدنا قربَه فسنكون، وإذا كان يريد محاربتنا فسنحاربه، وإذا أراد مصادقتنا فنصادقه ونعتبر أنّ البطريرك هو «بيّ الكل» وأنا «بيي» مات منذ أربعين عاماً، ومن يريدني يتصل بي ويقول لي شرّف لعندي أنا رئيسك…».
وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إنّ «البطريرك الراعي تمنّى على فرنجية زيارة بعبدا وعقد لقاء مصارحة ومصالحة مع الرئيس عون»، لكن برأي المصادر أنّ «الأمور لم تنضج بعد لعقد مثل هذا اللقاء إنما بحاجة الى مزيدٍ من الجهود والاتصالات لتأمين المخرج المناسب»، مشيرة الى أنّ «جهود الراعي مستمرة على هذا الصعيد»، مشدّدة على أنّ «أيّ زيارة لفرنجية الى بعبدا ستتمّ بالتفاهم والتنسيق مع بري، لافتة الى أنّ الخلاف بين عون وفرنجية أبعد من مسألة حكومة»، موضحة أنّ ما يحصل اليوم هو نتيجة رفض بعض الأطراف الاتفاق على سلة الحلّ الكاملة التي طرحها بري قبل انتخاب رئيس للجمهورية»، واستبعدت المصادر ولادة الحكومة في وقتٍ قريب وتخوّفت مما «يحضّر للمنطقة من مشاريع خطيرة، الأمر الذي يفرض ترتيب وتحصين الوضع الداخلي لمواجهة أي تداعيات لتطورات الوضع الإقليمي على لبنان».
خليل والرياشي في بيت الوسط
وعقب لقاء بري – فرنجية أوفد رئيس المجلس معاونه السياسي الوزير خليل الى بيت الوسط لاطلاع الرئيس المكلف على نتائج الاجتماع بحضور مستشار الحريري الدكتور غطاس خوري. وتناول البحث التطورات السياسية الراهنة، ولا سيما ما آلت إليه الاتصالات لتشكيل الحكومة، ولاحقاً لفت خليل الى أنّ «أجواء تشكيل الحكومة العتيدة تحركت بشكل إيجابي».
وقالت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» إنّ «الثنائي الشيعي لن يدخل أيّ حكومة من دون إرضاء فرنجية وتوسيع مشاركة فريق 8 آذار في الحكومة»، موضحة أنّ «إشارات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته الأخيرة كانت واضحة بضرورة تمثيل وازن للمردة ورفضه وضع فيتوات عليها أو اتهامها بالتعطيل»، مؤكدة أنّ «تفويض حزب الله للرئيس بري بموضوع الحكومة مستمرّ وإنْ طال أمد تشكيلها، ولن يقبل حزب الله بكسر حلفائه أو تهميشهم تحت أي اعتبار»، مشيرة الى أنّ «محاولات حزب الله لتقريب وجهات النظر بين عون وفرنجية لم تتوقف تمهيداً لعقد لقاء بينهما».
بينما أشارت أوساط مستقبلية لـ«البناء» إلى أنّ «الأجواء إيجابية وتحقق تقدّماً ملحوظاً خلال اليومين الماضيين والاتجاه الى تأليف الحكومة قبل الأعياد، لكن لا صيغة نهائية في بيت الوسط حتى الآن لكي يعرضها على رئيس الجمهورية بانتظار الاتصالات على أكثر من صعيد للتوافق على صيغة نهائية، وما جرى أمس، هو محاولة من الرئيس الحريري لتبديل بين الحقائب بطريق ترضي جميع الأطراف».
وفور خروج خليل وصل الرئيس السابق لجهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» ملحم الرياشي إلى بيت الوسط للقاء الحريري، بعد أن عبّرت مصادر «قواتية» عن امتعاضها إزاء تبديل الحقائب الذي حصل في عين التينة، مؤكدة أنّ أيّاً من المعنيين بتشكيل الحكومة لم يبلّغ معراب بأيّ تعديل أو إعادة توزيع أو تبادل بين حقيبة الأشغال وحقيبة أخرى.
.. ومستشار الحريري في معراب
«الغضب القواتي» استدعى من الرئيس المكلف إرسال مستشاره غطاس خوري إلى معراب للقاء رئيس «القوات» سمير جعجع لإقناعه بحقيبة الصحة بدلاً من الأشغال. وأكد خوري بعد اللقاء أنّ «التفاوض يتمّ الآن حول الوصول الى تشكيلة ترضي الجميع وتأخذ بعين الاعتبار كلّ المشاورات التي حصلت في اليومين الماضيين».
وعلمت «البناء» أنّ القوات ستُعطى وزارة الصحة كبديل عن وزارة الأشغال التي ذهبت للمردة على أن ينال الرئيس بري حقيبة التربية أو حقيبة أخرى توازيها، كما علمت أنّ «مشاورات تحصل مع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط للتنازل عن حقيبة العدل لصالح رئيس الجمهورية مقابل حقيبة التربية أو حقيبة أخرى»، لكن مصادر رجحت لـ«البناء» أن «لا يتنازل عنها جنبلاط وسيتمّ إسنادها الى النائب في كتلته مروان حمادة».
حكومة ثلاثينية قبل الميلاد؟
ورجحت مصادر في تكتل التغيير والإصلاح لـ«البناء» إعلان حكومة الوحدة الوطنية قبل عيد الميلاد»، لافتة الى أنّ «التطورات في الـ 48 ساعة الأخيرة إيجابية والأمور تسير بالاتجاه الصحيح وقد تمّ تبديل مجموعة من الحقائب لتسهيل التأليف»، مضيفة: «إذا كان تشكيل حكومة وحدة وطنية تتطلب تعديل الصيغة التي اعتمدت لصالح توسيع الحكومة الى ثلاثينية فلا مانع من أن تتمّ إضافة 6 وزراء ما يؤمّن تمثيل القوى كافة في المجلس النيابي التي يصعب تمثيلها في حكومة الـ24 وزيراً»، مؤكدة أن «لا مانع لدى التيار الوطني الحر ولا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من توسيع الحكومة».
وأوضحت المصادر أنّ «تنازل رئيس المجلس النيابي عن حقيبة الأشغال الى الوزير فرنجية حلّ عقدة أساسية وذلل نسبة كبيرة من المشكلة»، مرجّحة أن «تعطى القوات حقيبة بديلة توازي الأشغال بالتفاهم مع الرئيس عون والتيار الوطني الحر بعد أن وعدت من قبل الحريري بتوليها الأشغال»، مشدّدة على أنّ «فترة الحكومة لن تكون طويلة وبالتالي ستتشكل بأيّ طريقة بمعزل عن الصيغة النهائية لتوزيع الحقائب».
ولفتت المصادر الى أنّ «قانون الانتخاب كان الطبق الرئيسي بين اجتماع وفد التيار الوطني الحر وجعجع»، مشيرة الى أنّ التيار يفضل مشروع قانون «اللقاء الأرثوذكسي» أو قانون «النسبية»، مشدّدة على أنّ «كلّ الصيغ يتمّ درسها ولا صيغة نهائية متفق عليها لكن الحدّ المعقول لإنقاذ لبنان هو النسبية وهناك قرار في التيار الوطني الحر بالتمسك به ورفض التمديد».
المصدر: صحف